كان يونان النبي هاربًا من الله... وسعي الله لخلاصه...
لم يرفضه في ثاني مرة، حينما تابت نينوى ورحمها الله، فاغتاظ! وإنما عمل الله على مصالحة يونان وإقناعه بالصواب الذي اغتاظ منه يونان حتى الموت!! (يون 4: 3، 4). انظر حنو الله على يونان في حزنه الذي لم يكن يتفق مع مشيئة الله. يقول الكتاب: "فأعد الرب الإله يقطينة، فارتفعت فوق يونان، لتكون ظلًا على رأسه لكي يخلص من غمه" (يون 4: 6).
إن سفر يونان يعينا مثلا جميلًا عن سعي الله لخلاص البشر:
ما كان أهل نينوى يفكرون في خلاص أنفسهم.
وما كان بحارة السفينة التي ركبها يونان يسعون إلى خلاصهم.
ولا يونان شعر أنه أخطأ وطلب الخلاص لنفسه!
ولكن الله بنفسه سعي لخلاص كل هؤلاء، وخلصهم...
الله هو الذي بدأ. والمبادرة أتت منه. ثم أتت استجابتهم هم لعمله الإلهي مباشرة من بحارة السفينة وأهل نينوى، وبعد إقناع وبعد وقت من جانب يونان النبي...
اجتذب الله أهل السفينة إليه بخطة بارعة...
بالأمواج التي لطمت السفينة حتى كادت تنكسر، وبالخوف الذي أصاب البحارة حتى صرخ كل واحد إلى إلهه، وليس إلى الله الواحد، ثم بعمل الله في القرعة التي ألقوها، وأيضًا باعتراف يونان. ثم بهدوء البحر بعد إلقاء يونان ونجحت الخطية الإلهية مع البحارة "فخاف الرجال من الرب خوفًا عظيمًا، وذبحوا ذبيحة للرب نذورًا" (يون 1: 16).
وكان البحارة قد استخدموا أولًا طرقهم البشرية، فلم تنجح "إذ طرحوا الأمتعة التي في السفينة ليخففوا عنهم "ولكن "البحر كان يزداد هيجانًا "كذلك فإنهم "جدفوا ليرجعوا السفينة إلى البر ففلم يستطيعوا "ولو استطاعوا ما خلصوا إيمانيًا. ولكن الله تدخل بطريقته التي أمكنها أن تخلصهم من البحر وتخلصهم من جهة الإيمان. ونجحت خطة الله في خلاصهم...
واجتذب الرب أهل نينوى، بالإنذار الإلهي، ومناداة يونان.
وما كان أهل نينوى قادرين على خلاص أنفسهم إذ كانوا أمميين بعيدين عن الإيمان، كما أنهم كانوا جهلة "لا يعرفون يمينهم من شمالهم" (يون 4: 11). ولكن انذر الله لهم بأن المدينة ستنقلب وتهلك، أتى بثماره، فخافوا وتابوا وصاموا "ورجعوا عن طريقهم الرديئة، وقلب الله توبتهم"..
وبقي يونان. وخلصه الله أيضًا، على دفعتين...
في المرة الأولى سعي الله لتخليص يونان من عواقب مخالفته وهروبه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. واستخدم لذلك الخطر الذي تهدده في البحر. والذي قالبه يونان أولًا بلامبالاة. وكان نائمًا حتى في الوقت الذي صلي فيه كل البحارة الأمميون، لدرجة أن رئيس النوتية وبخه قائلًا: "مالك نائمًا، قم اصرخ إلى إلهك، عسي أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك (يون 1: 6). ثم أكمل الله خطته الإلهية بأنه "أعد حوتًا عظيمًا فابتلع يونان".
وتخلص يونان من عصيانه، وبقي أن يتخلص من محبته لكرامته.
وفعل الله ذلك بالشمس التي ضربت رأس يونان فذبل، واليقطينة التي ظللت عليه، والدودة التي أكلت اليقطينة، ثم تفهم الله معه.
وهكذا استطاع الله أن يخلص يونان، كما خلص نينوى وأهل السفينة.
وكان عند هؤلاء جميعًا استجابة لعمل الله فيهم وعمل الله فيهم وعمله من أجلهم. ولعل هذا يقودنا إلى نقطة وهي: الشركة مع الله.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/hope/jonah.html
تقصير الرابط:
tak.la/x9vdvkj