لما تَطَرَّف البعض في مفهوم النعمة بحيث أغفلوا الجهاد والعمل البشري تمامًا، لذلك شعر بالحرج في الحديث عن النعمة كثير من الوعاظ والكُتَّاب الأقباط.
ولهذا وجدنا من اللازم أن نوضح هذا الموضوع.
بحيث لا يخشى أحد من وعاظنا من الحديث عن النعمة.
وهكذا ألقينا كثيرًا من العظات عن النعمة في الكاتدرائية الكبرى في سنة 1975 وهي مسجلة صوتيًا.
وأيضًا القينا محاضرات عن النعمة في مادة اللاهوت المقارن لطلبة الإكليريكية وهي أيضًا مسجلة صوتيًا.
وكنا قد نشرنا فصلًا عن (الجهاد والنعمة) في كتابنا عن [الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي] الذي صدر سنة 1967 م (منذ ثلاثين عامًا) وأعيدت طبعته عدة مرات.
والنعمة موضوع قديم كان مجالًا للحوار اللاهوتي بين القديس أوغسطينوس والبيلاجيين، أصدر فيه عدة مقالات.
وقد جمعت مقالاته ضمن مجلد كبير صدر في مجموعة كتابات الآباء (عن آباء نيقية وما بعد نيقية) تحت عنوان:
St. Augustine: Anti Pelgianism.
منها مقالة عن النعمة، وأخرى عن حرية الإرادة... إلخ.
وفي هذا الكتاب نقدم تسعة أبواب:
نتحدث فيها عن: ما هي النعمة؟ وما عملها؟ وما مستويات هذا العمل؟ وأنواع النعمة، وبخاصة الحافظة والمعطية. وكيف أن النعمة للكل، وأحيانًا تأتينا دون أن نطلب. كما تحدثنا عن نعمة الدعوة. وتعرضنا لمدى تجاوب الإنسان مع عمل النعمة بالقبول أو الرفض. ثم تحدثنا عن تخلى النعمة. وختمنا الموضوع بالباب التاسع عن (الناموس والنعمة).
والكتاب بين يديك أيها القارئ العزيز بأبوابه التسعة.
والنعمة موضوع اهتم به القديس بولس الرسول كثيرًا.
حتى جعل عبارة النعمة في مقدمة رسائله، وفي خاتمة الرسائل أيضًا. كما ذكر القديس بولس الرسول النعمة العاملة معه والنعمة المعطاة له... [انظر الباب الأول ص 10، 11) والباب التاسع ص 89، 90].
والكنيسة دائمًا تذكر النعمة في البركة التي تختم بها اجتماعاتها.
فتقول "محبة الله الآب، ونعمة ربنا يسوع المسيح، وشركة وموهبة الروح القدس، تكون مع جميعكم". مقتبسة ما ذكره القديس بولس الرسول في (2كو 13: 14)..
ونذكر كلمة النعمة أيضًا في القداس الإلهي في أكثر من موضع، وبخاصة في مقدمة القداس الغريغوري في لحن (إي آغابي..)
ونحن دائمًا نبدأ خطاباتنا بعبارة نعمة وسلام.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقد وردت أيضًا عبارة النعمة في صلوات الأجبية:
كما نقول للرب في تحليل الساعة الثالثة: نشكرك لأنك أقمتنا للصلاة في هذه الساعة المقدسة، التي فيه أفضت نعمة روحك القدوس بغنَى على تلاميذك خواصك القديسين إلى أن نقول "أرسل علينا نعمة روحك القدوس، وطهرنا من كل دنس الجسد والروح".
وفي إنجيل باكر، نرتل ما ورد في إنجيل يوحنا "لأن الناموس بموسى أعطي، أما النعمة والحق فيسوع المسيح صارًا"!! ومن ملئه نحن جميعنا أخذنا، ونعمة فوق نعمة" (يو 1: 16، 17).
ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل ما ورد عن النعمة في طقوس كنيستنا...
فليكن هذا الكتاب مجرد مقدمة للحديث عن النعمة.
نمجد فيه عمل النعمة، ونحذر من التطرف في الحديث عن ذلك. لأن العمل الروحي لا يكون إلا بمشاركة إرادة الإنسان مع عمل النعمة فيه، أو عمل النعمة من أجله...
وليس عمل النعمة مدعاة للتكاسل والتهاون.
ختامًا أترككم إلى نعمة الله تحفظكم وتعينكم... وتعلمكم كيف تتجاوبون معها وتشتركون معها في العمل...
أبريل 1997 - البابا شنوده الثالث
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/grace/book-introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/bxcf7f4