محتويات
لقد جرب جيل شبابنا حنو الأبوة في الأب المُحِب القمص ميخائيل... يقابلنا بالبسمة الحانية، والتحية الرقيقة، التي سرعان ما يتحول فيها ضيقنا إلى سلام، وحزننا إلى فرح...
كنا نلتقي أسبوعيًا مساء كل خميس بجزيرة بدران بهذا الأب المحب: يأتينا خصيصًا ليقضى ما لا يقل عن خمس ساعات، يستمع إلى اعترافاتنا.
كان يصلي مع كل منا قبل أن يبدأ، وكأنه يستدعى الروح القدس ليتكلم ويرشد ويعمل. ومع أن صلاة واحدة في بدء الجلسة كانت تكفي، لكنه كان يكرر الصلاة مع كل شاب...
ولمس الشباب في ذلك معنى هامًا: جدية الرجل في فهم السر، ووعيه بخطورته وفاعليته. بل أنهم اكتشفوا بعد ذلك، أنه يكتب أسماءهم ليضعها أمامه على المذبح، حتى يذكرهم كلًا باسمة فلا ينسى أي واحد منهم.
وتناهى الأب الحنون في حبه وحدبه، فإذا به يرحب في هدوء ووداعة بأسماء أصحاب المشكلات من عائلاتنا وأربنا وأقاربنا وأصدقائنا، يقابلهم ويصلي من أجلهم. وهكذا تحول الوقت إلى دوحة كبيرة تظلل طالبي الفضيلة، بل تمتد أغصانها إلى أنحاء بعيدة فتنقي الهواء الروحي.
سليمان نسيم
قال لي أمين التربية الكنسيّة في يوم ما، قبل سيامتي: [أحب أقول لك حاجة. أبونا ميخائيل إبراهيم مش ها ينفعك في الاعتراف أنت محتاج إلى واحد شديد..]
وكم أتعبني هذا الكلام، وتعثرت بسببه كثيرًا. ولم اذهب فعلًا لأبينا ميخائيل مدة طويلة زادت عن الأربعة شهور بسبب هذه النصيحة.
وأخيرًا ذهبت إلى الكنيسة. وإذا أبونا ميخائيل يقابلني ويقول لي: [تسمح أقعد معاك]. وبكى، وبكيت لبكائه. وقال لي: [يا ابني أنا حاسس إنك بتهرب مني..]. ولأن الأمر محرج جدًا بالنسبة له، لم أرد أن أخبره بما حدث.
وأخيرًا قال لي: [قل يا ابني. أنت لا تعلم كم أتعذب عندما يغيب عني ابن من أولادي].. فقلت له...
فأجاب: [أنا فعلًا يا أبنى ما انفعشي. وهذا صوت الرب لي] وبكى بكى كثيرًا... ثم قال: [ولكن الله يكمل عدم نفعي].
وأخذ اعترافي، وحاللني، وعلى وجهة ابتسامة. ولما مرض هذا الأمين، كان أول أب زاره. وكان في منتهى الحب. وكنت واقفًا في ذلك الوقت.
إنه قلب لم يكن فيه مكان للذات، ولا للكراهية والحقد.
القس أنسطاسى شفيق
المكان منزل "أبونا ميخائيل". وأنا رقمي في الاعتراف الـ17، حيث كان المعترفون يدخلون إليه بالدور...
بعد ثلاث ساعات جاء دوري. فقال لي: [هل عندك استعداد تنتظر شوية، علشان تتغدى معاي..؟] ووافقت.
الساعة الثالثة بعد الظهر. حضر معلم ضرير من انثي (ياف، وكنا على مائدة الطعام. وأبونا أمامه نصيبه من الحمام (واحدة). ولم يكن يريد أن يأكلها. وعندما كنا نقول له: [لماذا لا تأكل يا ابنا؟]. كان يضحك ويقول: [حاضر].
ولما حضر المعلم، أجلسه بجواره، وقال: [أصل أم المرحوم إبراهيم (زوجته) كانت محمرة دية علشان المعلم. وإحنا كان لازم نستناه].
وأعطى المعلم الحمامة التي أمامه، اكتفى بقطعة جبنة وخبزة صغيرة...
القس أنسطاسي شفيق
من عادة أبينا القديس القمص ميخائيل إبراهيم، أنه كان لا يبدأ أي اعتراف، ولا يقبل أي كلام، إلا إذا صلى أولا مع المعترف. وكنت عندما ابدأ الكلام في الاعتراف، وأقص عليه مشكلة مثلًا، يستمع وهو مغمض العينين. وأشعر أنه يصلي في التو واللحظة من أجل هذا الموضوع. وفعلًا كانت المشكلة تحل سريعًا، وعلى الوجه الأكمل، بأبسط قدر من الإرشاد والتوجيه منه.
دكتور رمسيس فرج
عندما التحقت بخدمة الشرطة، كان تعييني بمركز شرطة ههيا في 13/4/1939. وكان وقتها القمص ميخائيل يعمل كاتبًا للخفر بالمركز المذكور. لقترة لا تتعدى الشهور.
كان سني وقتئذ لا يتجاوز العشرين. فلم يرض بسكناي إلا لدى أسرة مسيحية متدينة... وفي الأسابيع الأولى لتعارفنا، أهداني كتابًا مقدسًا كان باكورة قراءتي. ومن بين ما جاء بإهدائه في الصحيفة الأولى من كلمات المحبة...
[أهديكم كتاب العهد الجديد لربنا ومخلصنا يسوع المسيح، راجيًا قبوله: ليكون لك قوة في وقت الشدة، وغنى في وقت الحاجة، وصحة في وقت المرض، نورًا في وقت لظلمة، وفرحًا في وقت الضيق، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فأرجو أن تفتش فيه في كل وقت فتجد فيه حياة لنفسك، خلاصًا في كل أوقاتك... الخ]
كنت أرى يد الله الحانية تمسح دموعي خلال صفحات الكتاب، عندما استشهد ابني البكر في حرب اليمن. حقًا إن الله الصبر والتعزية لا يتركنا يتامَى.
ميشيل بشارة جرجس
في عام 1956 حينما بدأت مع جماعة الخدام أن نمارس سر الاعتراف على يديه كنا نحمل هم كيفية البدء، وكيف سيتعامل معنا... وإذا بنا نجد فيه أبوة كلها محبة ولطف... وكان يبدأ جلسة الاعتراف بصلاة قصيرة تجعل الإنسان في سلام، وكأنه جالس مع الله.
وكلما يعترف المعترف بخطية، كان يرد بساطة واتضاع [الله يسامحني ويسامحك].. [الله يغفرلى ويغفرلك].. [الله يحاللنى ويحاللك].. وكأنه يسترك مع الخاطئ في حمل الخطية...
وأثناء قراءة التحليل يقول للمعترف: [صل "نعظمك يا أم النور "في سرك].
بالحق أن جلسة الاعتراف كانت كأنها حلقة صلاة أو خلوة مع المسيح، يخرج الإنسان منها مزودًا ببركات روحية.
لذلك بعد المرة الأولى لنا في الاعتراف عليه، كنا نتسابق في الجلوس معه، ونعترف بخطايانا، لنرجع فرحين مزودين بالسلام...
كان أبًا روحيًّا للكثيرين من كهنة القاهرة والجيزة والإسكندرية وطنطا وبلاد أخرى، ومرشدًا لهم في الكثير من شئون حياتهم. وكانوا يتكبدون مشقة الانتقال إليه حتى من الإسكندرية ليتقبل اعترافاتهم. ولهذا فقد حضر إلى كاتدرائية مارمرقس الجديدة يوم تشييع جثمانه نحو 150 من الآباء كهنة القاهرة وغيرها. وكان الجميع يذرفون الدموع حزنًا من أجل الخسارة التي حلت بهم، بل بالكنيسة بصفة عامة، وبكنيسة مارمرقس بشبرا وبكهنتها وشعبها بصفة خاصة.
أما أفراد الشعب الذين اتخذوه أبًا روحيًا لهم، فكانوا يعدون بالمئات.
وكان الجميع يجدون فيه الصدر الحنون الذي يعطف عليهم، ويسدى إليهم النصائح في محبة وشفقة وحنان.
وفى بعض الأحيان كان يسهر في الكنيسة إلى منتصف الليل أو إلى ما بعد ذلك ليتقبل الاعترافات.
ولما كان بعض المعترفين لا يجدونه في الكنيسة، كانوا يقصدونه في بيته. فيتقبلهم بالترحيب وسعة الصدر، على الرغم من حاجته إلى الراحة والاستجمام في بيته. وأحيانًا كان يسهر إلى ما بعد منتصف الليل في حل المشاكل العائلية التي كانت تشغل الكثير من أوقاته ومن تفكيره. وأينما ذهب، حتى وقت أن كان موظفًا في الحكومة، كان يلتف حوله الكثيرون فيرشدهم إلى الحياة الطاهرة التي تليق بأولاد الله. وذلك بقدوته وسيرته المباركة وبإرشاداته الصالحة المرفقة.
كان أبي القديس لا يفتح فاه، قبل أن يصلي ويطلب إرشاد الروح القدس. وبهذه الحكمة صار أبًا لكثيرين. فكنت أجد في حضرته العالم الحاصل على أرقى الشهادات، والرجل البسيط، الغنى والفقير. والكل سواء أمامه، يلتمسون منه المشورة والحكمة والبركة وحل المشاكل.
صبري عزيز مرجان
التلمذة لآباء الاعتراف الروحانيين، هي أسلوب الحياة المسيحية الأرثوذكسية. ولقد كان أبونا الطوباوي المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم من أعظم مرشدي الجيل الروحانيين.
وسر عظمته لم يكن في الحكمة البشرية أو المعرفة العلمية، وإنما يكمن في استنارته بالروح القدس الساكن فيه...
يتلخص إرشاده في كلمة واحدة هي (الصلاة): فهي الحل الذي يقدمه الكل مشكلة. ونادرًا ما كان يضيف إلى جوارها أو إرشاد آخر... وكانت صلاته تقتدر كثيرًا في فعلها.
كان يبدأ بالصلاة مع المعترف. ثم يستمع إلى مشاكله، وهو مستمر في روح الصلاة. ومن ثم فلا يخرج الإرشاد الذي للمعترف عن دائرة الصلاة.
مهما كانت المشاكل عويصة أو معقدة، لا ينسى أن يسألك: هل صليت لأجلها؟ ولماذا لا؟ ثم ينصح بالصلاة. ويشترك بنفسه في حل المشاكل بصلاته... كنا ننعم بأبوته ساكنين في صلواته.
كان يصلي دائمًا من أجل أولاده، ويذكرهم بأسمائهم.
مجلة (كرمة الأصدقاء)
أبونا المتنيح المحبوب القمص ميخائيل إبراهيم، كان نموذجًا حيا للأبوة الأصيلة: فقد يكون لنا ربوات من المرشدين في المسيح، لكي ليس آباء كثيرون، وقد كانت أبوته الحانية هي المحور الذي تدور عواطف الكثيرين ممن تتلمذوا عليه. وأشكر الله أن افتقدني بنعمته، فكنت واحدًا ممن تمتعوا بهذه الأبوة العالية العزيزة.
كانت أبوة ولودة. فكنا نشعر في كل مرة مرة نجلس غليه، أنه يفيض علينا بشيء جديد.
وكانت كلمات النعمة من فمه. كالبطن الولودة غير العاقرة تخرج بنين صالحين. لم يقف لسانه مرة، ولم يفتقر فمه إطلاقًا عن أن يخرج إلينا جددًا وعتقاء، مع عمق حكمة وبساطة حملان.
وكانت أبوة مميزة: وكأن النفس التي تجلس أمامه تطالع حياتها في مرآة صافية كالبللور. فبالحكمة التي تصدر عنه، تنقشع غيوم الجهالة والسحب التي فينا، وتنجلي الحقائق، وتكشف الأسرار.
وكانت أبوة مميزة: وكأن النفس التي تجلس أمامه تطالع حياتها البائسين.
فلقد كان صورة عملية للخادم الأصيل، الذي يقدم أولاده لحضن المسيح، فيجعل من الزناة بتوليين، فيترنم لسان الأخرس، وتشتد الأيادي المسترخية، وتستقيم الركب المخلعة.
كان أبوته لطيفة هادئة: وكان لطفه طبيعيًا بغير كلفة. فقد امتلك قلبًا كبيرًا، عامرًا بالفضائل وثمار الروح القدس. ولم يحدث أن فرغ هذه القلب من فيض الهدوء واللطف على الإطلاق.
وكانت أبوته تحلق في السماء، وفي تحلق بها، تصعد بأبنائها إلى العلاء...
كم كانت مفاهيمه كلها سمائية... وكم كان يلذ له أن يرتفع بأفكار أبناءه إلى المجد الأسمَى، ليهون عليهم أتعاب هذا الزمان.
هكذا عاش أبونا ميخائيل إبراهيم شفيعًا من أجل أبنائه، ليرفعهم إلى الملكوت. ولما ارتقى إلى هذا المجد عينه، كسبناه شفيعًا خالدا لنا هناك، مع سحابة الشهود الأمناء...
القمص بيشوي وديع
... أضحى بهذه البركات المتدفقة نتيجة لعمل النعمة فيه، موضوع ثقة الكثيرين من شباب الكنيسة، يلتمسون منه الراحة والإرشاد الروحي... فوجدوا فيه ضالتهم المنشودة، وأضفى عليهم من مسكنته الروحية وودعته وتواضعه الكثير فاستراحت نفوسهم، هدأ اضطراب قلوبهم.
إن السعادة التي نالها بالشركة العميقة مع الله، حررته من كل المشكلات... فأضحى رأسيًا، صالحًا، وأبًا حنونًا عطوفًا ومرشدًا روحيًا حكيمًا... فاستراحت إليه النفوس، تلك التي هلعت إليه طالبة الراحة والاطمئنان، فنهض بها من الأرضيات إلى السماويات، وأنار لها الطريق لمعرفته الحق والحياة...
مختار فايق
من ضمن صفات الله الحلوة، أنه مريح، مريح لجميع الناس. فهو صاحب النداء الخالد: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28). ورجل الله تظهر فيه بعض صفات الله، فهو أيضًا مريح.
وأبونا ميخائيل إبراهيم كان هذا الرجل، مريحًا لكل من يتصل به، سواء في كلامه أو صمته، وفي صلاته أو تلقى الاعترافات، وتوجيهاته وإرشاده، في أبوته وفي كهنوته.
نجيب بطرس
كانت مقابلة واحدة معك، كافية لأن تعيد إلى الإنسان رجاءه، مهما كانت سقطاته... الرجاء مهما كانت الصورة قاتمة. وكنت تقول دائمًا: [عندي رجاء في ربنا، يصنع كذا..]
علمتني أنه ليس الواجب على الآب الروحي أن يستمع إلى اعترافات أولاده ومشاكلهم فحسب، ولكن أن يتعايش معهم في هذه المشاكل، مجاهدا أن يخلصهم... ويمد يد المساعدة لكل إنسان متضايق... علمتني أن نلقى بهذه المشاكل على المسيح، الذي يرفعها عن كاهلنا وعن كاهلهم، برفع صلوات عنها.
القس اسطفانوس عازر
علمتني في مدرسة الإرشاد التي لك، ألا يسقط الإنسان من نظرك مهما كانت خطاياه... علمتني أن الأب المرشد يطلب من الله أن يعطيه موهبة النسيان. وكم كنت تشكر الله كثيرًا من أجل هذه الموهبة.
القس اسطفانوس عازر
كان أبونا ميخائيل ملهمًا، يدرك بروحانية فائقة أعماق المعترف، ويغوص داخل قلوب الشباب، ويخرج منها كل حيرة وضياع. بساطة إرشاده تتحطم أمامها تعقيدات الحياة، نظراته الحلوة المتفائلة، تتبدد معها شحنات اليأس والقنوط... قلبه المنسكب دومًا بالصلاة، يحول مئات القلوب إلى الطهارة والعفة.
إداورد غالب
كان منزلة مفتوحًا على الدوام في أي وقت، ولا يعتذر عن قبول الناس في أي وقت مهما كان مرهقًا. ولا أنسى كيف كان يرشم ذاته بعلامة الصليب، ويصلي قائلًا: [أشكرك يا رب لأنك سمحت لي أن أقعد معاك أنا وأخويا فلان. يا رب ارحمني وارحمه، وسامحني وسامحه]. ثم يصلي الصلاة الربانية بكل تأمل وكل هدوء...
وعندما كنت أذهب غليه للاعتراف في حوالي ليقول لنا: [يا أولادي، إللي جاي من بلد وعنده سفر، ييجي الأول]. فيسمع اعتراف هؤلاء، ثم الذين من خارج شبرا، ثم المعترفين من شبرا.
وكنت كلما أذهب إليه محملًا بمتاعب كثيرة، أجد الراحة، وأخرج وأنا مبتهج. وكل موضوع أستشيره فيه أجد الرد في كلمات قليلة، بابتسامة مريحة، بعدها لا أجد في نفسي أي سؤال أو مناقشة.
مهندس زراعي ميشيل رزق سعد
كان منزله مكانًا عامًا للجميع... وكان ينام فيه كثيرون من المتعبين بالروح والجسد... أذكر أنني مرة ذهبت إليه وكنت متعبًا، فصمم أن أبيت في منزله حتى الصباح، كي لا يتركني انزل في ذلك الوقت المتأخر من الليل.
كان منزل أبينا ميخائيل كنيسة: كان بابا مفتوحًا، قلبًا مفتوحًا، وسماءًا مفتوحة لسماع كل الصلوات والطلبات...
كان يوصيني خيرًا بكثير من المرضى، حتى أنني كنت أخجل من نفسي عندما أراه يرسل لي خطاب توصية فيه رجاء من أجل أحد المرضى. وكم كانت البركات تعمني بسبب ذلك.
دكتور رمسيس فرج
وعلى الرغم من مشاغله الكثيرة والمتعددة، كان لا ينسى أن يواصل رعايته للمغتربين من أبنائه في الخارج، ويساندهم بصلواته، ويتعهدهم بالإرشاد في خطاباته.
تلقيت منه ستة خطابات في فترة وجودي بالخارج، آخرها تاريخه 9/2/75 أي قبل وفاته بـ45 يومًا...
وفى رسالة منه في 10 /1/74 كتب يقول: [تأخرت في الكتابة لك يا عزيزي. سامحني وصل عني كي يعينني الرب، ويجعلني أقبل بفرح كل ما تسمح به إرادته لي. فالشكر لله لازمت الفراش منذ أربعة أسابيع، والحمد لله اليوم هو أول يوم أمكنني أن أكتب... الآن يدي ثقيلة، وأرجلي ضعيفة عن أن تحملني، والآن في تحسن، فشكرًا لإلهنا الذي أعانني أن أكتب لك..]
وفى رسالة أخرى، كتب في اتضاع عجيب: [.. كسلان جدًا في الكتابة، وأشعر أنها خطية، وطلب من الله أن يرفعها عني ويعفيني منها، حتى لا أكون عثرة للمحبين في تأخيري عليهم في الكتابة إني متيقن أنك تسامحني وتصلي من أجلي، كي الرب يجعل أيامي التي أعيشها منتظرًا الرحيل السعيد للقاء الحبيب، من اجتهاد للخلاص من كل ما لا يليق..]
مجلة (كرمة الأصدقاء)
كان منزله مفتوحًا للجميع، في جميع الأوقات. كل ينتظر دورة في الاعتراف والإرشاد. ومنذ عشر سنوات، كانت له حجرة خاصة بمنزل نسيبي الأستاذ بسالي تادرس (والد الدكتور ميخائيل، وطبيب بسالي بالخارج) لأخذ اعترافات شبان وخدام منطقة جزيرة بدران وعياد بك شبرا. وكان يسهر لمنتصف الليل. وكثير من أولاده أصبحوا كهنة وخدامًا. ولا أنسى تلك الأيام التي كنت أوصله فيها إلى الترام أو الأتوبيس، حيث يعود بعد هذا المجهود المضني ويتحفني في الطريق بكلمات النعمة التي لا زالت أصداؤها تتردد في قلبي حتى الآن...
القس يوحنا اسكندر
منذ أن عرفت سر الاعتراف بحق، كان هو أبي في الاعتراف على مدى عشرين عامًا. وقد بكيت كثيرًا ذات ليلة، حينما فقدته بالجسد. وقلت لإلهي: على من أعترف يا ربى..؟ وحينما نمت في تلك الليلة، إذا بي أسمع صوت أبي الحنون في حلم، يجيبني على كل ما سألته من ربي في ليلتي الماضية. فعرفت أنه معنا بروحه.
القس يوحنا اسكندر
كان وجهة دائم البشر، بشوشًا يقابل أولاده بابتسامة الفرح والترحاب والرضى في أي مكان، سواء في الكنيسة أو البيت، وفي أي وقت: في الصباح الباكر، أو وقت الظهيرة، أو في ساعات متأخرة من الليل. وذلك دون تذمر أو استياء.
وكان شخصية مرحة، دائم الفرح والسرور. ولم يعرف طريق التزمت أو العنف. فكان إذا جلس بين أبنائه الشبان، وحي احدهم قصة طريفة أو قفشة ظريفة أو نكته خفيفة، في دائرة السلوك المسيحي الكامل، كانت يضحك من عمق القلب، ويدلى بتعليقاته اللطيفة على ما سمع. فكان مجلسه يبعث في النفس الهدوء والسكينة والانشراح.
صبري عزيز مرجان
ما أحلى حياة التجرد التي كان يعيشها هذا الأب القديس. ولعلى لا أتجاوز إذا قلت إنه من بين أسباب شفافيته وعمق روحانيته، هذه الحياة التي كان يحياها... ومن أجل هذا، كان دائما فرحًا فرح الروح، ذلك الفرح يخترق قلوب الآخرين. ويعطيهم من فرحه فيفرحون معه. وما أحلى كلمته المأثورة عن [لقمة العيش، هدمة الخيش]! يقولها ببساطة عجيبة متناهية، تجعلنا نحس تمامًا بصدقها، وتحلو أمامنا حياة التجرد في هذا العالم العجيب، المملوء بالأطماع...
كان إذا قابل ابنا من أبنائه، يرشم جبهته بعلامة الصليب، ثم يمد يده بالتحية والسلام. ويضع يمينه على كتف ابنه، ويضمه إلى صدره المحب. وبصوته الهادئ الرزين الذي يفيض أبوة حقة، يقول له عبارته المشهورة: [إزيك يا حضرة الأخ].
وكان كل ابن من ألوف أبنائه يعتقد ويؤمن أنه الابن الوحيد الذي يحظى بكل اهتمام ورعاية وحنان أبينا القديس القمص ميخائيل.
صبري عزيز مرجان
في مرضك، كان الأطباء يمنعون دخول الزائرين إليك، فكنت تصدر أوامرك للبيت ألا يمنعوا أحدًا. كنت في أشد المرض، ومع ذلك تستمع إلى شكوى الآخرين... لذلك بكتك عيون كثيرة، وانفطرت على رحيلك قلوب عديدة... تركت بالنسبة إليها فراغًا، لا يستطيع غير الله أن يملأه.
وداد نخلة
كان أبونا ميخائيل مجاملًا لأولاده جميعًا، يشعر كل ابن من أولاده أنه له وحده، وأنه يحبه وحده... وكما كان يشارك في أفراحهم، كان يشاركهم أيضًا في أحزانهم...
وفى مرة كنت ذاهبًا لعزاء في مصر الجديدة، وقابلته، فعرض أن يذهب معي. ولما رأيت المترو أخذت أبانا ميخائيل من يده، وأردت أن أسرع به لألحق المترو قبل أن يتحرك. فقال لى: [على مهلك يا بطرس. ما تخافشى، المترو مش هايتحرك قبل ما نوصل]. وفعلًا لم يتحرك إلا يتحرك إلا بعد ركوبنا.
وعندما وصلنا إلى الكنيسة، لم يذهب إلى صفوف الأممية، بل أخذني وجلسنا في أحد الصفوف الخلفية.
اغنسطس عقيد بالمعاش
بطرس صليب بطرس
إنني أسكن بجوار كنيسة مارمرقس بشبرا، وأبنى شماس في الكنيسة. وفي يوم عيد، ذهب أبنى إلى الكنيسة متأخرًا، وكان يود أن يخدم شماسًا، ولم يجد تونية ليلبسها فبكى وخرج.
وعند الباب قابلة أبونا ميخائيل، وسأله عن سبب بكائه، فلما عرفه أخذه بيده الرحيمة، ثم دخل وأخرج تونيته الخاصة، وقال لابني: [عليك بركة البسها واخدم، وناتزعلشى]..
فلما امتنع ابني، قال له: [عليك بركة ألبسها آدم، وافرح، لأنه لا يصح أن نحزن في هذا اليوم].
أغنسطس عقيد بالمعاش
بطرس صليب بطرس
وكما كان محبوبًا من جميع رؤسائه وزملائه وكان موضع ثقتهم لما كان في خدمة الحكومة، هكذا كان محبوبًا من جميع زملائه في خدمة الكهنوت، ومن جميع شعب الكنيسة، الرجال والسيدات، الشبان والشابات.
وكان محبوبًا من أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء المطارنة والأساقفة، الذين عرفوه والذين لم يعرفوه إلا بمجرد السماع عنه. كذلك كان محبوبًا من المتنيح صاحب القداسة الأنبا كيرلس السادس البطريرك السابق وكان موضع ثقته. ومن حضرة صاحب القداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث البطريرك الحالي، وكان موضع ثقته وحبه وتقديره.
حقًا لقد عاش في جندية روحية صادقة، لا تعرف التأجيل، ولا عامل السن... لا يمكن أن يتذوق الراحة، بينما أحد أولاده غير مستريح. يهتم بكل الناس والأمور والمشاكل، حتى الصغير منها، ولو أدى أن يقضي مع المشكلة أو الشخص ساعة أو أكثر.
القس مرقس بشارة
كان يلقى سلامة لكل من يقابله، القريب والغريب، المؤمن وغير المؤمن ومن أجل ذلك كان يحبه الجميع.
القس اسطفانوس عازر
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/fr-mikhail-ibrahim/guide.html
تقصير الرابط:
tak.la/rsap7d2