إلى أي الجبال رفعت عينيك؟ فالجبال لها تاريخها العظيم في الكتاب المقدس.
هل رفعت عينيك إلى جبل جرزيم، جبل البركة؟ إذ كان ستة أسباط يقفون عنده، وتتلى البركة على الشعب من هناك.
أم أنت ترفع عينيك إلى جبل الزيتون، جبل الصلاة والتأمل والإنسكاب أمام الله.
أم أنت ترفع عينيك إلى جبل الجلجثة؟ وهو يمثل الفداء ومحبة الله للناس إذ: (هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد).
أم تتجه إلى جبل التجلى؟ حيث يرى السيد المسيح مع موسى وإيليا وهم في النور البهى رمزًا للمجد الأبدى! موسى الذي ينوب عن المتزوجين، وإيليا الذي ينوب عن البتوليين. موسى الذي ينوب عن الودعاء، وإيليا الذي ينوب عن الأقوياء. موسى الذي ينوب عن حياة الخدمة، وإيليا الذي ينوب عن حياة الوحدة والبرية...
أم أنت تتجه إلى جبل الصعود؟ حيث نرى فيه المصير إلى الرفعة، عن يمين الآب.
أم تتجه إلى جبل حوريب؟ حيث قضى موسى فترة مع الرب، مشيرا إلى حياة العشرة مع الله التي إكتسى فيها وجهه بنور لم يستطع الشعب أن ينظر إليه.
أم تتجه إلى جبل سيناء؟ حيث الشريعة وحيث وصايا الله. أم إلى الجبل الذي ألقى عليه المسيح عظته حيث رفع أفكارنا إلى عمق الروحيات.
أم تتجه إلى جبل التجربة؟ الذي يمثل الانتصار على الشيطان وكل أفكاره.
أم تتجه إلى جبل أراراط حيث رسا فلك نوح، رمزًا لٍلاستقرار ورمزًا للسلام؟
أنا لم أرفع عيني إلى جبل معين. انما رفعت عيني إلى الجبال، إلى هذه كلها، إلى كل البركات.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كل شخص يقف ليصلي ويقول: (رفعت عيني إلى الجبال)، لعل تأملاته تقدم له قصة جميلة عن كل جبل:
جبل للبركة، وجبل للشريعة، وجبل للسلام، وجبل للفداء، وجبل للعشرة مع الله صحيح (أساساته في الجبال المقدسة) (مز 86: 1) وصحيح أيضًا ما قالته العروس في النشيد من أنها رأت الرب الإله: (طافرًا على الجبال، قافزًا على التلال) (نش 2: 8).
يرفع الإنسان نظره إلى الجبال، بعيدا عن صخب العالم وعن ضجيج العالم وشهواته، ويسرح في اللانهائية، في الأفق البعيد الذي لا ينتهي، والذين ينظرون إلى الجبل يكون نظرهم قويًّا. نظرنا ونحن في العالم يضعف لأن بصر الإنسان كل ما يمتد يجد أمامه حائطا يعوقه ويمنع إمتداده إلى قدام أما الذي ينظر إلى الجبال، فإن نظره يمتد إلى الأفق البعيد، ويصبح إنسانًا قوي النظر بعيده، يرى من بعيد، رمزًا للرؤية الروحية...
(رفعت عيني إلى الجبال) هل إلى هذه الجبال كلها؟ لعل المرتل يقصد الجبال المحيطة بأورشليم، لأنه يقول في المزمور بعد ذلك: (الجبال حولها، والرب حول شعبه) (مز124) وبينما المرتل في أرض الغربة إلا أنه يشتاق إلى أورشليم، ويرفع عينيه إلى الجبال المحيطة به.
وأنت يا أخي، ألم تحس ذات يوم بالغربة، وترفع عينيك إلى الجبال؟ أم أنت ما تزال تنظر إلى الوادى العميق، إلى الأرض والطين والمادة؟
من الآن إرفع نظرك إلى فوق، إرفع نظرك إلى الجبال من حيث يأتي عونك... يقينا أن المرتل يدرك تمامًا من أين تأتيه المعونة. هو يعلم أن المعونة لا يمكن أن تأتيه من الأرض، فلذلك رفع نظره إلى فوق وقال: معونتي من عند الرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/contemplations-vespers/mountains.html
تقصير الرابط:
tak.la/sya5dg7