St-Takla.org  >   books  >   nagy-gayed  >   christian-economics
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب التعاليم المسيحية.. ومبادئ الفكر الاقتصادي - أ. ناجي جيد

18ب- العنصر البشري من عوامل الإنتاج الملموسة

 

(2) العنصر البشرى:

أنعم الله القدوس على الإنسان بنعم وبركات لا تحصى. فمنذ أن خلق الله الإنسان أعطاه سلطانًا على الأرض والبحر وطير السماء. وبعيدًا عن النعم والبركات الروحية فإن الرب الإله أعطى الإنسان أيضًا نعم ومواهب أرضية وجسدية، فهو واهب الحياة ومُعطى الخيرات ومانح المواهب. وعلى المستوى المهني – محل الدراسة – أعطى الله الإنسان العقل والعلم والمعرفة والحكمة والصحة والموهبة الحرفية، والشواهد الكتابية التي يمكن الاستعانة بها في هذا المجال كثيرة سنتعرض لبعضها بعد قليل هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت. وسيتناول المؤلف العنصر البشرى كأحد عوامل الإنتاج طبقًا للترتيب التالي:

- العنصر البشرى الفني.

- العنصر البشرى الإداري.

- قيمة عنصر العمل.

- قيمة عنصر الوقت.

- حقوق وواجبات العاملين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أ) العنصر البشرى الفني:

نحن نؤمن إيمانًا كاملًا بأن الرب العلى واهب الحياة للإنسان، لن يتركه يتخبط ليدير أمور حياته بل سيمده بالعلم والمعرفة والحكمة والموهبة الحرفية: "فقد كلم الرب موسى قائلًا: أنظر قد دعوت بصلئيل بن أوري بن حور من سبط يهوذا باسمه، وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة" (خر 31: 1-3). تؤكد الآيات بأن الرب الإله لم يعط الإنسان الصحة والعقل فقط، أو حتى العلم والمعرفة والحكمة.. بل أن الإله القدير قد منح الإنسان أيضًا مواهب حرفية متعددة كثيرة، توضح إلى أي مدى يهتم ضابط الكل بشأن تفاصيل الحياة المهنية الدقيقة للإنسان، لا لشيء إلاّ لأنه هو الإله المُحب الحنون مدبر الكون.

St-Takla.org Image: A builder working in a building (photo 2) - Various photos from Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 24, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: عامل بناء يعمل فوق سطح أحد المباني (صورة 2) - صور متنوعة من دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 24 إبريل 2017

St-Takla.org Image: A builder working in a building (photo 2) - Various photos from Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April 24, 2017

صورة في موقع الأنبا تكلا: عامل بناء يعمل فوق سطح أحد المباني (صورة 2) - صور متنوعة من دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 24 إبريل 2017

إن العنصر البشرى – على المستوى المهني – يتحتم عليه الاستجابة الفورية مع الوزنات والمواهب العقلية والحرفية الممنوحة له، بصقل وتنمية هذه الوزنات حتى يمكن التوظيف أو الاستثمار الفني الجيد لها لتحقيق الخير والبنيان لجميع الأطراف: "فأفكار المجتهد إنما هي للخصب، وكل عَجول إنما هو للعوز" (أم 21: 5). وعلى قدر استجابة الإنسان وتعاطيه مع مواهبه..وعلى قدر ما يعطيه الإنسان لمهنته.. وعلى قدر رغبة وقدرة الإنسان على الابتكار والتجديد والتجويد: "يُثنى على عمل الصناع لأجل أيديهم" (سى 9: 24).

إن السعي الدائم للنجاح والرغبة في تحقيقه.. لا يجب أن يكون مبررًا للدخول في أعمال غير مشروعة ولا يرضى عنها الله سبحانه، الأمر الذي يجب أن ننتبه ونحترس جيدًا منه كما يوصينا الكتاب: "لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها" (أف 5: 11). ومن جهة أخرى فعند تحقيق النجاح – الذي ليس لنا فضل جوهري فيه – لا يجب أن يُنسب إلا لرب القوات: "فويل للحكماء في أعين أنفسهم، والفُهماء عند ذواتهم" (أش 5: 21).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ب) العنصر البشرى الإداري:

"انظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء" (أف 5: 15).

يعتقد المؤلف إن أهمية عنصر الإدارة لأي عمل روحي أو دنيوي لا تقل أهمية عن العنصر المهني والفني. أن علم الإدارة قد وُجد من قبل تأسيس الكون. وليس أدل على ذلك أكثر من قصة الخليقة منذ أن خلق الله السماء والأرض حتى اليوم وإلى انتهاء الدهر. ويقف وراء الخلق، الخالق الأعظم، مدبر الكون، ضابط الكل، الذي يجب أن نقتدي به: "لأن الله ليس إله تشويش بل إله سلام" (1 كو 14: 33).

إن الكتاب المقدس به من التعاليم الإدارية ما يجعلنا نؤكد أن أصول علم الإدارة والاقتصاد موجودة به: "ليكن كل شيء بلياقة وحسب ترتيب" (1كو14: 40). من جهة أخرى يرى المؤلف أن العلوم الوضعية الحديثة في الإدارة أو الاقتصاد أو أي علوم إنسانية أخرى تبحث في موضوعات دنيوية مجردة أو التي تأخذ بالعلاقات السببية (العلاقة بين الأسباب والنتائج أو الظواهر)..لا تتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس بل تؤكده: "من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب" (أف 5: 17).

إن الإدارة هي الأصل في أي عمل إنتاجي (سلعي أو خدمي)، وهي نقطة البدء في أي عمل وقبل العنصر الفني في كثير من الأحيان: "فالكلام مبدأ كل عمل والمشورة قبل الفعل" (سى 37: 20). والأكثر من ذلك فأن أهمية العنصر الإداري لا تتوقف على مستوى الأفراد أو المنظمات، بل أيضًا على مستوى الدول سواء في السلم أو الحرب: "فالمقاصد تثبت بالمشورة وبالتدابير أعمل حربًا" (أم 20: 18).. لكل ما سبق يعلمنا بولس الرسول: "تجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا" (2تس 3: 6).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

جـ) قيمة عنصر العمل:

"هوذا الذي رأيته أنا خيرًا، الذي هو حسن: أن يأكل الإنسان ويشرب ويرى خيرًا من كل تعبه الذي يتعب فيه تحت الشمس مدة أيام حياته التي أعطاه الله إياها، لأنه نصيبه" (جا 5: 8).

هكذا يعلمنا الكتاب المقدس على لسان الحكيم سليمان – الذي أعطاه الله حكمة وفهمًا كثيرًا جدًا فاقت جميع بنى البشر وكل حكمة مصر – عن أهمية وقيمة عنصر العمل. "أنه لا شيء خير من أن يفرح الإنسان بأعماله، لأن ذلك نصيبه" (جا 3: 22). كما يلخص بولس الرسول قيمة العمل بالقول: "إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضا" (2تس 3: 10).

نعم من لا يعمل لا يأكل، فلا قيمة تفوق قيمة العمل. ويعتقد المؤلف أنه يصعب حصر تعاليم الكتاب المقدس التي تظهر مدى أهمية عنصر العمل، كما يرى المؤلف أن سليمان الحكيم هو أكثر من كتب عن قيمة العمل، لأن: "الرخاوة لا تمسك صيدًا، أما ثروة الإنسان الكريمة فهي الاجتهاد" (أم 12: 27). الأمر الذي يحتم على جميع الأفراد – بغض النظر عن السن أو الجنس أو مستوى الثقافة أو الحالة الصحية – أن يعملوا، لأن: "من يشتغل بحقله يشبع خبزًا، أما تابع البطالين فهو عديم الفهم" (أم 12: 11).

أما عن حجة عدم ملائمة العمل في بعض الأحيان كما يدعى البعض، فأنه لابد من القبول المبدئي لأقرب عمل يتمشى مع قدرتنا الجسمانية والعقلية وتأهيلنا العلمي، حتى نجد ما يناسبنا تمامًا أو ما نرجوه من أعمال، لأنه: "في كل تعب منفعة" (أم 14: 23). أما عن حجة البعض في عدم العمل لعدم احتياجهم المادي، فأن الكتاب يعلمنا: "غنى البُطل يقل، والجامع بيده يزداد" (أم 13: 11).

وإذا كانت هناك أهمية قصوى لقيمة عنصر العمل في البنيان والخير والصلاح على المستوى الدنيوي، فكم بالأحرى أهميته على المستوى الروحي الذي تكلم عنه بولس الرسول في مواضع كثيرة من رسائله، والتي سيٌختار منها ما يمكن تعظيم فائدته – مع عنصري العمل والوقت – من خلال هذه الآيات: "هذا وإنكم عارفون الوقت، أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا. قد تناهى الليل وتقارب النهار، فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار....." (رو 13: 11-13). فيوم تعلن دينونة الله العادلة: "فإنه سيجازى كل إنسان حسب أعماله" (رو 2: 6). وعن قيمة الأعمال أيضًا يؤكد يعقوب الرسول: "إن إيمان بدون أعمال ميت" (يع 2: 17). "من هو حكيم وعالم بينكم فليُرِ أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة" (يع 3: 13).

وقد يرى البعض أن الزيادة السكانية في مصر تشكل عبئًا اقتصاديًا على التنمية في الدولة.. إلاَّ أن المؤلف يرى أنه يمكن التوظيف أو الاستثمار الأمثل – لتعظيم قيمة عنصر العمل – لهذه الزيادة السكانية في مشروعات كثيفة العمالة وفي استصلاح الأراضي الصحراوية وتعميرها..إلخ. وبذلك تكون المشكلة الحقيقية ليست في عدد السكان ولكن في كيفية إدارة هذا العدد والاستفادة من عطية الله.

وعند الحديث عن قيمة العمل أيضًا لا يفوتنا الإشارة بإيجاز إلى أهمية العمل التطوعي الذي يوصينا به الكتاب المقدس، وليس أدل على ذلك سوى مَثَل (السامري الصالح) الذي جاء على الفم الطاهر ليسوع المسيح في إنجيل (لو 10: 25-37). وفي وصية الرب يسوع لنا للاهتمام بأخوته الأصاغر (مت 25: 31-46). وفي هذا الصدد يجدر الإشارة إلى أن العمل التطوعي هو جوهر العمل والخدمة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وفي ممارسة كل طقوسها وأسرارها المقدسة، وفي كل أنشطتها الاجتماعية وأعمالها الخيرية.. إلخ.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

د) قيمة عنصر الوقت:

تتعظَّم أهمية قيمة عنصر الوقت للإنسان في المجال الروحي كثيرًا جدًا مقارنة بالمجال الدنيوي، لأن حياة أو عمر الإنسان ما هو إلاَّ فترة زمنية، ومن ثم فأنه يمثل ترجمة حقيقية لعنصر الوقت. من جهة أخرى يرى المؤلف أن مصطلح أو مفهوم "الندرة" الاقتصادي أو ما يُفضل المؤلف تسميته "بالمحدودية"، يمكن إسقاطه على الأيام الحياتية للإنسان على الأرض. لأنه ما هي حياة الإنسان: "إنها بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل" (يع 4: 14).

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن استثمار هذا الوقت المحدود؟

والإجابة تأتى على لسان رب المجد نفسه حين يقول: "أسهروا وصلوا، لئلا تدخلوا في تجربة" (مت 26: 41). وفي قصة العشر عذارى: "فاسهروا إذن لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها أبن الإنسان" (مت 25: 13). كما يجاوب على السؤال أيضًا بولس الرسول: "فانتبهوا تمامًا إذن كيف تسلكون بتدقيق، لا سلوك الجهلاء بل سلوك العقلاء، مستغلين الوقت أحسن استغلال لأن الأيام شريرة" (اف 5: 15، 16). وعن كيفية الاستغلال الأمثل للوقت، فإن الترجمة الحقيقية لها نجدها في حياة أو قصة يوحنا المعمدان التبشيرية والاستشهادية، وكذلك في قصة الشهيد إسطفانوس.

"لكل شيء زمان، ولكل أمر تحت السماوات وقت: للولادة وقت وللموت وقت. للغرس وقت ولقلع المغروس وقت. للهدم وقت وللبناء وقت...." (جا 3: 1-3).. وطالما الأمر كذلك فإنه لابد على إدارة المشروع عند التخطيط لأهدافها، أن تربط تحقيق هذه الأهداف بزمن معين وليكن سنة مثلًا، والأكثر من ذلك لابد من جدولة زمنية شهرية أو ربع سنوية لتحقيق هذه الأهداف ولاسيما مع المشاريع التي تتسم منتجاتها بالموسمية. إن الغرض الأساسي من الجدولة الزمنية هو الاستفادة القصوى من قيمة الوقت، وذلك من خلال تصحيح أي انحراف سالب (ينخفض فيه الإنتاج الفعلي عن الإنتاج المستهدف) بسبب أي أخطاء أو مشاكل إنتاجية غير متوقعة.

ولا يخفى على الجميع أهمية قيمة الوقت في المجال الزراعي، حيث أن لكل نوع من الزروع أو النباتات موسم أو شهر – من التقويم القبطي – يناسب زراعته وآخر لحصاده، والأكثر من ذلك فأنه خلال الموسم الزراعي الواحد هناك أوقات معينة لتهيئة التربة وتقليبها وترسيم خطوطها وبذر البذور ومتابعة الري.. إلخ. وفي المجال التجاري هناك أهمية كبيرة لعنصر الوقت، كما أن هناك أيضًا مواسم تنشط فيها حركة البيع ومواسم أخرى تنكمش فيها الأسواق. والمعرفة الجيدة لهذه المواسم يتيح الاستثمار الأمثل لمواسم الرواج، واتخاذ الإجراءات التشطيبية اللازمة لمواسم الركود.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هـ) حقوق وواجبات العاملين:

"في كل تعب منفعة" (أم 14: 23). آية صغيرة لكنها توضح المعنى الحقيقي الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بين العاملين وصاحب العمل، كما توضح في نفس الوقت العلاقة بين الحقوق والواجبات. فكل تعب يمثل (واجب أو التزام من العامل) لابد أن يقابله بنفس القدر منفعة تمثل (حق أو التزام على صاحب العمل). وعليه فإننا سوف نتناول كل من حقوق وواجبات العاملين على النحو التالي:

 

حقوق العاملين: -

1- تسكين الرجل المناسب في المكان المناسب، أو تحديد الرجل المناسب للمهمة المناسبة.. وهناك أكثر من دليل كتابي في هذا المجال. مثل: تكليف فرعون مصر ليوسف الصديق في إدارة شئون مصر (تلك 41: 37-44). واختيار الرب يسوع لتلاميذه ليكونوا صيادين للناس بدلًا من صيد السمك (مت 4: 18-22). وتكليف السيد له المجد – وهو على الصليب – ليوحنا الحبيب لرعاية السيدة العذراء (يو 19: 25-27).

2- تهيئة بيئة عمل مناسبة بالمفهوم الموسع، من خلال: مكان عمل مناسب، لوائح وقوانين عمل عادلة للأجور والترقي، نظام طبي مناسب، المشاركة في حل مشاكل المساكن والنقل وأي مشاكل اجتماعية أخرى.. إلخ.

3- الاهتمام بالجانب المادي (كالأجور والعلاوات)، والذي يوصينا به الكتاب المقدس في تعاليم كثيرة لكل منها الغرض الروحي الخاص بها، فمنها مثلًا: أن الأجر هو دين على صاحب العمل وليس فضل أو نعمة يمن بها على العامل "أما الذي يعمل فلا تحسب له الأجرة على سبيل نعمة، بل على سبيل دين" (رو 4: 4). ومنها أيضًا وصية بعدم تأخير الأجر لأن صاحبه فقير ويحتاج إليه: "في يومه تعطيه أجرته، ولا تغرب عليها الشمس، لأنه فقير وإليها حامل نفسه، لئلا يصرخ عليك إلى الرب فتكون عليك خطية" (تث 24: 15). ومنها أيضًا الوصية الكتابية الخاصة بالاهتمام بالآخرين (بمعنى العمال الأفقر، الأصغر شأنًا، الأكبر احتياجًا.. إلخ.) قبل الأولين عند إعطاء الأجر: "فلما كان المساء قال صاحب الكرم لوكيله: أدع الفعلة وأعطهم الأجرة مبتدءًا من الآخرين إلى الأولين" (مت 20: 8).

من جهة أخرى يجب منح العاملين زيادة أو علاوة سنوية: "غير مفتخرين إلى ما لا يقاس في أتعاب آخرين، بل راجين – إذا نما إيمانكم – أن نتعظم بينكم حسب قانوننا بزيادة" (2كو 10: 15).

4- الاهتمام باستمرارية تعليم وتدريب العاملين، لأن "الرجل المتأدب يعلم كثيرًا والكثير الخبرة يحدث بعقل" (سى 34: 9). إن الاهتمام بتعليم العاملين سوف يساعدهم على صقل المواهب والوزنات التي أعطاها الله إياهم، مما يرفع من الكفاءة الإنتاجية لهؤلاء العاملين ومن ثم تحقيق أكبر العوائد المادية لهم. "فالذكي ينتبه إلى خطواته" (أم 14:15). وحتى يمكن تحقيق أقصى استفادة ممكنة من وظيفة التدريب والتعليم فإنه لابد أن تتم من خلال رجال تدريب ومراكز متخصصة، كما يجب أن تشمل عملية التدريب كل الفئات الإنتاجية والإدارية في كل مستوياتها الدنيا والعليا، وبذلك يمكن لنا الاستفادة من تطبيق الوصية الكتابية: "إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتوه" (يو 13: 17). و"الرجل الحكيم يعلم شعبه وثمار عقله صالحة" (سى 37: 26).

5- التشجيع المستمر للعاملين باستخدام كل الوسائل المتاحة المادية وغير المادية، لتحفيزهم ورفع روحهم المعنوية. ويتركز التشجيع المادي في الأجور والمكافآت والحوافز المادية..إلخ.، أما التحفيز غير المادي – الذي لا ينتبه إلى أهميته الكثير من المديرين والمسئولين – فتتمثل أهم وسائله في الوسائل الرمزية لشهادات التقدير والميداليات وخطابات الشكر بالإضافة إلى الكلمة الطيبة المشجعة التي يوصينا بها الكتاب دائمًا: "الكلام الحسن شهد عسل، حلو للنفس وشفاء للعظام" (أم 16: 24). فالكلمة الطيبة والمُجاملة الرقيقة الصادقة والنابعة من القلب يحتاج إليها الجميع بغض النظر عن (السن، الجنس، التعليم، المركز الوظيفي، المستوى المالي.. إلخ.) مما يزيد من فاعليتها في التشجيع والتحفيز، وهنا نتساءل مع الحكيم: "أليس الندى يبرد الحر هكذا الكلام أفضل من العطية. أما ترى أن الكلام أفضل من العطية وكلاهما عند الرجل المنعم عليه" (سى 18: 16، 17).

6- الاهتمام بإعطاء العاملين الوقت الكافي من الراحات أو الأجازات. فالوصية الكتابية تعلمنا أن: "ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عمل ما" (خر 20: 9، 10). كما يقول الكتاب عن الرب الإله نفسه: "وفرغ الله في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقًا" (تك 2: 2، 3).

 

واجبات العاملين:

1- أن يؤمن العامل بالفلسفة المسيحية في الإدارة التي تعتبر ثمر الروح (المحبة والفرح والسلام) مدخلات إنتاجية غير ملموسة..وأن يستطيع العامل أن يترجم هذه الفلسفة إلى سلوك إنتاجي سواء مع زملائه، أو مع المستهلكين (خاصة في مجال الخدمات).. ويجدر الإشارة إلى أنه قد يستغرق هذا الأمر – تحويل الفلسفة إلى سلوك – بعض الوقت، كما يحتاج لبعض الجهد والتدريب، ولكن احذروا الفشل. "أما أنتم أيها الأخوة فلا تفشلوا في عمل الخير" (2تس 3: 13).

2- أن يكون العامل قادرًا على تبنى قيم إدارية جديدة، من القيم التي تتبناها الإدارة كقيمة العطاء أكثر من الأخذ، تنفيذًا للوصية الكتابية (أع 20: 35). وقيمة العدالة طبقًا (لمفهوم الاحتياج) وليس (مفهوم المساواة الحسابية)، كما نتعلم من الكنيسة الأولى في عصر الرسل (أع 4: 32-35)، وكما يعلمنا مثل الابن الضال (لو 15: 11-32).

3- أن يكون لدى العامل الرغبة والقدرة على الالتزام بمتطلبات الوظيفة على أكمل وجه، والسعي في التجويد ما أمكن. "فكل مع يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل، فيحسب ذلك له خطية" (يع 4: 17).

4- أن لا يكون العامل كسولًا، "فالكسلان لا يحرث بسبب الشتاء، فيستعطى في الحصاد ولا يعطى" (أم 20: 4)، ولذلك فإن الحكيم يصف أو يُعرف الإنسان الخمول بأن: "الكسلان أشبه بحجر قذر كل أحد يصفر لهوانه" (سى 22: 1).. بل يجب أن يكون العامل قادرًا على العمل بكل جد واجتهاد: "فيد المجتهدين تسود. أما الرخوة فتكون تحت الجزية" (أم 12: 24). ولذلك فإن الكتاب يقول عن المجتهد: "أرأيت رجلًا مجتهدًا في عمله؟ أمام الملوك يقف. لا يقف أمام الرعاع" (أم 22: 29).

5- أن يكون العامل قادرًا على استثمار الموهبة أو الوزنة المعطاة له من الرب الإله، تنفيذًا للوصية: "لا تهمل الموهبة التي فيك" (1تى 4: 14)، وأن يكون العامل راغبًا في التعليم: "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك" (1تى 4: 16).. كما يجب على العامل أيضًا أن يستفيد من خبرات كل من تعامل معهم أو سبقوه: "قف في جماعة الشيوخ ومن كان حكيمًا فلازمه" (سى 6: 35).

6- أن يكون العامل متعاونًا مع زملائه، مطيعًا لقادته: "خاضعين بعضكم لبعض في مخافة المسيح" (أف 5: 21).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-economics/human-resources.html

تقصير الرابط:
tak.la/q85f399