(3) عنصر رأس المال:
يمكن تعريف المال طبقًا للمفهوم الموسع على أنه: كل شيء نافع وله قيمة وقابل للبيع بواسطة من يملكه. وبذلك يمكن تقسيمه إلى أموال عينية وأموال نقدية (سائلة). كما يمكن تقسيمه أيضًا – طبقًا للتقسيمات الاقتصادية والمحاسبية المعروفة – إلى أصول ثابتة، وأصول متداولة.
والأصول الثابتة هي: الأصول التي تستخدم في تصنيع أو إنتاج أصول أخرى – أو للاستخدام الشخصي – وليس بغرض التجارة والاستثمار، وهي بذلك قد تكون: آلات ومعدات، عقارات ومباني، سيارات ووسائل نقل، أجهزة وحاسبات آلية، أثاث ومنقولات.. إلخ. من جهة أخرى يمكن القول أن الأصول الثابتة غير سريعة التحويل إلى نقدية سائلة عند البيع، هذا البيع الذي يتم اللجوء إليه بغرض الإحلال والتجديد.
والأصول المتداولة هي: الأصول التي يكون الغرض منها التجارة والاستثمار لتحقيق الربح، وغالبًا ما تكون الأصول المتداولة أكثر سرعة في تحويلها إلى نقدية سائلة، كما يمكن أن يتم تداولها بين شخص إلى آخر بالتناول، الأمر الذي يصعب تحقيقه مع العقارات والمباني كمثال. ويمكن تقسيم الأصول المتداولة طبقًا لارتفاع درجة سيولتها بين الأعلى إلى الأدنى، كالتالي: نقدية سائلة (عملة محلية أو صعبة)، أذون خزانة، أسهم وسندات، أوراق قبض (شيكات وكمبيالات تمثل مديونيات على الغير)، بضاعة تامة الصنع (بعد استبعاد أي كميات خاصة بالاستهلاك الشخصي)، مواد خام.. إلخ.
إن المال في أي شكل من الأشكال السابقة يمكن توجيهه إلى الاستهلاك المباشر بأنواعه (من سلع وخدمات)، أو إلى الاكتناز (الذي ترفضه المسيحية تمامًا)، كما يمكن توجيهه بالكامل أو أي جزء منه إلى الاستثمار المباشر سواء كان في صورة أموال سائلة أو أصول متداولة أخرى أو أصول ثابتة، ويفضل بعض رجال الاقتصاد تسمية المال المستثمر برأس المال..وفي جميع الأحوال يرى المؤلف أن ما يجب التركيز عليه هو: أن الله العلى هو الرازق ومُعطى الخيرات.
إن الأصل الكتابي – كما سبق الإشارة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت – هو أن كل عوامل الإنتاج الملموسة وغير الملموسة، هبات ووزنات يمنحها الرب الإله لمن يشاء من الأفراد، كل على قدر طاقته وبما يفيد الغرض أو البنيان الذي أعطيت الوزنة من أجله. وقد تعرفنا خلال العنصرين السابقين: عنصرا الأرض والعنصر البشرى على الوصايا الكتابية المؤكدة لوجهة نظر المؤلف..وحيث أن عنصر المال هو أيضًا من العناصر الإنتاجية الملموسة.. فإنه يكون لِزامًا علينا توسيع الدراسة الكتابية التي تطمئن القراء إلى ما نؤمن به، من خلال الحوار الذي سأل فيه سليمان الملك الرب ليعطيه الحكمة ليدبر شئون الشعب، فقال الله لسليمان: ".... قد أعطيتك حكمة ومعرفة، وأعطيك غنى وأموالًا وكرامة لم يكن مثلها للملوك الذين قبلك، ولا يكون مثلها لمن بعدك" (2 أخ 1: 11، 12). ويعتقد المؤلف أن النص الكتابي لا يحتاج إلى أي شرح أو تفسير.
ولا يتوقف الأمر على الحوار السابق بين الرب الإله وسليمان الملك، بل أدعوكم معي لتأمل ما جاء على لسان الحكيم سليمان بسفر الجامعة – الذي سبق به كل رجال الاقتصاد – للتأكيد على أهمية عنصري العمل والمال للإنسان، وما يجب على الإنسان عمله في المقابل: "هوذا الذي رأيته أنا خيرًا، الذي هو حسن: أن يأكل الإنسان ويشرب ويرى خيرًا من كل تعبه الذي يتعب فيه تحت الشمس مدة أيام حياته التي أعطاها الله إياها، لأنه نصيبه. أيضًا كل إنسان أعطاه الله غنى ومالًا وسلطة عليه حتى يأكل منه، ويأخذ نصيبه، ويفرح بتعبه، فهذا هو عطية الله" (جا 5: 18، 19).
ولكن. على الرغم من أهمية المال كعنصر إنتاجي في حياة الأفراد والدول. إلاَّ أن الكتاب المقدس يحذرنا من حب المال، قائلًا: "لا أحد أكبر إثمًا ممن يجب المال لأن ذاك يجعل نفسه أيضًا سلعة، وقد أطرح أحشاؤه مدة حياته" (سى 10: 10). "لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 6: 10).. ولهذا نجد أن رب المجد نفسه يحذرنا من المال أيضًا، قائلًا: "لا يقدر أحد ن يخدم سيدين، لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (مت 6: 24).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/nagy-gayed/christian-economics/capital.html
تقصير الرابط:
tak.la/2p4b8cr