(10)
وعلى ذلك، إذا كان الروح المخلوق له مثل هذا المعنى، فيجب علينا أيضًا أن ندرك إدراكا صحيحًا، الوعد الذي تَأَسَّسَ من قِبَل الله، أي الكلمة الصادقة وناموس الروح غير المتزعزع. ولأن الرب أراد ليوحنا ويعقوب أن يخدما الكلمة، فقد دعاهما "بوانرجس" أي "ابني الرعد" (مر 3: 17). وبالحقيقة، صرخ يوحنا بهذا من السماء قائلًا: “في البدء كان الكلمة والكلمة عند الله وكان الكلمة الله” (يو 1: 1). وأما في القديم فإن الناموس كان له “ظل الخيرات العتيدة” (عب 10: 1)، ولكن عندما أُعْلِن المسيح للبشر وجاء قائلًا: “أنا الذي أكلمك هو” (يو 4: 26)، عند ذلك كما قال بولس: “صوته زعزع الأرض حينئذ، وأما الآن فقد وعد قائلًا أني مرة أيضًا أزلزل لا الأرض فقط بل السماء أيضًا. فقوله "مرة" يدل على تغيير الأشياء المتزعزعة كمصنوعة لكي تبقي التي لا تَتَزَعْزَع. لذلك ونحن قابلون مَلكوتًا لا يتزعزع ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخضوع وتقوى” (عب 12: 26-28). وهذا الذي يقول عنه ملكوتًا لا يُتزعزع، يراه داود ثابتًا ويرنم: “الرب قد ملك. لبس الجلال. لبس الرب القدرة تمنطق بها. أيضًا ثَبَّت المسكونة، لا تتزعزع” (مز 93: 1، 2). وعلى ذلك فالنص الذي أورده النبي، يشير إلى مجيء المخلص، الذي به نتجدد، وكذلك يظل ناموس الروح ثابتًا.
لكن هؤلاء الذين هم “المحرفون” بالحقيقة، قد اتفقوا مع الأريوسيين واقتسموا معهم التجديف على اللاهوت، فبينما قال الأريوسيين عن الابن أنه مخلوق قال هؤلاء عن الروح القدس أنه مخلوق. لقد تجاسر “المحرفون”، كما يؤكدون هم أنفسهم، أن يجدوا لأنفسهم طرقًا، وإن يسيئوا تفسير أقوال الرسول بولس، وما كتبه بصواب إلى تيموثيئوس قائلًا: “أناشدك أمام الله والرب يسوع المسيح والملائكة المختارين أن تحفظ هذا بدون غرض ولا تعمل شيئًا بِمُحَابَاة” (1تي 5: 21). هؤلاء يؤكدون أنه طالما أن الرسول قد سَمَّى أولًا: الله والمسيح ثم بعد ذلك سَمَّى الملائكة، فيلزم أن يحسب الروح القدس مع الملائكة ويكون من طغمتهم وهو ملاك أعظم من الملائكة الآخرين.
وفي البداية كانت هذه البدعة من تعليم فالنتينوس(12) Valantinos ولم يستطيع هؤلاء أن يَتَبَيَّنوا واقِع الأمر من أنهم كانوا يقولون بتعاليمه. كان فالنتينوس يؤكد أنه كما أرسل المعزي، أرسل معه ملائكة من نفس العمر. وبينما أنزلوا الروح القدس إلى طغمة الملائكة، فإنهم قد أضافوا الملائكة إلى الثالوث، لأنه إذا كان الملائكة يجيئون بعد الآب والابن -حسبما يؤكدون- فلقد أصبح واضحًا أن الملائكة ينتمون إلى الثالوث، وهم ليسوا بعد “أرواحًا خادمة مُرْسَلَة للخدمة” (عب 1: 14). ولا ينالون التقديس، بل بالحري هم أنفسهم يقدسون الآخرين.
← انظر مقالات وكتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(12) هو أستاذ مصري علم أولًا في الإسكندرية، ولكنه كغيره من الهراطقة، وسع مجال تعليمه فذهب إلى روما حيث أسس هناك مدرسة وذلك قبل عام 150م. ولما حُرِم من الكنيسة أنشأ جماعة خاصة مستقلة، وقد أَلَّف عِدَّة كتب، وله عدة رسائل وأناشيد، ولكن القليل غير المهم هو الذي بقى، وهو أحد الهراطقة الغنوسيين المشهورين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/maurice-tawadrous/holy-spirit-to-serapion/not-an-angel.html
تقصير الرابط:
tak.la/99b2hb5