س 27: هل الروح القدس له الألقاب الإلهية؟
ج: نعم، ومن هذه الألقاب التي أُطلقت على الروح وهيَ لا تطلق إلاَّ على الله ما يلي:
"فقال بطرس: يا حنانيا، لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس... أنت لم تكذب على الناس بل على الله"(أع 5: 3، 4) ويقول "البابا أثناسيوس الرسولي": "وعندما يُعطَى لنا الروح القدس كقول المخلص: "اقبلُوا الروح القدس" (يو20: 22) يصبح الله فينا، بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحه (1 يو4: 12، 13)" (94).
دعَى الكتاب المقدس الروح القدس بروح الله "وكانت الأرض خربـة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف علـى وجه المياه "(تك 1: 2) والمقصود بروح الله هو الروح القدس... "أمَّا تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكُم" (1كو 3: 16) ودُعي روح الله الحي " أنتم رسالتنا، مكتوبة في قلوبنا... مكتوبة لا بحبرٍ بل بروح الله الحي "(2 كو3: 2، 3) ودُعي أيضًا روح قدسه فقال "إشعياء النبي": "لكنَّهم تمرَّدوا وأحزنوا روح قدسه "(إش 63: 10) ودُعِيَ لذلك روح الله القدوس، فيوصينا الإنجيل "ولا تحزنوا روح الله القدوس ".. وروح الله هو الذي يقودنا للملكوت "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله "(رو 8: 14) وما أجمل قول "القديس باسيليوس" عن الروح القدس أنه: " جوهر إلهي عاقل لا حدود لمقدرته. لا نهاية لعظمته... فوق الإحساس الزمني وغير خاضع للدهور... واجب الخيرات الخصوصية... كل الخليقة تتجه نحوه في عوز وفقر شديد... هو... الساكب الحياة على العالم... حضرته كلية في الزمان والمكان فلا وجود لشيء إلاَّ به... مصـدر التقديس والنـور الذي لا يُدرك إلاَّ بحاسـة العقـل الروحي... في جوهـره بسيط. في طاقته متعدد ويتنوع... موجود بكله وتمامه في كل واحد دون أن يُفقد كلّيته كشعاع النور الذي يوصل لك الشمس في رفق وتلطف وكأنما هيَ مشرقة لك وحدك مع أنها مشرقة على الدنيا كلها... الكل يتعزى به كقدر طاقته لا كقدر طاقة الروح في ذاته... هو القوة التي تقيم الحياة" (95).
"وأمَّا الرب فهـو الروح، وحيث روح الرب هناك حريةٌ"(2كو 3: 17) وهو الروح المحييّ (حز 37: 1 ـ 14).
"لأن لستم أنتم المُتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكُم "(مت 10: 20)، ويقول "القديس ديديموس" الذي دعته الكنيسة بلاهوتي الروح القدس: " كل من يتصل بالروح القدس ففي نفس اللحظة هو يتقابل مع الآب والابن، وكل من يشترك في مجد الآب فإن هذا المجد في الواقع هو ممنوح له من الابن بالروح القدس" (96).
"ثم بما أنكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا: يا أبا الآب" (غل 4: 6) " إن كان أحد ليس له روح المسيح، فذلك ليس له "(رو 8: 9) وقـال "الأنبـا ساويرس أسقف الأشمونين" في القرن العاشر الميلادي: "روح الآب هو روح الابن، وعلمنا ذلك من قول "ربنا يسوع" لتلاميذه: أمضوا وتلمذوا كل الأمم وعمدوهم بِاسم الآب والابن والروح القدس، ولم يقل الروحين القدوسين. بل قال والروح القدس. حقق أن الآب والابن ليس لهما روحان ليكونا مختلفان كاختلاف الآب والابن المخلوقين (من البشر) بل لهما روح واحد، وهو الروح القدس، وهو روح الآب، وهو روح الابن، وهو حياة للآب وهو حياة للابن" (97).
"ومتى جاء المعزِّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق، الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي "(يو 15: 26) "وأمَّا متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكُم إلى جميع الحق"(يو 16: 13) والابن هو الحق (يو 8: 32) والروح القدس هو روح الحق، روح الابن، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويقول "القديس أمبروسيوس": "الروح يُدعَى الحق مثل الابن كما هو مكتوب في رسالة يوحنا الرسول "والروح هو الحق"(1يو5: 6) وهو لا يُدعى فقط روح الحق بل الحق نفسه تمامًا مثل الابن يُدعى الحق كما قال هو: "أنا هو الطريق والحق والحياة"(يو 14: 6) (98).
ففي نبوة إشعياء يصف الروح القدس بسبعة أوصاف "ويخرج قضيب من جذع يسى، وينبت غصن من أصوله، ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب"(إش 11: 1، 2) وقال "المرنم": "روحك الصَّالح يهديني في أرضٍ مستويةٍ" (مز 143: 10).
وكلمة باراقليط تتكون من مقطعين هما "بارا" وتعني الملازمة، و"قليطوس" وتعني الدعوة للمعونة، فكلمة باراقليط تعني أولًا الشفيع أو المحامي، وفي الفرنسية أفوكات "الروح نفسه يشفع فينا بآنـَّاتٍ لا يُنطق بها "(رو 8: 26)، وثانيًا تعني باراقليط المعزي والمريح "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزّيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يو 14: 16) ويُعلّق "القديس أمبروسيوس" على دعوة كل من الآب والابن والروح القدس بالمعزي فيقول: "وهذا يعلمنا أنه لا يوجد انقسام بين الآب والابن والروح القدس الباراقليط لأن للكل اسمًا واحدًا هو اسم الله. ويمكننا أن نلاحظ أنه لنفس السبب دُعِيَ الابن "الباراقليط" مثل الروح القدس، وعن هذا قال الرب يسوع نفسه في الإنجيل (يو14: 16) وقال: "معزيًا آخر" لئلا نفهم أن الروح القدس هو الابن، لأن وحدانية الآب والابن والروح القدس ليست في الأقنوم ـ حسب فوضى سابليوس ـ بل في الاسم أي في الجوهر الإلهي، وهكذا الابن باراقليط والروح القـدس باراقليط آخر... واحد هو الابن والروح القدس. واحد هو اسم الثالوث، وواحد هو حضوره غير المنقسم" (99).
قال "الكتاب المقدس": "إلهنا نارٌ آكلةٌ "(عب 12: 29) وظهر في العليقة وتكلم من داخل النار، ويقول "القديس أمبروسيوس": " قوة اللاهوت تظهر تحت ثلاث مظاهر هيَ النور والنار والقداسة، ومن طبيعة اللاهوت أن يقدس وأن يُعطي استنارة وهيَ صفة النور والنار معًا، والظهور الإلهي يتم دائمًا بشكل نار "إلهنا نارٌ آكلةٌ" كما أعلن موسى (تث 4: 24) وهو الذي رأى النار مشتعلة في العليقة، وسمع الرب يتكلم من وسط اللهيب قائلًا: " أنا الرب إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب "(خر 3: 15) وكان الصوت يأتي من النار المحيطة بالعليقة دون أن تحترق العليقة رغم أنها كانت مشتعلة، وبهذا السر أعلن لنا الرب أنه جاء لكي يسكب النور والنار على أشـواك الجسـد، وأنـه لـم يحـرق الخطـاة بل ينير الخطاة، وأنه سـوف يعمـد بالروح القدس ونار (مت 3: 11) فيعطينا النعمة ويحرق خطايانا فقط" (100).
"ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح، وقد مسحنا، هو الله الذي ختمنا أيضًا، وأعطى عربون الروح في قلوبنا "(2 كو1: 21، 22) " الذي فيه أيضًا إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس "(أف 1: 13)، وفي رد "البابا أثناسيوس" على جماعة المتقلبين الذين أنكروا ألوهية الروح القدس يقول: "وإن كان الروح القدس هو المسحة والختم به يمسح الكلمة ويختم كل الأشياء، فأي شبه أو علاقة يمكن أن تكون بين المسحة والختم وبين الأشياء التي تُمسح وتختم؟.. فالختم لا يمكن أن يكون ضمن الأشياء التي تختم، والمسحة لا يمكن أن تكون ضمن الأشياء التي تُمسح" (سيرابيون1: 23) (101).
وقال "أنبا مقار الكبير": "النفس التي لا يكون مطبوعًا عليها صورة الروح القدس السمائي بالنور الذي لا يوصف فإنها لا تليق بالأمجاد السماوية، لأن الذي دُعِي إلى الوليمة وليس عليه لُباس العرس طُرد خارجًا لأنه لم يكن حاملًا للصورة السمائية، لأن هذه هيَ علامة الرب وختمه المختوم في النفس. أي الروح القدس بنوره غير الموصوف" (العظة 30 ص 232).
_____
(94) رسائل أثناسيوس الرسولي عن الروح القدس ـ تعريب القمص مرقس داود ص 59.
(95) الباراقليط الروح القدس في حياة الناس ص 5.
(96) الأسرة المسيحية والقراءات الكنسية ـ كنيسة ودير العذراء المعادي ص 591.
(97) الرسالة الأولى ـ التوحيد في النصرانية ص 10.
(98) الروح القدس في كتابات الآباء جـ 2 ص 17.
(99) الروح القدس في كتابات الآباء جـ 2 ص 16، 17.
(100) الروح القدس في كتابات الآباء جـ 2 ص 18.
(101) رسائل أثناسيوس الرسولي عن الروح القدس ـ تعريب القمص مرقس داود ص 69، 70.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/trinity-and-unity/holy-spirit-titles.html
تقصير الرابط:
tak.la/3byfkj7