الفصل الأربعون: تحضير الأرواح
دعنا يا صديقي نناقش في هذا الموضوع الأمور الآتية:
أولًا: مذهب تحضير الأرواح بين الماضي والحاضر.
ثانيًا: علاقة تحضير الأرواح ببعض الأمور الأخرى.
ثالثًا: جلسات تحضير الأرواح.
رابعًا: رأي الكنيسة في تحضير الأرواح.
مذهب تحضير الأرواح ومخاطبتها Spiritualism أو Spiritsm موضوع شيطاني قديم منذ أيام قدماء المصريين والكلدانيين والأشوريين، ويقول " فسك ".. " أن الاتصال بأرواح الموتى كان من أولى العبادات التي عرفها أجدادنا على اختلاف أجناسهم التي عاشت في أفريقيا وآسيا والصين واليابان وأوربا وهنود أمريكا " (275) ويقول " آلين " في " تاريخ المدينة " " أن القبائل المتوحشة في كل العالم ذات إلمام بالنفس الإنسانية وعلم الروح والخلود بوجه عام " (276).
وقد حذر الكتاب المقدس من موضوع تحضير الأرواح مثلما حذر من أعمال العرافة والأعمال الشيطانية الأخرى فقال: " متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من يُجيز ابنه أو ابنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر. ولا من يرقى رُقية ولا من يسأل جانًا أو تابعه ولا من يستشير الموتى " (تث 18: 9 – 12). " وإذا قالوا لكم أطلبوا إلى أصحاب التوابع والعرَّافين المشقشقين والهامسين. ألا يسأل شعب إلهه. أيسأل الموتى لأجل الأحياء. إلى الشريعة وإلى الشهادة. إن لم يقولوا مثل هذا فليس لهم فجر " (أش 8: 19، 20).
وقد يقول البعض إن الكتاب المقدَّس عندما نهى عن استشارة الموتى، فمعنى هذا أن هناك إمكانية لاستشارة الموتى، والحقيقة أنه لا توجد أي إمكانية على الإطلاق لاستشارة أرواح الموتى، لأن هذه الأرواح تحت السلطة الإلهية، ولكن الله أراد أن يحذر شعبه مما هو كان اعتقادًا سائدًا كاذبًا، ومما يثبت استحالة تحضر أرواح الموتى ما يلي:
1- هذه الأرواح تحت سلطان الله وحده، كقول الكتاب " إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت. فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن " (رو 14: 8).
2- في مثل الغني واليعازر، عندما طلب الغني من إبراهيم أن يُرسل اليعازر إلى إخوته حتى لا يأتوا إلى موضع العذاب قال له إبراهيم " عندهم موسى والأنبياء. ليسمعوا منهم " (لو 16: 29).
3- لو كان لأرواح الموتى الحديث عن العالم الآخر، لحدثتنا ابنة يايرس ولحدثنا إبن أرملة نايين واليعازر عن أحوال العالم الآخر، ولكن هذا لم يحدث.
4- لو كان هناك إمكانية لمعرفتنا بأحوال العالم الآخر لأخبرنا بولس الرسول بما رأى وشاهد عند صعوده إلى السماء الثالثة. ولكنه " سمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها " (2كو 12: 4).
5- حذرنا الكتاب من قبول أي شيء مخالف للذي آمنا به " ولكن إن بشَّرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما " (غل 1: 8) ولم يبشرنا الآباء الرسل بأي إمكانية لتحضير أرواح الموتى.
6- علمنا الكتاب المقدَّس أن الشيطان ماكر ومخادع هو وأعوانه من الملائكة الساقطين أو من البشر الضالين " مثال هؤلاء هم رسل كذبة وفعلة ماكرون يغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح. ولا عجب إن الشيطان نفسه يُغيّر شكله إلى شبه ملاك نور " (2كو 11: 13، 14) لذلك ليس هناك شكًا أن الشيطان هو الذي يقلد أصوات الموتى، ولو لاحظ بعض أقربائه أن الصوت مختلف لاحتجوا بأن الصوت قادم من أعماق الهاوية ولذلك فهو مختلف.
ومن أجل انتشار هذا الانحراف الشيطاني منذ القديم، لذلك ذهب شاول إلى العرافة لتحضّر له روح صموئيل النبي لكيما يستشيره في الحرب مع الفلسطينيين ولطالما تساءل الكثيرون: هل الروح التي حضرت للعرافة هي روح صموئيل النبي أم أنها روح شيطانية تقمصت شخصية صموئيل النبي، وأصحاب الرأي الأول بأن الروح التي حضرت هي روح صموئيل النبي يعتمدون على الحجج الآتية:
1- إن روح صموئيل النبي حضرت قبل أن تقوم العرافة بأي طقس لتحضيرها. بمجرد أن طلب شاول من العرافة أن تحضر روح صموئيل النبي، رأت العرافة على الفور صموئيل النبي صاعدًا بمجد، وليس مثل سائر الأرواح الشيطانية التي اعتادت تحضيرها، وأدركت أنها أمام شاول الملك فانزعجت انزعاجًا مضاعفًا بسبب رؤيتها لصموئيل النبي وبسبب إدراكها أنها أمام شاول الذي حرم العرافة في أرض إسرائيل... " فقالت المرأة من أُصعد لك. فقال اصعدي لي صموئيل. فلما رأت المرأة صموئيل صرخت بصوت عظيم وكلَّمت المرأة شاول قائلة لماذا خدعتني وأنت شاول. فقال لها الملك لا تخافي. فماذا رأيت. فقالت المرأة لشاول رأيت آلهة يصعدون من الأرض. فقال لها ما هي صورته. فقالت رجل شيخ صاعد وهو مغطى بجبة. فعلم شاول أنه صموئيل فخرَّ على وجهه إلى الأرض وسجد " (1صم 28: 11 – 14).. لقد ظهرت روح صموئيل النبي بأمر إلهي لضبط شاول متلبسًا بكسر الوصية وارتكاب جريمة التجائه للعرافة.
2- المرأة لم تعرف الروح التي حضرت إليها من ذاتها... روح من هي؟ ولذلك قالت عنها أنها آلهة، وعندما وصفتها لشاول عرف شاول أنها روح صموئيل النبي، فلو كانت هذه المرأة العرافة هي التي حضَّرت روح صموئيل النبي لعرفت روح من هي.
3- قال صموئيل لشاول " لماذا أقلقتني بإصعادك إياي " (1صم 28: 15) وليس معنى هذا أنه كان لشاول سلطة إصعاد روح صموئيل. إنما هو السبب الذي لأجله سمح الله وأرسل روح صموئيل للقاء شاول وإخباره بنهايته المأساوية.
4- بينما نجد أن جميع الأرواح التي يحضرها أصحاب هذا المذهب تكون في حالة فرح وسرور وبهجة في لقائها مع الجهلاء، فإن صموئيل النبي لم يسر بهذا الأمر. بل بكت شاول "لماذا أقلقتني بإصعادك إياي؟".
5- نال شاول عقوبة إلتجائه إلى العرافة بأنه قُتل في اليوم التالي " فمات شاول بخيانته التي بها خان الرب من أجل كلام الرب الذي لم يحفظه. وأيضًا لأجل طلبه إلى الجان للسؤال. ولم يسأل من الرب فأماته وحوَّل المملكة إلى داود إبن يسى " (1 أخ 10: 13، 14).
أما الرأي الثاني القائل بأن الروح التي حضرت ليست هي روح صموئيل النبي فيؤكد أن شاول سأل الرب بالطرق المشروعة من قبل، ورفض الله أن يجيبه بسبب قلبه المعوج " فسأل شاول من الرب فلم يجبه الرب لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء " (1صم 28: 6) فكيف يجيبه الرب بطرق غير مشروعة سبق ونهى عنها؟!! ويشرح قداسة البابا شنودة الثالث هذا الرأي قائلًا " السؤال هنا: هل يكسر الله وصيته، وهل يقيم عثرة للشعب بأن يسمح لصموئيل أن يظهر في محاولة للجان أن يظهروه؟!
أي... هل يمكن أن مشيئة الله تكسر وصيته، ويستخدم صموئيل في تنفيذ عمل (الجان) بينما قال الله الذي يستخدم الجان يقطع من شعبه ويتنجس ويقتل بالحجارة؟!
ثم هل صموئيل قد حضر بأمر من الله، أم حضر من ذاته، أم حضر بواسطة العرافة؟!
أيضًا هل للمرأة أو (للجان) سلطان على أرواح الأنبياء؟! والكتاب يقول " أرواح الأنبياء تخضع للأنبياء " (1كو 14: 32).
وهل ممكن أن صموئيل يحضر من ذاته بدون أمر من الله؟! أو هل يحضر مُجبَرًا؟ كما أن صموئيل منع هذا الأمر.
ثم أيضًا هل يرسل الله نبيًا لشاول وقد منع الله عن شاول الأنبياء وحتى الأعلام والأوريم!! وروح الرب قد فارق شاول وبغته روح رديء من قبل الرب (1صم 16: 14) بل إن ربنا قال لصموئيل من قبل مسح داود ملكًا " لماذا تنوح على شاول وأنا قد رفضته؟! " فمنعه حتى من البكاء على شاول.
لأنه فعلًا هذه القصة مازالت عند البعض عثرة ممكن أن ينذره بصوت عالٍ عن طريق واحد يذهب له ويقول له بدون أن يستخدم هذه الوصية بالذات في بيت عرافة!!
ثم أيضا هذا الإنذار كان قد وصله من قبل في (1صم 15: 23 – 29) " لأنك رفضت كلام الرب فرفضك من الملك. فقال شاول لصموئيل أخطأت لأني تعديت قول الرب. قال صموئيل لا أرجع معك لأنك رفضت كلام الرب فرفضك الرب من أن تكون ملكًا على إسرائيل. ودار صموئيل يمضي فأمسك شاول بذيل جبته، فتمزق فقال له صموئيل يمزق الرب مملكة إسرائيل عنك اليوم، ويعطيها لصاحبك الذي هو خير منك ".
فالكلام الذي نسب إلى صموئيل أنه قال لشاول ليس نبوءة لأنه قيل قبل ذلك في (1صم 15: 28) " يمزق الرب مملكة إسرائيل عنك اليوم ويعطيها لصاحبك الذي هو خير منك ".
الأمر المُحيّر هو الكلام الذي قيل، وكيف يكون هذا الكلام كلام صموئيل. يقول (1صم 28: 19) " ويدفع الرب إسرائيل أيضًا معك ليد الفلسطينيين ".
كيف يكون روح شاول مع روح صموئيل؟! هذا أمر مستحيل. إن شاول الذي رفضه الرب وبغته روح رديء من قبل الرب (1صم 16: 14) أن يكون مع صموئيل النبي العظيم!! من المعقول أن يقال إن شاول وابنه سيموتان، ولكن ليس معقولًا أن يقول صموئيل لشاول " وغدًا أنت وبنوك تكونون معي " (1صم 28: 19)!! بل حتى روح شاول لا يمكن أن تكون مع روح ابنه يوناثان.
دليلنا في ذلك قول أبينا إبراهيم لغني لعازر " وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون إلينا " (لو 16: 26).
أيضًا لم يستخدم الله هذه الطريقة من قبل، أي أنه يرسل رسالة أو إنذارًا لأحد من الناس عن طريق (الجان) أو تحضير الأرواح أو استشارة الموتى، الأمر الذي سبق فمنعه من قبل.
كذلك فإن عبارة " لكي يضبطه متلبسًا " عبارة غير مقبولة.
فهل يحتاج الله إلى ذلك! الله الكلي المعرفة، الذي يعرف كل شيء... يعرف كيف أن شاول طلب هذه العرَّافة، وسألها أن تحضر له روح صموئيل، ووعدها ألاَّ يصيبها ضرر من ذلك، والله أصغى وسمع، وكتب أمامه سفر تذكرة (ملا 3: 16)..
فلماذا إذًا كان ذلك الاستثناء؟ وما الداعي إليه؟!
وهل يحدث هذا الاستثناء في أمر خطير وصفه الرب بأنه رجس ونجاسة وأنه مكروه عند الرب، وبسببه طرد الأمم!! (تث 18: 9 – 12).
ثم ما معنى أن يقول صموئيل لشاول " لماذا أقلقتني بإصعادك إياي " (1صم 28: 15).
هل يستطيع شاول المرفوض من الله أن يقلق صموئيل النبي العظيم؟! وهل يستطيع إصعاده من حي هو؟!
ولو كان صموئيل النبي مرسلًا من الله لضبط شاول في استخدامه العرافة، (الجان) فهل يعقل – وهو مرسل من الله – أن يقول لشاول " لماذا أقلقتني " وأن يقول " إصعادك إياي "!!
عبارة " إصعادك إياي " تعني أن شاول هو الذي أصعده، وليس أن الله هو الذي أرسله!! إلا لو كانت مشيئة الله منطبقة على مشيئة شاول وحاشا أن يكوه هذا.
بل تدل أيضًا على أنه كان متذمرًا على ذلك الوضع، وطبعًا لا يمكن أن يتذمر إن كان الله قد أرسله إلى شاول كما أنه لو كان قد جاء من تلقاء نفسه ما كان يقول لماذا أقلقتني...
وهنا نضع أمامنا بعض ملاحظات مهمة وهي:
1- المرأة العرافة لم تقل إنه صموئيل، لم تذكر هذا الاسم، وصموئيل النبي كان شخصية معروفة جدًا ومشهورة وقتذاك... بل قالت المرأة: " رجل شيخ صاعد وهو مغطى بجبة " وهذا الوصف ينطبق على مئات من الناس.
2- لو كانت المرأة تحضر روح صموئيل، ثم رأت صموئيل، لكانت تفرح بنجاح مهمتها لكنها " صرخت بصوت عظيم " (1صم 28: 12) حتى أن شاول قال لها " لا تخافي. ماذا رأيت؟".
3- قالت المرأة: " رأيت آلهة يصعدون من الأرض " (1صم 28: 13).
وعبارة (آلهة) تعني أنها رأت كثيرين وقد قيلت عبارة (آلهة) عن آلهة الأمم " لأن كل آلهة الأمم شياطين " (مز 96: 5) وقيل عن الشيطان أنه " إله هذا الدهر " (2كو 4: 4) واستخدم الكتاب تعبير آلهة أيضًا في (مز 82: 1، 6).
بل قيل إنه عندما قالت المرأة " أرى آلهة يصعدون من الأرض " سأل شاول " ما هي صورته؟ " فلما وصفته وقع على وجهه إلى الأرض وسجد. لأن صموئيل بالنسبة إلى شاول هو شخص مهاب. شاول استنتج من وصف المرأة أنه صموئيل، وسجد إلى الأرض دون أن يراه وسمع ولم يرَ.
لا الصاعد من الأرض قال إنه صموئيل. ولا العرافة قالت إنه صموئيل. إنما شاول فقط استنتج أنه صموئيل دون أن يراه.
حتى إن كان الذي ظهر له شكل صموئيل، نقول:
" إن الشيطان يمكن أن يغير شكله إلى شبه ملاك نور " (2كو 11: 14) وليس فقط إلى شكل صموئيل.
أما عبارة "قال صموئيل" وأمثالها فلا تدل على أنه صموئيل النبي، وإنما ما ظنوه أنه صموئيل...
والكتاب المقدس يستخدم هذه الأسالبي، بأن يسمي الناس حسب معتقداتهم ومن أمثلة ذلك:
* فقد قال الرب " إن قام في وسطك نبي أو حالم حلمًا، وأعطاك أية أو أعجوبة، ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلًا: لنذهب وراء آلهة أخرى لا تعرفها فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم. لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم... " (تث 13: 1 – 3).
هنا سماه الرب نبيًا، مع أنه ليس نبيًا بل يدعو لإتباع آلهة أخرى، ولكنه استخدم التعبير المألوف.
* في حديث إيليا النبي متحديًا أنبياء البعل أن يصلوا لإلههم قال لهم " أدعوا بصوت عال لأنه إله لعله مستغرق أو في خلوة أو في سفره أو لعله نائم فيستيقظ " (1مل 18: 27).
فاستخدم إيليا النبي تعبير (إله) مع أنه يتحدث عن صنم للأمم.
كيف يقول عنه صموئيل النبي العظيم، إنه أتى صاعدًا من الأرض؟! إنه تعبير لا يليق بكرامة الأنبياء..!
فلو كان الله يريد أن يظهر صموئيل ليبكت شاول، أو ليحمل له إنذارًا، ما كان أسهل أن يجعله يظهر بأسلوب أكثر وقارًا، وليس صاعدًا من الأرض، الأمر المحاط بالريبة والشك!
وهل من المعقول أن يرسل الله رسالة إلى شاول المرفوض؟!
حيث لم تكن هناك صلة ولا شركة بين الله وشاول بل كانت هناك خصومة، وقد رفضه الله، ونزع روحه منه، وبغته روح رديء من قبل الرب (1صم 16: 14) ورفض الله أن يجيبه لا بالأحلام ولا بالأوريم ولا بالأنبياء (1 صم 28: 6) وكان شاول يعرف ذلك جيدًا، وقد قاله (1 صم 28: 15).
فما معنى أن يعود الله ليكلمه؟! وعن طريق العرافة و(الجان)!!
وما كان شاول يستجيب لشيء من كلام الله إليه، فالكلام معه لا يفيد، هذا الذي "اسلمه الله إلى ذهن مرفوض" (رو 1: 28).
في رأيي – وهو مجرد رأي خاص...
أن الذي ظهر لشاول لم يكن هو صموئيل النبي... مجرد رأي...
ومع ذلك حتى لو كان الذي ظهر هو صموئيل، فلا يكون ذلك عن طريق العرافة، وإنما خلال تلك المناسبة. لأن تلك المرأة نفسها لم تقل إنها أصعدت صموئيل.
ففي تلك الأيام – وقبل الفداء، وقبل تقييد الشيطان – كان يوصف الشيطان بأنه رئيس هذا العالم (يو 14: 30).
أما في العهد الجديد، فليس الأمر هكذا، هذا الذي أعطينا فيه سلطانًا على قوة العدو (لو 10: 19) وسلطانًا لإخراج الشياطين (مت 10: 1، 8).
فلا تؤخذ حادثة في العهد القديم –أيا كان تفسيرها– لكي تطبق في العهد الجديد، لتعطي مثالًا عن تحضير أرواح الأنبياء!!
والذي يؤمن بتحضير روح نبي وبالعرافة و(الجن) سيؤمن بعد ذلك بتحضير أي روح!! وسيؤمن بالعرافة و(الجن) وسلطان الشر!! حاشا " (277)
وهكذا انتشر مذهب تحضير الأرواح من جيل إلى جيل، ولكن في منتصف القرن التاسع عشر زاد انتشار هذا المذهب، والفضل يرجع في هذا إلى عائلة فوكس، فقد عاش مستر فوكس Fox مع زوجته وابنتيه مارجريت وكيتي في كوخ خشبي في هايدسفيل Hydesville بأمريكا، حيث كان ينام الجميع في حجرة نوم واحدة، وفي إحدى ليالي شهر مارس 1848م أخذت مارجريت وكيتي يلهيان بطرقعة أصابع أقدامهن، وإدعين أن بقال قد قُتل ودفنت جثته في هذا البيت، وروحه هي التي تقوم بالطرقات، وخدعوا جيرانهن، وادَّعوا أن هذه الروح تستطيع أن تتفاهم معهم عن طريق الطرقات، وكلما ذهبت مارجريت وكيتي إلى بيت أحد يتبعن ذات الوسيلة في خدعة الناس، فيطرقعن أصابع أقدامهن أو ركبهنَّ، وبهذا شدوا انتباه الكثيرين، حتى إن بعض رجال المجتمع البارزين سقطوا في حبائلهن مثل القاضي " جون أوموندر " ويقول ايريل كينز " وقد بدأت الحركة الروحانية في أمريكا في تلك الفترة. ففي عام 1848 م سمعت كيت وماركريت فوكس أصواتًا وطرقات غريبة في غرفة نومهما في هايدسفيل في نيويورك. وقد اعترفت كل منهما بعد ذلك بسنوات بأن هذه الأصوات لم تكن سوى نتيجة لمزحة صبيانية. ولكنهما صارا إبان ليلة وضحاها أصحاب بدعة مبهرة جذبت أتباعًا عديدين نظموا أنفسهم فيما بعد فيما أسموه {كنيسة الوسطاء الروحانيين} وكان هؤلاء الوسطاء الروحانيين يدَّعون القدرة على الاتصال بأرواح الأشخاص الذين ماتوا. وقد وجدت هذه الدعاوي قبولًا كبيرًا بين أولئك الذين فقدوا أحباءهم بالموت، ولقيت رواجًا هائلًا عقب الخسائر البشرية الكبيرة للحرب. وكان من بين الأتباع الذين قبلوا الروحانية باعتبارها دينًا أصيلًا بعض الشخصيات المرموقة " (278)
وادَّعت مرجريت أنها تتلقى رسائل من هذه الأرواح التي تقوم بتحضيرها، ففي سنة 1848م أعلنت الرسالة الأولى والتي جاء فيها " أصدقائي الأعزاء عليكم أن تعلنوا هذه الحقائق العجيبة للعالم، فهذا فجر عصر جديد الله يكون معكم، والأرواح الخيرّة سوف تحميكم وتحفظكم " وانحرفت مارجريت في الفسق وإدمان الخمور، وفي سنة 1851م تكونت لجنة في جامعة بافلو Buffalo كشفت الحقيقة وكذب وخدعة الأختين، وبعد أن شعرت مارجريت بتوبيخ الضمير راحت تجوب مدن الولايات المتحدة تعترف بذنبها، وتعلم الناس فرقعة أصابع القدمين، ولكنها عادت وأبكرت ذلك، وبعد نحو أربعين سنة من هذا الخدعة وتدخل الأرواح الشيطانية، اعترفت مارجريت قائلة " إنني هنا الليلة كواحدة من مؤسسي حركة تحضير الأرواح (في أمريكا) لكنني أُعلن رسميًا أن هذه الحركة حركة مُضلّلة تمامًا... لقد كانت أكبر سلوك شرير يدل على عدم احترام المقدَّسات التي عرفها العالم، وكثيرون من المترددين على هذه الجلسات يصابون بالاضطرابات العقلية ".
وفي منتصف القرن التاسع عشر انتقل موضوع تحضير الأرواح من أمريكا إلى أوربا، وأصبح موضة العصر، وفي القرن العشرين انتشر هذا المذهب، ولاسيما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، عندما كان يسعى الكثيرون للقاء أرواح ذويهم وأحبائهم من الذين ماتوا في الحرب، وأخذ هذا المذهب يزداد انتشارًا إلى أن أصبح دينًا جديدًا تأسس على يد مسز إيما هاردنجز بريتن Mrs. Emma Hardings Britten (1833 م – 1899م) والتي اشتغلت بتحضير الأرواح منذ سنة 1856م، وازدادت شهرتها عندما أعلنت أن الأرواح أخبرتها أن قارب بريد تجاري قد غرق، وتحقق قولها فيما بعد (وهذا ليس بالأمر الغريب لأن الشيطان قادر على الانتقال من مكان إلى آخر في لمح البصر، وبالتالي يستطيع أن ينقل الأخبار بأسرع مما تصل إلينا) وفي سنة 1887م أسست مسز إيما هاردنجز صحيفة روحية قوية باسم " العالمان " The Two Worlds ورأست تحريرها لمدة خمس سنوات، وظل إصدار الصحيفة مستمرًا حتى سنة 1975م (راجع الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 13/6/1975م).
وفي سنة 1890م أسَّست مسز إيما هاردنجز أول منظمة بريطانية لتحضير الأرواح بإسم " الإتحاد الفدرالي القومي للمشتغلين بتحضير الأرواح " ووضعت مبادئ هذا المذهب الشيطاني مدَّعية أن روح " روبرت أوين " Robert Owen رائد الإشتراكية البريطانية هي التي أملتها هذه المبادئ، والتي تتلخص في الآتي:
1- أبوة الله.
2- أخوة الإنسان.
3- كهنوت الملائكة (الأرواح البشرية الرقيقة).
4- الثواب والعقاب في الآخرة (بصورة مبتكرة).
5- دوام واستمرارية وجود الروح البشرية.
6- مشاركة كل من الأحياء والأموات في العشاء الرباني.
7- انفتاح باب الترقي للأرواح بعد الموت.
ويومًا فيومًا استقرت هذه المبادئ للدين الجديد وصار له كتابه " التوراة الروحانية " وطقوسه وكنائسه وتبلورت هذه المبادئ فيما يلي:
1- الرسل والأنبياء والرب يسوع لم يخرجوا عن كونهم وسطاء روحيين.
2- رفض عقيدة ألوهية المسيح وصلبه وفداءه.
3- باب التوبة مازال مفتوحًا أمام الذين ماتوا، مثلهم مثل الأحياء، فأرواح الأشرار لها إمكانية التوبة بعد موت أصحابها، ويمكنها أن ترتقي إلى مصاف الأبرار.
4- الملائكة والشياطين هم أرواح بشر صالحين وأشرار، ولذلك نجد فيهم الذكور والإناث، ويتزاوجون، وينجبون واعتبروا أن الملائكة مرحلة متقدمة متطورة لأرواح البشر، والشياطين مرحلة متأخرة أو شريرة للروح البشرية، ودعوا هذا الأمر بقانون التطور فقالوا أن الأرواح ترتقي من خلال عدد المرات التي تجسدت فيها (فهم يؤمنون بتناسخ الأرواح) حتى تصل إلى طغمة الأرواح المرشدة، وهذه الأرواح تمثل الملائكة الذين يساعدون الأرواح الجاهلة أو الشريرة في التحرر من الشرور، وأعلى طغمة من هذه الأرواح البشرية هي طغمة الشيروبيم والسيرافيم، ورئيسها يُدعى الشجرة الفضية Silver Birch وهو من الهنود الحمر الأمريكيين، وهو يقول "حاولوا أن تتذكروا دائمًا أنهم جميعًا كائنات بشرية حقيقية وأنهم لا يكفون عن التفكير فيكم والاهتمام بأمركم، وإن كانوا لا يحادثونكم إذ لا تستطيعون سماعهم. ولكنهم هنا معكم وكل منهم يجاهد ليعمل أعظم ما يمكنه لمساعدتكم... إنهم أقرب إليكم مما تتصورون وهم يعلمون أسراركم وأمانيكم المكتوبة في عقولكم، ويتعاطفون معكم في أمالكم ورغباتكم وفي مخادعكم، ويسارعون لإسداء النصح إليكم وإرشادكم ومدكم بالعون... إنهم ليسوا كائنات غامضة وفدت من وراء الظلال أو من السدوم والنجوم إنما هم رجال ونساء حقيقيون يحبونكم، وهم في الواقع أقرب إليكم من كل وقت مضى! " (كتاب سفير الأرواح العليا ص 141، 142) (279).
أما أرواح القتلة وعتاة المجرمين فإنها تعجز عن التخلص من آثار جريمتها فتعمد على الإضرار بالأحياء من البشر عن طريق المس والاستحواذ، فالمس كما يقول "د. جيمس هايسلوب" في كتابه " الحياة بعد الموت " أنه تأثير خارق للعادة تؤثر به شخصية واعية خارجية في عقل وجسد شخص موفور الحساسية " (280) وإذا نجحت الروح الشريرة في تكرار المس قد تصل إلى الاستحواذ على هذا الشخص أي الاستيلاء التام عليه والتلاعب بأفكاره وعواطفه، وتفقده القدرة على التمييز والإدراك فيصل إلى مرحلة الجنون، والذين يتعرضون لهذا الاستحواذ من الأرواح الشريرة هم في الغالب من ذوي الشخصيات الضعيفة، وأحيانًا تتدخل الأرواح المرشدة (الملائكة) فتقنع الأرواح الشريرة (الشياطين) بالكف عن إيذاء الناس، وتقنعها أيضًا بترك الإنسان الذي تسكنه، وتظل الأرواح الخيرّة تتعهد الأرواح الشريرة بالرعاية والتعليم، وبذلك تخلصها من " جحيم نفسها " وتصل بها إلى مرحلة الفردوس.
5- لا يعتقد أصحاب مذهب تحضير الأرواح بأن الله قد حدد يومًا للقيامة العامة والدينونة. إنما يعتقدون أن القيامة تتم على المستوى الشخصي فقط عندما يترك الجسد الأثيري أو الكوكبي أو النجمي الجسد الترابي أو الأرضي، وكل من الأشرار والأبرار سينعمون بقيامة أفضل تشبه جمال الفراشة التي تخرج من الشرنقة، فيقولون " حين اختلف البحاث النظريون (يقصد اللاهوتيون) في شأن ميعاد قيامة الأموات وظروفها وطريقتها، إذ بالبحاث العلميين في الروح (يقصد المشتغلين بتحضر الأرواح) يثبتون أن هذه القيامة تكون في لحظة الوفاة، بل وأثناء الاحتضار، فهي ميلاد ثان هناك يتم بمجرد تمام انسلاخ الجسد الأثيري – حاملًا شعلة العقل – من الجسد المادي، فهو أشبه ما يكون بميلاد فراشة جميلة، وظيفتها أن تُحلّق في الفضاء بين الزهور عندما ينسلخ من جسم شرنقة قبيحة وظيفتها أن تزحف في التراب في الجحور " (كتاب الإنسان روح لا جسد جـ 2 ص 841) (281).
ويقول آخر " أن أبناء القرن العشرين لا يقبلون نظريات الإيمان بحادث وقع منذ 2000 عام، ليستنتجوا منه حقيقة الحياة في عالم آخر، ولكنهم يطالبون بالبرهان العلمي الملموس على أن أحباءهم لم يتلاشوا بتلاشي أجسادهم، فالكنيسة لا تعترف بقيامة الأموات، ولكي تتخلص من ورطتها رهنته بيوم مجهول سمته يوم القيامة، وحيث أنها لا تعترف بقيامة الأموات إذًا فالمسيح لم يقم، وعلى هذا تكون كرازة رجالها باطلة، وباطل إيمانهم!! " (قصتي مع الروحية ص 184) (282).
6- ينكر أصحاب مذهب تحضير الأرواح عصمة الكتاب المقدَّس، فيقول أحدهم " إلى متى يستمر هؤلاء المسيحيون في الدفاع عن القديم وعبادته، ومتى يتعلمون الاعتماد على النفس فينصرفون عن رجل الدين، الذي يدافع عن معتقداته وعن مصالحه الذاتية (أكل العيش) فيقرون بأنفسهم هذا الكتاب ويضعونه في مكانه اللائق بدل من التعصب لكل كلمة فيه كما لو كانت ملهمة من خالق الكون! أو كما يقول أحد رجال اللاهوت { إن كل آية فيه آية }.. ألم يحن الوقت ليتحرروا من عقائد بالية تنسب العصمة للكتاب والكنيسة " (قصتي مع الروحية ص 178) (283).
7- ولهذا المذهب أو الدين مجموعة ضخمة من بعض التعاليم التي تؤلف الآن كتابًا مستعملًا في كنائسهم، ومتداولًا بين أيديهم، وهو معروف باسم " التوراة الروحانية " The Spiritualistic Bible ويقولون عنها أنها عبارة عن هواطل روحانية كانت تنزل عن طريق الأرواح التي تلبس ذراع أحد كهنتهم المُسمى القس " وليم ستنتين موسى " Rev. William Stainton Moses (1839 – 1892م) فراح يكتب بطريقة تلقائية Automatic Writing ما تريد هذه الأرواح تبليغه لأتباع هذا الدين من إرشادات وأصول عقائدية وطقسية.
8- اختار أصحاب هذا المذهب أسماء رنانة لمقارهم مثل " المحفل المسيحي للنسر العظيم " و" مركز المثلث الذهبي للعلاج والشفاء "، و" محراب الجناح الفضي لوسائل العلاج "، و" محراب النسر الذهبي للتداوي "، وتزيد كنائسهم في إنجلترا وحدها عن خمسمائة كنيسة، ولهم القسوس الذين يقومون بمراسم الزواج والوفاة، بالإضافة إلى عدد آخر من قسوس هذا الدين من المعينين بالقوات المسلحة البريطانية برية وبحرية وجوية (راجع مجلة الكرازة 13/6/1975م).
9- رغم إن أصحاب مذهب تحضير الأرواح ينكرون ألوهية المسيح، فإن بعض كنائسهم وهي "كنائس الروحية المسيحية" تستخدم الصليب، ويعلقون بعض الصور المسيحية على الجدران كوسيلة لخدعة البسطاء. أما عن طقوسهم فإنها غالبًا ما تشمل على الصلاة والترانيم والعظة والخطبة، فيبدأ الاجتماع بصلاة فردية مرتجلة ثم ترنيمة جماعية تتفق كلماتها مع مذهبهم ومبادئهم، ثم تُلقى العظة ويتبعها ترنيمة ثانية وصلاة ثانية. ثم خطبة تعقبها ترنيمة ثالثة ورابعة، وأخيرًا يعقدون جلسة لتحضير الأرواح يشهدها الأعضاء، وفي هذه الجلسة تجلس الوسيطة في أحد أركان الغرفة التي لا يوجد فيها أي نوع من الإضاءة سوى مصباح أحمر مُعتم، ويجلس الأعضاء في شكل نصف دائرة أمام الوسيطة، وتعزف الموسيقى الحالمة وتذهب الوسيطة في غيبوبة، وتأخذ في التنهد والتنفس العميق، ثم تسترخي بلا حراك بضعة دقائق، ويبدو للحاضرين أن وجه الوسيطة بدأ يأخذ شكل الرجل أو السيدة أو الفتاة المطلوب تحضير روحه، ولأن إرادة الحاضرين وحواسهم ومشاعرهم مهيأة لتصديق كل ما يجري، لذلك ينجذبون إلى الوسيطة ويضعون أنفسهم تحت تصرفها، وبانتهاء الجلسة ينصرف الأعضاء وهم يرددون ترنيمة الختام.
وقد انتشرت ظاهرة تحضير الأرواح ونشطت في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين، واعتبرها بعض الشباب المستهتر نوعًا من الترفيه والتسلية، وهم لا يعلمون أنهم ينزلقون إلى هوة التعامل مع أرواح الشر ويفتحون على أنفسهم أبواب الجحيم.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ونناقش في هذه النقطة بعض الأمور التي لها علاقة بمذهب تحضير الأرواح، أو قد يظن البعض أن لها علاقة بتحضير الأرواح:
1- علاقة مذهب تحضير الأرواح بعقيدة تناسخ الأرواح.
2- علاقة مذهب تحضير الأرواح بتزاوج الأرواح وتناسلها.
3- علاقة مذهب تحضير الأرواح بالبحث الروحي العلمي.
4- علاقة مذهب تحضير الأرواح بشفاء الأمراض.
اعتقد الهنود القدامى ولاسيما البوذيون بتناسخ الأرواح Transmigration فالنفس تمضي آلاف السنين في تجسدات مختلفة عبر أجساد الحيوان والإنسان حتى تتطهر بالتمام، وفي النهاية تحظى بالسعادة الأبدية وتعود إلى مصدرها الإلهي إذ تصل إلى مرحلة " النيرفانا " حتى تتلاشى تمامًا في مصدرها الإلهي، وقد رفض أصحاب مذهب تحضير الأرواح الاعتراف بحالة النيرفانا هذه، لأن هذا المذهب يعتمد أساسًا على خلود الروح بعد الموت وإمكانية تحضيرها ومخاطبتها، فإذا اعترفوا بحالة النيرفانا فهم بهذا يعترفون أن الروح تتلاشى فكيف يقومون بتحضيرها؟!!
يؤمن أصحاب مذهب تحضير الأرواح بأن الأرواح عندما تنطلق من أجسادها، فإنها تحب وتتزاوج وتتناسل، فجاء في أحد كتبهم " فيمكن للزوجان أن يكرس كل واحد منهما نفسه للآخر، كما كان يفعل كلاهما على الأرض، وذلك لأن الجنس Sex يستمر هنا " (الإنسان روح لا جسد جـ 2 طبعة 1971م ص 178) (284) كما جاء في نفس الكتاب " إن النساء اللواتي عرفن الحب ليس لهن حاجة للعودة إلى الأرض (يقصد عن طريق التناسخ) كيما يبحثن عنه ثانية. إذ سيجدنه في عالم الروح، أما اللاتي لا يجدن الحب في الأرض فسوف يسألن عنه وينلنه في عالم الروح " (الإنسان روح لا جسد جـ 2 ص 188) (285).. " إنهم هناك (يقصد في عالم الأرواح) يتعانقون ويقبّل بعضهم البعض، وإن الاتصال الجنسي الأثيري ليس خيالًا بل حقيقة واقعية " (الإنسان روح لا جسد جـ 2 ص 188) (286).. في المستويات العليا من العالم الكوكبي عندما يجد العشاق أنهم لم تعد لهم مزايا روحية في العروة الوثقى (يقصد العلاقات الجسدية) التي تجمعهم فإنهم يتفقون على إنهاء هذه العلاقة، وإن كانوا يظلون رفقاءًا وأصدقاءًا بغير تبادل لوم أو تقريع، بل بالأكثر مع تبادل عرفان الجميل للنعيم ولفهم الحياة وللحب الذي كان لكل منهم فضل منحه للآخر... إن ثمة عشاقًا كثيرين سابقين أصبحوا الآن أصدقاءًا وإنهم يشعرون بالتالي أنهم أكثر سعادة بكثير من ذي قبل، بل وإنهم أصحبوا أناسا أفضل بفضل التجربة التي قدمها كل منهم للآخر في الأيام الخالية! " (الإنسان روح لا جسد جـ 2 ص 201) (287).
وعن التناسل والإنجاب يقولون " إن كل طفل كوكبي (موجود من روح أنثى وروح ذكر) يعلم منذ ولادته أن الجنس Sex في شتى صوره هو سيد الحياة! ويعلم كل شيء عن الحب! وإن العشق جميل! وإن الجسد الأثيري له جماله الخاص شأنه في ذلك شأن العقل والروح " (الإنسان روح لا جسد جـ 2 ص 216) (288).
وقالوا أن وزن الجسم الأثيري حوالي 5ر69 جرام، ويدعون أن لهذا الجسد صورة طبق الأصل من الجسد الطبيعي، وإنهما متصلان معًا بالحبل الفضي، وهو حبل أو شريط طويل جدًا بلا نهاية، ففي وقت نوم الإنسان يخرج الجسد الأثيري وهو مربوط به الحبل الفضي فيتحول في الأرض، ويعود إلى الجسد قبل الاستيقاظ. أما إذا انقطع هذا الحبل الفضي الذي يربط الجسد الأكتوبلازمي بالجسد الطبيعي فإن الإنسان يتعرض للوفاة.
في الحقيقة أنه لا توجد أي علاقة بين مذهب تحضير الأرواح وبين البحث الروحي العلمي الخاص بالبحث في كنه الروح وخصائصها، ويُدرَّس البحث الروحي كعلم في جامعات أمريكا وأوربا، ويقول دكتور ج. م. تيريك Dr. G. M. Tyrek الذي كان رئيسًا لجمعية البحث الروحي (54 / 1960م) " إن الفارق بين البحث الروحي وتحضير الأرواح هو في شدته كالفارق بين علم الفلك والتنجيم " (289).
وعندما كان تحضير الأرواح في عنفوانه دعت مجلة " سينتفك أميركان " المشتغلين بتحضير الأرواح إلى إثبات ما يزعمونه، ورصدت مكافأة قدرها خمسة آلاف دولار لمن يثبت صحة تحضير الأرواح أمام لجنة من كبار العلماء، وفي سنة 1966م كرَّر الكاتب " سايمون أدموندز " نفس الدعوة على أن يمنح الوسيط ألف جنيه إسترليني لو أثبت زعم ما يقول، ولم يجرؤ أحد من العاملين بتحضير الأرواح بقبول هذا التحدي الصارخ.
إدعى المشتغلون بتحضير الأرواح بأن بعض هذه الأرواح من كان يعمل طبيبًا أو جراحًا مشهورًا قبل موته، وبالتالي فإن هذه الأرواح تقدر أن تُجري أصعب العمليات الجراحية حتى لو كانت إستئصال للأورام الخبيثة، بل يمكن إجراء العملية الجراحية حتى لو كان المريض غير حاضر في جلسة تحضير الأرواح بل في مكان آخر بعيد، وجاء في كتاب " السيرة الذاتية " للوسيطة الإنجليزية " استيل روبرتس " (والذي تُرجم إلى العربية باسم السحابة الحمراء) أن هناك نوعان من العلاج الروحي، علاج سماوي، وعلاج مغناطيسي. والعلاج السماوي يتم بانبثاق سبعة أشعة من آفاق الروح العليا وألوانها الإرجوانية، والخضراء، والذهبية، والزرقاء، والفولاذية، واللؤلؤية، والحمراء، وهذه الأشعة تُبث تقريبًا في موجات طولية، ويقوم بتشغيلها وإدارتها أرواح راقية. أما العلاج المغناطيسي فيتم عن طريق الشعاع الأبيض فقط، وهو عبارة عن ذبذبة أرضية مغناطيسية، وأحيانًا يعود المريض لنفس الداء لأن الوسيط لا يملك سوى هذا الشعاع، وادعى أصحاب العلاج الروحي أنهم فتحوا أعين العميان، وأقاموا المفلوجين، وشفوا مرضى السرطان، وقام " د. لويس روز " بإجراء دراسة مستفيضة على 95 حالة من الذين نالوا الشفاء، وأثبت كذب ادعاءات هؤلاء (راجع الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 25/4/1975م ص 11).
وقد نشرت الصحف الروحية في لندن خبز شفاء الشاب " ج " الذي وُلِد مشلول الساقين والساعدين وكان أبكم، وبين عشية وضحاها تكلم وصار يعدو ويطفر ويسابق الريح، ووضعوا قصته تحت عناوين جذابة مثل " نجح العلاج الروحي حيث فشل الأطباء " وبالتقصي عن الحالة وُجدت أنها خرافة، فالرجل " ج " لم يكن مشلولًا ولا أبكمًا يوما ما، وعندما إدعى المعالج الروحي " هاري إدواردز " أنه تسلم خلال 4 سنوات ونصف مليون خطاب لم يكن يدري أن هناك من سيحلل الخبر ويثبت كذبه، لأنه لو كان صادقًا فعليه أن يقرأ خطابين كل دقيقة طوال هذه المدة، فما بالك بالرد على هذا الكم الهائل من الخطابات ؟
وشكلت الجمعية الطبية البريطانية لجنة لدراسة وفحص الادعاءات بشفاء الأمراض عن طريق تحضير الأرواح، واستمرت اللجنة في عملها لمدة عامين 54 / 1956م. ثم جاء في تقرير هذه اللجنة ما يلي " إننا وفق ملاحظاتنا وتحرياتنا الفاحصة لم نقف على أي دليل يثبت أن نوعًا معينًا من المرض قد تم شفاؤه بالاقتصار على العلاج الروحي، أو أن ثمة حالة تعالج على هذا النحو يتعذر شفاؤها بالطرق الطبية العادية التي لا علاقة لها بمثل هذه المزاعم... أما الحالات التي زعموا أن الشفاء قد تم فيها بطريقة خارقة، فقد اتضح عند الفحص أنها مجردة من كل صفات الإعجاز، وأن الطب العادي (باطني أو نفسي) كان في استطاعته أن يوفر لها الشفاء التام. وبينما نجد أن بعض وسائل العلاج الروحي قد تنجح في شفاء المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية، مثل الحالات التي يتم شفاؤها بوسائل الإيحاء Suggestion وغيرها من طرق التنويم المغناطيسي Hypnotism والعلاج النفسي التي يستخدمها الأطباء النفسيون Psychiatrists فإننا لا نجد أي دليل على شفاء الأمراض العضوية بمثل هذه الوسائل وحدها، والشواهد كلها توحي أن الكثير من الحالات، التي نسبوا شفاءها للعلاج الروحي، إنما هي نماذج لأمراض وقع خطأ في تشخيصها أو في التكهن بمستواها، أو أنها من الحالات العصبية أو الهستيرية التي يمكن شفاؤها فجأة وعلى غير المتوقع " (راجع الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 25/4/1975م ص 12).
2- روح الضلال المصاحبة لجلسات تحضير الأرواح.
لماذا يلجأ الإنسان إلى مثل هذه الجلسات؟.. يلجأ الإنسان لجلسات تحضير الأرواح بسبب تعلقه بقريب أو حبيب فارق هذه الحياة، أو بقصد معرفة مكان شيء فُقد منه، أو معرفة شخص اختلسه، وقد يلجأ الإنسان لهذه الجلسات كنوع من التسلية والترفيه عن النفس، والذي يذهب إلى جلسات تحضير الأرواح لا يدري أنه يضع قدميه في شرك الأرواح الشريرة، ويسلم نفسه لملائكة الظلمة، وعليه أن يجني الثمار المرة التي تنتهي بحرمانه من أورشليم السمائية.
ويعتقد أصحاب هذا المذهب أن الإنسان عند موته ينفصل جسده الأثيري (الذي يكون على شكل هيئته الدنيوية) عن جسده المادي، وهذا الأمر لا يقتصر على الإنسان فقط بل أن الحيوانات مثل القطط والكلاب والحمير، بل أيضًا الحشرات مثل الخنافس والصراصير والجراد جميعها لها أجسام أثيرية تنسلخ عنها لحظة موتها، وقالوا أنه أمكن لهم تصوير هذا الجسم الرقيق الذي ينفصل عن جسم الجرادة لحظة موتها (راجع القمص مرقس عزيز – السحر والأعمال الشيطانية ص 25) كما يعتقد أصحاب هذا المذهب بأن روح الميت عندما تحضر في جلسة تحضير الأرواح فإنها تتجسد في مادة الأكتوبلازم Octoplasm التي تنبعث من جسد الوسيط، وأن هذه المادة تنصهر وتذوب في الضوء، ويقولون عن هذه المادة أنها " مادة جديدة نسبيًا على المعارف الإنسانية، ولها أوضاع وألوان متعددة تتراوح بين الأبيض والرمادي (فاتح وغامق) والأسود، كما تتراوح في كثافتها بين كثافة الضباب أو بخار الماء، وبين الصلابة التي قد يمكنها بها أن ترفع جسمًا صلبًا ثقيلًا، ولكنها تكون دائمًا عند انبعاثها من جسم الوسيط في شكل الضباب الباهت، ثم تأخذ في التماسك والتشكل التدريجي، بحسب الغرض الذي يستهدفه الكائن أو الكائنات المهيمنة على الجلسة الروحية، وينبغي أن تنبعث وأن تعود في ظلام تام، أو في ضوء أحمر باهت، وإلاَّ قد يتعرض الوسيط لأضرار جسيمة، وصلت في إحدى الحالات إلى الموت المباغت بسبب صدمة ارتداد الأكتوبلازم بغتة إلى الجسم... وينبعث الأكتوبلازم عادة من فتحات الجسم، وبوجه خاص من الفم والأنف والأذنين، وأحيانًا من مسام البشرة ومن القدمين " (290).
ويُشترط في جلسة تحضير الأرواح الالتزام بالهدوء التام، والجلوس باعتدال فلا يستطيع أحد الحاضرين الاسترخاء أو وضع ساق على الأخرى، وأي حركة مفاجئة قد تودي بحياة الوسيط. كما إن الوسيط غالبًا ما يكون صائمًا لمدة ثلاث ساعات على الأقل، ويسبق صومه تناوله وجبة غير دسمة، وفي أثناء الجلسة قد يشعر الوسيط بأن هناك قوة ترفعه إلى أعلى، وأحيانًا يشعر بدفء أو حرارة شديدة تدب في جسده، وأحيانًا يشعر بتنميل الأطراف، أو بإحساس غامر بالسعادة، وقد يرى أضواءًا وألوانًا ويشعر بالقوى الروحية تحيط به (راجع د. علي عبد الجليل راضي – تكلم عن الأرواح بعشرة طرق ص 34 – 43، 67).
وليس للإنسان سلطة على الظواهر التي تحدث في جلسة تحضير الأرواح، ففي كتابهم " الإنسان روح لا جسد " يقولون " إن الظواهر الوساطية، أو فوق العادة، أو غير المألوفة، لا تخضع لسلطان أي إنسان، كما لا تخضع لسلطان أي عالم أو باحث، بل إن الوسيط نفسه لا يعلم كيف تحدث ولا متى تحدث " (291) كما يقولون " على الرغم من أن الظواهر الروحية حسيَّة في جوهرها، فإنها لا تحدث عند الطلب، وليس للعلم المادي عليها سلطان، وليس هناك من سبيل لأن تكون كذلك، فالظواهر الروحية لا تأتمر بأمر أحد " (292).
وفي جلسات تحضير الأرواح تتدخل الأرواح الشريرة بصورة أو بأخرى، فتقرع الطبول أو تطرق المناضد، أو تهز المقاعد، أو تحرك الأشياء، ويصف أحد رواد هذا المذهب ما حدث في إحدى هذه الجلسات قائلًا " كنا نحن أعضاء الجلسة اثني عشر شخصًا، وكانت الظواهر الحادثة أفضل من المعتاد، فقد ارتفع في الجو ثلاثة أبواق في آن واحد، وتكلم في وقت واحد ثلاثة أصوات مختلفة – أحدهم تكلم الألمانية – وخاطبوا ثلاثة من الجالسين، وبعد ذلك حدثت جملة تجارب بصدد نقل الأشياء دون واسطة فيزيقية، وتجسدت بشكل محسوس الروح (توبي Tobi) وهو أحد الأرواح المهيمنة على أحد وسطاء الكتابة التلقائية، وكان هذا الوسيط حاضرًا، وكما يقول (هذا الوسيط) عن الروح " توبي " أنه كان في حياته الأرضية قسيسًا، وكان عملاقًا طوله ستة أقدام وست بوصات، قوي البنية جبارًا كأنه هرقل الذي جاء ذكره بأساطير الأقدمين..! وبعد أن استرسل الكاتب في وصف ما صنعه هذا العملاق أمام كل الحاضرين من ضروب التهريج والبهلوانات ختم حديثه إلى أعضاء جلسة التحضير بقوله { لقد جئنا الليلة بشيء جديد لكي نريكم إياه، فاجلسوا ساكنين صامتين } فصدعنا بما أمرنا به، وإذ به يسألنا { هل تشعرون بشيء؟ } وفعلًا شعرنا بالحجرة أرضها وكراسيها التي نجلس عليها، ونحن أنفسنا، كل هذا المكان يهتز، فكإنما نحن وما احتوته الحجرة قد وُضعنا في آلة هزازة " (ظواهر حجرة تحضير الأرواح ص 105 – 1-7) (293).
لقد كشف العلماء أن مادة الأكتوبلازم التي ادعى أصحاب هذا المذهب أنها تنبعث من جسم الوسيط، وأنها تنصهر وتذوب من الضوء، ما هي إلاَّ وهم وخدعة، فجاء في كتاب " رسائل الأرواح " الذي أصدرته مجلة المقتطف العلمية " أن كل من يعرف نواميس الطبيعة وقوانين المنطق، ويفهم دقة أساليب البحث العلمي، لا يقدر أن يفهم من أقوال القائلين بوجود الأكتوبلازم شيئًا يقينيًا عن ماهية هذه المادة التي يزعمون أن الأرواح تتكون منها أو تتجسد عن طريقها... جرب أن تتصوَّر مادة تنحل عند تعرضها للنور في رأي البعض، ولكنها لا تنحل في رأي البعض الأخر!.. مادة تُحلَّل كيماويًا كما يؤكد فريق منهم، ولا تُحلَّل كما يرى فريق آخر ليس غريبًا عنهم!.. وإذا حُلّلت نجدها مركبة من مواد عديدة معروفة أو... غير معروفة... وتركيبها هذا يختلف باختلاف المُحلّل!.. مادة تنفض عندما تمس شيئًا ماديًا، ومع ذلك فهي تحرك الموائد وتقذف بالمقاعد!.. مادة لا يعرف عنها العلم شيئًا البتة، ومع ذلك فهو يحللها ويطلعنا على العناصر المركبة منها! " (294).
وفي سنة 1862م قام المصور " وليم ملر " في بوسطن بأمريكا بإنتاج مجموعة صور يظهر فيها أشخاص عاريين وبينهم أخيلة شبحية نصف شفافة ادعى أنها أرواح الذين ماتوا... ثم افتضح أمره عندما أثبتوا أن الأخيلة التي قال عنها وليم بأنها أرواح ما هي إلاَّ صور لأشخاص أحياء...
وادعى " إدوار بوجيه " أن هذه الأخيلة تشمل أرواح أناس قد ماتوا مثل تشالز الأول ملك إنجلترا، وعندما قُبض عليه سنة 1875م ضبط داخل مرسمه أدوات الخدعة والاحتيال مثل الشخوص البشرية من الورق المقوَّى ومن أقنعة ودمي، وحُكم عليه بالأشغال الشاقة مع شريكه مُحرّر المجلة الروحية... كان بوجيه يطلق جواسيسه لجمع معلومات عن الأموات الذين ماتوا حديثًا حتى متى جاء أهلهم يطلعهم على هذه المعلومات وكأنه عرضها عن طريق روح المنتقل...
أما " وليم هوب " أكبر المحترفين لهذا النوع من الخدعة، فقد كشفه " إدوارد بوش " الذي كتب له يطلب حضور جلسة ودعى نفسه بـ"وود" وأرسل إليه صورة ابنه المملوء بالنشاط والحيوية على أنه قد مات... وفي الجلسة ظهرت روح الصبي كما كانت في الصورة وتحتها عبارة " الصديق العزيز وود " فأُكتشف أمره، ولكنه ظل يمارس شعوذته لمدة عامين آخرين ثم أُكتشف أمره عن طريق المباحث " هاري برايس " وفي سنة 1933م كشف " فريد بارلو " وصديقه " رامبنج روز " كل أوراق وليم هوب، وكان كل من فريد ورامبنج خبيرًا في التصوير الفوتوغرافي، فكشفا عن الوسائل التي استخدمها وليم هوب في تزييف صور الأرواح.
وعندما ادعى " جون مايرز " طبيب الأسنان أنه يقوم بتصوير الأرواح، فضحه " لورد دونجول " وضبطه متلبسًا بالخدعة، فوضع تقريرًا مفصلًا نشرته صحيفة صنداي ديسباتس في الثلاثينيات، فكان بمثابة النهاية الحاسمة وسُدل الستار على خدعة ظاهرة تصوير الأرواح.
وعندما ادعت الوسيطة الروحية الحسناء " فلورنس كوك " أنها تحضر أرواح الموتى التي تتجسد من مادة الأكتوبلازم المنبثقة من فتحات ومسام جسمها، بينما كانت تروح في غيبوبة روحية أثناء جلسة تحضير الأرواح. حينئذ كلفت جمعية البحث الروحي بلندن عالم الفيزياء البريطاني الشهير " وليم كروكس " لبحث وفحص هذه الحالة، وبدلًا من أن يعلن كروكس خدعة فلورس، فإنه سقط معها في علاقة غير شرعية وهو متزوج وأب لسبعة أولاد، وباع ضميره العلمي وشهد لفلورنس كوك بأنها صادقة، وأنه شاهد الأرواح التي حضَّرتها، وادعى أن من أجمل هذه الأرواح جمالًا وفتنة روح "كيتي كنج" ابنة القرصان البحري الشهير " جون كنج " المعروف باسم هنري مورجان، وكانت قد ماتت كيتي وهي في الثامنة عشر ربيعًا من عمرها، وادعى أنه كثيرًا ما تسامر معها وأجرى معها الأحاديث الشيقة، وصدق الآلاف أكذوبته، ولكن في سنة 1992 م كشف رجل المباحث الكبير " تريفور. هـ. هول " Trevor H. Hall قصة سير وليم كروكس وصديقته فلورنس كوك من خلال كتابه الذي أصدره تحت عنوان " المشتغلون بتحضير الأرواح " The Spirituadists فكان بمثابة قنبلة مدوية دوت في عالم تحضير الأرواح، واهتمت صحف لندن بكتاب تريفور هذا.
وأيضًا من طرق الخدعة أن الوسيط يمضغ كمية من القطن المندوف أو ورق التواليت ويحتفظ بها، ثم يخرجها على شكل عجينة بيضاء مدعيًا أن هذه هي مادة الأكتوبلازم التي تتجسد فيها الأرواح، وادعت " هيلين دنكن " Helen Duncan بأنها تقوم بتحضير أرواح الموتى، بينما كانت تقوم بالاحتيال في الظلام، وتمثل شخصية هذه الأرواح، ولم يكن لها مبدأ في الحياة، ففي سنة 1931م اتفقت على تقديم جلساتها الروحية لمدة عام ونصف لصالح إتحاد لندن الروحي، ولكنها كانت تخالف هذا الاتفاق وتعقد جلسات خاصة بهدف التكسب منها. أما مادة الأكتوبلازم التي تتجسد عن طريقها الأرواح، فقد اتضح بالفحص أن هيلن دنكن تقوم بابتلاع بعض الأشياء وتعود فتتقيأها في الظلام، وبالفحص والتحليل وُجِد أن إحدى العينات مكونة من ورق وقماش ولوازم الحياة اليومية مختلطة بمادة عضوية تشبه زلال البيض المتجلط، وعينة أخرى وُجِد أنها تتكون من قماش طبي مشبَّع بسائل صمغي برائحة البلسم الكندي، وأكثر من مرة افتضح نصبها واحتيالها، وفي إحدى المرات بينما كانت تتقمص شخصية روح أحد الموتى سلط عليها أحد الحاضرين مصباحًا كهربائيًا، فضبطها مرتدية قميص أبيض، فانفعلت وصرخت فيه كالمجنونة قائلة " سأحطم رأسك أيها القذر اللعين " وفي تارة أخرى تقمصت روح سيدة، فسألها الضابط " وورث " إن كانت قادمة من أجله؟ فأجابته بالإيجاب. فسألها إن كانت روح عمته؟ فأجابت بالإيجاب، فقال لها إنه ليس له عمة قد ماتت، فاختفت. ثم ظهرت روح أخرى ادعت أنها روح شقيقة الضابط وورث، فصرخ لها وورث بأن شقيقته الوحيدة على قيد الحياة، فقالت الروح أنها روح شقيقته التي قد ماتت سقطًا قبل أن تولد، ولكن إذ كانت أمه قد أخبرته من قبل أنها لم تُسقِط قط، فإنفضح أمر هيلن دنكن، وقدمت للمحاكمة وحكم عليها بالسجن تسعة أشهر، وفي أكتوبر 1956م قبض رجال الشرطة على هيلن دنكن وهي تمارس إحدى جلساتها، وبعد خمسة أسابيع ماتت متأثرة بمرض السكر مع هبوط في القلب، فاعتبرها أتباعها أنها جان دارك الأسكتلندية، لأنها استشهدت وهي تؤدي عملها معللين سبب موتها هو إزعاجها والقبض عليها بينما كانت في غيبوبة روحية.
وقد يتقمص الشيطان نفسه شخصية الإنسان الميت ويقلد صوته ويتحدث إلى مريديه، وربما يتحدث بصوت خافت كأنه خادم من مدينة الأموات، ولا عجب فقد تكلمت الشياطين من خلال الناس الذين تسكنهم، فقد " أُعطي فمًا يتكلم بعظائم وتجاديف " (رؤ 13: 5) بل إن الشيطان قد يتخذ صورة الميت أيضًا ويظهر للحاضرين " ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور " (2كو 11: 14) وقال الكتاب عن إنسان الخطية " الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة " (2تس 2: 9) وجاء في سفر الرؤيا " فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات " (رؤ 16: 14).
وإن تساءل أحد عن كيفية استخدام الأشرار كلام الله في تحضير الأرواح الشريرة؟ نقول لهم إن الشيطان استخدم كلمات الله في حربه مع السيد المسيح على جبل التجربة، وقال له أكثر من مرة " لأنه مكتوب ".. " إن كنت أنت إبن الله فاطرح نفسك إلى أسفل. لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك. فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصطدم بحجر رجلك " (مت 4: 16) وهذا ما ذكره المزمور مع بعض التحريف " لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في طرقك. على الأيدي يحملونك لئلا تصطدم بحجر رجلك " (مز 91: 11، 12) وقد سبق السيد المسيح وأعلن أن الأشرار سيستخدمون كلمة الله، بل أنهم سيصنعون معجزات " كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أُصرّح لهم إني لم أعرفكم قط. أذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (مت 7: 22، 23).
وقد تكون الأصوات الصادرة على أنها أصوات أرواح الموتى التي حضرت للجلسة، هي في الحقيقة مجرد خدعة من الوسيط، واعتراف " وليم روي " William Roy أكبر دليل على هذا، فقد كان وليم روي أشهر وسيط إنجليزي في مذهب تحضير الأرواح من جهة براعته في تحضير وتجسيد أرواح الموتى، وجعلهم يتكلمون، ولكن الحقيقة أن هذا الرجل كان يستخدم طرق للخدعة، وعندما ضُبط متلبسًا سنة 1957م اعترف بالحقيقة المرة، وإماطة اللثام عن أساليب الغش والخدعة التي كان يستخدمها لخدعة الناس بما في ذلك استخدامه للأجهزة العلمية المرئية، واعترف أنه نجح في خدعة نحو مائة ألف شخص توافدوا عليه فرادي وجماعات من جميع الفئات فمنهم المهندسين والأطباء والمحامين والمعلمين والقضاة ورؤساء المصالح، ومعظمهم كانوا من الثكالى والحزانى الذين حطم الأسى قلوبهم، وقد قدموا له عشرات الألوف من الجنيهات الإسترلينية، وهدايا فخمة وثمينة جدًا، وكثير من السيدات الثريات أبحن له بحبهن له، وفي كل هذا كان يعامل الجميع بكبرياء، وكأنه هو المتفضل عليهم بالحياة ذاتها...
وكان وليم روي يتجسس على أقوال المترددين عليه قبل دخولهم إلى حجرة التحضير، عن طريق مكبرات الصوت، فيعرف عنهم ثم يكلمهم بما قد عرفه منهم في غفلة، وكان وليم روي يطلب الذين سيحضرون الجلسة ترك شنطهم ومعاطفهم خارج الحجرة، وكان مساعده يقوم بالتفتيش السريع لهذه الشنط والمعاطف، للحصول على أية معلومات ويبلغها إلى روي الذي يحسن استغلالها وتوظيفها في إقناع الحاضرين بأن روح فلان حاضرة أمامهم ولها رسالة إلى فلان أو فلانة تقول...
وكان وليم روي يصنع أبواق من الورق المقوى أو الألمنيوم الخفيف، مطليًا إياها بشرائط مضيئة، وكان يغير صوته، ويتكلم عبر هذه الأبواق فيخدع الحاضرين بأن روح معينة تحدثهم، مستغلًا في ذلك الموسيقى الخافتة والظلام وتحريك الأشياء... إلخ وكان وليم روي يدعي تحضير روح رجل من الهنود الحمر يدعى " تنكا " وجعل أحد الرسامين الذين يدَّعون الكشف البصري أن يرسم صورة له، وعندما كان يُسأل " تنكا " ولا يعرف الإجابة، كان يتعلل قائلًا " أنا هندي مش يعرف " وقال روي أنه يستعين بمرشد آخر غير تنكا وهو "د. ولسن" وكان لوليم روي مقدرة على تقليد أكثر من صوت، وعن طريق التوصيلات الكهربائية الخفية ومكبر صوت صغير مثبت في طرف أنبوبة البوق كان وليم يبهر السامعين ويقنعهم بالشخصيات الوهمية لتنكا ودكتور ولسن، وعندما كشف وليم عن هذا الخدعة قال " إن إفشاء هذا السر المثير سينغص حياة الوسطاء الروحيين في كافة أنحاء البلاد وذلك لأنهم كثيرًا ما صرحوا لضحاياهم أن أرواحهم المرشدة قد خاطبت تنكا وولسن " (راجع الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 11/7/1975م).
وقد أراد أصحاب هذا المذهب النجاة من السهام القاتلة التي وجهها وليم روي إليهم، فادعوا أن روي كان مخادعًا، ولكن هذا لا يمنع أن هناك وسطاء حقيقيون، فكتبت صحيفة الأنباء الروحية في أول مارس 1958م عقب اعتراف روي تقول " إنه من الخسة أن يخدع وسيط من فقدوا أحباءهم بغية استغلالهم. وإذا وُجد وسطاء مزيفون فينبغي كشف أمرهم لحماية المترددين عليهم وغيرهم من الوسطاء الحقيقيين! وللمحافظة على سمعة مذهب تحضير الأرواح ذاته " (295).
وبسبب خدعة الوسطاء فإنهم يرفضون استخدام الأشعة تحت الحمراء في الجلسة لأنها تكشف حقيقة خداعهم، ويتعللون بأن هذه الأشعة تفسد ظاهرة تحضير الأرواح، وتؤذي جسد الوسيط، وتذيب مادة الأكتوبلازم، وهم يتجاهلون أن بالحجرة موقدًا يبث أشعة تحت الحمراء بقدر أكبر مما يستلزم تشغيل التلكسوب. كما رفض الوسطاء فصل التيار الكهربائي أثناء الجلسة لئلا يتعطل خداعهم.
وعندما ادعى أحد الوسطاء أنه حضّر روح سير "أوليفر لودج" عالم الكهرباء، وقام أحد الحاضرين بسؤاله عن بعض قوانين الكهرباء سمع لغوًا علميًا وهراءًا ليس مثله هراء، وجاء في صحيفة النور في 31/8/1939م بأن هناك " ثمة رسائل تأتي تباعًا من مراسلين بعلم الروح مؤكدة لنا أنه لن تقع (حرب عظمى) " (296)، ووقعت الحرب العظمى وكذب المخادعون.
وعندما حضر أحد الشباب جلسة من جلسات تحضير الأرواح وطلب تحضير روح أبيه، وبعد أن تحدث مع هذه الروح، وسأل أسئلة عديدة وأجابته الروح، نهض ضاحكًا متهكمًا وهو يقول " إن والدي لا يزال حي يرزق ولا تزال روحه فيه " (297).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
زرع الخصومات - زرع اليأس - ضياع الوقت وفقدان المال - الاضطرابات العقلية - التعرض للانتحار
1- زرع الخصومات: فالأرواح قد تقنع الملتجئين إليها أن هناك أشخاصًا بعينهم يضمرون لهم الشر والحسد. بل يلجأون إلى أعمال السحر بهدف أذيتهم وإلحاق الضرر بهم، مما يؤدي إلى زرع الخصومات، وتمكُّن روح الكراهية والبغضاء بين الناس وبعضهم البعض.
2- زرع اليأس: فقد توهم الأرواح الإنسان المتعب المثقل بالمتاعب والمشاكل بأنه لا أمل ولا رجاء في التخلص من مشاكله، وقد تدفعه أحيانًا للانتحار أو على الأقل الانطواء على نفسه يجتر همومه، مما يدخله في سلسلة الأمراض النفسية.
3- ضياع الوقت وفقدان المال: فإن هدف الدجالين الأول هو اكتساب الشهرة والمال، حتى إن بعض الدجالين إدَّعى أنه يستطيع الحصول على أسئلة امتحان آخر العام، وصدَّقه بعض الطلبة، واشتروا منه هذه الأسئلة، وعند دخولهم الامتحان اكتشفوا النصب والإحتيال الذي يقوم به مثل هؤلاء الدجالين.
4- الاضطرابات العقلية: فيقول " هانز بندر " العالِم النفسي بجامعة فرايدج " عندي الكثير من المرضى الذي يعانون من الإضطرابات العقلية الخطيرة (من خلال استخدام مثل هذه الممارسات) فإن شخصياتهم قد انفصمت وتمزقت وتشوهت تماما بواسطة الأرواح التي حضروها في جلسات تحضير الأرواح " (298).
وسجل " مارتن أبوت (أحد الباحثين في هذه الأمور) المخاطر التي تصاحب هذه الممارسات وهي:
أ – الانتحار الذي تبرره الرغبة في اختبار الأمور المثيرة والعجيبة للعالم الآخر.
ب - تدمير العائلات من خلال الزنى والطلاق.
ج - الخسارة المالية نتيجة خداع وغش الوسطاء الروحيين.
د – المرض العقلي.
هـ- الأشخاص المزيفون الذين يحتالون ماليًا على السذج لتخليصهم من هذه الأرواح الشريرة.
5- التعرض للانتحار: يذكر " جون بيرس هيجنيز " وهو نائب رئيس جمعية مسيحية لعلم النفس قصة فتاة كانت تمارس الاتصال بالأرواح عن طريق تحضير الأرواح، فأقنعها أحد الأرواح الشريرة أنه والدها الذي مات بدليل أنه يعرف كل شيء عنها، ثم دخل في الخط روح آخر إدَّعى أنه صديق والدها، وأنه كان الملاك الحارس لها لعدة سنوات، وأخذ يحدثها عن العالم الجميل الذي يعيشون فيه ويدعوها للانضمام إليهما، فألقت نفسها تحت سيارة أتوبيس ولحسن حظها لم تمت.
كما يذكر " هانز بندر " في كتاب " الإضطراب العقلي في حجرة تحضير الأرواح " أربع حالات أقبلوا على الانتحار وتم إنقاذهم، وكل منهم يعترف بأن الأرواح كانت تلح عليه وتأمره بالانتحار... الأولى زوجة حاولت إلقاء نفسها من الشرفة، وعندما أنقذوها قالت " هناك قوة تُجبرني على هذا وعليَّ أن أطيعها " والثانية حاولت قطع شريان معصمها... والرابعة ألقت بنفسها في النهر " (راجع الظلمة الآتية على العالم ص 166، 167).
6- زرع الشكوك والضلال: فقد تصدُق هذه الأرواح في بعض الأمور لكيما تكتسب ثقة الأشخاص ثم بعد ذلك تنفث فيهم سمومها القاتلة، فتشككهم في الإيمان والقيامة والدينونة والكتب المقدَّسة، ومن أمثلة هذه الشكوك ما يلي:
أ - يقول أستاذ فيزياء جامعي " أما من جهة خالقهم فأمر يدعو للعجب، فهم (المسيحيون) لجهلهم الفاضح أرادوا أن يزيدوا في درجة احترامه سبحانه وتعالى، فابتدعوا له مؤنسًا في وحدته زوجة ثم ابنًا..! وقسَّموا بين السلطات ووضعوا العلاقات " (المسيح قادم ص 7) (299) كما قال أيضًا " يتضح من حياة المسيح أنه كان يمارس الوساطة الروحية فقد أخذ بطرس ويعقوب ويوحنا إلى جبل ليصلي، وهنا تجلى لهم في مجد ونور ساطع، مع موسى وإيليا، ثم ظلَّلته معهما سحابة، وما هذه السحابة سوى سحابة من الأكتوبلازم المسحوب من أجسام التلاميذ لإتمام عملية التجسد التي حدثت عندما رأوا موسى وإيليا بينهم يتكلمان " (المسيح قادم ص 29) (300).
وأيضًا يقول " إن انتقال المسيح وقيامته لم تكن معجزة، ففي عصر العلم، والأطباق الطائرة ليس عسيرًا أن يكون أحد تلك الأطباق قد دنا وتدلى فركب فيه المسيح بمساعدة إخوانه الأثيرين، وذهب إلى مكان في المجموعة الشمسية حيث مازال يواصل رسالته " (المسيح قادم ص 88) (301).
ب – أنكر أصحاب هذا المذهب ألوهية السيد المسيح وفداءه فقال " إن الناصري لا يطلب اعترافًا بأنه إبن الله الوحيد، أو أنه مثلث الإله المتجسد لخلاص البشر، وما إلى ذلك من العقائد الهدامة " (قصتي مع الأرواحية ص 167) كما قالوا " كان المسيح بشرًا مثلنا، له نفس المطالب البشرية، ومؤهلًا لنفس المغريات، وليس صحيحًا أن الخالق اضطر أن يضحي بدم ابنه البريء لمحو كل أثر للعنة خفية مضحكة كما يدعي المسيحيون " (Man and Uniwerse P.69) (302) وأيضا ينكرون التجسد والفداء، فيقولون " لا يوجد دين حديث يعتقد أن الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم يعاني موتًا وحشيًا فوق الصليب " (New Light an surviwal p.321).
ج - ادَّعوا أن الموت هو انفصال الجسم الأثيري عن الجسد الترابي، فيقولون " كل ما حدث للعازر هو انفصال الجسم الأثيري عن الجسم الفزيقي انفصالًا مؤقتًا، مع وجود الحبل الفضي سليمًا، وكل ما عمله الناصري وقد رأى الحبل الفضي، بما لديه من قوة الجلاء البصري أن ردَّ الجسمين وجمعهما معًا بمساعدة أعوانه في عالم الروح " (قصتي مع الروحية ص 222) (303).
وجاء في صحيفة " سيكك أوبزرفر " في 25/4/1958م بأن جماعة من أصحاب مذهب تحضير الأرواح سافر إلى فلسطين، وهناك أمرتهم الأرواح أن يستعدوا لجلسة تحضير أرواح تلاميذ المسيح، ويصف أحدهم الجلسة قائلًا " وفي الموعد المُحدَّد أُغلقت الأبواب، وعملت الترتيبات من الجانب الروحي، وذهب الوسيط في غيبوبة، وجاء الروح المُرشِد أو بتعبير أحد من (الروح المُضلّل) لهذا الوسيط ليقول { إن اللغة الأرضية لا تتسع لوصف ما آراه، فثمة أضواء تبهرني آتية لكم من عالم الأرواح المقدس!.. فهنا يجلس القديس يعقوب عميد أول كلية إكليريكية بالقدس، وعلى كثب منه يجلس المسيح..! ثم يوحنا، ثم إندراوس، ثم بطرس، وآخرون من الشخصيات البارزة في الإنجيل والتاريخ! } وفي هذه الجلسة التي كانت وليمة كبرى للشياطين، انتحل بعضهم أسماء تلاميذ رب المجد، ثم راحوا يصرخون بأقوال أثيمة تنضح بالتجديف ومناقضة أقوال التلاميذ الحقيقيين كما جاءت بأسفار العهد الجديد، وإليكم مقتطفات مختصرة مما جاء على ألسنة هذه الأرواح النجسة بأسمائها المنتحلة:
يوحنا المزيف: " إننا نعتقد أن يسوع هو المسيح أو المسيا المنتظر، ولكننا لا ننظر إليه على أنه الله أو الآب الحقيقي لكل الأرواح... إن المسيحية في هذا العصر تبدو لي كنوع مبهم من السحر أو الوثنية! ".
لوقا المزيف: " لا تصدقوا أن المسيح جاء ليموت على الصليب، ولا تصدقوا أن سفك دمه قد وفر لكم المغفرة ورضا الرب، ولا تصدقوا أن الله طلب ضحية، وثقوا أن المسيح في كل تعاليمه لم يذكر شيئًا كهذا ".
متى المزيف: " على الرغم من أن المسيح وهب المحبة الإلهية فأصبح إلهًا، إلاَّ أنه لم يكن أبدًا إنسانًا إلهيًا، لأنه لم ولن يوجد أبدًا شيء اسمه الإنسان الإله، الله هو الله وحده، ولا يمكن أن يصبح إنسانًا، والمسيح إنسان فقط ".
بطرس المزيف: " إن الرسائل المنسوبة إليَّ بأسفار العهد الجديد ليست صحيحة في كثير من تفاصيلها، فهي تتعارض مع معتقداتي، وإني برئ من هذا التعارض، فأنا لم أقل أبدًا أن المسيح جاء لفداء العالم! ".
بولس المزيف: " كان يوحنا مقرَّبًا إلى المسيح لأنه كان ترجمانًا له في سوريا حيث تعددت اللهجات، كما إنه كان يتمتع بالجلاء السمعي، والجلاء البصري، والطرح الروحي، الأمر الذي كان يُمكّنه من الانتقال بروحه من عوالم روحية بعيدة! " (راجع الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 8/8/1975م ص 7).
وفي جلسة لتحضير روح السيد المسيح قال " إن تعاليمي الروحية التي تبين الطريق إلى ملكوت السموات لم يفهمها جيدًا مستمعي، وبينهم تلاميذي وبخاصة يوحنا، وعلى هذا فهي لم تحفظ في الكتاب المقدَّس، فلابد أن أذكر أن المخطوطات الأصلية لم تكتب إلاَّ بعد سنوات كثيرة من وفاتي، وحتى في تلك المخطوطات لم تُكتب معظم تعاليمي بالأسلوب الذي يؤدي إلى ملكوت السموات، وعندما تكرر نسخ هذه المخطوطات لم يبقَ من تلك الحقائق إلاَّ أقل القليل!.. إن أقوالي لم تكتب على صحتها، فأنا لم أزعم إني إله، أو إني قادر على غفران خطايا الناس، أو إجابة أي شيء يطلبه الناس باسمي! والواقع إن ليس هناك حاجة لشفيع إلاَّ صلوات الكهنة وقداساتهم!.. أنا يسوع إبن الإنسان أُصرح إني لا أخلص أي إنسان من خطاياه، أو أُقرّبه من الآب، هناك إله واحد هو الآب " (الدكتور على عبد الجليل – المسيح قادم ص 117) (304).
ويقول قداسة البابا شنودة الثالث " ليت علماء الأرواح عاشوا في دائرتهم فقط، ولم يتدخلوا في شئون الدين، ولكن للأسف يتعرضون للدين بطريقة غير مقبولة إطلاقًا. ونضرب لذلك مثلًا بكتاب " المسيح قادم " للدكتور على عبد الجليل راضي. ففي هذا الكتاب في باب " أرواح الحواريين تتكلم " ذكر أنه أمكن استحضار روح القديس يوحنا، وروح القديس بولس، وأنه أُذيعت لهما أصوات مباشرة باللغة البرتغالية، من محطات إذاعة برتغالية!! (ص 197) وتعرَّض لصحة الإنجيل الرابع، وإنه ساعده فيه صديقة وزميله " الشاب القسيس يوحنا!! وإن كتاب سفر الرؤيا ألهمها دانيال النبي!! (ص 199) إلى غير ذلك من الخرافات التي نسب قولها إلى القديس يوحنا الإنجيلي، وهذه مهاجمة للدين باسم علم الأرواح...
بل نسب إلى القديس يوحنا أنه قال " المسيحية في هذا العصر تبدو لي كنوع مبهم من السحر أو الوثنية. هي أقرب إلى آراء بولس أكثر من قربها إلى تعاليم عيسى وروحه، وبولس منذ انتقل إلى هنا، أصبح يوافقني على رأيي هذا " (ص 200).
ولا يعقل إطلاقًا أن يقول القديس يوحنا مثل هذا الكلام، لعل شيطانًا ظهر للذين يحضرون الأرواح وقال إنه يوحنا الإنجيلي... فالقديس يوحنا لم يتكلم اللغة البرتغالية، ولا يمكن أن يهاجم القديس بولس الرسول، ولا أن يصف المسيحية بالسحر والوثنية! بينما أهم تعاليم المسيحية مأخوذة من القديس يوحنا ويوجد فيها اتفاق تام مع كتابات القديس بولس الرسول، ولا يُعقل أن القديس بولس يغير تعليمه اللاهوتي بعد ذهابه إلى العالم الآخر!!.. وفي ص 204 يقول على لسان ذلك الروح الذي أسموه القديس يوحنا أن سفر الرؤيا المنسوب إليَّ، ما هو إلاَّ مجموعة عملها كاتب أو أكثر من الذين وهبوا بعض المعرفة عن التعاليم المسيحية والخيالات الشرقية غير العادية ".. وطبعًا هذا مناقض لما ورد في ص 199 إن سفر الرؤيا ألهمها دانيال. ثم يذكر كلامًا منسوبًا إلى القديس لوقا الإنجيلي كله مهاجمة للعقائد المسيحية ص 205 – 207 وينكر كتابته للإنجيل الحالي ويهاجمه! وبنفس الأسلوب ينسب حديثًا للقديس متى (ص 207) وحديثًا آخر منسوبًا للقديس بطرس (ص 208) وحديثًا منسوبًا للقديس بولس (ص 208 – 209) يقول فيه " وولادة عيسى ولادة طبيعية إذا أضفنا إليها طاقة مقدَّسة سماوية تُسمى الروح القدس "!! ويقول " وقال بولس أن عيسى بعد ذلك ألهم يوحنا ليكتب للكنائس السبع " وطبعًا هذا ضد ما قيل إنه ألهمها دانيال (ص 199) وإنه عملها كاتب أو أكثر من الذين وُهبوا بعض المعرفة والخيالات الشرقية غير العادية " ص 204... فيبدو بين تلك الأرواح المحضّرة ألوان من التناقض... بعد ذلك يذكر وصول رسائل من أنبياء بني إسرائيل: من النبي موسى، ومن النبي صموئيل والنبي إيلياس (ص 210 – 212) وكلها مهاجمة للمسيحية.
وكل هذا يجعلنا نوقن بأن " استحضار الأرواح " أُستخدم استخدامًا مذهبيًا. وأن الأرواح التي ظهرت أو تكلمت لا يمكن أن تكون أرواح رسل أو أنبياء!! لأنه ما قدرة أولئك الوسطاء أن يحضّروا روح نبي أو رسول؟! أهكذا تكون أرواح الأنبياء والرسل ألعوبة في أيدي أولئك الوسطاء الذين ذكرهم المؤلف " جيمس بيبلز " أو غيره... كيف نصدق ما يقوله أولئك الغربيون، وما أكثر الانحرافات في محيطهم!! وكيف نقول عما يصدرونه في كتبهم أنه علم؟! " (305)
ويذكر " فيكتور. هـ. أرنست " الذي اشترك في شبابه المبكر في أعمال الوساطة تجربته هذه عندما سأل الروح:
1- هل تؤمن أن يسوع المسيح هو إبن الله؟ أجاب الروح المسيطر بكل هدوء: بالتأكيد يا أبني أن يسوع المسيح هو إبن الله. آمن فقط كما قال الكتاب.
2- هل تؤمن أن يسوع هو مخلص العالم؟ يا ابني لماذا تشك؟ لماذا لا تؤمن؟! أنت معنا زمانًا هذا مقداره. لماذا تستمر في الشك؟!.
3- هل تؤمن أن يسوع مات على الصليب وأراق دمه لمغفرة الخطايا؟ وهنا غاص الوسيط في نشوته، وقفز من كرسيه وسقط في أرضية الغرفة وأخذ يزمجر كما لو كان في ألم شديد.
ومنذ ذلك الحين قاطعت كل الجلسات " (306).
كلمة " روح " مشتقة من كلمة " ريح " ففي العبرية yuah تعني روح أو ريح أو نفس، والريح في العبرية تعني الطاقة الإلهية المعلنة في الطبيعة " الصانع ملائكته رياحًا وخدامه لهيب نار " (عب 1: 7) وبعد انطلاق الروح من الجسد تظل في حالة انتظار حتى يوم الدينونة، فإن كانت أعمالها صالحة فهي تكون في حالة فرح وسلام وإطمئنان أما إن كانت أعمالها رديئة وشريرة فإنها تكون في حالة قلق وضيق وضجر، ويمكن تشبيه الحالتين برجلين واقفين على باب الملك، أحدهما صنع بطولات ومجَّد اسم بلده وملكه، وينتظر إكليل الفخار، أما الآخر فقد ضُبِط في مؤامرة لقتل الملك، فهو ينتظر أقسى عقوبة... وإن تساءل أحد فكيف تكون أرواح الأبرار مع الأشرار؟ فيمكن تشبيه ذلك بفرح ضخم به موائد عديدة، فكل مجموعة متجانسة تجلس متجاورة، فالعذراء مريم يلتف حولها الرسل والشهداء والأبرار والقديسون. أما شخص مثل يهوذا فإنه يجلس مع الخونة والأشرار... وهلم جرا.
وكما تعترف الكنيسة بخلود الأرواح فإنها تعترف أيضًا بأن هذه الأرواح هي تحت السلطة الإلهية، سواء كانت في حالة النعيم أو حالة الجحيم، حتى نهاية الأيام، حيث تعود هذه الأرواح إلى أجسادها وينال كل إنسان بحسب عمل يديه خيرًا كان أو شرًا، ولذلك ليس لأي إنسان مهما كانت سلطته على هذه الأرواح وهي في فترة الانتظار، ولا يقدر إنسان أن يحضرها ثانية إلى عالمنا هذا سواء بتلاوة مزامير أو بصلوات، والحقيقة أن الذي يحدث أن الأرواح النجسة هي التي تقلد أصوات الأرواح التي يزعمون تحضيرها، والشيطان هو الذي يخبر الحاضرين الجلسة ببعض أسرار الروح المنتقلة وبعض الأمور التي تخصها وقد لا يعرفها إلاَّ أقرب المقربين... بل إن الشيطان قادر بدون هذه الجلسات أن يظهر في شكل إنسان قديس أو ناسك عابد أو ملاك نور أو أشكال حيوانات مخيفة، وكل هذا لخدعة أو إرهاب الإنسان كما كان يحدث مع الآباء القديسين. بل تطاول الشيطان وضرب القديس أنطونيوس ضربًا مبرحًا حتى استغاث بإلهه ففر الشيطان هاربًا.
وقد منعت الكنيسة أبناءها من السلوك مع هؤلاء الأشرار، ويؤكد القديس امبروسيوس أن هذه الأرواح التي يزعمون تحضيرها ما هي إلاَّ أرواح شياطين، ويقول القديس أغناطيوس " بالرغم من أن الشياطين عند ظهورها للإنسان تتخذ في العادة شكل الملائكة النورانية لكي تسهل عملية الخداع، وبالرغم أنها في بعض الأحيان تنبئ بالمستقبل، وبالرغم من أنها تكشف عن بعض الأسرار... إلاَّ أنه يجب على الإنسان ألاَّ يثق فيها بحال ما. إن الحقيقة تختلط بالزيف بالنسبة لهذه الشياطين وهي تستعمل الصدق أحيانًا فقط لتحقيق خدعة أكثر حبكة... يجب عدم تصديق الأرواح عندما تظهر في شكل محسوس، وعدم التكلم معها مع اعتبار أن ظهورها خدعة كبرى " (307).
ويقول الأب سيرافيم " إن الأرواح التي تظهر في جلسات الوسطاء الروحانيين هي من دون شك شياطين... إذ لم تكن الجلسة نفسها عملية خداع " (308).
ولو تصادف وجود أحد أبناء الله الأمناء في جلسة تحضير الأرواح، فإن الشياطين لا تحتمل المواجهة، بل تهرب، ويقول د. حلمي عبد الجليل راضي " إن رجال الدين هم العدو الطبيعي لمن نسميه اليوم وسيطًا روحيًا " (309).
ويقول قداسة البابا شنودة الثالث " وللأسف انتشر تحضير الأرواح في أيامنا واعتبروه علمًا!! وصار له أساتذة يدرسونه في أقسام متخصصة في الجامعات. واحتشم بعض رجال الدين أمامه، وقالو " نحن ككنيسة لا نقف في سبيل العلم "! عجيب هذا الأمر! الله تبارك اسمه، يقول عنه في الكتاب المقدَّس إنه رجس، ونحن نوافق على أنه علم، وله كرامته التي لا تُمس!! ويتمادى " علماء " الأرواح فيهاجمون الدين عن طريق تحضير الأرواح، فيقول بعضهم إنه قام بتحضير روح لوقا الرسول، ويوحنا الرسول، فمنهما من ينكر كتابة إنجيله، ومنهم من يقول إنه لم يكتب كلامًا مثل ذلك! وهكذا تُهاجم تعاليم المسيحية علنًا عن طريق ما يسمونه تحضير الأرواح... ويتمادون في ادعاء هذا التحضيّر، فيقولون إنهم حضَّروا روح موسى النبي وأنبياء آخرين، ويدعون أن أرواح هؤلاء الأنبياء قالت كلامًا ضد تعاليم الوحي الإلهي!!
فهل نصمت ونقول نحن ككنيسة لا نقف في سبيل العلم! وأين إذًا شهادتنا للحق؟ وأين دفاعنا عن الإيمان؟! لو أن العلم عرف لنفسه حدودًا لا يتعداها ولا يهاجم الدين، لتركناه وشأنه. أما أن يهاجم الدين، فيجب أن نرد عليه... فإن استطاع " علم الأرواح " أن يجتذب وراءه بعض رجال الدين، وإذا بهم يوافقون على بعض ما يقول، ويقبلون بعض نظرياته مثل " عودة التجسد " فإن الأمر يصبح خطيرًا، ولابد من مقاومته، مهما سُمي علمًا...
ومن جهة تحضير الأرواح، نسأل: أي روح يحضروها؟
هل هي روح بارة أم شريرة؟ والمعروف أن الأرواح البارة تذهب إلى مكان انتظارها في الفردوس، بينما الأرواح الشريرة تذهب إلى مكان انتظارها في الجحيم، وقيل عنها أقسام الأرض السفلى (أف 4: 9) وقيل في الهاوية أو في الجحيم (لو 16: 23) وقيل " في السجن " (1بط 3: 19).
من الذي يستطيع أن يحضَّر روح رسول أو نبي، وينزله من الفردوس؟!
بأي سلطان يفعل هذا؟! وبأية قوة؟! وهل وصل الذي يحضر الأرواح إلى مستوى الأنبياء، والرسل، فينزلهم من أماكن عشرتهم مع الله والملائكة، ويأتي بهم إلى العالم، ليحقق معهم في أمور دينية، أو ليسألهم ويسأل غيرهم من الأبرار عن تفاهات لا قيمة لها في عالم الأرواح البارة!!
ومن ناحية أخرى، من يستطيع أن يُخرج واحدًا من ساكني الجحيم ويُرجعه إلى العالم، ليلتقي ببعض أقاربه أو أحبائه على الأرض. ألم يقل الكتاب عن حالة أمثال هؤلاء أنهم " في السجن " فمن يستطيع أن يُخرج روحًا من سجنها؟! ويمنحها فسحة من الوقت، لتلتقي بأهلها؟ أو ليسألها أسئلة تجيب عنها، بينما هي مشغولة بهمومها الخاصة، إذ قد ماتت في شرها بدون توبة..! إن غني لعازر لم يجرؤ أن يطلب من أبينا إبراهيم أن ينزل لينصح أهله، بل طلب منه إرسال لعازر إلى إخوته ليشهد لهم حتى لا يأتوا مثله إلى موضع العذاب (لو 16: 27، 28).
وهنا نسأل: هل المواضع التي تقيم فيها الأرواح ليست تحت رقابة؟
هل يخرج منها من يخرج، ويرجع منها من يرجع، بدون رقيب؟!
ما مدى سلطان هذا الذي يحضر الأرواح؟ وما مدى حرية الأرواح في الحركة، وفي النزول من العالم الآخر إلى العالم الحاضر؟
وإن كان أحد يستطيع أن يُحضر روحًا، فكيف يصرفها؟! كيف يعيدها إلى موضعها في السماء أو في الجحيم؟ وإن أرادت إحدى هذه الأرواح البشرية الشريرة أن تبقى في العالم ولا تعود إلى الجحيم، فماذا يحدث؟! ما مدى حرية الروح؟! وإن كانت لها الحرية أن تنزل من مستقرها في العالم الآخر، فهل لها الحرية أن تبقى هنا، أو تقضي فترة في الجولان في الأرض؟! ومتى تعود؟! وما الزمن الذي تقطعه من الأرض إلى العالم الآخر؟ وكيف ترجع إلى الجحيم بإرادتها؟ أم يلزمها قوة طاردة لتعيدها بالقوة؟!
وهل نزول الأرواح إلى الأرض يكون بمشيئة الله؟ أي هل يوافق الله على ما يفعله " علماء الأرواح " ويترك باب السماء مفتوحًا ينزلون منه من يشاءون، وباب الجحيم مفتوحًا يخرجون منه من يشاءون؟! أليست الأرواح كلها في يد الله وتحت سلطانه؟ إذًا ما سلطان " علماء " الأرواح على الأرواح؟! وهل يعرفون المكان الذي توجد فيه الروح، ليخرجوها منه.
وهل الروح لها هذه الاستجابة السريعة لطلبات أولئك العلماء؟! بكل طاعة، وبكل خضوع يقولون لها تعالي فتأتي! أرجعي فترجع! أجيبي على أسئلتنا فتجيب. قدمي لنا ما نريد من معلومات، فتقدم.
والعجيب أنه منذ حوالي ثلاثين عامًا، كانوا يستخدمون في تحضير الأرواح طريقة البندول وطريقة السلة، وصدقهم الناس!!" (310)
_____
(275) مجلة الكرازة في 16/5/75 ص 6.
(276) المرجع السابق ص 6.
(277) جريدة وطني في 12 ديسمبر 2004م.
(278) المسيحية عبر العصور ص 501.
(279) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 27/6/1975م...
(280) المرجع السابق...
(281) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 27/6/1975م...
(282) المرجع السابق ص 7.
(283) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 27/6/1975م ص 7.
(284) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 6/6/1975م...
(285) المرجع السابق ص 6.
(286) المرجع السابق ص 6.
(287) المرجع السابق ص 6.
(288) المرجع السابق ص 7.
(289) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 11/4/1975م...
(290) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 18/4/1975م ص 6.
(291) مجلة الكرازة في 18/4/1975م ص 7.
(292) المرجع السابق ص 7.
(293) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة 4/7/1975م ص 9.
(294) مجلة الكرازة في 18/4/1975م.
(295) أورده الأستاذ رشدي السيسي – مجلة الكرازة في 17/7/1975 م ص 7.
(296) مجلة الكرازة في 1/8/1975م.
(297) القمص مرقس عزيز غالي – السحر والأعمال الشيطانية ص 31.
(298) الظلمة الآتية على العالم ص 159.
(299) مجلة الكرازة في 8/8/1975م ص 6.
(300) المرجع السابق ص 6.
(301) مجلة الكرازة في 8/8/1975م ص 7.
(302) المرجع السابق ص 7.
(303) المرجع السابق ص 7.
(304) مجلة الكرازة في 8/8/1975م ص 7.
(305) جريدة وطني 17/10/2004م.
(306) د. فريز صموئيل – قيامة المسيح حقيقة أم خدعة؟ ص 121، 122.
(307) د. فريز صموئيل – قيامة المسيح حقيقة أم خدعة؟ ص 118، 119.
(308) الروح بعد الموت ص 63.
(309) قصتي مع الروحية ص 39.
(310) جريدة وطني في 5/12/2004م...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/crooked-denominations/evocation.html
تقصير الرابط:
tak.la/3j9f3b6