يقول الأخوة الكاثوليك أن مرقس لم ير السيد المسيح ولم يسمعه. إنما كان تلميذًا لبطرس وسكرتيره الخاص وترجمانه وكاتب مذكراته، فيقول الأب مكسيموس كابس:
" مرقس... لم يكن رسولًا ولكنه تتلمذ أولًا لبولس مع برنابا وكان يدعى يوحنا. ثم تركهم والتحق بالخدمة مع القديس بطرس الذي أملاه الإنجيل الذي كتبه، حيث أنه لم يكن تابعًا للسيد المسيح منذ البداية وبالتالي لم يكن يَعلَم تعاليمه كلها ولكنه استقاها من الرسول بطرس، وهذا الرأي يتفق عليه جميع المؤرخين والمفسرين وأن بطرس هو الذي أرسله ليبشر في ليبيا أولًا ومنها سار إلى الإسكندرية " (174)
ويقولون " أمر (بطرس) تلميذه العزيز (مرقس) بخدمة هذه الكنيسة (رومية) "(175)
وأن بطرس الرسول أرسله إلى أكويلا " كان مرقس مرافقًا لبطرس الرسول في رومية وأرسله للتبشير في اكويلا ثم الإسكندرية كما أبان بارونيوس نقلًا عن اوسابيوس... وأيضًا أن مارمرقس كان مرافقًا زعيم الرسل في الإنذار ثم أرسله للتبشير في أكويلا في البندقية كما قدمنا بعد أن رسمه أسقفًا فآمن على يده كثيرون، ثم أرسله مار بطرس بعد كتابة إنجيله إلى الإسكندرية في مصر فأقام هناك كنيسة زاهية بأزهار الإيمان وثمار القداسة ودبر تلك الكنيسة أقدس تدبير تسع عشرة سنة وكتب إنجيله برومة بإملاء القديس بطرس " (176)
وقال كيرلس مقار البطريرك الكاثوليكي قبل عودته إلى الأرثوذكسية: "أن القديس بطرس الجالس على الكرسي الروماني هو الذي أرسل مرقس رسولنا وأول بطاركتنا يهدى الشعب الذي زاره المخلص في صباه، ويتولى إدراة كرسي مدينة إسكندرية العظمى بأمر أول خليفة السيد المسيح، فالفضل في هدانا عائد لمكارم القديس بطرس كما أن الفضل في تأسيس كنيسة الإسكندرية عائد لتعطفاته علينا لأنه لم يساونا بالغير بل فضَّلنا ورقانا " (177)
وقال مكسيموس مظلوم بطريرك الروم الكاثوليك بأن " القديس بطرس أرسل القديس مرقس إلى الإقليم المصري سنة 49م كي ينذر أولئك الشعوب بموجب الإنجيل الذي حرّره"(178)
والأب شينو يُحدّد العلاقة بين مارمرقس وبطرس الرسول على أنه " سكرتيره ومترجمه العزيز "(179) وقال أيضًا " وهو (مرقس) ملتهب بالرغبة في أن يرى مرة أخرى معلمه الموقر الرسول بطرس ذهب إلى روما ليقدم له حسابًا عن الإرسالية التي عهد إليه بها " (180) وفي السنكسار الذي نشره رينيه باسيه يقول تحت يوم 30 برموده " ومضى (مرقس) إلى بطرس برومية وصار له تلميذًا، وهناك كتب إنجيله أملاه عليه بطرس، وبشر به في رومية " (181)
ويؤيدون أفكارهم هذه ببعض أقوال الآباء، فيقولون " وأما اكلمينضس الإسكندري أستاذ أوريجانوس فقال {أن مارمرقس لم يدون في إنجيله إلاَّ ما كرز به القديس بطرس في رومة} (الأشارات ك3).. أن ماربطرس كان قد بشر في رومة بيسوع المسيح أمام البعض من حاشية الملك فهؤلاء التمسوا من مار مرقس أن يكتب لهم ما سمعوه مشافهة من معلمه بطرس فكتب لهم الإنجيل الطاهر " (182)
"أن هناك مصدرًا آخرًا هو {الاكليمنضيات} فقد نقل عنها أوسابيوس تأسيس بطرس لكنيسة أنطاكية سنة 36م، واستصحابه مرقس إلى رومة سنة 42م، واستكتابه لإنجيله بها واتخاذه إياه تلميذًا له " (183)
وقال بابياس في نهاية القرن الثاني "أن مرقس الذي كان مفسرًا لأقوال بطرس، كتب بدقة ولكن ليس بالترتيب، كل ما جمعه مما قاله يسوع أو فعله لأنه لم يكن تابعًا ليسوع ولم يكن يسمع أقواله مباشرة، وأنه كان تابعًا لبطرس كما قلت مؤخرًا، وقد عمل بطرس على أن يقدم تعاليمه لتفي بحاجة الشعب، دون محاولة تقديم كلمات الرب بصورة منتظمة، ولذا فإن مرقس لم يكن مخطئًا في تدوين بعض الأشياء من الذاكرة لأن اهتمامه الأوحد كان ألاَّ يحذف أو يبطل أي شيء مما قد سمعه " (184)
ويقول ايريناؤس أيضًا أنه بعد موت بطرس وبولس في روما "كتب إلينا مرقس تلميذ بطرس ومفسر أقواله كل ما بشر به بطرس " (185)
وأخيرًا يقول المطران يوسف الدبس أن مرقس الإنجيلي ليس هو يوحنا مرقس "قد زعم تاوافيلاكتوس ووأوتيميوس وغيرهما أن مرقس الإنجيلي هو يوحنا مرقس نفسه الذي ورد ذكره في الإبركسيس (سفر الأعمال) ص12 وابن عم برنابا، والصحيح أنه غيره، لأن يوحنا مرقس كان مرافقًا لبولس في أنطاكية وبلاد اليونان في الوقت نفسه الذي كان فيه مرقس مرافقًا لبطرس الرسول في رومة" (186)
توضيح:
اسمح لي يا صديقي أن أحيلك في مناقشة هذا الموضوع بالتفصيل من جميع جوانبه إلى كتاب "مرقس الرسول" لقداسة البابا شنودة الثالث، ولا مانع أن نقتطف هنا بعض العبارات القليلة.
"بيت مارمرقس أول كنيسة مسيحية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... ومن الشهادات على هذا ما ذكره الأب بول دورليان شينو في كتابه (قديسو مصر) حيث قال: أن مرقس عرف باسم ابن مريم {جارة ومضيفة المسيح} وإن {بيت مريم حيث احتفل المسيح بالفصح الأخير كان على جبل صهيون على صخرة كبيرة} ومن الشهادات الواضحة ما سجله الكاردينال بارونبوس (من أشهر علماء الكاثوليك في القرن 16) حيث قال عن بيت مار مرقس أنه {كان محط رجال المسيح وتلاميذه: ففيه أكل الفصح معهم، وفيه اختفوا بعد موته، وفي علية منه حلَّ عليهم الروح القدس. قد كان هذا البيت أولًا كنيسة مسيحية} وقالت دائرة المعارف البريطانية أن بيت مارمرقس كان مركزًا للحياة المسيحية في أورشليم، ولأن السيد المسيح صنع الفصح في بيت مارمرقس لذلك أجمع العلماء على أن مارمرقس كان هو الرجل حامل جرة الماء الذي عناه الرب (مر14: 13-15، لو22: 10-12) هذه العلية... هي التي كان يجتمع فيها تلاميذ الرب (اع1: 13، 14) وفي هذه العلية حيث كانوا مجتمعين حلَّ عليهم الروح القدس (اع2: 1-4) " (187)
"أحد السبعين رسولًا... ذكر هذه الحقيقة ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين في القرن العاشر، وقد وصفه ابن كبر في قائمتين بأسماء السبعين رسولًا... وذكر هذه الحقيقة أيضًا المقريزي... فقال {ومن هؤلاء السبعين مرقس الإنجيلي، وكان اسمه أولًا يوحنا..} وكذلك ابن الصليبي أسقف أمد (سنة 1149) ذكر أنه {من جوقة الاثنين والسبعين} ومن الآباء الأول ذكر هذه الحقيقة القديس ابيفانيوس أسقف قبرص في كتابه ضد الهراطقات (51: 5) وذكرها من قبله العلامة أوريجانوس... ومن غير الأرثوذكس نجد أن المشرقي في مقدمة تفسيره لإنجيل مرقس يقول أنه {دُعِيَ للتلمذة برفقة السبعين تلميذًا، وسُمِّيَ الثيؤفورس أي حامل الله}، وشينو (الكاثوليكي) في كتابه " قديسو مصر " يلقب مرقس رسولًا "(188)
" والأقباط الكاثوليك يمجدونه في كتاب الثيؤطوكيات الخاص بهم قائلين له {أيها الرسول الإنجيلي... المتكلم بالإلهيات، والإنجيلي، والرسول... نلت إكليل الرسولية... رفقاؤك الرسل يفتخرون بك، ونحن نفتخر بك وبهم} (من ثيؤطوكيات شهر كيهك ص175-ص177).. ما أصدق قول دائري المعارف الفرنسية (وناشروها كاثوليك): {أن دعوى تتلمذ مرقس لبطرس لم تكن سوى خرافة بُنيِت على سقطات بعض الكتَّاب}.. والعجيب أنهم أدخلوا مثل هذه الأقوال في كتبنا الطقسية عندما نشروها في بلادهم " (189)
" محاولة نسبة كرازة مارمرقس إلى القديس بطرس... المعروف أن روح الله هو الذي كان يحرك الرسل في كرازتهم... (أع16: 6-10) والعجيب أن شينو هذا الذي يذكر أن مرقس الرسول قد ذهب إلى معلمه بطرس ليقدم حسابًا... هو نفسه يقول في نفس الفصل من كتاب (قديسو مصر) عن القديس مرقس {ومن ثم بوحي من الروح القدس أبحر إلى سيرين (القيروان) ومنها أبحر نحو الإسكندرية} " (190)
" ادعاءات رسامته أسقفًا... من العجيب في هذه الادعاءات ما قيل عن مرقس الرسول أنه أقيم أسقفًا في ثلاث مناطق مختلفة... قيل أنه أُقيٍم من بطرس الرسول أسقفًا على أكويلا... في قارة أوربا، وقيل أنه أُقيِم من بطرس الرسول على حبيل (د.اسد رستم: مدينة الله أنطاكية العظمى ح3ص298).. بقارة آسيا، وقيل أنه أُقيِم من بطرس أسقفًا على الإسكندرية في قارة أفريقيا... وأمام هذه الادعاءات يقف القارئ حائرًا. كيف يمكن أن يقام إنسان أسقفًا على مناطق متفرقة في ثلاث قارات تمثل العالم القديم كله " (191)
هل إنجيل مرقس هو مذكرات بطرس... " ما معنى أن مرقس ترجمان بطرس؟! هل معنى ذلك أن القديس بطرس العظيم فقد موهبة التكلم بألسنة التي أخذها من الروح القدس في يوم الخمسين..؟ وإن كانت موهبة التكلم بألسنة لا تستخدم في هذا المجال ففيم تستخدم إذن؟!
تناقض الروايات المنسوبة للآباء... وكما تتنافى رواية بابياس مع عقيدة الكنيسة، كذلك تتعارض مع رواية منسوبة إلى القديس إيريناوس. فبينما تقول رواية بابياس أن {بطرس عندما علم بوحي من الروح القدس بما حدث سرَّته غيرة هؤلاء الناس وأن السفر(الإنجيل) نال موافقته لاستعماله في الكنائس}، تقول رواية إيريناوس أن مارمرقس بعد انتقال القديسين بطرس وبولس أي بعد استشهادهما نقل إلينا تلك الأمور التي كرز بها بطرس!!.. أما الرواية الثالثة المنسوبة إلى القديس اكلمينضس الإسكندري فهي أن مرقس الرسول كتب إنجيله بناء على طلب الذين استمعوا إلى بطرس، الذي لما علم برغبتهم هذه ترك مرقس يكتب إنجيله بحرية (ومعنى هذا أن القديس بطرس قد عرف بشروع الكتابة قبل كتابة الإنجيل)، ثم تقول الرواية أن مارمرقس {بعد أن كتب الإنجيل سلَّمه لمن طلبوه، ولما علم بطرس بهذا لم يمنعه من الكتابة ولا شجعه عليها}.. أي الروايات الثلاث نصدق وأيهما نرفض؟! أو ليس صحيحًا أن أقوالًا عديدة منسوبة إلى الآباء الأول تحتاج إلى مراجعة كثيرة، ولا نستطيع أن نقبلها في سهولة وبساطة... ما أكثر ما عندى من أمثله على هذا الموضوع " (192)
ويقول سيادة الأنبا إغناتيوس برزي " أن الاكليمنضيات (أقوال القديس اكليمنضس السكندري) كما رأينا كانت في عهده (عهد اوسابيوس المؤرخ الكنسي) معروفة بأنها من الكتب الدخيلة المزورة " (193)
كما يعترف سيادته بأن مرقس من الرسل السبعين فيقول " أن القديس مرقس لم يكن من الاثني عشر رسولًا بل غاية ما كان هو أنه أحد الاثنين وسبعين تلميذًا الذين اصطفاهم المخلص " (194)
ويؤكد كثير من الأخوة الكاثوليك أن مرقس الإنجيلي هو يوحنا الملقب مرقس " مرقس... وكان يدعى يوحنا " (195)
_____
(174) إيماننا القويم ج1 ص78.
(175) مروج الأخبار في تراحم الأبرار ص233.
(176) قيام الأرثوذكسية الحقيقية على الاعتصام بكاتدار بطرس الرومانية ص59، 60.
(177) المرجع السابق ص71 .
(178) مرقس الرسول-قداسة البابا شنودة الثالث ص31 .
(179) Chineau:Les Saints d, Egypt I.P 500. - أورده قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه مرقس الرسول ص29.
Chineau:Les Saints d, Egypt I.P 500. (180) - أورده قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه مرقس الرسول ص31
Le Synaxaire Arab - Jacobite (181) - أورده قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه مرقس الرسول ص30.
(182) قيام الأرثوذكسية الحقيقية على الاعتصام بكاتدرا بطرس الرومانية ص68، 69.
(183) المرجع السابق ص51.
(184) تفسير رسائل يعقوب وبطرس -وليم باركلي ص331 .
(185) المرجع السابق ص331.
(186) قيام الأرثوذكسية الحقيقية على الاعتصام بكاتدرا بطرس الرومانية ص60 .
(187) مرقس الرسول - قداسة البابا شنودة الثالث ص13، 14.
(188) المرجع السابق ص15، 16.
(189) المرجع السابق ص28، 29.
(190) المرجع السابق ص31 .
(191) المرجع السابق ص32 .
(192) المرجع السابق ص119-121.
(193) قيام الأرثوذكسية الحقيقة على الاعتصام بكاتدرا بطرس الرومانية ص51 .
(194) المرجع السابق ص71.
(195) إيماننا القويم ج1 ص78.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/pope-mark-vs-peter.html
تقصير الرابط:
tak.la/d7q4z3a