انعقاد مجمع أفسس الثاني:
رغم أن لاون كان متخوفًا من عقد الاجتماع، وأخبر الإمبراطور بأن أوطيخا سقط في البدعة عن جهل، واستعطفه من جهته إلاَّ أنه أرسل ثلاثة مندوبين لحضور الاجتماع نيابة عنه وهم الأسقف يوليوس والقس ديناديوس (الذي تنيح وهو في طريقه للمجمع) والشماس هيلاريوس والكاتب دولشيسيوس ومعهم رسالة من لاون إلى فيلابيانوس الذي استضافهم وأكرم وفادتهم.
حضر الاجتماع 130 أسقفًا، ومندوبًا عن الإمبراطور هما الكونت البيديوس وأولوجيوس كاتب الحرس الإمبراطوري، وأمر الإمبراطور حاكم أسيا الصغرى "بروكلس" بمنع النساطرة عن الحضور ولا سيما ثيؤدوريت أسقف قورش المحروم والذي لم يعلن توبته بعد، وكان الهدف من هذا المجمع هو القضاء على النسطورية وإقرار قرارات المجامع المسكونية الثلاثة السابقة، واستئناف الحكم في قضية أوطيخا.
جلسات المجمع:
عقد مجمع أفسس الثاني أول جلساته في 8 أغسطس سنة 449 م. بمدينة أفسس، وكان البابا ديسقورس رئيسًا للمجمع، وجوفينال أسقف أورشليم وتالاسيوس أسقف قيصرية الكبادوك كرئيسين مساعدين بحسب تحديد الإمبراطور، وبدأ المجمع أعماله بقراءة رسائل الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني التي أرسلها للمجمع والتي تتضمن الدعوة لعقد المجمع، وتمنياته بأن يحل السلام في ربوع الكنيسة.
وبعد الانتهاء من الرسميات اقترح الكونت البيديوس تأكيد وإقرار الإيمان أولًا ثم قراءة محاضر مجمع القسطنطينية المكاني للنظر في إمكانية تبرئه ساحة أوطيخا، ولكن البابا ديسقورس أوضح للمجمع بأن الآباء قد عرَّفوا وحدَّدوا الإيمان في المجامع المسكونية الثلاث نيقية والقسطنيطينية وأفسس الأول، وأن الإمبراطور قد دعاهم ليحققوا فيما حدث والحكم إذا كان يتفق مع إيمان الآباء من عدمه. ثم قال للمجتمعين مستنكرًا " أم أنكم تريدون تنحية إيمان الآباء جانبًا؟ " فصاح المجمع كله " ليكن أناثيما كل من يترك إيمان الآباء، وإذا غيَّر فيه أحد فليكن أناثيما. سنظل على إيمان الآباء " (9)، وعندئذ أوضح البابا ديسقورس أنه لا يجب على الإطلاق مهما كانت الأسباب أن يُغيّر أحد إيمان آباء نيقية لأن الروح القدس كان معهم، ولا يجب أن أحدًا يصنع صيغة إيمانية جديدة غير قانون الإيمان، فأجابه المجمع " هذه هي كلمات الروح القدس، سنوات كثيرة لحامي الإيمان والقوانين، خلالك يحيا الآباء. سنوات كثيرة لحامي الإيمان " (10)
وبعد هذا اقترح البيديوس المندوب الإمبراطوري إحضار أوطيخا، فمثُل أوطيخا أمام المجمع وأكد له جوفينال وتالاسيوس أن العدالة ستأخذ مجراها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقدم أوطيخا التماسًا يحوى اعترافًا مكتوبًا بخط يده يعبر عن إيمانه والذي بدأه بقانون الإيمان النيقاوي الذي تعمَّد فيه ويتمسك به، وإن مجمع أفسس الأول قد أكد وأقرَّ هذا الإيمان، وأن البابا كيرلس عمود الدين قد أرسل له نسخة من أعمال المجمع.
ثم قرئت محاضر مجمع القسطنطينية المكاني الذي حرم أوطيخا، وقبل قراءتها طلب يوليوس وهيلارى الرومانيّين قراءة رسالة البابا لاون، ولكن المجمع انشغل في أمور أخرى، وبعد قراءة محاضر جلسات مجمع القسطنطينية طلب البابا ديسقورس من أعضاء المجمع إعلان رأيهم في قضية أوطيخا فحكم أكثر من مائة أسقف بأرثوذكسية الراهب العجوز بينما لم يعترض أحد من أعضاء المجمع على هذا الرأي، فأعلن المجمع براءة أوطيخا. عندئذ تقدم الرهبان المؤيدون لاوطيخا لتبرئتهم من حكم فلابيانوس عليهم، فحكم المجمع ببراءتهم بعد أن تلقى منهم وعدًا بأن يظلوا أمناء على إيمان آباء نيقية.
ثم ناقش المجمع قضية فلابيانوس ويوسابيوس أسقف دوريلم حيث قرئت محاضر جلسات مجمع أفسس الأول سنة 431 م. الذي أدان نسطور، ثم تحدث تالاسيوس أسقف قيصرية الكبادوك وتبعه خمسة عشر متحدثاُ منهم مندوبي أسقف روما يوليوس الأسقف وهيلاري الشماس، ثم عبَّر المجتمعون عن آرائهم فرديًا فحكموا على فلابيانوس ويوسابيوس بالحرم، وفي زحمة أحداث المجمع لم تقرأ رسالة لاون بابا روما رغم أن البابا ديسقورس طلب من المجمع قراءتها أكثر من مرة، وعلى كلٍ فإن طومس لاون كان قد نال شهرة كبيرة في الشرق منذ حوالي منتصف يونيو سنة 449 م.، وأن أساقفة المجمع كانوا يعرفون محتواه وميله للنسطورية، فلذلك تجاهلوا قراءته احترامًا لكرسي روما ولاسيما أنه يدافع عن مبدأ " طبيعتين بعد الاتحاد"، وحتى لا تزيد حدَّة الشقاق وتتسع الخلافات، وفيما بعد وجه مجمع خلقيدونية الاتهام للبابا ديسقورس بأنه تعمد إغفال رسالة لاون في مجمع أفسس الثاني.
_____
(9) V.C. SAMUEL - THE COUNCIL OF CHALCEDON RE - EXAMINED, P. 29
(10) V.C. SAMUEL - THE COUNCIL OF CHALCEDON RE - EXAMINED, P. 30
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/catholic/council-ephesus-ii.html
تقصير الرابط:
tak.la/nw2rjhx