س439: إن كان يسوع هو اللَّه فكيف يقبل أن يُحاكم عدة مرات، بينما سبق وقال: "لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي" (إر 49: 19)؟ وهل باراباس كان " أَسِيرٌ مَشْهُورٌ " (مت 27: 16)، أم أنه كان مثير فتنة وقاتل (مر 15: 7، لو 23: 19) أم أنه كان لصًا (يو 18: 40)؟ وهل خيَّر بيلاطس الشعب فيمن يُطلّق: باراباس أم يسوع (مت 27: 17)، أم أن الشعب طلب بتحريض من رؤساء الكهنة إطلاق باراباس (مر 15: 11)، أم أن رؤساء الكهنة هم الذين طلبوا إطلاق باراباس (لو 23: 18)، أم أن الشعب من ذاته هو الذي طلب إطلاق باراباس (يو 18: 40)؟ وهل بيلاطس أبر من تلاميذ المسيح الذين هربوا وتخلوا عنه بينما حاول الوالي الوثني أن يُنقذ يسوع؟ وكيف علم بيلاطس أن اليهود أسلموا يسوع حسدًا (مت 27: 18) مع أن يسوع كان صامتًا ولم يتكلم بشيء؟ وماذا رأت زوجته؟ ولماذا لم يأتِ الحُلم له بدلًا من زوجته؟
ج: 1- إن كان يسوع هو اللَّه فكيف يقبل أن يُحاكم عدة مرات، بينما سبق وقال: "لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي" (إر 49: 19)..؟ يتحدث الأصحاح (49) من سفر إرميا عن غضب اللَّه على الأمم بسبب شرورهم التي صعدت إلى عنان السماء، ولا سيما تقديم أطفالهم ذبائح بشرية لآلهتهم الوثنية مثل ملكوم، وخلط عباداتهم بالزنا والنجاسة، وسقوطهم في خطية السحر والعرافة ومخاطبة الأرواح الشريرة، فتحدث في هذا الأصحاح عن العقاب الذي سيحل بالعمونيين (1 - 6) والأدوميين (7 - 22) والأراميين (23 - 27)، وقيدار (28، 29)، وحاصور (30 - 33) وعيلام (34 - 39). وفي مجرى حديثه عن أدوم تحدث الوحي الإلهي عن كبرياء أدوم الذي كان يثير الخوف في قلوب من حوله متحصنًا بموقعه الجغرافي: "قَدْ غَرَّكَ تَخْوِيفُكَ كِبْرِيَاءُ قَلْبِكَ، يَا سَاكِنُ فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ الْمَاسِكَ مُرْتَفَعِ الأَكَمَةِ" (إر 49: 16) وذكر الضربات التي ستحل به: "وَتَصِيرُ أَدُومُ عَجَبًا. كُلُّ مَارّ بِهَا يَتَعَجَّبُ وَيَصْفِرُ بِسَبَبِ كُلِّ ضَرَبَاتِهَا. كَانْقِلاَبِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَمُجَاوَرَاتِهِمَا يَقُولُ الرَّبُّ لاَ يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ وَلاَ يَتَغَرَّبُ فِيهَا ابْنُ آدَمَ" (إر 49: 17، 18). وقال اللَّه أنه سيرسل عليهم نبوخذ نصر ملك بابل كأسد مفترس خرج من عرينه بسبب فيضان نهر الأردن وبلوغ المياه إلى عرينه: "هُوَذَا يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأُرْدُنِّ إِلَى مَرْعًى دَائِمٍ. لأَنِّي أَغْمِزُ وَأَجْعَلُهُ يَرْكُضُ عَنْهُ. فَمَنْ هُوَ مُنْتَخَبٌ فَأُقِيمَهُ عَلَيْهِ لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي وَمَنْ يُحَاكِمُنِي وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي يَقِفُ أَمَامِي" (إر 49: 19)؟! فقد استخدم اللَّه مملكة بابل في تأديب هذه الشعوب الوثنية، ثم أدب مملكة بابل ذاتها بسبب كثرة شرورها عن طريق مملكة فارس، وسقطت بابل سيدة مدائن الأرض في يد ملك فارس، الأمر الذي لم يتوقعه أحد قط نظرًا لعظم تحصينات المدينة، فاللَّه هو الذي يُقيم الممالك وينهيها، لا أحد يقف أمامه ولا أحد يحاكمه، وهنا يتحدث اللَّه عن كونه ضابط الكل بحكمته الإلهيَّة، ولم يتطرق الحديث هنا إلى قضية التجسد والفداء، فالموضوع مختلف، لأنه في سفر إرميا يتحدث عن تأديبات اللَّه للشعوب الوثنية التي افترت في صنع الشر، بينما ما جاء في الأناجيل هو يحكي قصة فداء الإنسان، ومن أجل فداء الإنسان وقف ابن اللَّه المتجسد كمُذنب خاطئ يُحاكم ويُدان ويحكمون عليه بالصلب، وكل هذا تم لأنه هو قَبِل هذا... لقد سار للموت ليصارعه ويصرعه ويطلق الإنسان حُرًا طليقًا.
2- هل باراباس كان " أَسِيرٌ مَشْهُورٌ" (مت 27: 16)، أم أنه كان مثير فتنة وقاتل (مر 15: 7، لو 23: 19) أم أنه كان لصًا (يو 18: 40)..؟ معنى اسم: "بَارَابَاسَ" أي "ابن الآب" أو "ابن السيد" أو "ابن المعلم"، والاسم الكامل له "يشوع باراباس" ويشوع أي يسوع وذكر هذا أوريجانوس وأيرونيموس، ويقول "الأب متى المسكين": "بَارَابَاسَ Bar Abbas: بأبحاث العلماء تأكدوا أن هذا ليس اسم الشخص بل لقبه، ومعناه "ابن الآب". أمَّا اسميه فباتفاق العلماء وُجِد أن اسمه الأصلي "يسوع" وذلك عن تحقيق العلامة أوريجانوس الذي حصل على مخطوطات من سنة 200م ظهر فيها اسم "يسوع باراباس"، وهو نفس ولقب المسيح. ويقول العلماء أن ذلك الثائر إدَّعى أنه المسيح، وقد ترأس فتنة وقادها سياسيًا بادعاء طرح نير الرومان وأنه سيقود الأمة للخلاص. ويُلاحظ أنه كان " أَسِيرٌ " أي أن الرومان هم الذين قبضوا عليه واعتقلوه وسجنوه بِاسم باراباس. وكان اليهود متعاطفين معه، وسعوا كثيرًا للإفراج عنه وربما لأنهم كانوا متواطئين معه... ولكن لماذا أراد بيلاطس أن يُطلّق لهم باراباس وهو خطر بالنسبة لروما ولبيلاطس؟ هذه كانت آخر مساومة مع اليهود إذ يبدو أنهم حاولوا كثيرًا في السابق للإفراج عنه، وقد جاءت الآن المناسبة ليرضيهم بالإفراج عنه في سبيل إطلاق المسيح كصفقة سياسية (خاسرة)"(263).
ولأن اسم باراباس كان "يسوع باراباس" لذلك قال بيلاطس: "مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ" (مت 27: 17). وقال القديس متى: "وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ" وربما كان مشهورًا بسبب حسبه ونسبه، أو بسبب جرائمه البشعة التي ارتكبها من إثارة الفتن والقتل، وقال عنه مرقس الإنجيلي: "وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقًا معَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلًا" (مر 15: 7)، وقال القديس لوقا: "وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْل" (لو 23: 19)، وقال يوحنا الحبيب: "وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًّا" (يو 18: 40). ولم ينفي أحد الإنجيليين الصفة التي نسبها إنجيلي آخر لباراباس، فقد كان باراباس قاتلًا، ومثير فتنة، ولصًا، ويقول "القس صموئيل وهبي" أن معنى لص في الأصل اليوناني lhsthvõ أي "غيور" فهو كان عضوًا في حزب الغيوريين الذين يؤمنون بالكفاح المسلَّح ضد المستعمر الروماني (راجع صلاة المسيح في البستان والقبض عليه ومحاكمته).
3- هل خيَّر بيلاطس الشعب فيمن يُطلّق باراباس أم يسوع (مت 27: 17)، أم أن الشعب طلب بتحريض من رؤساء الكهنة إطلاق باراباس (مر 15: 11)، أم أن رؤساء الكهنة هم الذين طلبوا إطلاق باراباس (لو 23: 18)، أم أن الشعب من ذاته هو الذي طلب إطلاق باراباس (يو 18: 40)..؟ ليس شرطًا أن ما ذكره أحد الإنجيليين يذكره الآخرون بالنص، فقد قدم القديس متى الصورة موضحًا أن بيلاطس خيَّر الشعب بين باراباس ويسوع، وتفضيل الشعب لباراباس بناء على تحريضات رؤساء الكهنة: "فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ... وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ" (مت 27: 17، 20)، ونفس الصورة أوضحها مارمرقس: "فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُود... فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ" (مر 15: 9، 11)، وقال لوقا الإنجيلي: "فَصَرَخُوا بِجُمْلَتِهِمْ قَائِلِينَ خُذْ هذَا وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ" (لو 23: 18). فمن هم الذي صرخوا بجملتهم..؟ هم الذين دعاهم بيلاطس وتحدث معهم: "فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ" (لو 23: 13)، إذًا لم يكن رؤساء الكهنة وحدهم كادعاء الناقد، إنما كان معهم الشعب أيضًا، ولماذا قالوا: "خُذْ هذَا وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ"..؟ أكيد لأنه خيَّرهم بين الاثنين كما هو واضح في الأناجيل الأخرى، وجاء في إنجيل يوحنا: "أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ. فَصَرَخُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ" (يو 18: 39، 40) فبيلاطس خيَّرهم بين يسوع وباراباس، فصرخوا جميعًا رؤساء الكهنة مع الشعب قائلين: "لَيْسَ هذَا بَلْ بَارَابَاسَ"، وبهذا نجد الأناجيل تتكامل دون أدنى تناقض، فلم يذكر أحد الإنجيليين خبرًا نفاه إنجيلي آخر موضحًا أن هذا لم يحدث.
4- هل بيلاطس أبر من تلاميذ المسيح الذين هربوا وتخلوا عنه بينما حاول الوالي الوثني أن يُنقذ يسوع..؟ لم يكن بيلاطس الرجل الوثني أفضل ولا أبر من التلاميذ، فقد هرب التلاميذ وتخلوا عن معلمهم بسبب ضعف طبيعتهم البشرية وتخوفهم من الموت، والتمس السيد المسيح العذر لهم، بل أنه اشترط على من جاءوا للقبض عليه قائلًا: "فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ" (يو 18: 8). أما بيلاطس الوالي فقد برَّأ يسوع ثلاث مرات، وبعد ذلك حكم عليه بالصلب ظلمًا بسبب تخوفه من ثورة اليهود ضده، فتشبث بكرسيه وذبح العدالة، متجاهلًا أنه يتعيَّن على الحاكم في قضائه أن يُقيِم العدالة حتى لو سقطت السماء، ولكنه لم ينفذ هذا، فصار مُدانًا أمام اللَّه والتاريخ، حتى لو غسل يديه قائلًا: "إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ" فما زالت يداه تقطران دمًا بريئًا، فإن كان التلاميذ هربوا خوفًا، فإن بيلاطس حكم على البريء جُبنًا، وتزداد مسئوليته بمقدار منصبه، ولن يُغفر له التاريخ أنه أقام الظلم في مكان الحق، وسمح بالجور في بيت العدل، وظلم وعذب وقتل نفسًا بدون وجه حق.
5- كيف علم بيلاطس أن اليهود أسلموا يسوع حسدًا (مت 27: 18) مع أن يسوع كان صامتًا ولم يتكلم بشيء؟ وماذا رأت زوجته؟ ولماذا لم يأتِ الحُلم له بدلًا من زوجته..؟ كان بيلاطس كوالي روماني على اليهودية متابعًا لأخبار وأمن ولايته أول بأول -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- ولم يكن هناك حدثًا يشغل ويُشعِل الرأي العام في تلك الأيام في كل أرض فلسطين مثلما شغله يسوع، فنظر إليه البعض على أنه نبي مقتدر في القول والفعل، وكثيرون وضعوا آمالهم فيه على أنه المسيا الذي سيخلصهم من حكم الرومان، فمن نطق بمثل ما نطق به السيد المسيح منذ بدء الخليقة وللآن؟!، ومن صنع مثلما صنعه المسيح من آلاف المعجزات؟!، وعندما دخل أورشليم كملك متواضع راكبًا على أتان وجحش ابن أتان ارتجت المدينة وهتف الأطفال: "أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ" وكان ضابط المخابرات "ألكساندر" يقدم التقارير بشأن يسوع لبيلاطس، وشهد بأنهم حاولوا تنصيبه ملكًا ولكنه رفض بشدة (راجع كتابنا: هناك كنت معه ص64 - 68) وكان بيلاطس متابعًا باهتمام بالغ هذه الأحداث، ولا سيما إقامة الموتى، وقبِل في نفسه أن يكون يسوع ابن الآلهة، وعندما سمع الاتهام الموجه إليه " لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللَّهِ. فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا" (يو 19: 7، 8)، وعندما سأله بيلاطس عما إذا كان ملك اليهود؟ أجابه بأنه ملك، ولكن مملكته ليست من هذا العالم، فكان بيلاطس مطمئنًا جدًا ويدرك تمامًا أنه بريء من التُهم التي أُلصقت به، وأن اليهود قد أسلموه حسدًا لأنه صبَّ ويلاته على الكتبة والفريسيين.
وأيضًا لا نغفل رسالة زوجة بيلاطس: "وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِه" (مت 27: 19)، فبالرغم من أن بيلاطس كان جالسًا على كرسي الولاية، أي على منصة القضاء، فلا يحل لأحد أن يشغله بأمر آخر، فإذ بزوجته ترسل له برقية بخبر خطير تحذره: إياك وذاك البار الذي تألمت كثيرًا في حُلم من أجله، وقد ذكر القديس متى حديث اللَّه من خلال الأحلام مع يوسف البار والمجوس، وهوذا زوجة بيلاطس وهيَ وثنية يتعامل اللَّه معها بالأحلام، كما تعامل من قبل مع فرعون ونبوخذ نصر، وها هيَ تشهد بقوة لبراءة يسوع، فلم تكن مثل هيروديا زوجة هيرودس التي طلبت رأس يوحنا المعمدان على طبق، إنما وقفت تشهد ببراءة يسوع في الوقت الذي هرب فيه تلاميذه، وطالبت بإخلاء سبيله خشية إنتقام الآلهة، فهيَ تعتقد أن الأحلام هيَ إعلانات من الآلهة للإنسان.
ولم تذكر زوجة بيلاطس هذا الحلم الذي تألمت فيه من أجل يسوع البار كثيرًا.
تُرى ماذا رأيتِ يا كلوديا في حُلمك، وماذا أبصرتِ؟!
أرأيتيه مُعذَّبًا مهانًا محتقرًا ومخذولًا؟!
هل عاينتِ جروحه وجلداته يا كلوديا؟!
أم أنكِ رأيتيه ملكًا متوَّجًا للسماء، والنجوم والأفلاك تسجد له؟!
أرأيتِ الأبرع جمالًا من بني البشر مُكللًا بالأشواك؟!
ماذا رأيتِ وماذا أبصرتِ يا كلوديا؟!.. لا أحد يعلم...
وإذا كانت للأحلام معناها ومغزاها لدى الرومان، ارتجف قلب بيلاطس فيه، وشلَّ عقله عن التفكير، ولا سيما أن رؤساء الكهنة قالوا له حالًا: "لأنه جعل نفسه ابن اللَّه" فازداد خوفًا، فالفكر الأممي يقبل تجسُّد الآلهة وتناسلهم وصراعاتهم، وخشى بيلاطس أن ينجح الشعب اليهودي في خلق صراع رهيب بينه وبين الآلهة، فازداد خوفًا وشؤمًا من هذه القضية.
لماذا لم يأتِ الحلم لبيلاطس بدلًا من زوجته..؟ يقول "القديس يوحنا الذهبي الفم": "لم يكن هذا الحلم أمرًا لا يُعبأ به، لماذا لم يره بيلاطس؟ ربما استحقته الزوجة أكثر منه، أو ربما لو رأى (بيلاطس) الحُلم لما آمن مثلها، ولما ذكره. لذلك دبرت العناية الإلهيَّة أن تراه الزوجة ليصبح معلومًا عند الجميع. أنها لم تره فحسب، بل تألمت منه كثيرًا أيضًا. وكان عليه أن يتعاطف مع امرأته فيرتدع عن الاشتراك في الجريمة. كذلك كان لتوقيت الحلم اعتبارًا، فقد حدث في تلك الليلة" (راجع التفسير المسيحي للكتاب المقدَّس - العهد الجديد - 1 - ب - الإنجيل كما دوَّنه متى 14 - 28).
_____
(263) الإنجيل بحسب القديس متى ص807، 808.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/new-testament/439.html
تقصير الرابط:
tak.la/wb5f3cq