مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - الجزء الثالث: سفر التكوين "1" أصل الكون وأصل الإنسان
باب 2: الفصل الثاني: ما هو أصل الحياة؟
أ. حلمي القمص يعقوب

 

إن الحياة تنتشر بقوة في أرجاء كوكب الأرض، رغم اختلاف الظروف وتباين البيئات، ويصوّر هذا الموقف الدكتور أنور عبد العليم فيقول " توجد حياة على سفوح الجبال العالية المغطاة بالجليد الدائم في بيئة دائمة البرودة.. توجد حياة في كهوف الجبال المظلمة على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض في بيئة رطبة جدًا.. توجد حياة في الأغوار البعيدة على قاع البحر في أعماق تنوف على عشرة كيلومترات تحت سطح الأرض!.. توجد حياة في البرك والحفر الصغيرة التي تتراكم فيها مياه الأمطار بعد سقوطها.. توجد حياة في باطن التربة نفسها تحت سطح الأرض.. توجد حياة تحت الأحجار الصغيرة وقطع الزلط المتناثرة في الصحراء حيث تصل درجة الحرارة في الصيف إلى 60ْم.. توجد حياة في عيون الماء الساخنة المتدفقة من باطن الأرض في درجات من الحرارة تصل إلى 80 ْم، وهي أعلى درجات الحرارة التي عاشت تحتها أحياء حتى الآن..

إنك لو أخذت حفنة من الجليد الأحمر الذي يتلون بلون وردي أو لون الدم في ثلوج الجبال القطبية وفحصتها تحت المجهر لوجدت فيها أحياء مجهرية وحيدة الخلية تعيش وتتغذى وتتنفس وتتكاثر.. لو أخذت عينة من الكهوف المظلمة الرطبة التي توجد في جبال الألب لوجدت فيها كثيرًا من أنواع الحشرات والحيوانات، وبعضها لا يوجد له مثيل في أية بيئة أخرى تحت سطح الأرض، بل أن بعضًا منها ينتمي إلى أحياء أنقرضت كلية من سطح الأرض.. لو حفرت حفرة في الرمال الساحلية على الشاطئ.. لوجدت على بعد أمتار أو اكثر في داخل الرمل الرطب حيوانات مجهرية كثيرة تنتمي إلى أجناس وأنواع مختلفة من ديدان وقشريات وغيرها.. ومثل هذه الأحياء.. تعيش في بيئة مظلمة لا يصل إليها ضوء الشمس، ومن ثم فليس هناك داعٍ لأن تكون لها عيون ترى بها، حيث لا موجب للرؤية..

وهناك أنواع من البكتيريا والأسماك وديدان البحر ونجوم البحر وخيار البحر والحيوانات القشرية والسرطانات وغيرها تعيش على مسافة 10 كم في المحيط الهادي تحت درجة حرارة 1 - 2 ْم، وتحت 1000 ضغط جوي، وعندما إستخرجها العلماء إلى سطح المركب انفجر بعضها ولاسيما الأسماك لانخفاض الضغط الجوي من 1000 إلى 10. وفي عيون المياه الساخنة التي يتصاعد منها البخار وينساب ماؤها حارًا، نجد على جدرانها طحالب زرقاء تعيش رغدًا في هذه البيئة، حتى إذا ما نُقلت إلى ماء بارد فقدت صفة الحياة.."⁽¹⁾.

 

وفي هذا الفصل نناقش معًا لما يلي:

أولًا: زمن بدء الحياة على الأرض.

ثانيًا: كيفية بدء الحياة على الأرض.

ثالثًا: عظمة الخلية الحيَّة.

 

---