ويقول " محمد قاسم": "هذا يعني أن موسى لم يكتب شريعة الله وحده، واستمرار لهذا المبدأ يكون الكهنة قد أضافوا ما يريدونه أيضًا إلى سفر شريعة الرب"(2).
ويقول " دكتور أحمد حجازي السقا": "يقول " سبينوزا " الفيلسوف اليهودي عن " يوناثان " الشارع الكلداني [لقد فضَّل هذا المترجم بعد أن أقلقته هذه الصعوبة أن يُحرّف الكتاب عن أن يعترف بجهله. فهو يترجم إلى الكلدانية هذه الكلمات في سفر يشوع {وكتب يشوع هذا الكلام في سفر توراة الله} بقوله {وكتب يشوع هذا الكلام وحفظه في سفر توراة الله}(3) فأنت ترى فرقًا بين العبارتين، الأولى تفيد أن يشوع وضع العهد في نفس التوراة، والثانية تفيد أنه وضع العهد في كتاب مستقل بجانب التوراة]"(4).
ج: 1- كتب موسى النبي التوراة بالكامل من أول آية في سفر التكوين وحتى آخر سفر التثنية باستثناء الإصحاح الأخير الذي يسجل خبر وفاته، فقد كتبه يشوع تلميذه وأضافه لسفر التثنية لكيما تكتمل حياة موسى، وهذا ما تعرضنا له من قبل مرارًا وتكرارًا(6) وحملت التوراة الشريعة والوصايا وهذا يتمشى مع وصية يشوع لشعبه قبل أن ينطلق من هذا الجسد " فتشدَّدوا جدًا لتحفظوا وتعملوا كل المكتوب في سفر شريعة موسى حتى لا تحيدوا عنها يمينًا أو شمالًا" (يش 23: 6).
أما المقصود بقول يشوع بن نون " وكتب يشوع هذا الكلام في سفر شريعة الله" (يش 24: 26) أي أنه كتب السفر وألحقه بسفر شريعة الله، أي ألحقه بالتوراة، ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "ومع أن (شريعة الرب) المقصود بها ما جاء على يدي موسى النبي ودوَّنه في كتبه، فإن سفر يشوع دُعي أيضًا مجازًا (سفر شريعة الرب) بما أن الرب ضمه إلى أسفار موسى، ولأنه يشتمل أيضًا على تطبيق لشريعة موسى عبد الرب. (والشريعة) يقصد بها بوجه خاص ومحدد شريعته التي أوحى بها إلى موسى، وبوجه عام يقصد به كلمته ووصاياه المقدَّسة في جميع أسفار الكتاب المقدَّس"(5).
2- ما يتصوَّره " محمد قاسم " أن الكهنة أضافوا للتوراة مجرد كلام مرسل لا يقوم على دليل ولا حجة، وتلاحظ يا صديقي أن الموضوع يتعلق هنا بيشوع فقط وهل شارك في كتابة التوراة أم لا؟ أما " الأستاذ محمد قاسم " فهو يوسع القاعدة لكيما تشمل الكهنة أيضًا فيقول " يكون الكهنة قد أضافوا ما يريدونه".. وهل يمكن أن ينتحل أي كاهن تقي شخصية واسم موسى فيكتب ما يريده وينسبه لموسى النبي؟! ولو حدث هذا الأمر المستحيل ألا يجد هذا الكاهن من يعترض طريقه..؟! وإن كان القرآن شهد لأهل الكتاب عن أمانتهم المتناهية في الحفاظ على التوراة والإنجيل، وقال أنهم يعرفون الكتاب كما يعرفون أبناءهم، ومن المعروف أن اليهود شدَّدوا جدًا جدًا في الحفاظ على الكتاب وأحصوا الحرف الأوسط من كل سفر... إلخ فهل يظن " محمد قاسم " أن الأمر كان بهذه الفوضى والسذاجة التي يتصوَّرها، وكل كاهن تسول له نفسه يضيف ويحذف ما يشاء؟!!
3- شكك " باروخ سبينوزا " في نسبة بعض أجزاء من التوراة لموسى النبي، واعتمد هنا على الشارع الكلداني " يوناثان " الذي في حقيقة الأمر لم يفعل شيئًا سوى أنه أضاف كلمة توضح المعنى المراد، فبدلًا من أن تكون الترجمة " وكتب يشوع هذا الكلام في سفر توراة موسى "صارت الترجمة" وكتب يشوع هذا الكلام وحفظه في سفر توراة موسى " لأنه يدرك جيدًا أن يشوع التلميذ الوفي الأمين لمعلمه يستحيل عليه أن يكتب شيئًا وينسبه لمعلمه، أما سبينوزا فقد رأى أن هذا تحريفًا للنص العبري، دون أن يراجع بقية الترجمات مثل السبعينية والسريانية... إلخ وكان هذا عن سوء قصد من سبينوزا الذي أراد بأي طريقة أن يثبت نظريته في أن موسى لم يكتب بعض الأجزاء من التوراة، إنما كتبها آخرون، وذهب الدكتور السقا يستشهد ويتغنى برأي سبينوزا بدون فحص ولا تمحيص ولا دراسة، وبالرغم من شهادة القرآن مرارًا وتكرارًا بأن موسى هو كاتب التوراة.
_____
(1) البهريز جـ 1 س 361.
(2) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 302.
(3) رسالة في اللاهوت والسياسة ص 272.
(4) نقد التوراة ص 92، 93.
(5) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر يشوع ص 378.
(6) راجع مثلًا مدارس النقد جـ 7 س 835، س897.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/969.html
تقصير الرابط:
tak.la/pf5hj3t