ج: 1- لم يجرؤ يشوع ولا رؤساء إسرائيل على الحنث بالقسم الذي أقسموه للجبعونيين، وبالرغم من أن كل بني إسرائيل قد تزمروا على الرؤساء طالبين منهم التراجع عن العهد الذي منحوه للجبعونيين، وربما كان بعضهم صادقًا بدافع الغيرة، وربما كان البعض الآخر طامعًا في ثروة هؤلاء، ولكن الرؤساء تصرفوا بجدية ورجولة إذ قالوا " إننا قد حلفنا لهم بالرب إله إسرائيل. والآن لا نتمكن من مسهم" (يش 9: 19) فهكذا يجب أن يُقدّس المؤمن اسم إلهه ولا يحنث بأقسامه، بل يفي بعهوده، حتى لو ترتب على هذا خسارة مادية وتضحية. لقد التزم يشوع والرؤساء بالوصية " لا تنطق باسم الرب إلهك باطلًا. لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلًا" (خر 20: 7) وقد أوضح الرؤساء خطورة التراجع عن العهد فقالوا " فلا يكون علينا سخط من أجل الحلف الذي حلفنا لهم" (يش 9: 20) أي لئلا يسخط الله علينا. ولعل هذا التساؤل يذكرنا بتساؤل سابق وهو كيف أقرَّ إسحق البركة ليعقوب التي حصل عليها بالخداع ولم يسحبها منه(1).
2- كل ما فعله يشوع أنه قال للجبعونيين " فالآن ملعونون أنتم" (يش 9: 23) وجعلهم عبيدًا لخدمة بيت الله، فيحتطبون حطبًا ويستقون ماء للجماعة، ولكن يشوع لم ينقض العهد الذي عقد باسم إلهه، والله لم يغضب عليه، ولم يعاتبه، ولم يراجعه بسبب تمسكه بهذا العهد، بل ما حدث فيما بعد بزمن طويل إذ تجاهل شاول الملك هذا العهد مع الجبعونيين وأراد القضاء عليهم، وقتل بعضهم، غضب الله على إسرائيل، وحدثت مجاعة في زمن داود، وعرف داود سبب المجاعة، فحاول إرضاء الجبعونيين الذين تعرضوا لاضطهاد شاول، وسلم لهم سبعة أبناء من أبناء شاول فصلبوهم (2 صم 21).
3- لم يكتف يشوع بحفظ العهد مع الجبعونيين، بل أكثر من هذا عندما اجتمع ملوك الأموريين الخمسة على محاربة جبعون بسبب عهد الصلح مع بني إسرائيل، استنجد الجدعونيون بيشوع، الذي أسرع بجيشه في ظلام الليل واجتاز الطريق الوعرة من الجلجال إلى جبعون مسيرة نحو 24 كم، وباغت جيوش الأموريين بهجوم مفاجئ أربك صفوفهم، ففروا وظل يشوع يطاردهم إلى بيت حورون على بُعد نحو 16 كم، وهم يحاولون الوصول إلى حصونهم في أسفل الوادي، ولكن الله رماهم بحجارة البَرَد، فكان هذا دليلًا كافيًا على رضاء السماء عن يشوع الذي تمسك بالعهد وعظم اسم إلهه.
4- كان شرف للجبعونيين أن يخدموا بيت الرب، وقد دُعوا فيما بعد بالنثينيم، فكانوا يساعدون الكهنة واللاويين. وسكنوا بالقرب من بيت الرب، وتعرضوا مع بني إسرائيل للسبي، وعندما أتيحت فرصة الرجوع عادوا إلى أورشليم وشاركوا في ترميم أسوار أورشليم (نح 3: 7، 7: 25) وقد أُعفوا مثل الكهنة واللاويين من دفع الجزية والخراج والخفارة (عز 7: 24).
_____
(1) راجع مدارس النقد جـ 5 س 502.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/943.html
تقصير الرابط:
tak.la/9pgfcxs