ويقول " زينون كوسيدوفسكي": "إننا نجد متناقضات كثيرة وواضحة للعيان في الإصحاحات التوراتية التي تتحدث عن المدن الكنعانية التي فتحها الإسرائيليون، فأدوني صادق ملك أورشليم يقتل أولًا بناء على أوامر يشوع بن نون، ثم يقتل ثانية عندما يأسره سبط يهوذا. لكن الحقيقة، وللحقيقة فقط، نقول أنه يُسمي في الحالة الأولى أدوني صادق (يش 10: 1) وفي الثانية أدوني بازق (قض 1: 5) والواقع أن الحديث في الحالتين يدور حول الشخص نفسه"(1).
 |
ج: 1- معنى " أدوني صادق " أي " الإله صادق هو الرب، أو ربي صادق هو، أو رب الصدق"(2) أو " سيد البر"، ومعنى "أدوني بازق" أي سيد مدينة بازق، وهذا غير ذاك، فأدوني صادق كان ملكًا لأورشليم في أيام يشوع بن نون، وقد دخَل في حلف مع أربعة ملوك آخرين لمحاربة جبعون لأنها عقدت معاهدة سلام مع بني إسرائيل، وأيضًا للتصدي لزحف يشوع على أرض كنعان، وقد هزم يشوع الملوك الخمسة، فاختبأوا في مغارة في مقيدة، وبعد انتهاء الحرب وضربة البَرَد ووقوف الشمس، عاد يشوع إلى مقيدة وقتلهم.
أما أدوني بازق فهو سيد مدينة بازق في جنوب أورشليم، وعاش في زمن القضاة بعد موت يشوع، وعندما أشتبك سبطي يهوذا وشمعون في حرب مع الكنعانيين والفرزيين، هرب أدوني بازق، لكنهم تتبعوه وقبضوا عليه، وقطعوا أباهم يديه ورجليه، وهذا لم يحدث مع أدوني صادق، وأتوا به إلى أورشليم فمات هناك دون أن يقتله أحد. إذًا ليس معنى تشابه اسمين أو حتى تكرار الاسم أن الشخصين هما شخص واحد.
2- يكاد يكون اسم " أدوني صادق " مرادفًا لاسم " ملكي صادق " أي ملك البر الذي التقى بإبراهيم بعد نصرته على كدرلعومر وتحرير أسرى سدوم (تك 14) ولم يذكر الكتاب عن ملكي صادق لا أبواه ولا متى وُلد ولا متى مات؟ وجاء بعد ألفي عام بولس الرسول ليؤكد أنه كان رمزًا للسيد المسيح له المجد بلا بداية أيام وبلا نهاية أيام، وأن كهنوته أعلى من كهنوت لاوي، بدليل أنه قبل العشور من الكهنوت اللاوي الذي كان في صلب إبراهيم، وإن كان ملكي صادق وأدوني صادق قد تشابها في الأسماء، لكنهما لم يتشابها في الأعمال، فالأول (ملكي صادق) كان رمزًا للسيد المسيح، أما الثاني (أدوني صادق) الذي قاد ملوك الأموريين للحرب ضد يشوع فهو يرمز لضد المسيح، فلم يكتفِ أدوني صادق بأنه امتنع عن صنع عهد مع يشوع، إنما عادي الجبعونيين الذين عقدوا معاهدة سلام مع يشوع، وهكذا ضد المسيح سيعادي السيد المسيح وكل أتباعه من المسيحيين الأمناء. ومن الملاحظ أيضًا أن أسماء الملوك الذين صاحبوا أدوني بازق كانت تشير إلى عملهم ضد شعب الله(3):
أ - هوهام ملك حبرون: معنى " هوهام " أي ضوضاء الجماهير، ومعنى " حبرون " أي شركة، فهو وجنوده يعبرون عن جنود الشر الروحية الذين يقاومون الراجعين لله (الجبعونيين).
ب - فرآم ملك يرموت: معنى " فرآم " أي الحمار الوحشي ومعنى " يرموت " ارتفاع أو كبرياء، فالمتكبرون هم الذين يعادون المتضعين (الجبعونيين).
جـ- يافيع ملك لخيش: معنى " يافيع " أي اللامع لمعانًا قويًا، ومعنى " لخيش " أي ارتفاع، فيافيع هنا ترمز للشيطان المتكبر ذو المناظر الخادعة والإعلانات الكاذبة.
د - دبير ملك عجلون: معنى " دبير " أي وحي، ومعنى " عجلون " أي ثور سمين، والأشرار الذين يقاومون المؤمنين يظنون أنهم ينقادون بوحي آلهتهم الوثنية.
_____
(1) ترجمة دكتور محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 185.
(2) الخوري بولس الفغالي - التاريخ الاشتراعي ص 74.
(3) راجع هلال أمين - تفسير سفر يشوع ص 95، 96.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/944.html
تقصير الرابط:
tak.la/rv37y3m
