ويقول علاء أبو بكر " على أي جبل أمر الرب موسى عليه السلام ببناء الهيكل؟
في جبل عيبال: (حين تعبرون الأردن تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال وتكلَّسها بالكلس) (تث 27: 4) من النسخة العبرانية.
في جبل جرزيم: (ويكون عند عبوركم الأردن تقيمون الحجارة هذه التي أنا موصيكم اليوم في جبل جرزيم وتشيّدها بشيد) (تث 27: 4) من النسخة السامرية.
ألا يدل هذا على تلاعب الطوائف المختلفة بالتوراة التي بأيديهم؟"(1).
ويقول دكتور مصطفى محمود " في النسخة العبرانية من سفر التثنية نقرأ ما نصه {فإذا عبرتم الأردن فانصبوا الحجارة التي أنا أوصيكم في جبل عيبال وشيدوها بالجص تشيّيدًا} وفي النسخة السامرية نقرأ هذه العبارة هكذا {فانصبوا الحجارة التي أنا أوصيكم في جبل جرزيم} ومعنى العبارتين أن موسى عليه السلام قد أمرهم ببناء دار للعبادة ولكن مكان تلك الدار في النسخة العبرانية جبل عيبال وفي النسخة السامرية جبل جرزيم، وهم يقولون أن النسخة السامرية حُرّفت. كيف يعترفون بإمكان تحريف التوراة ثم يعودون في مكان آخر ليقولوا أن تحريف التوراة مستحيل بدليل ما جاء في إشعياء {أما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد}"(2).
|
|
ج: 1- ذكرنا من قبل أن التوراة واحدة وليست ثلاث، فلا يستقيم القول بالتوراة العبرانية والتوراة السامرية والتوراة اليونانية، إنما التوراة واحدة التي دوَّنها موسى وهي التوراة العبرانية، وهي التي نعتد بها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد جاء فيها " حين تعبرون الأردن تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال وتكلَّسها بالكلس" (تث 27: 4) أما ما يدعونه بالتوراة السامرية فهي ليست توراة قائمة بذاتها، إنما هي ترجمة للأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم مع بعض الإضافات والحذف والتغيير بما يتوافق مع أفكار السامريين، ولهذا غيروا جبل عيبال إلى جبل جرزيم، وأمور أخرى قد سبق مناقشتها(3).
2- يقع جبل جرزيم بالقرب من جبل عيبال، فجبل جزريم يقع جنوبي الوادي الذي تقع فيه مدينة شكيم (نابلس حاليًا) وهو الجبل الذي قدَّسه السامريون، وبنوا عليه مذبحًا، وهو بالقرب من بئر يعقوب. ويقع جبل عيبال شمالي وادي شكيم، والذي يقف عند سفحه يستطيع أن يستمع لمن يتكلم بصوت عالٍ عند سفح جبل جرزيم، ويُدعى جبل عيبال حاليًا جبل السلامية.
ويقول "هيو ج بلير" Hegh J. Bluir " يستطيع المسافر من سهول موآب، أن يرى إلى الغرب، عبر وادي الأردن جبلين توأمين جرزيم وعيبال، والشمس تغرب خلفهما، وهما يقفان كشاهدين على ضرورة الاختيار بين الصواب والخطأ"(4).
وجاء في دائرة المعارف الكتابية " جبل جرزيم: وهو جبل في وسط أرض السامرة بالقرب من شكيم وعلى نحو عشرة أميال جنوبي شرقي مدينة السامرة، وكان مركزًا لعبادة السامريين ويمكن رؤية شكيم وبئر يعقوب من جبلي جرزيم وعيبال... وقد جمع يشوع كل شعب إسرائيل، كما أمر الرب موسى (تث 11: 29، 27: 11 - 14) على جبل جرزيم وعيبال لقراءة الناموس لمباركة الشعب. فوقف نصف الأسباط على جبل عيبال للعنة والنصف الآخر على جبل جرزيم للبركة. بينما كان يقف في الوادي بين الجبلين الكهنة ومعهم تابوت العهد. ولكنه بنى المذبح على جبل عيبال (يش 8: 30 - 35) ويُسمى جبل جرزيم حاليا "بجبل الطور".."(5).
كما جاء في دائرة المعارف الكتابية أيضًا " جبل عيبال: و"عيبال" كلمة عبرية معناها "عيب أو عار" ويسميه العرب الآن "الإسلامية" ويقع إلى الشمال من وادي شكيم مقابل جبل جرزيم في جنوبي الوادي... ويمر بين الجبلين (جرزيم وعيبال) وادٍ ضيق هو الشريان الوحيد للانتقال بين الشرق والغرب، وتقع مدينة نابلس في عنق الوادي عند طرفه الغربي... ويجد الصاعد من نابلس إلى السفوح السفلى من عيبال أنها مكسوة بالحدائق والبساتين التي تجري فيها جداول المياه الغزيرة التي تسيل من الينابيع في أسفل جرزيم، وتنشر الخصب والجمال، فالكروم وأشجار التين والزيتون تنمو بغزارة. أما السفوح العليا فتغطها الصخور الوعرة التي لا تنمو بها إلاَّ الأشواك... وقد لعبت سفوح عيبال وجرزيم دورًا خالدًا في تاريخ بني إسرائيل، فبعد أن غزا يشوع المنطقة الوسطى من فلسطين، قاد الشعب إلى هناك وأقام مذبحًا في جبل عيبال من حجارة صحيحة... ثم -تنفيذًا لما أمر به الرب على فم موسى- وقف نصف الأسباط على سفوح جبل جرزيم ونصفهم الآخر على سفوح جبل عيبال، وقرأ الذين على جبل جرزيم البركات، وقرأ الذين على جبل عيبال اللعنات... ولا شك أن تكوين المنطقة والسفوح المتقابلة في هذا الوادي الضيق كانت تسمح للصوت أن يصل إلى أبعد مدى ليسمع كل الشعب ما يُقال"(6).
3- تصحيحًا لتساؤل علاء أبو بكر: على أي جبل أمر الرب موسى ببناء الهيكل؟ نقول له أن موسى لم يبني الهيكل، إنما بناه سليمان الملك في أورشليم بعد نحو خمسمائة عام من موت موسى، وموسى أقام خيمة الاجتماع بحسب المثال الذي رآه على الجبل، فكان بنو إسرائيل يقدمون عبادتهم وذبائحهم من خلال خيمة الاجتماع هذه، ثم من خلال الهيكل فيما بعد. إذًا أمر الله لموسى هنا لم يكن ببناء الهيكل ولا حتى خيمة الاجتماع، إنما إقامة نصب تُنقش عليه الوصايا، حتى يراها كل بني إسرائيل، ويلتزمون بها. ومثل هذه الأخطاء التي يقع فيها بعض هؤلاء النُقَّاد، تؤكد أن هؤلاء النُقَّاد ليسوا أصحاب فكر ولا هم باحثين ولا دارسين ولا قارئين، إنما هم ينقلون أفكار مدرسة النقد الأعلى، وفي أحيان كثيرة بدون وعي.
4- بالإشارة إلى كلام الدكتور مصطفى محمود الذي يشكك في صحة التوراة، وينوه بتحريفها، نقول أننا ناقشنا موضوع الإدعاء بتحريف التوراة باستفاضة(7).
_____
(1) البهريز جـ 1 س 513.
(2) التوراة ص 98.
(3) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 5 س 311.
(4) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 443.
(5) دائرة المعارف الكتابية جـ 2 ص 478، 479.
(6) دائرة المعارف الكتابية جـ 2 ص 489.
(7) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 5 من س 314 إلى س 318.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/889.html
تقصير الرابط:
tak.la/s2tc9cr
