St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1687- كيف يكتب داود المزمور (30) تحت عنوان: "مَزْمُورٌ أُغْنِيَةُ تَدْشِينِ اَلْبَيْتِ" والمقصود بالبيت إما "خيمة الاجتماع" وهذه دشنها موسى النبي قبل داود بنحو أربعمائة عام، وإما "الهيكل" وقد بُني بعد موت داود..؟ وكيف يذكر أن عنوان المزمور " مَزْمُورٌ أُغْنِيَةُ تَدْشِينِ اَلْبَيْتِ" بينما لم يرد أن ذكر في المزمور للتدشين ولا للبيت؟!، أم أن هذا المزمور كتبه أرميا النبي..؟ وهل مات داود وذهب للهاوية فأصعده الرب منها (مز 30: 3)؟!

 

س 1687: كيف يكتب داود المزمور (30) تحت عنوان: "مَزْمُورٌ أُغْنِيَةُ تَدْشِينِ اَلْبَيْتِ" والمقصود بالبيت إما "خيمة الاجتماع" وهذه دشنها موسى النبي قبل داود بنحو أربعمائة عام، وإما "الهيكل" وقد بُني بعد موت داود..؟ وكيف يذكر أن عنوان المزمور " مَزْمُورٌ أُغْنِيَةُ تَدْشِينِ اَلْبَيْتِ" بينما لم يرد أن ذكر في المزمور للتدشين ولا للبيت؟!، أم أن هذا المزمور كتبه أرميا النبي..؟ وهل مات داود وذهب للهاوية فأصعده الرب منها (مز 30: 3)؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- جاء في عنوان المزمور (30): "مَزْمُورٌ أُغْنِيَةُ تَدْشِينِ اَلْبَيْتِ"، فبعد أن نقل داود تابوت العهد إلى أورشليم، وكان قد صنع له خيمة جديدة، وبعد حادثة إحصاء داود للشعب، وضرب الرب للشعب بالوباء وتساقط الآلاف، وقد بسط الملاك المُهلِك يده على أورشليم ليهلكها صرخ داود للرب " وَقَالَ هَا أَنَا أَخْطَأْتُ وَأَنَا أَذْنَبْتُ وَأَمَّا هـؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا فَلْتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي" (2صم 24: 17)، فجاء جاد النبي إلى داود وطلب منه أن يقيم مذبحًا في بيدر أرونة اليبوسي: "وَبَنَى دَاوُدُ هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ وَاسْتَجَابَ الرَّبُّ مِـنْ أَجْلِ الأَرْضِ فَكَفَّتِ الضَّرْبَةُ عَنْ إِسْرَائِيلَ" (2صم 24: 25)، ودَعَى داود ذاك المكان بيت الرب " فَقَالَ دَاوُدُ هذَا هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ الإِلهِ وَهذَا هُوَ مَذْبَحُ الْمُحْرَقَةِ لإِسْرَائِيلَ" (1أي 22: 1)، فعلى هذا المكان أُقيم الهيكل بعد أن دشن داود المكان بإقامة المذبح وتقديم الذبائح، فالذبائح تعد تدشينًا للمذبح كما حدث مع موسى النبي: "وَقَرَّبَ الرُّؤَسَاءُ لِتَدْشِينِ الْمَذْبَحِ يَوْمَ مَسْحِهِ. وَقَدَّمَ الرُّؤَسَاءُ قَرَابِينَهُمْ أَمَامَ الْمَذْبَحِ. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى رَئِيسًا رَئِيسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ يُقَرِّبُونَ قَرَابِينَهُمْ لِتَدْشِينِ الْمَذْبَحِ" (عد 7: 10، 11)، وفي عصر سليمان دُشّن بيت الرب بالذبائح أيضًا: "وَذَبَحَ سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ الَّتِي ذَبَحَهَا لِلرَّبِّ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا فَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَيْتَ الرَّبِّ" (1مل 8: 63)، وفي تدشين الهيكل أُستخدم هذا المزمور سواء في أيام سليمان الملك، أو زربابل، أو يهوذا المكابي عندما أُعيد تجديد الهيكل بعد أن خرَّبه أنطيوخس أبيفانس نحو عام 165 ق.م.. وهناك احتمال أن يكون المقصود بالبيت بيت داود أي القصر الذي بناه داود كمقر للملك، وجاء في سفر التثنية أنه عند الخروج للحرب " يُخَاطِبُ الْعُرَفَاءُ الشَّعْبَ قَائِلِينَ مَنْ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي بَنَى بَيْتًا جَدِيدًا وَلَمْ يُدَشِّنْهُ لِيَذْهَبْ وَيَرْجعْ إِلَى بَيْتِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ فِي الْحَرْبِ فَيُدَشِّنَهُ رَجُلٌ آخَرُ" (تث 20: 5)، ولذلك كان بنو إسرائيل يرتلون هذا المزمور عند تدشين بيتًا جديدًا.

 

St-Takla.org Image: Arabic graph of the external borders of the tabernacle (image 2). صورة في موقع الأنبا تكلا: شكل الأسوار الخارجية لدار المسكن (صورة 2).

St-Takla.org Image: Arabic graph of the external borders of the tabernacle (image 2).

صورة في موقع الأنبا تكلا: شكل الأسوار الخارجية لدار المسكن (صورة 2).

2- يدور المزمور (30) حول موضوعين، أولهما: تقديم الحمد للرب لأجل النجاة من الهلاك (مز 30: 1 - 3)، ولاسيما أن هذا المزمور يعتبر أول مزامير الشكر الخمسة (مز 30 - 34)، وثانيهما، حث على تسبيح الرب لأنه استجاب لصلوات داود (مز 30: 4ــ12)، فواضح أن داود ترنَّم بهذا المزمور بعد أن ارتد غضبه عن شعبه، وبينما كانت ضربة الوباء من المفروض أن تستمر ثلاثة أيام، أوقفها الله بعد يوم واحد قُتل فيه سبعون ألفًا.. فما بالك لو استمرت الضربة إلى ثلاثة أيام؟!

 

3- كاتب هذا المزمور هو داود النبي وليس إرميا النبي كقول "هتزج"، وقد قرأ إرميا هذا المزمور فسكن في أعماقه، وقد تأثر به، ولذلك جاءت بعض كتاباته متشابهة مع روح المزمور، ويقول "القس وليم مارش": "وقد ذهب العالِم " هتزج " إلى أن هذا المزمور قد كتبه إرميا، ولكن أغلب المفسرين يرون أن هذا التشابه في الكتابة قد يكون أن إرميا نفسه قد تأثر من المزامير وليس دليلًا أنه هو كاتبها، والإشارة هنا للهاوية والجُب هو من قبيل المجاز" (264).

 

4ـ شكـر داود الله قائلًا: "أُعَظِّمُكَ يا رب لأَنَّكَ نَشَلْتَنِي وَلَمْ تُشْمِتْ بِي أَعْدَائِي" (مز 30: 1) وتعبيـر الانتشال هو المستخدم في انتشال الماء من البئر، فالبئر العميق يرمز للجب والموت، ثم قال: "يا رب أَصْعَدْتَ مِنَ الْهَاوِيَةِ نَفْسِي. أَحْيَيْتَنِي مِنْ بَيْنِ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ" (مز 30: 3).

وفي "الترجمة اليسوعية": "يا رب من مثوى الأموات أصعدتَ نفسي. ومن بين الهابطين في الهاوية أحييتني".

وفي "ترجمة كتاب الحياة": "يا رب أنت انتشلتَ نفسي من شفا الهاوية. وأنقذتني من بين المنحدرين إلى عالم الأموات" و " شفا الهاوية" صورة بلاغية تعني الاقتراب من الموت.

فقد كان داود يحتسب نفسه أول من يستحق العقوبة لإصراره على إحصاء الشعب إرضاءً لكبريائه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولم يلتفت لتحذيرات يوآب (2صم 24: 3)، ولم ينفذ الوصية الإلهيَّة بشأن الإحصاء فلم يدفع الفدية: "إِذَا أَخَذْتَ كَمِّيَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ الْمَعْدُودِينَ مِنْهُمْ يُعْطُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِدْيَةَ نَفْسِهِ لِلرَّبِّ عِنْدَمَا تَعُدُّهُمْ لِئَلاَّ يَصِيرَ فِيهِمْ وَبَأٌ عِنْدَمَا تَعُدُّهُمْ" (خر 30: 12)، فحسب داود نفسه في تعداد الموتى، وكأنه نزل إلى الهاوية والرب أصعده منهـا ثانيـة، ويقول "د. مراد أمين موسى": "كان داود على حافة القبر، وهو المقصود بالهاوية هنا. وقد أقرَّ بقلبه وفمه أمام الرب أنه هو المخطئ والمذنب، وقد انحمق جدًا، ويستحق الوبأ والسيف هو وبيت أبيه، وأما هؤلاء الخراف فمـاذا فعلوا (2صم 24: 10، 17)، وإذ أشفق الرب عليه اعتبر إشفاقه إصعادًا من حافة القبر، والرب حقًا أحياه بعد استحقاق الموت" (265).

وكم تعرضت حياة داود لمناحي خطرة؟!، وكم من مرة تعرَّض للهلاك والرب أنقذه من براثن الموت؟! وهذا ما نجد صداه في مزاميره:

" اِرْحَمْنِي يا رب. انْظُرْ مَذَلَّتِي مِنْ مُبْغِضِيَّ يَا رَافِعِي مِنْ أَبْوَابِ الْمَوْتِ" (مز 9: 13).

" وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ" (مز 40: 2).

" لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ. نَعَمْ وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ لِكَيْ أَسِيرَ قُدَّامَ اللهِ فِي نُورِ الأَحْيَاءِ" (مز 56: 13).

" لأَنَّ رَحْمَتَكَ عَظِيمَةٌ نَحْوِي وَقَدْ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِــنَ الْهَاوِيَةِ السُّفْلَى" (مز 86: 13).

ولا نغفل أن ما قاله داود هنا: "يا رب أَصْعَدْتَ مِنَ الْهَاوِيَةِ نَفْسِي. أَحْيَيْتَنِي مِنْ بَيْنِ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ" قد حملت بُعدًا نبويًا، إذ انطبقت على السيد المسيح إذ بعد موته انطلقت روحه المتحدة باللاهوت إلى سجن الجحيم فأخرج جميع الأبرار، وهذا ما تنبأ عنه زكريا النبي في العهد القديم: "وَأَنْتِ أَيْضًا فَإِنِّي بِدَمِ عَهْدِكِ قَدْ أَطْلَقْتُ أَسْرَاكِ مِنَ الْجُبِّ" (زك 9: 11)، وهو ما أشار إليه بطرس الرسول قائلًا: "لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ.. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا" (أع 2: 25، 27)، وفي "القداس الباسيلي" يُصلِّي الأب الكاهن: "نزل إلى الجحيم من قِبَل الصليب".

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(264) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 6 ص 74.

 (265) شرح سفر المزامير ص 219.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1687.html

تقصير الرابط:
tak.la/62hfm8n