St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1686- كيف يقول داود لله: "لاَ تَتَصَامَمْ مِنْ جِهَتِي" (مز 28: 1) أي لا تصر كأصم؟! هل هذا أسلوب يخاطب به نبي ربه؟! وكيف يدعو آساف الله أن ينتفض ويثور: "اَلَّلهُمَّ لاَ تَصْمُتْ لاَ تَسْكُتْ وَلاَ تَهْدَأْ يَا اَللهُ" (مز 83: 1)؟

 

س 1686: كيف يقول داود لله: "لاَ تَتَصَامَمْ مِنْ جِهَتِي" (مز 28: 1) أي لا تصر كأصم؟! هل هذا أسلوب يخاطب به نبي ربه؟! وكيف يدعو آساف الله أن ينتفض ويثور: "اَلَّلهُمَّ لاَ تَصْمُتْ لاَ تَسْكُتْ وَلاَ تَهْدَأْ يَا اَللهُ" (مز 83: 1)؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- استغاث داود بإلهه قائلًا: "إِلَيْكَ يا رب أَصْرُخُ يَا صَخْرَتِي لاَ تَتَصَامَمْ مِنْ جِهَتِي لِئَلاَّ تَسْكُتَ عَنِّي فَأُشْبِهَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. اسْتَمِعْ صَوْتَ تَضَرُّعِي إِذْ أَسْتَغِيثُ بِكَ وَأَرْفَعُ يَدَيَّ إِلَى مِحْرَابِ قُدْسِكَ" (مز 28: 1، 2). فالناقد أستقطع جزء من آية وأصدر حكمه الجائر على داود النبي العظيم، مع أننا بمجرد قراءة آيتين فقط من المزمور أتضح أسلوب التوسل والصراخ والاستغاثة، ولم يظهر قط أي رائحة للاستهانة بالله.. قصد داود أن يستمع الله لصرخاته، أي يستجيب له وينقذه لئلا يهبط إلى الهاوية، وعبــارة " لاَ تَتَصَامَمْ مِنْ جِهَتِي" جاءت فــي "الترجمة القبطي": "إلهي لا تسكت عني" أو " إلهي لا تتغافل عني".

 وبنفس الأسلوب خاطب داود الله في مزمور آخر قائلًا: "فَغَرُوا عَلَيَّ أَفْوَاهَهُمْ. قَالُوا هَهْ هَهْ قَدْ رَأَتْ أَعْيُنُنَا. قَدْ رَأَيْتَ يَا رَبُّ. لاَ تَسْكُتْ. يَا سَيِّدُ لاَ تَبْتَعِدْ عَنِّي" (مز 35: 21، 22)، فداود يُشهِد الله على أعدائه ويطلب منه أن لا يسكت بل يجرى العدل سريعًا ويجازيهم على شرهم، وفي مزمور ثالث لداود يقول: "يَا إِلهَ تَسْبِيحِي لاَ تَسْكُتْ. لأَنَّهُ قَدِ انْفَتَحَ عَلَيَّ فَمُ الشِّرِّيرِ وَفَمُ الْغِشِّ" (مز 109: 1، 2) وهنا بينما هو يُسبّح الله يطلب منه التدخل السريع لينقذه من الشرير، وبنفس الأسلوب خاطب آساف الرب قائلًا: "اَلَّلهُمَّ لاَ تَصْمُتْ. لاَ تَسْكُتْ وَلاَ تَهْدَأْ يَا اَللهُ. فَهُوَذَا أَعْدَاؤُكَ يَعِجُّونَ وَمُبْغِضُوكَ قَدْ رَفَعُوا الرَّأْسَ" (مز 83: 1، 2).

 

2ــ من عظم الضغطة التي تعرض لها داود صرخ لله ملتمسًا منه أن لا يصم أذنيه عن سماع صراخه، فقوله " لاَ تَتَصَامَمْ" أي يا رب من فضلك لا تصم أذنيك عن صراخي، ولا تسكت عن خلاصي لئلا أشبه الهابطين في الجب الذين نهايتهم بلا شك الهلاك، وداود يتجرأ ويخاطب الرب بهذا الأسلوب لأنه يمر بظروف قاسية، وكأنه على أبواب جب الأسود، لذلك قال: فَأُشْبِهَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ.. هذا من جانب، ومن جانب آخر يعلم أن الله كأب مُحب من المستحيل أن يسلم ابنه للهلاك، والجب هنا إشارة للجحيم، فكما أن الجب يحتفظ بالمياه الهابطة إليه كذلك الجحيم يحتفظ بالنفوس المنحدرة إليه، ولذلك قال داود عن رجال الدماء والغش: "وَأَنْتَ يَا اَللهُ تُحَدِّرُهُمْ إِلَى جُبِّ الْهَلاَكِ" (مز 55: 23).

وهنا يصرخ داود وهو في مواجهة الموت والهلاك ليس من شفتيه فقط بل من أعماق قلبه لكيما يغيثه وينقذه من الهلاك، فصراخ داود الصامت مسموع لدى الله، كما كان موسى صامتًا، ومع هذا " فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى مَا لَكَ تَصْرُخُ إِلَيَّ" (خر 14: 15).. أنها صرخات صامتة من قلب ملتهب تشق عنان السماء وتخترق الحجب إلى قلب الله: "أَعْطِهِمْ حَسَبَ فِعْلِهِمْ وَحَسَبَ شَرِّ أَعْمَالِهِمْ. حَسَبَ صُنْعِ أَيْدِيهِمْ أَعْطِهِمْ. رُدَّ عَلَيْهِمْ مُعَامَلَتَهُمْ" (مز 28: 4)، وقد إعتاد داود أن يصرخ لله، فيسمع صوت الله داخله يُطمِئنه ويشجعه ويشد من أزره، ولذلك تجده في نفس المزمور يقـول: "مُبَارَكٌ الرَّبُّ لأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَ تَضَرُّعِي" (مز 28: 6) ثم سبح داود الله، فهو عزَّهُ وترسه، وابتهج قلبه وغنى أغنية الحمد للرب عزُّهُ وحصنه (راجع مز 28: 7، 8).. ولو قصد داود الاستهانة بالرب ما كان يستجيب الرب لصلاته وصرخاته.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1686.html

تقصير الرابط:
tak.la/4hqbm2x