ج: 1- في عهد يوشيا جرت محاولات لاستقلال أورشليم من سطوة ملوك أشور، ولا سيما أنه منذ ستون عامًا في عهد حزقيا الملك الصالح قد تحطّم جيش أشور على أبواب أورشليم، وقتل ملاك الرب مائة وخمسة وثمانين ألفًا، وفرَّ سنحاريب عائدًا إلى بلاده، فاغتاله ابناه، وجاء عصر يوشيا ومملكة أشور في الرمق الأخير، ولذلك تجرأ يوشيا وذهب إلى مدن إسرائيل وطهرها من العبادات الوثنية، فذهب إلى بيت إيل حيث أقام يربعام أحد عجلي الذهب، وبنى مذبحًا للأوثان... فماذا فعل يوشيا في بيت إيل وفي كثير من مدن إسرائيل؟ "كَسَّرَ التَّمَاثِيلَ وَقَطَّعَ السَّوَارِيَ وَمَلأَ مَكَانَهَا مِنْ عِظَامِ النَّاسِ. وَكَذلِكَ الْمَذْبَحُ الَّذِي فِي بَيْتِ إِيلَ فِي الْمُرْتَفَعَةِ الَّتِي عَمِلَهَا يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ... فَذَانِكَ الْمَذْبَحُ وَالْمُرْتَفَعَةُ هَدَمَهُمَا وَأَحْرَقَ الْمُرْتَفَعَةَ وَسَحَقَهَا حَتَّى صَارَتْ غُبَارًا، وَأَحْرَقَ السَّارِيَةَ" (2مل 23: 14، 15) وأخذ عظام الموتى وأحرقها على المذبح ونجَّسه، وتحقَّقت نبوءة رجل الله الذي جاء من يهوذا وقال أمام يربعام: "يَا مَذْبَحُ، يَا مَذْبَحُ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ابْنٌ اسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ، وَتُحْرَقُ عَلَيْكَ عِظَامُ النَّاسِ" (1مل 13: 2). لقد كان ليوشيّا غيرة عظيمة حتى أنه ذهب إلى "مُدُنِ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ وَشِمْعُونَ حَتَّى وَنَفْتَالِي مَعَ خَرَائِبِهَا حَوْلَهَا هَدَمَ الْمَذَابحَ وَالسَّوَارِيَ وَدَقَّ التَّمَاثِيلَ نَاعِمًا، وقَطَعَ جَمِيعَ تَمَاثِيلِ الشَّمْسِ فِي كُلِّ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أُورُشَلِيمَ" (2أي 34: 6، 7).
2- عندما جاء رجل الله من يهوذا في أيام يربعام تنبأ بأنه سيولد ابن اسمه يوشيّا لبيت داود: "فَنَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَقَالَ: يَا مَذْبَحُ، يَا مَذْبَحُ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ابْنٌ اسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ" (1مل 13: 2) ففي أيام داود كانت المملكة موحَّدة، وهكذا وُلِد يوشيّا لبيت داود ملكًا على مملكة داود الموحَّدة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لقد التهب قلب يوشيّا بالمحبة الإلهيَّة، فلم يكتفِ بتطهير مملكة يهوذا من عبادة الأوثان، بل تحرّك بقوة عجيبة لإزالة العبادة الوثنية في بيت إيل التي أقامها يربعام بن ناباط عقب انشقاق المملكة، بل وتحرّك تجاه مدن السامرة المختلفة فأزال المرتفعات وحطّم الأوثان، وكأنه يريد أن يزيل عبادة الأوثان النجسة من العالم كله، ولم يكتفِ باستئصال هذه العبادات الغريبة في مملكة يهوذا وأسباط منسّى وأفرايم وشمعون ونفتالي، بل اتجه نحو ترميم الهيكل وتنشيط العبادة، فبعث في الشعب نهضة روحية عظيمة.
3- يقول "هـ. ل اليسون": "في السنة الثامنة لحكم يوشيا (613 ق. م) كان أشور بانيبال قد مات، وكان أيضًا من الواضح أن الأسد الأشوري قد فقد أسنانه! ولهذا رفض يوشيّا شخصيًا عبادة آلهة الأشوريين. وبعد ذلك بأربعة أعوام " في السنة الثانية عشر لمُلكه " سقطت أشور، وبدأ يوشيّا إصلاحاته الشعبية بكل حذر وحرص، وفي السنة الثامنة عشر لمُلكه (2مل 22: 3) نال يوشيّا الاستقلال الكامل"(1).
4- يقول "القمص تادرس يعقوب" عن يوشيّا الملك: "امتد إصلاحه إلى أسباط منسَّى وأفرايم وشمعون، فطهّر أراضيها من الأوثان. استطاع أن يفعل هذا، لأن أشور بدأت تضعف عسكريًا، ولم تعد تستطيع أن تقترب من أورشليم. فقد مات آخر إمبراطور أشوري قوي أشور بانيبال Assurbanipal (668 - 633 ق. م) ولم يعد أحد من خلفائه قادرًا على تهديد الجانب الغربي من الهلال الخصيب. اقترب وقت ثورة نبوخذنصر البابلي على أشور (626 - 605 ق. م) سقطت أشور أمام بابل في 614 ق. م.، ونينوى في عام 612 ق. م.، وحاران في عام 610 ق. م.، ولم يعد لأشور المرعِبة كيان بعد"(2).
_____
(1) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 246.
(2) تفسير سفر أخبار الأيام الثاني ص 469.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1433.html
تقصير الرابط:
tak.la/km4nsk3