يقول " أحمد حجازي السقا": "ويقول الكاتب عن فقدها
نهائيًا {وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فِي سَابِعِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ
نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ
الشُّرَطِ عَبْدُ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى
أُورُشَلِيمَ، وَأَحْرَقَ
بَيْتَ الرَّبِّ وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ
أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ أَحْرَقَهَا
بِالنَّارِ. وَجَمِيعُ
أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ مُسْتَدِيرًا
هَدَمَهَا}
(2مل 25: 8 - 10) لقد احترقت نسخة التوراة الرسمية التي في
الصندوق، واحترق التابوت لما أُحرق بيت الرب بالنار.."(1).
ج: 1- تصوَّر الناقد أنه حتى حرق الهيكل سنة 586
ق.م. لم يكن هناك في
العالم كله غير نسخة واحدة من التوراة، وهذا بالطبع أمر غير حقيقي...
لماذا؟
أ - لأن الشعب اليهودي الشغوف بتراثه وإحساسه بأن الله ائتمنه على
كتابه، لم يكن بهذه السذاجة، إنما حرصت القيادات الدينية اليهودية
على نسخ العديد من نسخ التوراة، وقد أمر
موسى
أن تُقرأ التوراة على
الشعب في سنة الإبراء: "وَكَتَبَ
مُوسَى هذِهِ
التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي... وَأَمَرَهُمْ
مُوسَى قَائِلًا: فِي نِهَايَةِ السَّبْعِ
السِّنِينَ، فِي مِيعَادِ سَنَةِ الإِبْرَاءِ، فِي عِيدِ الْمَظَالِّ، حِينَمَا يَجِيءُ جَمِيعُ
إِسْرَائِيلَ لِكَيْ
يَظْهَرُوا أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي
يَخْتَارُهُ، تَقْرَأُ هذِهِ التَّوْرَاةَ أَمَامَ كُلِّ
إِسْرَائِيلَ فِي مَسَامِعِهِمْ" (تث 31: 9 - 11).
ب - أوصت الشريعة بأن كل ملك جديد يحرص أن يكون لديه نسخة من
التوراة يقرأ فيها، فقد أوصى الله
موسى
قائلًا: "وعندما
يجلس على كرسي مملكته يكتب لنفسه نسخة من هذه الشريعة في كتاب من
عند الكهنة اللاويين. فتكون معه ويقرأ فيها كل أيام حياته لكي
يتعلم أن يتقي الرب إلهه ويحفظ جميع كلمات هذه الشريعة وهذه
الفرائض ليعمل بها ولئلا يرتفع قلبه على أخوته ولئلا يحيد عن
الوصية يمينًا أو شمالًا" (تث 7: 18 - 20).
جـ- عندما ذهب الشعب إلى السبي كانت التوراة معهم، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
ولذلك يقول
دانيال النبي: "فِي السَّنَةِ الأُولَى لِدَارِيُوسَ بْنِ
أَحْشَوِيرُوشَ... أَنَا دَانِيآلَ فَهِمْتُ مِنَ الْكُتُبِ عَدَدَ
السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ عَنْهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى ارميا
النَّبِيِّ، لِكَمَالَةِ سَبْعِينَ سَنَةً عَلَى
خَرَابِ
أُورُشَلِيمَ" (دا 9: 1، 2).
د - بعد العودة من السبي كانت هناك نسخ عديدة من التوراة في يد
الشعب، وقد جمع نحميا الشعب في
أورشليم
وقرأ عزرا عليهم التوراة
وهو يقف على منبر خشبي عُمل خصيصًا لهذا الغرض، وعلى يمينه وقف
ستة أشخاص وعلى يساره سبعة أشخاص " وَفَتَحَ عَزْرَا
السِّفْرَ أَمَامَ كُلِّ الشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ فَوْقَ كُلِّ
الشَّعْبِ. وَعِنْدَمَا فَتَحَهُ وَقَفَ كُلُّ الشَّعْبِ... وَقَرَأُوا فِي السِّفْرِ، فِي شَرِيعَةِ اللهِ، بِبَيَانٍ،
وَفَسَّرُوا الْمَعْنَى، وَأَفْهَمُوهُمُ الْقِرَاءَةَ"
(نح 8: 5-8).
هـ- في سنة 170 ق.م. أمر أنطيوخس الرابع حرق الأسفار المقدَّسة (1مك 1: 59) فأخفى اليهود آلاف من الأسفار المقدَّسة في مغائر
وادي قمران، وقد شاء الله أن يتم الكشف عن هذه الكنوز سنة 1947 م.
وما بعدها.
و - في القرن الثالث ق.م. جاء إلى الإسكندرية أثنين وسبعين شيخًا
بناء على طلب بطليموس فيلادلفيوس، وقاموا بترجمة التوراة من
العبرية لليونانية، وتم الاحتفاظ بها في مكتبة الإسكندرية الشهيرة، واستلمت الكنيسة هذه الترجمة السبعينية وأضافت إليها أسفار العهد
الجديد، في كتاب واحد ضم العهدين القديم والجديد.
ز - شهد بطرس الرسول أن التوراة كانت متوفرة في المجامع اليهودية
في دول مختلفة يقرأون منها "لأَنَّ
مُوسَى مُنْذُ أَجْيَال
قَدِيمَةٍ، لَهُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مَنْ يَكْرِزُ بِهِ، إِذْ
يُقْرَأُ فِي الْمَجَامِعِ كُلَّ سَبْتٍ" (أع 15: 21).
ح - قال
"يوسيفوس" المؤرخ اليهودي في القرن الأول
الميلادي: "ليس لدينا من الكتب ما لا يُحصى، أو يتناقض بعضها
بعضًا، وكل ما لدينا اثنان وعشرون كتابًا تحوي سجلًا كاملًا عن
الأزمنة القديمة نؤمن بها عن حق. ولقد كُتبت سجلات كثيرة منذ أيام
الملك أحشويرش حتى يومنا هذا، إلاَّ أننا لا نستطيع أن نتخذ منها
مرجعًا لنا لأن هذه الكتابات لم تصل إلينا نقلًا من نبي إلى آخر.
ومنذ أجيال عديدة لم يجسر أحد أن يضيف إلى هذه الكتب أو يحذف منها
أو يثير فيها شيئًا لأنها تعتبر حاوية تعاليم سماوية لا ريب في
أنها من وحي الله، وقد كُتبت جميعها في زمن الأنبياء فهي وحدها
المقدَّسة والتي لا تُنتهك حرمتها"(2).
ولقد أحصى
يوسيفوس
الأسفار المقدَّسة
باثنين وعشرين سفرًا
لدمج بعض الأسفار في الأصول العبرية، فالأنبياء الصغار الاثني عشر
دُمجت أسفارهم في سفر واحد، وكذلك سفري صموئيل في سفر، وسفري
الملوك في سفر، وسفري أخبار الأيام في سفر... إلخ. ومما يُذكر
أنه عندما خرَّب القائد الروماني تيطس سنة 70 م.
أورشليم
استأذن
يوسيفوس
من الوالي الروماني ليسمح له بأخذ النسخة المعتمدة للأسفار
المقدَّسة والتي كانت في الهيكل قبل حرقه بالنار.
وقد سبق مناقشة هذه القضية بالتفصيل(3).
2- عندما أحرق نبوزرادان بيت الرب لم يحترق التابوت، بل كما يخبرنا
سفر المكابيين الثاني أن ارميا النبي وبعض الكهنة حملوه في رحلتهم
إلى مصر، وأخفاه ارميا في مغارة بجبل سيناء، وعندما عاد البعض
ليبحث عن المغارة لم يستدل عليها، فجاء في السفر: "أن النبي بمقتضى وحي صار إليه أمر أن يذهب معه بالمسكن والتابوت
حتى يصل إلى الجبل الذي صعد إليه
موسى ورأى ميراث الله. ولما وصل
ارميا وجد كهفًا فأدخل إليه المسكن والتابوت ومذبح البخور ثم سد
الباب. فأقبل بعض من كانوا معه ليسموا الطريق فلم يستطيعوا أن
يجدوه. فلما أُعلم بذلك ارميا لآمهم وقال أن هذا الموضع سيبقى
مجهولًا إلى أن يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم" (2مك 2: 4 - 7).
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(1) نقد التوراة ص 117.
(2) أورده أ. زكي فلتاؤوس - الكتاب المقدَّس عبر العصور جـ 1 ص 46.
(3) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 5 إجابة س 321.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1367.html
تقصير الرابط:
tak.la/a6p4sqt