يقول " أحمد ديدات": "سرقات واختطافات أدبية... لا يقل عن 100% ولأوضح المدى الذي وصلت إليه السرقات الأدبية التي أرتكبها المؤلفون " الملهمون " طلبت من جمهور إحدى المحاضرات بجنوب أفريقيا أن يفتحوا كتبهم... وقام جزء كبير منهم بتلبية طلبي بفتح كتبهم على نبوءة أشعيا (الفصل السابع والثلاثون) وقمت بقراءة الجزء الذي معي ليقارنوه بالجزء الذي معهم، وكنت أقرأ ببطء السطور 1، 2، 4، 10، 15 وهكذا، إلى أن انتهى الفصل. وقد كنت طيلة ذلك الوقت أتوقف عند كل سطر وأسألهم إذا كانت متطابقة مع ما عندهم، وكان الرد دائمًا: "نعم، نعم". وفي نهاية الفصل وبدون تغيير الصفحة التي كنت أقرأ منها، طلبت من مدير الجلسة أن يبين لهم من أي كتاب أقرأ، فتبين أنني لم أكن أقرأ نبوءة إشعياء (الفصل السابع والثلاثون) بل من كتاب الملوك الثاني (الفصل التاسع عشر) فانتشر الذعر بينهم! فقد أثبتُّ بذلك بأن الكتاب المقدَّس به نسبة 100 % من السرقات الأدبية، وبمعنى آخر فإن نبوءة إشعياء (الفصل السابع والثلاثون) وكتاب الملوك الثاني (الفصل التاسع عشر) متطابقان كلمة كلمة، ولكن النصارى الذين يدَّعون أنها (وحي) لم يلاحظوا أن المؤلفين من المفروض أن يكونا شخصين مختلفين تفصل بينهما قرون عديدة. مَنْ يسرق مِنْ مَنْ!"(1).
ج: 1- ليس الكتاب المقدَّس مجرد كتاب قصص وأعمال أدبية، ولكنه كتاب بُشرىَ الخلاص للإنسان، فحمل لنا تعاملات الله مع الإنسان عبر التاريخ، وحيث أن حَدثْ هلاك الأعداء على أبواب أورشليم بالآلاف حدث هام وخطير، لذلك رأى الروح القدس تكراره مرتين لتأكيد المعاني المخفية فيه، فقد بدَّد الله كبرياء سنحاريب وانتفاخه بإلهه نِسْروخ، فهلك جيشه وقُتل سنحاريب في بيت إلهه وبيد أبنائه.
2- عاصر إشعياء النبي عُزّيا ويوثام وآحاز وحزقيا من ملوك يهوذا، وسبب التطابق بين (2مل 19)، (أش 37) أن أشعيا كان طرفًا في هذه الضيقة الشديدة التي حلت بحزقيا ملك يهوذا وشعبه من جراء حصار جيش سنحاريب لأورشليم، فقد أرسل ملك آشور جيشًا عظيمًا إلى أورشليم، ودعى ترتان وربساربس وربشاقي قادة آشور حزقيا، فخرج إليهم الياقيم بن حلقيا وشبنة الكاتب ويواخ بن آساف المسجل، فهددهم ربشاقي واستهزأ بهم وبملكهم، وقال أن ملك آشور مستعد أن يعطي حزقيا ألفي فرس لو كان لديه في أورشليم ألفي فارس، وحرَّضوا الشعب للثورة ضد حزقيا " فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ" (2مل 19: 1) وأرسل إلى إشعياء النبي يقول: "هذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ. لَعَلَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَسْمَعُ جَمِيعَ كَلاَمِ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ الإِلهَ الْحَيَّ... فَارْفَعْ صَلاَةً مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ" (2مل 19: 3، 4). وجاء الرد الفوري " فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَا: هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. هأَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا فَيَسْمَعُ خَبَرًا وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ" (2مل 19: 6، 7) وهكذا جرت أحداث هذه القصة، فقام إشعياء النبي بتسجيلها في سفره، وعند كتابة سفر الملوك... أقتبس الكاتب القصة التي سجلها إشعياء النبي، في معرض حديثه عن الملك حزقيا، أقتبس القصة كما هي، ولا عيب في هذا، لأن جميع كتَّاب الأسفار المقدَّسة كانوا جميعًا كأوتار القيثارة التي عزف عليها الروح القدس أجمل الألحان، فالمؤلف واحد وهو الروح القدس والكتبة متحابون، فاطمئن أيها الناقد أن أحدًا منهم لن يحتج قائلًا أين حق التأليف وحق الملكية الفكرية، لأن الجميع قد تجردوا من الذاتية والأنانية، ولا يشغلهم سوى مجد الله، وكما وهبوا أنفسهم لله هكذا وضعوا كتاباتهم تحت تصرف الروح القدس الذي نسج هذه الأسفار المقدَّس بالأداة البشرية، وروح الله القدوس لم يعترض على اقتباسات كتَّاب الأسفار المقدَّسة من بعضهم البعض، فكل ما أقتبسه متى الإنجيلي من العهد القديم، وأيضًا ما أقتبسه بولس الرسول في رسالته للعبرانيين من العهد القديم أيضًا، كان هذا وذاك بإرشاد من الروح القدس.
3- أحمد ديدات الذي اعتبر أن هذه الاقتباسات أو التكرارات سرقات أدبية، ما رأيه في التكرارات العديدة التي وردت في القرآن..؟! فقد تكررت قصة نوح في القرآن في 11 سورة، وهي الأعراف، ويونس، وهود، والأنبياء، والفرقان، والشعراء، والعنكبوت، والصافات، ونوح، والقمر، والمؤمنون، وتكررت قصة إبراهيم في 9 سور، وهي آل عمران، والأنبياء، ومريم، وإبراهيم، وهود، والحجر، والذرايات، والأنعام، والصافات، وقصة لوط تكررت في 8 سور، وهي الصافات، والأعراف، والنحل، والعنكبوت، والشعراء، والأنبياء، والقمر، وهود، وقصة سليمان تكررت في 3 سور، وهي ص، والبقرة، والنمل. وقصة يوناثان تكررت في 4 سور، وهي الأنبياء، والصافات، والقلم، ويونس. وقصة عيسى تكررت في 8 سور، وهي البقرة، وآل عمران، ومريم، والنساء، والمائدة، والحديد، والصف، والزخرف. كما تكررت قصة خلق آدم في 5 سور، وقصة نوح والطوفان في 10 سور، وإنذار إبراهيم لقومه وتبشيره بإسحق في 8 سور، وإنذار لوط لقومه وهلاك سدوم في 9 سور، وإرسال الله لموسى في 12 سورة. وأيضًا تكررت بعض العبارات كثيرًا، فمثلًا عبارة " وأن ربك لهو العزيز الرحيم " تكررت في سورة الشعراء 8 مرات، وعبارة " ألاء ربكما تكذبان " تكررت في سورة الرحمن 31 مرة، وقال بعض المفسرين مثل جلال الدين السيوطي في كتاب " الإتقان في علوم القرآن " أن التكرار " فن قولي " أو " من محاسن الفصاحة " وقال آخرون مثل أبو عثمان الحافظ أن التكرار تأكيد على المعنى... فما هو قول أحمد ديدات في كل هذه التكرارات وغيرها..؟! وهل يسقط الوحي عنها لتكرارها؟!
4- لقد استغل " أحمد ديدات " جهل المستمعين إليه، الذين فوجئوا باكتشافه العجيب، إذ كيف يتكرر إصحاح بالكامل في موضوعين..؟! ولو كان بينهم دارسًا واحدًا للكتاب المقدَّس فأنه بلا شك كان سيوضح له الأمر، فالأمر ليس سرًا قام باكتشافه أحمد ديدات، بل من يقرأ قصة حصار أورشليم وتدخل ملاك الرب وقتل 185 ألف من جيش سنحاريب، في الكتاب المقدَّس ذو الشواهد، فأنه سيجد كل موضع يشير للآخر منذ الآية الأولى، وتفسير هذا الأمر سهل للغاية وهو كما قلنا من قبل أن إشعياء النبي كان طرفًا في هذا الصراع وسجل هذه المعجزة في سفره، وكاتب سفر الملوك في معرض حديثه عن حزقيا الملك وحصار جيش سنحاريب لأورشليم سجل نفس القصة في كتابه كما أوردها إشعياء النبي. وربما أن أحمد ديدات لا يدرك أن هذا التكرار ليس فريدًا في الكتاب المقدَّس، بل أن هناك تكرارات عديدة فمثلًا:
أ - ما جاء في (أش 38: 1 - 8) عن مرض حزقيا وشفائه تكرَّر في (2مل 20: 1 - 8).
ب- ما ترنم به داود النبي في (2صم 22) سجله في مزمور (18) من خلال خمسين آية تكررت في كلا الموضوعين.
جـ- مزمور (14) تكرَّر في مزمور (53) مع اختلافات ضئيلة، وكليهما لداود النبي.
د - مزمور (70) هو جزء من مزمور (40) من الآيات 13-17، وكليهما لداود النبي.
هـ- الإصحاح الحادي والثلاثين في سفر صموئيل الأول تكرَّر في الإصحاح العاشر من سفر أخبار الأيام الأول.
و - الإصحاح السابع من سفر صموئيل الثاني تكرَّر في الإصحاح السابع عشر من سفر أخبار الأيام الأول.
ز - الإصحاح الثامن من سفر صموئيل الثاني تكرَّر في الإصحاح الثامن عشر من سفر أخبار الأيام الأول.
ح - الإصحاح العاشر من سفر صموئيل الثاني تكرَّر في الإصحاح التاسع عشر من سفر أخبار الأيام الأول... وهلم جرا...
أما الأحداث الخاصة بالسيد المسيح ولا سيما أحداث الصلب والقيامة، وأيضًا كثير من المعجزات التي أجراها فنجدها قد تكرَّرت في أكثر من موضع في العهد الجديد ولا سيما في الأناجيل الأربعة وإن اختلفت في التعبيرات فالمعنى واحد.
_____
← انظر أيضًا: سؤال: ما هي الحكمة من تكرار ما جاء في سفر ملوك الثاني أصحاح 19. وما بعدة. في سفر إشعياء 37 وما بعدة؟ من قسم الأسئلة بالموقع.
(1) ترجمة نورة أحمد النومان - هل الكتاب المقدَّس كلمة الله ص 54.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1359.html
تقصير الرابط:
tak.la/pmnnvd9