St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1358- هل حزقيا ملك يهوذا كان فقيرًا لم يستطع أن يؤدي الإتاوة لملك آشُّور (2مل 18: 14-16) أم أنه كان غنيًا (أش 39: 2، 6)؟ وإذا كان الله قد منحه عمرًا جديدًا، فلماذا تركه يدفع كل هذه الإتاوة لسنحاريب؟

 

          يقول " ليوتاكسل " تعليقًا على إزالة حزقيا للمرتفعات وتكسيره للتماثيل وقطعه للسواري وسحقه للحية النحاسية: "وقد كافأه يهوه على موقفه بالنصر على الفلسطينيين، ومع ذلك، فقد كانت حماية يهوه له تتدنى إلى النصف، ففي العام الرابع لحكمه هاجمه سنحاريب الملك الآشُّوري، ولم يستطع تفادي نتائج ذلك الهجوم إلاَّ بعد أن أدى إتاوة حجمها ثلاث مئة تالانت فضة وثلاثون تالانتا ذهبًا {فَدَفَعَ حَزَقِيَّا جَمِيعَ الْفِضَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ.. وقَشَّرَ حَزَقِيَّا الذَّهَبَ عَنْ أَبْوَابِ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَالدَّعَائِمِ الَّتِي كَانَ قَدْ غَشَّاهَا.. وَدَفَعَهُ لِمَلِكِ أَشُّورَ} (2مل 18: 15، 16) بعد ذلك كان على سنحاريب أن يترك حزقيا وشأنه، بيد أن شيئًا من ذلك لم يحدث! إذ سرعان ما عاد ثانية وحاصر أورشليم.. لا ريب هنا في أن حزقيا لم يعتمد على يهوه اعتمادًا خاصًا، طالما أنه سمح لسنحاريب أن ينهبه بتلك السهولة"(1).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- في السنة الرابعة عشر للملك حزقيا صعد سنحاريب على مدن يهوذا الحصينة واستولى على معظمها، فأرسل إليه حزقيا وهو في لخيش يطلب الصفح عنه " فَوَضَعَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا ثَلاَثَ مِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَثَلاَثِينَ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ. فَدَفَعَ حَزَقِيَّا جَمِيعَ الْفِضَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ. فِي ذلِكَ الزَّمَانِ قَشَّرَ حَزَقِيَّا الذَّهَبَ عَنْ أَبْوَابِ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَالدَّعَائِمِ الَّتِي كَانَ قَدْ غَشَّاهَا حَزَقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا، وَدَفَعَهُ لِمَلِكِ أَشُّورَ" (2مل 18: 14 - 16) فالدافع الذي دفع حزقيا الملك المصالح إلى تقشير الذهب عن أبواب الهيكل والدعائم واضح، وهو أن ملك آشور فرض إتاوة ضخمة تفوق كل ما لديه من ذهب وفضة. لقد حاول حزقيا ملك يهوذا أن يستعطف سنحاريب، فدفع له الفدية، ولكن سنحاريب ملك آشور أخذ الذهب والفضة ولم يبر بوعده، بل استدار ليهاجم أورشليم، وكانت هذه سقطة لحزقيا لأنه قشَّر ذهب الهيكل ولم يستشر الرب ولا إشعياء.

          وجاء في " التفسير التطبيقي": "وقعت هذه الحادثة في عام 701 ق.م. بعد أربع سنوات من جلوس سنحاريب على عرش آشور، وكان سنحاريب ابنًا لسرجون الثاني، الملك الذي أخذ شعب إسرائيل إلى السبي.. ولكي يمنع ملك يهوذا آشور من مهاجمة المملكة الجنوبية، كان يدفع لها جزية سنوية، ولكن عندما أصبح سنحاريب ملكًا، أوقف حزقيا دفع هذه الجزية، راجيًا أن تتجاهله آشور. ولكن عندما انتقم سنحاريب وجيشه، أدرك حزقيا خطأه، ودفع الجزية (2مل 18: 14) ولكن سنحاريب هاجمه (2مل 18: 19 - 25) ومع أن سنحاريب هاجم يهوذا، إلاَّ أنه لم يكون مولعًا بالحرب مثل ملوك آشور السابقين، إذ كان يفضل أن يصرف معظم وقته في بناء وتجميل عاصمته نينوى، مع القيام بغزوات أقل. وهكذا استطاع حزقيا أن يقوم بإصلاحاته الكثيرة وتقوية أمته"(2).

          وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "تتشابه الآيات (2مل 18: 13-16) إلى حد كبير مع سجلات سنحاريب التي تسجل أحداث حملته العسكرية في سنة 701 ق.م. تقريبًا على فينيقية ويهوذا ومصر.. يزعم سنحاريب أنه استولى على 46 مدينة من مدن حزقيا الحصينة، إضافة إلى العديد من القرى غير المحصنة. وأنه أخذ 200150 أسيرًا، ويقول أنه جعل حزقيا " سجينًا في مقر إقامته الملكي في أورشليم مثل عصفور في قفص كبير "ولكنه لا يقول أنه استولى على أورشليم.. ثَلاَثَ مِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَثَلاَثِينَ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ.. تتفق القصتان الآشورية والكتابية حول مبلغ الجزية التي كان حزقيا يدفعها لسنحاريب على أنها كانت 30 وزنة من الذهب"(3). وإن كان جاء في سجلات سنحاريب أن حزقيا قدم 30 وزنة من الذهب، و800 وزنة من الفضة، فقد اتفق مع الكتاب في وزنات الذهب، واختلف مع الكتاب في وزنات الفضة، حيث ذكر الكتاب أن عددها 300 وزنة بينما ذكر سنحاريب أن عددها 800، ربما الفرق بين الرقمين يرجع إلى الفرق بين الوزنات الثقيلة والخفيفة، أو ميل سنحاريب للمبالغة(4).

          ويقول " القمص تادرس يعقوب": "لخيش: تم العثور بين بقايا قصر نينوى للملك الآشوري سنحاريب على بقايا طولها 62 قدمًا تُصوّر سقوط حصن لخيش عام 701 ق.م.. تشهد حفريات قصر نينوى لهزيمة لخيش في السجل الإنجيلي الخاص بحصار مملكة يهوذا في أيام الملك حزقيا.. وإذ شعر حزقيا بالخطر المُحدق به، وقد تم حصار لخيش، استسلم ووضعت آشور جزية ثقيلة. هذا الاستسلام جعل سنحاريب يطمع بالأكثر، فحاصر أورشليم (2مل 18: 13 - 19: 30)"(5).

 

2- عندما أهلك ملاك الرب جيش سنحاريب وقتل 185 ألفا، حصل حزقيا الملك على غنائم جزيلة من هذا الجيش من أسلحة وأموال ومتاع، وقد أراح الله حزقيا من جميع أعدائه، فبدأ يجني ثمرة السلام والخير الذي عمَّ البلاد، كما قدم له ملوك عديدون هدايا: "وَكَانَ كَثِيرُونَ يَأْتُونَ بِتَقْدِمَاتِ الرَّبِّ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَتُحَفٍ لِحَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، وَاعْتُبِرَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ الأُمَمِ بَعْدَ ذلِكَ" (2أي 32: 23) وعاد لحزقيا غناه بعد أن افتقر، فامتلأت خزائن الهيكل وخزائن الملك بالفضة والذهب والتحف والأسلحة وغيرها. إذًا افتقر حزقيا في السنة الرابعة عشر من مُلكه بسبب عظم الإتاوة التي دفعها لملك آشور، ثم بعد ذلك بنحو ثلاث سنين رجع إلى حزقيا غناه: "وَكَانَ لِحَزَقِيَّا غِنًى وَكَرَامَةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ خَزَائِنَ لِلْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْحِجَارَةِ الْكَرِيمَةِ وَالأَطْيَابِ وَالأَتْرَاسِ وَكُلِّ آنِيَةٍ ثَمِينَةٍ، وَمَخَازِنَ لِغَلَّةِ الْحِنْطَةِ وَالْمِسْطَارِ وَالزَّيْتِ.. وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ أَبْرَاجًا وَمَوَاشِيَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ بِكَثْرَةٍ، لأَنَّ اللهَ أَعْطَاهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً جِدًّا" (2أي 32: 27 - 29).

 

3- عندما مرض حزقيا مرض الموت وصلى للرب فشفاه وأطال عمره خمسة عشر عامًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فاستقبل حزقيا رُسل ملك بابل " وَأَرَاهُمْ كُلَّ بَيْتِ ذَخَائِرِهِ، وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ وَالأَطْيَابَ وَالزَّيْتَ الطَّيِّبَ، وَكُلَّ بَيْتِ أَسْلِحَتِهِ وَكُلَّ ما وُجِدَ فِي خَزَائِنِهِ" (2مل 20: 13، راجع أش 29: 2). ولما علم إشعياء النبي بهذا " قَالَ إِشَعْيَا لِحَزَقِيَّا: اسْمَعْ قَوْلَ الرَّبِّ. هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ يُحْمَلُ فِيهَا كُلُّ مَا فِي بَيْتِكَ، وَمَا ذَخَرَهُ آبَاؤُكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ إِلَى بَابِلَ. لاَ يُتْرَكُ شَيْءٌ، يَقُولُ الرَّبُّ" (2مل 20: 17، راجع أش 39: 6). وفعلًا تحقَّق قول الرب بعد موت حزقيا، وفي السنة الثامنة للملك يهوياكين سبى نبوخذ نصر يهوياكين وأمه وعبيده ورؤسائه وخصيانه "وَأَخْرَجَ مِنْ هُنَاكَ جَمِيعَ خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ، وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَكَسَّرَ كُلَّ آنِيَةِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ. وَسَبَى كُلَّ أُورُشَلِيمَ" (2مل 24: 13، 14).

 

4- عندما صلى حزقيا للرب بإيمان ودموع لم يبخل الله عليه بعمر جديد، إذ أطال في عمره خمسة عشر عامًا أخرى، وعندما وضع عليه ملك آشور كل هذه الإتاوة لم يصرخ لإلهه ليخلصه ولذلك دفع الإتاوة وهو صاغر، وقد تركه الله ليتحمل نتيجة عمله، وليتعلم الدرس أنه ملعون من يعتمد على ذراع البشر. أما موقف حزقيا مع رسل مردوخ بلادان فقد كان حزقيا ملومًا، لأنه تفاخر بفضته وذهبه، ولم يتفاخر بإلهه، وتباهي بممتلكاته أمام رسل ملك آشور.

 

5- كيف يدعو الكتاب ملك آشور بأنه ملك بابل..؟ يقول " الخوري بولس الفغالي": "وزحف سنحاريب (ابن سرجون الثاني) ملك آشور (704 - 681 ق.م.) فاحتل كل مُدن يهوذا. ثار مروداك بلادان، حاكم بابل، مع سنحاريب، ودعا دول غربي الفرات إلى الثورة. فانتفض حزقيا مع سائر الملوك، ولكن سنحاريب عاد إلى بابل سنة 703 ق.م.، وسحق الثورة هناك، ثم عاد إلى بلدان غربي الفرات، وجعل الحصار على أورشليم سنة 701 ق.م.(6) خاف حزقيا على العاصمة، فأرسل يقول لملك آشور في لخيش (تبعد 48 كم إلى الجنوب الغربي من أورشليم): خطئت. فرض عليه ملك آشور جزية فدفعها (أخذها من الهيكل والقصر)"(7).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 457، 458.

(2) التفسير التطبيقي ص 825.

(3) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 915.

(4) راجع هـ. ل. أليسون - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 241.

(5) تفسير سفر الملوك الثاني ص 427، 428.

(6) راجع الوثائق الآشورية.

(7) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 516.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1358.html

تقصير الرابط:
tak.la/2f3pnd9