يقول "ليوتاكسل":
"ولكن تلك المجزرة الحيوانية يجب ألاَّ تتكرَّر قط، لأن تكرارها قد
يؤدي إلى انتشار مجاعة حقيقية. أحسب معي يا رعاك الله! إذا كان وزن
كل ثور مائة كجم، مضروبة بعدد الثيران المنحورة، وهو 22 ألف ثور
يكون الناتج 2200000 من لحم العجل، أضف إليها حوالي 2000000 كجم من
لحم الخراف، لقد أُحرقت هذه الأرزاق كلها فقط لتعطير أنف
يهوه
على
أن الإسرائيليين قدموا عددًا لا يحصى من الأغنام والثيران ذبائح
لبيت الرب (1مل 8: 5) بعد هذا كله، إذا بقى إله بني
يعقوب
غير راضي، فأنه في الحقيقة كائن صعب المراسي لا يُطاق.."(1).
ج:
1- قال سفر الملوك: "وَذَبَحَ
سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ
السَّلاَمَةِ الَّتِي ذَبَحَهَا لِلرَّبِّ: مِنَ الْبَقَرِ
اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةَ أَلْفٍ
وَعِشْرِينَ أَلْفًا، فَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ
بَنِي
إِسْرَائِيلَ بَيْتَ الرَّبِّ" (1مل 8: 63) ففي هذه
المناسبة العظيمة الفريدة التي لا تتكرر مرة أخرى، وهي مناسبة
تدشين وافتتاح الهيكل العظيم لممارسة العبادة لرب السماء والأرض،
وقد جاء الناس أفواجًا من كل حدب وصوب من جميع أنحاء المملكة التي
اتسعت أطرافها " وَكَانَ
سُلَيْمَانُ مُتَسَلِّطًا عَلَى
جَمِيعِ الْمَمَالِكِ مِنَ النَّهْرِ إِلَى أَرْضِ فِلِسْطِينَ،
وَإِلَى تُخُومِ مِصْرَ"
(1مل 4: 21) وقدمت هذه الذبائح على مدار أسبوعين، أسبوع
التدشين وأسبوع المظال، وجاء في هامش الكتاب المقدَّس الدراسي:
"رغم أن تلك الأرقام قد تبدو كبيرة، فقد كان هناك عدد ضخم من الذين
شاركوا في احتفال التدشين الذي استمر أربعة عشر يومًا"(2).
ويقول " دكتور صموئيل شولتز":
"ويشير " كيل
" Keil
من خلال تعليقه على النص الوارد في (1مل 8: 63) إلى أن 000 100 من
الآباء، 000 20 من الشيوخ حضروا هذه الاحتفالات، وهذا يعلل سبب
توفير ألوف
الحيوانات
بهذه المناسبة النادرة... وبالنسبة للتاريخ
الديني الإسرائيلي فإن تدشين الهيكل كان أهم حدث منذ ارتحال
إسرائيل
عن سيناء... وها هو الهيكل قد تم إنشاؤه تحت إشراف
سليمان
وهذا عمل على تثبيت عرش داود في
إسرائيل
وكما أن حضور الله قد ظهر
في عامود السحابة فوق خيمة الاجتماع، هكذا هيمن مجد الله فوق
الهيكل ودلَّ على بركة الله ومنحه إياها للشعب. وهذا ثبت المملكة
بأمر إلهي كما توقعها
موسى"(3).
2- يصوُّر ليوتاكسل المشهد على أن جميع هذه الذبائح قد أُحرقت
لتعطير أنف
يهوه، متجاهلًا الآتي:
أ - أن الله روح ليس له أعضاء بشرية.
ب - أن الله لا يُسر بالذبائح ولكنه يُسر بالنفس التائبة التي
تسعى للتطهُّر من أدناسها، وداود النبي
في توبته قال: "لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ
مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا
اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ" (مز 51: 16، 17) وبكَّت الله شعبه
الذي قدم ذبائحه بدون توبة قائلًا: "لِمَاذَا
لِي كَثْرَةُ ذَبَائِحِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ... بِدَمِ عُجُول
وَخِرْفَانٍ وَتُيُوسٍ مَا أُسَرُّ" (أش 1: 11).
جـ- قُدم عدد قليل من هذه الذبائح مُحرقات، أما النسبة الساحقة من
هذه الذبائح فأنها قُدمت ذبائح سلامة أُحرقت شحومها على المذبح
ورُش دمها على جدران المذبح، أما الصدور والسيقان فقد أُعطيت
للكهنة، وبقية الذبائح أكل منها الشعب العظيم الذي اجتمع في هذه
المناسبة الفريدة مع الفقراء والمساكين.
3- ربما يتساءل البعض: من أين أتى
سليمان
بهذا العدد الضخم من
الكهنة ليقدموا هذا الكم الضخم من الذبائح..؟ والحقيقة أن هذا
العدد الضخم من الذبائح لم يُقدم في يوم واحد، إنما تم ذلك خلال
أربعة عشر يومًا، ويقول " القمص تادرس يعقوب":
"يخطئ البعض حين يظنون استحالة تقديم 22 ألفًا من البقر ومائة ألفًا
وعشرين ألفًا من الغنم كذبائح، للأسباب الآتية:
· يرى البعض أنه كان يمكن للشعب أن يقوم بالذبح لكن عمل الكاهن هو رش الدم ووضع الحمل على المذبح ليُحرق.
· ورد في يوسيفوس أنه في عهد بيرون طلب Cestius من الكهنة أن يحصوا عدد الحملان التي قُدِمت للفصح فوجدوا أنها 000 250 حملًا في ثلاثة ساعات بعد الظهر، وأن يُرش دماؤها على المذبح.
· ويرى آخرون أن عدد الكهنة واللاويين كان كافيًا لتقديم الذبائح، ففي أيام داود النبي كان عدد اللاويين من سن الثلاثين فما فوق 38000 شخصًا، وربما كان عدد الكهنة ألفين أو ثلاثة آلاف.
· لم تُقدم هذه الذبائح في يوم واحد، بل خلال فترة العيدين (الأسبوعين) عيد تدشين الهيكل وعيد المظال"(4).
4-
استمر الاحتفال بتدشين الهيكل مدة أسبوع بالإضافة إلى أسبوع عيد المظال، وكان الأسبوعان متصلان "وَعَيَّدَ سُلَيْمَانُ الْعِيدَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، جُمْهُورٌ كَبِيرٌ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى وَادِي مِصْرَ، أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا" (1مل 8: 65)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وبهذا أوضح أن مدة الأربعة عشر يومًا مقسَّمة إلى سبعة أيام وسبعة أيام أخرى، فإن كانت السبعة الثانية تخص عيد المظال، فلابد أن السبعة الأولى تخص تدشين الهيكل، وقد أوضح سفر الأخبار أسبوع المظال قائلًا: "وَعَيَّدَ سُلَيْمَانُ الْعِيدَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ وَجُمْهُورٌ عَظِيمٌ جِدًّا مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى وَادِي مِصْرَ" (2أي 7: 8) فهذه أيام عيد المظال التي سبق وتحدث عنها الكتاب المقدَّس (لا 23: 36- تث 16: 8)، وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "أربعة عشر يومًا: يبدو أن الاحتفال بتدشين الهيكل الذي استمر لمدة سبعة أيام، تبعه احتفال عيد المظال وهو أيضًا يستمر لمدة سبعة أيام... وكان عادة يتم الاحتفال به من اليوم الخامس عشر إلى اليوم الحادي والعشرين من الشهر السابع، وفقًا لأخبار الأيام فإن هذا الاحتفال يُتبع في اليوم التالي باجتماع ختامي، حسب ما ذُكر في لا 23: 33-36 ثم في اليوم الثالث والعشرين من الشهر يعود الناس لبيوتهم"(5).ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "كان عدد الشعب مضاعفًا، لأنهم عيدوا في أورشليم أمام بيت الرب سبعة أيام احتفالًا بتدشين الهيكل، وسبعة أيام أخرى احتفالًا بعيد المظال الذي كان يبدأ في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع وتنتهي في اليوم الـ21 أما اليوم الثامن منه فكان اعتكاف (لا 23) وقد حضر العيد جميع شعب الله من (مدخل حماة إلى وادي مصر).. واعتبر (مدخل حماة) الحد الشمالي لإسرائيل، و(وادي مصر) هو وادي العريش"(6).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 381.
(2) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 800.
(3) ترجمة أديبة شكري يعقوب - العهد القديم يتكلم ص 198، 199.
(4) تفسير سفر الملوك الأول ص 207، 208.
(5) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 801.
(6) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 121.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1264.html
تقصير الرابط:
tak.la/ms9ct3m