يقول " دكتور سيد القمني":
"ويذكر
(جيمس
فريزر) أن إحداهن -ويبدو أنها الكاهنة الكبرى- كانت تنام دائمًا
على سرير الإله (بعل) أو (مردوخ) وكان معتقدًا أن الإله
اصطفاها من بين نساء بابل كلهن ليضاجعها في سريره، وكان لقب
العشتارية (المرأة التي كرَّست نفسها لخدمة الإلهة عن طريق الجنس
المقدَّس) الأفضل (قاديشتو) وهو الذي أصبح في اليهودية (قديشا) وكانت تُطلق على زانيات
الهيكل السليماني،
والتي ننطقها " قديسة""(1)(2).
ج: 1- نعم كان
سليمان ملكًا وليس كاهنًا، وليس للملك أن يمارس
العمل الكهنوتي، فعندما تجلَّد شاول وأصعد المحرقة لئلا ينفض عنه
جنوده " قَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: قَدِ انْحَمَقْتَ!
لَمْ تَحْفَظْ وَصِيَّةَ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا"
(1صم 13: 13) و" عزيَّا " الملك عندما تقدم
ليوقد على مذبح البخور نهاه الكهنة عن هذا ولم يستمع لهم، فضُرِب
بالبرص كل أيام حياته (2 أي 26: 16 - 21). أما
سليمان هنا فلم
يُقدم ذبيحة ولم يصعد بخورًا، إنما " حَوَّلَ الْمَلِكُ
وَجْهَهُ وَبَارَكَ كُلَّ جُمْهُورِ
إِسْرَائِيلَ، وَكُلُّ
جُمْهُورِ
إِسْرَائِيلَ وَاقِفٌ. وَقَالَ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ
إِلهُ
إِسْرَائِيلَ" (1مل 8: 14، 15) وقدم صلاة
شفاعية طويلة، وبعد هذه الصلاة " نَهَضَ مِنْ أَمَامِ
مَذْبَحِ الرَّبِّ، مِنَ الْجُثُوِّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ،
وَيَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَوَقَفَ وَبَارَكَ
كُلَّ جَمَاعَةِ
إِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ عَال قَائِلًا: مُبَارَكٌ
الرَّبُّ الَّذِي أَعْطَى
رَاحَةً لِشَعْبِهِ
إِسْرَائِيلَ" (1مل 8: 54
- 56).
فكيف بارك
سليمان
الشعب..؟ أنه بارك الله نيابة عن الشعب قائلًا: "مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ
إِسْرَائِيلَ
الَّذِي تَكَلَّمَ بِفَمِهِ إِلَى دَاوُدَ أَبِي.." (1مل 8:
15).. " وَوَقَفَ وَبَارَكَ كُلَّ
جَمَاعَةِ
إِسْرَائِيلَ
بِصَوْتٍ عَال قَائِلًا: مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي أَعْطَى
رَاحَةً
لِشَعْبِهِ
إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ
بِهِ.." (1مل 8: 55، 56).. لقد بارك
سليمان
الشعب عندما بارك اسم الله، فصار الشعب مباركًا من الله
الذي أنجز وعوده لشعبه.
لقد بارك
سليمان
الشعب كما سبق وبارك
أبيه
داود الملك الشعب عندما نقل
تابوت العهد
إلى
أورشليم: "وَلَمَّا
انْتَهَى دَاوُدُ مِنْ إِصْعَادِ الْمُحْرَقَاتِ وَذَبَائِحِ
السَّلاَمَةِ بَارَكَ الشَّعْبَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُود"
(2صم 6: 18) وفي القديم عندما اكتملت خيمة الاجتماع بارك
موسى
الشعب وهو نبي وليس كاهنًا: "فَنَظَرَ
مُوسَى جَمِيعَ
الْعَمَلِ، وَإِذَا هُمْ قَدْ صَنَعُوهُ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ.
هكَذَا صَنَعُوا. فَبَارَكَهُمْ
مُوسَى"
(خر 39: 43).
ولماذا يستكثر الناقد مباركة
سليمان الملك
للشعب مع أن
الكتاب ذكر صراحة وبوضوح تام أن الشعب أيضًا بارك
سليمان
" وفي اليوم الثامن صرف الشعب فباركوا الملك وذهبوا إلى خيمهم فرحين
وطيبي القلوب" (1مل 8: 26).
ويقول "
الأرشيدياكون نجيب جرجس
" عن
سليمان: "بدأ خطابه إلى شعبه بإعطائهم البركة أي بالتماس البركة
لهم من الرب، وكانوا جميعًا وقوفًا بفرح وخشوع أمام الرب... بعد أن
باركهم بارك الرب الإله، وقد ذكر مواعيد الله الصادقة لأبيه بأن
ابنه الذي يملك بعده يقيم للرب بيتًا (2صم 7) وقد أكمل الرب وعده
بالفعل على يد
سليمان"(3).
2- عندما وقف
سليمان
يبارك الشعب كان رمزًا للسيد المسيح الذي يأتي
ويمنح البركة على طقس ملكي صادق، بعد أن عجز الكهنوت اللاوي في
الوقوف أمام مجد الله " لَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ
يَقِفُوا لِلْخِدْمَةِ بِسَبَبِ السَّحَابِ، لأَنَّ مَجْدَ
الرَّبِّ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ"
(1مل 8: 11) أما
سليمان فقد بارك شعبه أي طلب لهم
البركة من الرب، ويقول " هنري ل. روسييه":
"وأدار
سليمان
وجهه وهو واقف أمام الله ليلتفت إلى كل جمهور
إسرائيل، ويتخذ دور ملكي صادق بعدما أصبح الكهنوت الهاروني غير
قادر على الوقوف في القدس. ثم يبارك كل جمهور
إسرائيل، وبعد ذلك
(في ع 15) يبارك الرب، ويعود ليؤكد مراحم داود الصادقة هي بداءة
مجد مملكته، وأن مجده هذا يقوم على عهد شرعي... ونجد هنا في
سليمان
كما للمسيح... هنا يقوم
سليمان
حقًا بدور الكاهن، أنه يقف أمام
المذبح تجاه كل جماعة
إسرائيل،
ثم يرفع يديه نحو السماء ليأخذ صفة الشفيع، إنه بحق كما قلنا دور
ملكي صادق ملك البر ثم ملك السلام"(4).
ويقول "الأرشيدياكون نجيب جرجس":
"صلى
سليمان
صلاته الطويلة وهو جاث على ركبتيه ورافع يديه نحو السماء وناظر نحو
مذبح البخور. وجثوُّه على ركبتيه يشير إلى تواضعه وتذلله أمام
الرب، وبسط اليدين يعني إقراره بحاجته إلى مراحم الرب وأنه يلتمس
فيه كل النعم والبركات، ومذبح البخور هو الذي كان يبخر عليه
الكهنة ويقدمون صلواتهم وكان الشعب في نفس الوقت يصلون نحوه ضارعين
إلى الرب أن ينقي صلواتهم لتكون مقبولة لديه مثل رائحة البخور
الطيبة وهذا المذبح يرمز إلى المسيح الشفيع في شعبه بدالة دمه
المسفوك على الصليب. أنهى
سليمان
صلاته وقام واتجه نحو شعبه
ليباركهم، أي يلتمس منهم البركة من الرب"(5).
3- مزجت الشعوب الوثنية عباداتها بالزنا، فكان الزنا يُمارس في
المعابد عن طريق كاهنات يقمن بالعهر المقدَّس كطقس من طقوس
العبادة، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
ومن أجل هذه الشرور انحدر عليهم غضب السماء، فأمر الله
بإبادة تلك الشعوب، وأوصى شعبه: "مَتَى دَخَلْتَ الأَرْضَ
الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ
تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ" (تث 18: 9)..
"
وَأَمَّا مُدُنُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ
إِلهُكَ نَصِيبًا فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَّا، بَلْ
تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ
وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ
وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ
لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ
الَّتِي عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ، فَتُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ
إِلهِكُمْ"
(تث 20: 16 - 18).
وجاء في "دائرة المعارف الكتابية":
"وقد كشفت الحفريات الأثرية عن أن تلك الشعوب وصلت إلى الدرك
الأسفل في ممارستها الجنسية فجلبوا الدماء على أنفسهم بانغماسهم في
الفساد"(6)..
" فقد أُكتشف في بيبلوس في فينيقية مركز كان مخصصًا لعبادة "عناة" من الواضح أنها كانت تُمارس فيه الدعارة الدينية الفاضحة وطقوس
الخصوبة الجنسية، فوُجدت هناك تماثيل صغيرة عارية لإناث... وفي عصر
العمارنة كان للديانة الكنعانية العربيدة تأثيرها في الشرق
الأوسط... فمن الواضح أن الديانة الكنعانية كانت أكثر الديانات انحطاطًا
في الأمور الجنسية في العالم القديم"(7)(8).
أما
هيكل سليمان فقد خُصص للعبادة النقية،
ولم يتعرض للانحدار إلاَّ في عصور الملوك المتأخرين، مما عجل بسبي
مملكة يهوذا إلى بابل وتخريب الهيكل، وكتابنا المقدَّس لم يخفي هذا
الأمر، فقال عن يهورام بن يهوشافاط: "وَهُوَ أَيْضًا
عَمِلَ مُرْتَفَعَاتٍ فِي جِبَالِ يَهُوذَا، وَجَعَلَ سُكَّانَ
أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ، وَطَوَّحَ يَهُوذَا"
(2أي 21: 11) حتى عندما أقام
بنو إسرائيل بيوت للمأبونين
بجوار الهيكل لم يخفِ الكتاب هذا.
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(1) الغصن الذهبي - مجلد 4 ص 70.
(2) الأسطورة والتراث ص 120، 121.
(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 109، 110.
(4) تأملات في سفر الملوك الأول ص 87.
(5) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الأول ص 118، 119.
(6) دائرة المعارف الكتابية جـ 6 ص 32.
(7) راجع مدارس النقد جـ 8 س 909، س 910.
(8) المرجع السابق ص 398 - 399.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1263.html
تقصير الرابط:
tak.la/vcy2r76