St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1064- هل صموئيل النبي هو كاتب سفري صموئيل؟ وكيف يتسنى ذلك وخبر وفاته جاء في (1 صم 25: 1)..؟ أم هل تمت كتابتهما في زمن متأخر بعد تقسيم المملكة بدليل أن "حنة" طلبت العزة للملك "ويعطي عزًّا لِمَلِكه" (1 صم 2: 10) كما جاء في السفر "لذلك صارت صِقلَغَ لملوك يهوذا" (1 صم 27: 6)؟

 

ويقول " جوناثان كيرتش": "أن معظم سفر صموئيل من عمل كاتب توراتي مجهول يبدو أنه حاز على معرفة أصيلة للتاريخ الرسمي والأسرار القذرة قليلًا عن الملك داود.. لم يكن مجرد رجل أرشيف أو كاتب في خدمة ملك حاكم قديم، وكان يُطلق عليه " المؤرخ الحقيقي الأول".. إن إنجاز الكاتب التوراتي وشجاعته ونظمه أقسام سفر صموئيل المعروف بين الأدباء باسم تاريخ قصر داود كلها هي أكثر استثنائية لدى مقارنتنا قصص داود في سفر صموئيل وسفر الملوك.. مؤرخ القصر كتب بشجاعة عن التصدعات ومواقع ضعف الملك، والتحديات للسلطات الملكية، وفضائح القصر الملكي"(1).

ويقول "ليوتاكسل": "في تلك الأثناء مات صموئيل.. (1 صم 25: 1) ولكن موته هذا لم يمنعه من متابعة وصف الأحداث التي وقعت بعد ذلك، كما فعل موسى في حينه، ويجب أن نقرَّ بأن صموئيل حطم الرقم القياسي العالمي الذي كان قد سجله موسى في هذا الشأن، فهذا الأخير لم يفعل سوى أن وصف مأتمه وحزن الشعب عليه (يقصد تث 34). أما مؤلف صموئيل الذي كتبه بعد موته، فقد غطى الأحداث التي وقعت خلال عهد شاول وعهد داود كله أيضًا. ثمانية وثلاثين إصحاحًا ملآي بالأحداث التي رآها المؤلف بعد موته!. إنها لعجيبة العجائب!. لنفرض أن صموئيل تمكن من رؤية ذلك كله من عليائه السماوية وبأم عينيه أيضًا، فكيف كتبه بيده التي دُفنت مع جسده بالاحترام الذي أستحقه؟ ستبقى الإجابة على هذا السؤال سرًّا إلهيًّا"(2).

ويقول "زالمان شازار": "ويظهر من النص {سابقًا في إسرائيل هكذا كان يقول الرجل عند ذهابه ليسأل الله. هلم نذهب إلى الرائي. لأن النبي كان يدعى سابقًا (في عصر صموئيل) الرائي} (1 صم 9: 9) إلى أي مدى كان مؤلف هذا السفر بعيدًا عن عصر صموئيل..؟ إن أسفار الملوك وصموئيل قد أُلفت على أساس من " أخبار الأيام " التي كانت مكتوبة بواسطة كتبة الملوك زمن الهيكل الأول، ولم يكن مؤلف هذه الأسفار عزرا أو نحميا، بل كان المؤلف معاصرًا ليهوذا المكابي، ويستنتج " سبينوزا " على أساس هذه الأبحاث النتيجة التالية: حتى عصر المكابيين لم تكن الأسفار المقدَّسة قد أُقرت"(3).

ويقول " د. محمد عبد الله الشرقاوي": "وأسفار موسى كذلك، قد كُتبت بعد صموئيل، بعدة قرون، لأن القصة تستمر بعد وفاته بوقت طويل"(4).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: دعنا يا صديقي نُجيب على السؤال السابق من خلال النقاط الآتية:

1- كيف كتب صموئيل بعد موته؟.. ومن قال لك أن صموئيل النبي كتب سفري صموئيل بالكامل..؟ لقد كتب صموئيل الإصحاحات الأربعة والعشرين من سفر صموئيل الأول قبل موته (1صم 25: 1) وأكمل بقية السفر الأول وكذلك سفر صموئيل الثاني ناثان وجاد النبيان.

 

2- هل قول حنة " يعطي عزًا لمَلِكه" (1صم 2: 10) دليل على أن السفرين كُتبا في عصر الملوك..؟ هذا ليس شرطًا، لأن بني إسرائيل كانوا يعلمون أن الله وعد أبيهم إبراهيم قائلًا " وملوك منكَ يخرجون" (تك 17: 6) وقال موسى للشعب: "متى أتيت إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك.. فإن قلت أجعل عليَّ ملكًا كجميع الأمم الذين حولي" (تث 17: 6) وأعطى موسى لشعبه مواصفات هذا الملك ومدى التزاماته (تث 17: 15- 20) وقول " حنة " هنا يحمل روح النبوءة، فهي لا تتحدث عن الملك فحسب، بل عن السيد المسيح أيضًا، فقالت: "يعطي عزًّا لمَلِكه ويرفع قرن مسيحه" (1صم 2: 20). وأيضًا قال بعض النُقَّاد أن قول الكاتب " لذلك صارت صقلغ لملوك يهوذا إلى هذا اليوم" (1صم 27: 6) يُعد دليلًا على أن السفر كُتب بعد انقسام المملكة لأنه ذكر " ملوك يهوذا " وهذا ليس حقيقة، لأن " ملوك يهوذا " هنا كناية عن ملوك إسرائيل، وقد عاصر ناثان وجاد النبيان، أو على الأقل أحدهما حكم شاول وداود وسليمان.

 

3- هل معظم السفر كتبه كاتب توراتي مجهول؟ هذا قول مُرسَل لا يعتمد على أي سند كتابي، بل بالعكس أن هناك نصوص كتابية واضحة تؤكد أن صموئيل النبي وجاد وناثان هم كتبة سفري صموئيل، فجاء في السفر " فكلم صموئيل الشعب بقضاء المملكة وكتبه في السفر ووضعه أمام الرب" (1صم 10: 25).. " وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي" (1 أي 29: 29). وجاء في سفر الأعمال: "وجميع الأنبياء أيضًا من صموئيل فما بعده جميع الذين تكلموا سبقوا وأنبأوا بهذه الأيام" (أع 3: 24) وقد أقرَّ التقليد اليهودي وأيضًا التلمود أن صموئيل النبي هو كاتب السفر حتى خبر موته، ثم أكمل بعده جاد الرائي وناثان النبي، وقد حملت جميع المخطوطات العبرية القديمة اسم صموئيل، وأيضًا الترجمات القديمة مثل السريانية واللاتينية، وكذلك مخطوطات وادي قمران(5) حملت اسم صموئيل، وإن كان أشترك في كتابة السفر ثلاثة أشخاص إلاَّ أن السفر دُعي باسم صموئيل، لأنه الشخص الوحيد الذي قاد شعب الله في الحياة الروحية طوال حياته، وهو من كبار الأنبياء، وقد احتل الدور الرئيسي في الجزء الأول من السفر والذي يشمل الأربعة والعشرين الإصحاح الأولى، فقد جمع بين الزعامة الوطنية والقيادة الروحية.. صموئيل النبي أول نبي له دور مؤثر في حياة شعب الله بعد موسى وأخر قضاة بني إسرائيل، وماسح الملوك، والذي عاصر تلك الفترة لهو جدير بتسجيل تاريخ هذه المرحلة حتى موته، وأكمل بعده جاد وناثان النبيان، واللذان كان لهما دور خلال هذه المرحلة.

 

4- هل يصح قول "جوناثان كيرتش": "الأسرار القذرة قليلًا عن داود"..؟ داود النبي والملك، جد المسيح بالجسد، وقد قال الله عنه: "وجدتُ داود بن يسَّى رجلًا حسب قلبي الذي سيصنع مشيئتي" (أع 13: 22) وهو الذي قال عنه الكتاب: "وحي داود بن يسَّى ووحي الرجل القائم في العلا مسيح إله يعقوب ومرنّم إسرائيل الحلو" (2صم 23: 1) وهو مثال حي وقوي للتوبة النقية، ومازلنا لليوم نصلي بالمزمور الواحد والخمسين الذي رنم به في توبته، ومازلنا نتشفع به ونطلب صلواته عنا، فنحن ننظر إليه بعد توبته، وبعد أن غسل خطاياه بدموع التوبة حتى صار أنقى من الثلج.. هذه هي صورة أبينا ومعلمنا داود النبي، أما النُقَّاد فمازالوا يصرون على تسليط عدسات كاميراتهم على سقطة داود وضعفاته وخطاياه، متغافلين أنه إنسان من نفس عجينة البشرية الساقطة، وينسون أن توبة داود تعطي رجاء لكل إنسان خاطئ وضال وشريد وساقط، فتوبة داود تكشف لنا عن عظم محبة الله للخاطئ، وتكشف عن عمل الله العظيم في الآنية الخزفية، وكان أولى بالناقد أن يترفَّع بأسلوبه، ولا يتحدث عن حياة النبي العظيم كأسرار قذرة قليلًا.. ولكن هذا هو فم عدو الخير الناطق على ألسنة أعوانه من بني البشر، ولا يسعنا إلاَّ أن نصلي من أجل أمثال هؤلاء ليفتح الله أذهان عقولهم.

 

5- هل قول الكتاب: "لأن النبي اليوم كان يُدعى سابقًا الرائي" (1صم 9: 9) يُعد دليلًا على أن السفر كُتب بعد صموئيل بوقت طويل؟

الأمر العجيب أن قول الكتاب واضح جدًا " لأن النبي اليوم " وكلمة " اليوم " ترجع إلى عصر صموئيل، أما سابقًا أي قبل عصر صموئيل فكان النبي يُدعى الرائي " لأن النبي اليوم كان يُدعى سابقًا الرائي". أما الناقد فقد قلب الوضع رأسًا على عقب، ويجعل المقارنة بين عصر صموئيل وما بعده، بينما الحقيقة المقارنة بين عصر صموئيل وما قبله، فالنبي في عصر صموئيل كان يُدعى " الرائي " لأنه يرى رؤى الله، كانت كلمة " الرائي " تُستخدم قبل عصر صموئيل، بل وحتى عصر صموئيل أيضًا، ولذلك سأل شاول وغلامه الفتيات الخارجات لاستقاء الماء: "أهنا الرائي؟" (1صم 9: 11) وعندما إلتقى شاول بصموئيل وهو لا يعرفه سأله أيضًا: "أخبرني أين بيت الرائي. فأجاب صموئيل شاول وقال أنا الرائي" (1صم 9: 18، 19) والدليل على أن كلمة " نبي " كانت معروفة منذ بداية خدمة صموئيل قول الكتاب " وعرف جميع إسرائيل من دان إلى بئر سبع أنه قد أؤتِمن صموئيل نبيًا للرب" (1صم 3: 20) وهذا قبل قصة اختيار شاول بسنين طويلة، وكان النبي يُدعى أيضًا " رجل الله " فقال الغلام لشاول " يوجد بيدي ربع شاقل فضةٍ فأعطيه لرجل الله" (1صم 9: 8).

وأيضًا يجب الالتفات إلى أن السفر كُتب باللغة العبرية القديمة الفصحى التي خلت من الكلمات الأرامية تمامًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهذا يدل على أن السفر كُتب في وقت مبكر منذ أيام صموئيل النبي في العصر الذهبي للأدب العبري، وليس بعد السبي كقول البعض، والدارس يلاحظ وجود بعض التعبيرات القديمة في السفر مثل: "حية هي نفسك"، و" بنو بليعال"، و" هكذا يفعل الرب وهكذا يزيد"، كما أن هناك اختلاف في بعض الأسماء بين سفري صموئيل وسفري أخبار الأيام، مثل " شمَّة" (1صم 16: 9) و" شِمْعَى" (1أي 2: 13) وذلك بسبب الفارق الزمني الكبير في كتابة السفرين، فسفري أخبار الأيام كُتبا بعد العودة من السبي، أما سفري صموئيل فقد كُتبا في عصر صموئيل وما بعده قليلًا.

 

6- هل اعتمدت أسفار صموئيل والملوك على سفري أخبار الأيام؟ وهل عاش مؤلف سفري صموئيل في أيام المكابيين في القرن الثاني قبل الميلاد..؟ هذا قول جانبه الصواب لأن أسفار صموئيل والملوك حوت أحداث عديدة لم يأتِ لها ذكر في سفري الأخبار، وواضح أن سفري صموئيل كُتبا في القرن العاشر قبل الميلاد، فالسفران يتميزان باللغة العبرية الفصحى، مما يدل على أنهما كتبا في العصر الذهبي للأدب العبري، ويقول " أ. م. رنويك " A. M. Renwick أن سفر صموئيل " يتميز باللغة العبرية الفصحى التي تدل على أن الوقت الذي كُتب فيه كان العصر الذهبي للأدب العبري، فلو كانا سفرا صموئيل أجزاء متناثرة جُمعت ونُسقت عبر الأجيال لما كان لها ذلك الطابع النقي السليم. وقد دلَّ كثير من المفسرين على وحدة التنظيم البينة في سفري صموئيل.. أن بعض النصوص المذكورة في سفري صموئيل تشير الواحدة إلى الأخرى فيما يتعلق بما حدث أو ما سيحدث في المستقبل وهي متصلة بعضها ببعض بطرق أخرى"(6).

وقد لاحظ علماء الكتاب أنه بينما كُتب سفرا صموئيل الأول والثاني باللغة العبرية الفصحى النقية، فإن سفري الملوك قد حوت بعض الألفاظ الآرامية، وبينما اهتم الذين كتبوا سفري صموئيل بالتفاصيل وتدوين أخبار الأشخاص وإطالة العبارات، فإن الذين كتبوا سفري الملوك اهتموا بتدوين الأحداث أكثر من الحديث عن الأشخاص وقد أوجزوا العبارات.

 

7- هل كُتبت أسفار موسى بعد كتابة سفري صموئيل؟.. هذا قول غير صحيح، وقد تناولنا هذا الموضوع بالتفصيل عند دراستنا لنظرية المصادر(7).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة نذير جزماتي - حكايا محرَّمة في التوراة ص 321.

(2) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 324، 325.

(3) تاريخ نقد العهد القديم ص 96، 100.

(4) نقد التوراة والأناجيل الأربعة ص 85.

(5) 4 Q 174 - 4 Q 22 - 4 Q 389 - 4 Q 160 وغيرها.

(6) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 154.

(7) فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ 1 إجابة س10 إلى س39 ص 79 - 226 وكذلك مدارس النقد جـ 5 إجابة س319.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1064.html

تقصير الرابط:
tak.la/s83dpkj