St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1065- هل جُمعا سفرا صموئيل من كتابات ترجع إلى أزمنة مختلفة؟ وهل يُعد السفران عملًا أدبيًا، من مواد غير متجانسة، أكثر منه عملًا تاريخيًا؟

 

وجاء في الطبعة الكاثوليكية للكتاب المقدَّس: "ليس سِفرا صموئيل بسلسلة إخبارية تتبع الأحداث خطة خطة. هما عمل أدبي يجمع مواد غير متجانسة بعضها قديم جدًا، ويضم تقاليد شفهية لاشك أنها ترقى إلى أيام شاول وداود.. وصفحات يُرجَّح أنها حُرّرت على عهد سليمان، وإضافات زيدت بعد خراب الدولة في السنة 587 ق.م"(1) وأيضًا جاء بنفس الطبعة في المدخل إلى سفري صموئيل: "فإن هذين السفرين هما تعليم أكثر من تاريخ لإسرائيل القديم. ومن المهم أن نستخلص عناصر هذا التعليم الرئيسية"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- ما جاء في سفري صموئيل أمور تاريخية حقيقية نستخلص منها التعاليم اللاهوتية والروحية والعقائدية، ونحن لا نعترف بفكرة " التاريخ المقدَّس " التي ينادي بها البعض من أصحاب اللاهوت الليبرالي، فعندما يتحدثون عن قصة الطوفان مثلًا يقولون أنها حدثت في التاريخ المقدَّس، وهم يقصدون أنها لم تحدث في أرض الواقع، إنما الكاتب أراد أن يخبرنا عن بشاعة الخطية فقص لنا قصة الطوفان، فهم لا يعترفون بحقيقة الطوفان ولا بنوح كشخصية تاريخية ولا بسفينة حملت الكائنات الحيَّة، وبالمثل عندما يقولون عن حادثة انتصار داود على جليات يقولون أنها حدثت في " التاريخ المقدَّس " أي أنها لم تحدث على أرض الواقع، إنما الكاتب أراد أن يعبر عن مساندة قوة الله لنا فقص علينا قصة داود وجليات التي لم تحدث على أرض الواقع(3).

 

2- كتب صموئيل النبي الإصحاحات الأربعة والعشرين الأولى من سفر صموئيل الأول، وأكمل كتابة السفر وكذلك سفر صموئيل الثاني ناثان النبي وجاد النبي، وما جاء في السفرين هو عرض تاريخي حقيقي رائع، ويقول " القمص تادرس يعقوب": "كتب Robert H. Pfeiffer عن واضع سفري صموئيل الأول والثاني بكونه رائد التاريخ الذي سبق كل المؤرخين، قائلًا: {هو أبو التاريخ بكل ما تحمل الكلمة من معنى أكثر من هيرودت الذي جاء بعده بحوالي نصف ألف سنة. حسب معرفتنا هو الذي خلق التاريخ كفن، يستعرض الأحداث الماضية خلال فكر عظيم.. من غير أن يكون أمامه نموذج سابق له يقتدي به. كتب نموذجًا رائعًا، لم يتخطَّ الحقيقة التاريخية، حاملًا نظرة سيكولوجية، بأسلوب أدبي، في إخراج (تمثيل) قوي}"(4).

 

3- تجاهل النُقَّاد حقيقة الوحي الإلهي، وأن الكاتب قد يكتُب عن أمور مستقبلية، وليس بالضرورة أن يكون الكاتب معاصرًا للحدث أو لاحقًا له، بل قد يذكر الكاتب أمور مستقبلية، وقد يذكرها في صيغة الماضي علامة أنها ستحدث ستحدث بلا أدنى شك ولذلك ظن النُقَّاد أن السفر جُمع من كتابات ترجع إلى أزمنة مختلفة منذ شاول وداود وحتى فترة السبي، وهذا ظن خاطئ.

 

4- يقول " القمص تادرس يعقوب " ردًا على القائلين بأن سفر صموئيل يعد تجميعًا لمصدرين أحدهما مبكر يحبذ النظام الملكي مثلما جاء في (1صم 9: 1 - 16، 11: 1 - 15). والآخر متأخر كُتِب بعد السبي ويضاد النظام الملكي مثلما جاء في (1صم 8، 10: 17 - 25) فيقول: "إذا رجعنا إلى النصوص لا نجد تعارضًا بينها بل انسجامًا، إذ يُلاحظ الآتي:

(أ) في (1صم 8) استاء صموئيل النبي من طلب الشعب إقامة ملك لهم، وهذا أمر طبيعي، إذ يعني هذا الطلب الآتي:

1- نكرانًا لخدمة صموئيل النبي الذي عاش بينهم باذلًا ومحبًا. لقد انحرف أولاده لكنه لم يلزمهم بقبولهم قضاة لهم، وكان يليق بهم أن ينتظروا عمل الله الذي يقيم لهم قاضيًا يخلصهم كما حدث قبلًا معهم.

2- تجاهلًا لعمل الله المستمر معهم في عصر القضاة، فكان يليق بهم أن ينسبوا الفشل لا إلى نظام الحكم الإلهي Theocratical System (بطلب النظام الملكي Monarchy) بل إلى انحرافهم عن الله وفسادهم الروحي.

3- رغبتهم في التشبه بالأمم (1صم 8: 5) مهتمين بالمظاهر الخارجية.

أما نسبة مثل هذا النص إلى مصدر متأخر كُتِب أثناء السبي أو بعده حيث ظهرت مساوئ النظام الملكي وأنه لم يُكتَب في أيام صموئيل النبي، فيرد عليه بأن الشعب كان قد احتك بالأمم والشعوب المجاورة، وإن كانوا قد طلبوا أن يكون لهم ملك مثل سائر الشعوب لكنهم شعروا كيف تئن هذه الشعوب من نير الملوك الطغاة المستغلين لشعوبهم، فقد عانى آباؤهم أيضًا من مرارة الاستعباد على يد الفراعنة. أما ما هو أهم من ذلك فهو أن النُقَّاد في كتاباتهم تجاهلوا العنصر الإلهي أو الوحي، لذا ينسبون بعض الأسفار إلى عصور متأخرة عن كتابتها بمجرد إشارتها إلى أحداث مستقبلية، حاسبين أن الكاتب لا بد أن يكون معاصرًا أو لاحقًا للأحداث، إذ لا يقبلون قدرة الوحي على الحديث عن أمور مستقبلية خلال النبوءة.. أن الله كشف لصموئيل عما سيحدث من مساوئ للملوك القادمين.. إذًا استياء صموئيل وحديثه الذي يبدو معاديًا للنظام الملكي لا يُنسب لعصر السبي أو ما بعد السبي كما يدعي بعض النُقَّاد إنما هو حديث نبوي فيه يكشف النبي عما سيحل بهم من جور الملوك.

(ب) أما بالنسبة للنصوص التي تبدو محبذة للنظام الملكي، مثل قول الرب لصموئيل النبي: "غدًا في مثل الآن أُرسل إليك رجلًا من أرض بنيامين. فامسحه رئيسًا لشعبي إسرائيل فيخلص شعبي من يد الفلسطينيين لأني نظرت إلى شعبي لأن صراخهم قد جاء إليَّ" (1صم 9: 16) فلا يعني هذا تناقضًا للعبارات أو النصوص السابقة، إنما هذه هي طبيعة الله الصالحة أنه يراعي الحرية البشرية، خاصة إن كان الطلب جماعيًا. لقد أعطاهم سؤل قلوبهم، مستخدمًا بصلاحه شرهم للخير.."(5).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) طبعة دار المشرق بيروت سنة 1991 ص 520.

(2) المرجع السابق ص 522.

(3) راجع مدارس النقد جـ 2 إجابة س 95.

(4) تفسير صموئيل الأول ص 8.

(5) تفسير سفر صموئيل ص 10، 11.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1065.html

تقصير الرابط:
tak.la/46zka6a