يمتدح أثيناغوراس العفة (الطهارة) كواحدة من ثمار الحياة المسيحية الجليلة موضحًا الهدف الإيجابي منها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى: "في وسطنا رجال كثيرون ونساء كثيرات غير متزوجين وهم يمارسون حياة أعمق مع الله".
وضع الشهيد من الأشراف Apollonius قائمة بالفضائل للحاكم برينيس Perennis: [علمنا (يسوع) أن نترك الغضب، وأن نلجم جشعنا، ونسيطر على اللذة، وننزع الحزن عنا، وأن نجعل ممتلكاتنا للنفع العام، وننمي الصداقة، ونزيل كل تباهٍ، لا نطلب الانتقام لمن يؤذينا، ونستخف بالموت الذي يصدر بالحكم علينا، إذ نحن ضحايا الظلم -نحتمل الظلم ولا نستسلم له- نطيع الناموس الإلهي، نكرم الإمبراطور، نعبد الله الخالد وحده، نؤمن بخلود النفس والدينونة بعد الموت[52].]
هذه هي الأخلاقيات التي يكرز بها المربي السيد المسيح كما يقول القديس إكليمنضس السكندري [التدبير والبساطة ومحبة الحرية ومحبة القريب[53].]
وجاء في كتاب الراعي لهرماس الخطوط العريضة لقواعد الفضائل: [تولد العفة عن الإيمان، ومن الإيمان البساطة، ومن البساطة البراءة، ومن البراءة الطهارة، ومن الطهارة المعرفة، ومن المعرفة التهذيب والمحبة][54].
* الإنسان الذي يتعلق بالبراءة يرسل صلوات إلى الله، ومن يتعلق بالعدل يسكب سكيبًا لله، ومن يكف عن السب يستعطف الله، ومن ينقذ إنسانًا من الخطر يقدم أعظم ذبيحة مقبولة. هذه هي ذبائحنا، هذه هي طقوسنا، فإن من هم أكثر برًا يكونون أكثرنا تدينًا[55].
* قبلًا كنتَ تجري نحو الهيكل (الوثني)، الآن تجري نحو الكنيسة. أولًا كنتَ تسفك دمًا، الآن تحرر دماء الآخرين. كنتَ قبلًا تبدد ثروة الغير، الآن تعطي ممتلكاتك للآخرين، قبلًا كانت عيناك تتطلعان إلى النساء والأمور الأخرى مشتهيًا بنظراتك، والآن فلتدع عينيك تتطلعان إلى الفقير والضعيف والبائس لتعزيتهم.. لسانك الذي كان قبلًا ينطق ببذاءة الآن فليبارك الله ويعلن الحق[56].
إذ اتهم صلسس المسيحيين انهم يخدعون أنفسهم، رد عليه العلامة أوريجينوس: [مصدر خداعنا رائع إن كان يحولنا من التطرف إلى الاعتدال، ومن الظلم إلى العدل، ومن الغباوة إلى التعقل ويميل بنا إلى الحكمة، وإن كان يجعلنا في رجولة وقوة ونحن الذين كما في وهنٍ وجبنٍ وضعفٍ![57]]
* لنُنقِّ قلوبنا بالإيمان، لكي نتهيأ لذاك الذي لا يُوصف، أي للرؤيا غير المنظورة.
* لنجاهد بالعفّة حتى يتطهّر ذاك الذي يرفع الإنسان لله[58].
* العفة الحقيقية هي التي من فوق، وهي لا تتم بنزع الخطايا بخطايا، بل بشفاء الشرور بالخير[59].
* نجد هنا تعليمًا بأن ندهش من أجل هبات الله غير المنطوق بها في المسيح يسوع وبخوفٍ أعظم أن نتطهر من كل دنس الجسد والنفس[60].
* هذه الثلاثة أمور يطلبها الله من كل إنسان من بني المعمودية: إيمان صحيح في القلب، وصدق في اللسان، وطهارة الجسد وعفته.
* نحن الذين وُهبت لنا الحياة الأبدية نصنع الأعمال الصالحة لا لأجل الجزاء، بل لحفظ النقاوة التي وُهبت لنا.
* يظهر أنه ليس ممكنًا للنفس أن تتحد بالله غير الفاسد بأية وسيلة ما لم تصرْ تقريبًا طاهرة خلال عدم الفساد، حتى تنعم الشبه بالشبه، وتقيم نفسها كمرآة تتطلع نحو نقاوة الله، فيتشكل جمال النفس بالشركة في الجمال الأصلي والتمتع بانعكاسه عليها[61].
* مادمنا قابلين للتغيير فالأفضل أن نتغير إلى ما هو أفضل: "من مجدٍ إلى مجدٍ". وهذا يجعلنا نتقدم دائمًا نحو الكمال بالنمو اليومي، مع عدم الاكتفاء بحدودٍ معينة نحو الكمال. يعني عدم التوقف نحو ما هو أفضل، وعدم وضع أيّة حدود نقف عندها في نمونا[62].
* نحن نرى الآن العروس يقودها الكلمة إلى أعلى درجات الفضيلة، إلى علو الكمال.
في البداية يرسل لها الكلمة شعاعًا من نورٍ من خلال شبابيك الأنبياء وكوى الوصايا. ثم يشجعها على أن تقترب من النور، وتصير جميلة بواسطة تحوّلها إلى صورة الحمامة في النور. وفي هذه المرحلة تأخذ العروس من الخير قدر ما تستطيع. ثم يرفعها الكلمة لكي تشارك في جمال أعلى لم تتذوقه من قبل. وبينما هي تتقدم تنمو رغبتها في كل خطوة، لأن الخير غير محدود أمامها. وتشعر باستمرار مع حلول العريس معها أنها قد ابتدأت صعودها للتوّ فقط. لذلك يقول الكلمة للعروس التي أقامها من النوم: "انهضي". وإذ جاءت إليه يقول لها: "تعالي"، لأن الشخص الذي دعاها للنهوض بهذه الطريقة في استطاعته أن يقودها إلى الارتفاع والنهوض بها إلى مستوى أعلى.
الشخص الذي يجري نحو الله ستكون أمامه مسافات طويلة. لذلك يجب علينا أن نستمر في النهوض، ولا نتوقف أبدا عن التقرب من الله. لأنه كلما قال العريس: "انهض" و"تعال" فإنه يعطى القوة للارتفاع لما هو أفضل. لذلك لابد أن تفهم ما يأتي بعد في النص. عندما يحفز العريس العروس الجميلة لكي تكون جميلة فهو يذكرنا حقًا بكلمات الرسول الذي يطلب منا أن نسلك سلوكًا فاضلًا، لكي نتغير من مجدٍ إلى مجدٍ (2 كو 18:3). وهو يعني بكلمة "مجد" ما فهمناه وحصلنا عليه من بركة في وقت من الأوقات، ولا يهم مقدار ما حصلنا عليه من مجدٍ وبركةٍ وارتفاعٍ، لأنه يُعتقد أننا حصلنا على أقل مما نأمل في الحصول إليه. ولو أنها وصلت إلى جمال الحمامة بما قد حققه إلا أن العريس يأمرها بأن تكون حمامة مرة أخرى بواسطة تحوّلها إلى شيءٍ أفضل. فإذا حدث ذلك فإن النص سوف يُظهر لنا شيئا أفضل من هذا الاسم "حمامة"[63].
_____
[52] Acta Apoll., 37.
[53] Paedagogus 1: 12.
[54] Hermas: Pastor, visions 3: 8, 7.
[55] Octavius 32: 3.
[56] In Epist. Ad Rom., 6: 4.
[57] Contra Celsum, 2: 79.
[58] In Ioan. 5:8.
[59] العفة للقديس أغسطينوس، 28.
[60] Concerning Baptism 1:2.
[61] Concerning Virginity 11. PG 46:368 BC.
[62] من مجدٍ إلى مجدٍ، تعريب القمص إشعياء ميخائيل، 1984، فصل 2:1.
[63] Commentary on Song of Songs, Homily 5.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/purity.html
تقصير الرابط:
tak.la/qs6n8ax