* طوباكِ يا من فُقتِ الطغمات السماوية،
فقد صرتِ والدة الله، أم ملك الملوك، مُخَلِّص العالم!
حفظكِ ابنكِ القدوس السماوي المتواضع،
فلم يجسر الكبرياء أن يتسلَّل إلى فكركِ!
سقط زهرة بنت الصبح من السماء، ومعه ملائكته (إش 14: 12)!
قال وهو بعد في مجده: أرفع كرسي فوق كواكب الله،
أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلي (إش 14: 12-14).
أما أنتِ، فنلتِ أعظم مما ناله، وبروح التواضع ترنمتِ:
"أنزل الأعزاء عن الكراسي، ورفع المتضعين" (لو 1: 52).
كل الطغمات تُطوِّبكِ، لأن من كان في مقدمتهم انحدر إلى الهاوية،
وأما أنتِ يا ابنة آدم الترابي، فازددتِ تواضعًا، إذ حملتِ آدم الثاني.
* أخبريني يا أمي عن سرّ عظمتكِ التي لم تتلوَّث بالكبرياء!
لم أكن يا ابني من سبط اللاويين،
ولا من الفريسيين أو الصدوقيين أو الكتبة أو الهيرودسيين.
كانت كلمة الربّ تُلازِم فكري منذ طفولتي.
بالكبرياء تحوَّل الحملان إلى ذئابٍ!
وصار البشر مسكنًا للشياطين!
بالكبرياء انحدر ساكنو السماء إلى الجحيم،
وصاروا ملائكة إبليس!
ورأيت يا ابني بالتواضع يتحوَّل الزوان إلى حنطة!
وتتحوَّل الطيور الجارحة إلى حمامٍ وديعٍ وبسيطٍ!
أما وقد تجسد كلمة الله فيَّ، فحسبت نفسي كمن لستُ أهلًا أن أَتشبَّه به!
كلما ذقت عذوبة تواضعه في داخلي،
انفتحت بصيرتي لأنعم ببهاء التواضع ومجده!
* عرفتُ يا ابني ضعفي كابنة آدم وحواء،
لكن لم أُرَكِّز عيني على ضعفاتي،
بل على واهب التواضع العجيب.
لم يستطع العدو أن يُحَطِّمني باليأس،
إذ صرخت بروح الرجاء والفرح،
وكنت أُرَدِّد في قلبي كما على لساني:
"نظر إلى اتضاع أمته،
فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو 1: 48).
عندما يُطَوِّبني أحد،
أطلب منه أن يُرَكِّز أنظاره على الثالوث القدوس،
فالآب اختارني، والابن تجسد مني، والروح القدس حلَّ عليَّ!
← ابحث هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمزيد من المقالات والكتب والصلوات...
* يكشف لك الله عن خطاياك وضعفاتك،
وبحُبِّه العجيب يجتذب كل أفكارك وعواطفك وقلبك إليه،
فتراه غافر الخطايا، منقذ النفوس من الفساد!
* أكشف لك يا ابني عن أفكار طفولتي:
في طفولتي سكنتُ الهيكل والتقيتُ برئيس الكهنة والكهنة واللاويين.
طَوَّبتهم، لأنهم يخدمون في بيت الله ويُقَدِّمون ذبائح
ويقدمون صلوات عن الشعب كما عن أنفسهم.
لم أَشتهِ يومًا ما أن أكون كواحدةٍ منهم،
ولا عاتبت الربّ لأنني لست من سبط لاوي.
إنما مَجَّدتُ إلهي قابل الذبائح والتقدمات.
كنتُ أُرَدِّد ما كان يتغنَّى به داود أبي:
"ذبائح الله هي روح متواضعة،
القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 51: 17).
لتترنم يا ابني قائلًا:
"قلت للمفتخرين لا تفتخروا،
وللأشرار لا ترفعوا قرنًا" (مز 75: 4).
فمن يرفع قرنًا، ويحسب نفسه قويًا،
ينهار أمام الشرّ، وتُفارِقه نعمة الله!
لتسمع يا ابني صوت الحكيم سليمان: "قبل الكسر يتكبر قلب الإنسان،
وقبل الكرامة التواضع" (أم 28: 12).
* هلم معي يا ابني لأُريك طريق التواضع.
التصقتُ بابني حسب الجسد في صمتٍ وسكونٍ.
تعجَّبت كيف أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد،
وأطاع الآب حتى الموت، موت الصليب (في 2: 7-8).
كان قريبًا جدًا للمتواضعين: سمع كلمات العشار المنسحق القلب،
ورذل افتخار الفريسي المتكبر!
إني أسأله، فيهبك من تواضعه، يحلّ في قلبك ويسكن فيك.
إذ تفتح له قلبك يُقِيم فيه كبيتٍ سماويٍ،
ولا تقدر الشياطين أن تقترب إليك لتسحب منك تواضعك.
إن قبلته، يغرس الربّ صليبه فيك شجرة حياة مثمرة،
ويقتلع زوان الشرّ!
* عمل إبليس المتكبر أن يدفع كل إنسانٍ من العلو ليسقط مُحَطَّمًا.
فإن كنت متواضعًا لا يجدك في العلو ليدفعك إلى أسفل!
* أبي إبراهيم حسب نفسه ترابًا ورمادًا (تك 18: 27)،
فصار صديقًا للعليّ لا يخفي عنه ما هو فاعله (تك 18: 17).
وإشعياء عرف أنه نجس الشفتين (إش 6: 5)، فأدرك الأسرار الإلهية،
أعلن عن تجسده مني (إش 7: 14)، وتَمتَّع بسرِّ صليبه (إش 53).
لتدرك يا ابني تنازل ابني الحبيب، فيرفعك معه إلى سماواته!
أدعوك يا ابني أن تُرافِق مُخَلِّصك، فيغسل قدميك من الكبرياء،
وتشتهي أن تغسل أقدام إخوتك حتى الذين يقاومونك!
تَعَلَّم منه، لأنه وديع ومتواضع القلب، فتجد راحة لنفسك (مت11: 29).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-4-heart/humble.html
تقصير الرابط:
tak.la/8wdxbkp