St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   mary-4-heart
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب متى أحمل السماوي في قلبي يا أمي؟! (من وحي عيد القديسة مريم 4) - القمص تادرس يعقوب ملطي

14- عيد القديسة مريم والعُرْس السماوي

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

عيد القديسة مريم والكنيسة السماوية

بين أورشليم العليا والقديسة مريم ونفس المؤمن
1. سماء جديدة وأرض جديدة
2. السماء الأولى والأرض الأولى مضتا
3. البحر لا يوجد فيما بعد
4. المدينة المقدسة... نازلة من السماء من عند الله
5. مهيأة كعروسٍ مُزَيَّنة لرجلها
6. أورشليم العليا هي مسكن الله مع الناس
7. سعادة روحية وتعزيات سماوية
8. "نازلة من عند الله"
9. "لها مجد الله شبه أكرم حجر كحجر يشب بلوري"

عيد القديسة مريم والكنيسة السماوية

يُعتبر آخر عيدين رئيسيين في نهاية السنة القبطية هما: عيد التجلي وعيد القديسة مريم. الأول فيه تجلَّى العريس السماوي لتتعرَّف العروس على حقيقة عريسها، فتشتاق إليه وتتَّحِد به وتَقْبَل عمل روحه القدوس فيها. والثاني يكشف عن شخصية العروس التي تضم في عضويتها أناس الله في العهدين القديم والجديد، وتُعتبَر القديسة مريم العضو الأمثل والنموذج العملي لحياتنا. كلما احتفلنا بعيد القديسة مريم يلتهب قلبنا شوقًا أن تعمل النعمة الإلهية فينا، مقتدين بها!

تجسد القدوس من القديسة مريم لننعم بالقداسة، وهي أم السماوي، لكي نحمل عربون السماء ونحن بعد على الأرض. نستطيع القول إن تجسد الكلمة منها أقام منها سماءً ثانية، فصارت أيقونة أورشليم العليا. ويليق بنا أن ندرك أن مسيحنا أقام ملكوته فينا لنصير نحن أيقونة أورشليم العليا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بين أورشليم العليا والقديسة مريم ونفس المؤمن

يكشف الكتاب المقدس خاصة سفر الرؤيا عن سمات أورشليم العليا، والتي ظهرت ملامحها في شخصية القديسة مريم، كما يليق بنفس كل مؤمنٍ جادٍ في خلاصه أن تكون أيقونة لأورشليم العليا.

1. سماء جديدة وأرض جديدة (رؤ 21: 1)

"قال الجالس على العرش: هذا أنا أصنع كل شيءٍ جديدًا" (رؤ 21: 5). هكذا مع عدم وجود زمن في الأبدية، كلما تطلَّع المؤمن إلى السماء يراها كمن لم يرها من قبل، فلن يشعر بأنها قديمة. يُعلن له الله نفسه في مجدٍ كما لو كان جديدًا. أما سرّ الجِدَّة ففي الإنسان نفسه أو في بصيرته!

كانت القديسة مريم تتطلع إلى ابنها كمن تراه لأول مرة، وتشتهي أن يتعرَّف كل البشر على حقيقته. ويليق بنا أن نرى السماء (أي النفس) كما الأرض (أي الجسد) كأنهما جديدان.

 

2. السماء الأولى والأرض الأولى مضتا (رؤ 21: 1)

إذ يرى المؤمن فيها ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسانٍ" (1 كو 2: 9).

هذه هي مشاعر القديسة مريم كلما تطلعت إلى السيد المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بل ومشاعر المؤمن إذ يترنَّم مُدرِكًا أن مراحم الربِّ جديدة في كل صباحٍ (مرا 3: 23).

 

St-Takla.org Image: Presentation of Mary to the Temple of Jerusalem, by Her parents: Saints Joachim and Anne (aka Presentation of the Blessed Virgin Mary, The Entry of the Most Holy Theotokos into the Temple), by Giovanni Francesco Romanelli (1610-1662), copy of the painting by Pietro da Cortona - Chiesa San Marco: St. Mark Church, Milan (Milano) Italy. Its groundbreaking was on 1245, but completed on 19th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 4, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: تقديم الطفلة السيدة مريم العذراء القديسة إلى الهيكل بواسطة والدها القديسان القديس يواقيم والقديسة حنة، عمل الفنان جيوفاني فرانشيسكو رومانيللي (1610-1662)، وهي نسخة طبق الأصل من لوحة الفنان بيترو دا كورتونا - صور كنيسة القديس مرقس (مارمرقس)، ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وقد بدأت عام 1245 ولكن انتهى البناء في القرن التاسع عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 أكتوبر 2014.

St-Takla.org Image: Presentation of Mary to the Temple of Jerusalem, by Her parents: Saints Joachim and Anne (aka Presentation of the Blessed Virgin Mary, The Entry of the Most Holy Theotokos into the Temple), by Giovanni Francesco Romanelli (1610-1662), copy of the painting by Pietro da Cortona - Chiesa San Marco: St. Mark Church, Milan (Milano) Italy. Its groundbreaking was on 1245, but completed on 19th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 4, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: تقديم الطفلة السيدة مريم العذراء القديسة إلى الهيكل بواسطة والدها القديسان القديس يواقيم والقديسة حنة، عمل الفنان جيوفاني فرانشيسكو رومانيللي (1610-1662)، وهي نسخة طبق الأصل من لوحة الفنان بيترو دا كورتونا - صور كنيسة القديس مرقس (مارمرقس)، ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وقد بدأت عام 1245 ولكن انتهى البناء في القرن التاسع عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 أكتوبر 2014.

3. البحر لا يوجد فيما بعد (رؤ 21: 1)

إذ لا توجد قلاقل واضطرابات في السماء كأمواج البحر، هكذا كان يجوز في نفس القديسة مريم سيف دون أن تفقد سلامها الداخلي. هذه هي سمة المؤمن الحقيقي حتى في وسط الضيقات.

 

4. المدينة المقدسة... نازلة من السماء من عند الله (رؤ 21: 2)

دعوة السماء مدينة ترمز إلى أنها دومًا آهلة بالسكان. لن تكون مقفرة، إذ تضم السمائيين بكل طغماتهم، وينضمّ إليهم الذين يتمتَّعون بالمجد الأبدي من بني البشر. الكل مُقَدَّسون لأنهم يتمتعون بحضرة القدوس، والكل نازلون من السماء، أي لهم السمات السماوية الطاهرة.

كانت القديسة مريم وهي بعد على الأرض يسكن قلبها وفكرها وكل أعماقها كما في السماء، تعيش كما في صداقة مع القدوس. وكما قيل عن موسى النبي: "يكلم الربّ موسى وجهًا لوجه كما يكلم الرجل صاحبه" (خر 33: 11). أما المؤمنون فيقولون: "ونحن جميعًا ناظرين مجد الربّ بوجهٍ مكشوفٍ كما في مرآة، نتغيَّر إلى تلك الصورة عينها من مجدٍ إلى مجدٍ كما من الربّ الروح" (2 كو 3: 18).

 

5. مهيأة كعروسٍ مُزَيَّنة لرجلها (رؤ 21: 3)

يتحدَّث القديس مار يعقوب السروجي عن جمال القديسة مريم الروحي كعروسٍ سماويةً، قائلًا:

* كيف يمكنني أن أُصَوِّر صورة هذه الفائقة الجمال بألوان بسيطة،

إذ لا يمكن مزجها لتصويرها؟ فهي أيضًا غير لائقة بها.

صورة جمالها أكثر مجدًا وسموًا عن كل تصوُّري،

فلا أجرؤ أن أَدَعْ عقلي يرسم صورةً لمحياها.

من الأسهل أن أرسم صورة للشمس بنورها وحرارتها،

عن أن أُخبِرَ بقصة مريم وروعتها.

ربما نستطيع أن نقبض على أشعة الكون، ونصبغها بألوانٍ،

أما قصتها فلم تُحكَ بعد كما ينبغي بواسطة الكارزين.

إذا حاول أحد ذلك، فبأية طريقة يستطيع أن يصفها؟

ومع أية طغمة ينبغي أن يسردها؟ مع العذارى، أم القديسين، أم الأبرار؟

أم السيدات المتزوجات، أم الأمهات أم الوصيفات؟

انظروا جسد القديسة المُمَجَّدة يحمل علامات البتولية، وأيضًا انظروا اللبن.

ميلاد كامل، وبكورية مختومة، من يقدر أن يفهمها؟

بينما تبدو أنها في جموع الشابات،

أراها مثل الأمهات تُعطِي لبنًا للطفل.

بينما أسمع أن يوسف رجلها يسكن معها،

أراها غير مرتبطة بأي رباط زيجي.

بينما أحصيها في طغمة العذارى،

أسمع صوت مخاض الولادة يأتيها.

بسبب يوسف، أُفَكِّر أن أدعوها سيدة متزوجة،

لكني أؤمن أنه لم يعرفها أي إنسانٍ.

أراها كمن تحمل ابنًا لأمٍ ولودٍ،

لكنها تبدو لي أنها تنتمي لرُتبة العذارى.

إنها العذراء والأم والزوجة لرجلٍ بغير زاوجٍ،

فكيف لي أن أتكلم إذا قلت إنها غير مُدرَكة...

بعجبٍ أتحدث عن مريم وأنا في رهبةٍ،

لأن ابنة المخلوقات البشرية ارتفعت إلى هذا المقام العظيم[5].

القديس مار يعقوب السروجي

* حقًا يقف السمائيون في دهشةٍ، إذ يرون المخلوقين من ترابٍ صاروا أبناء الله،

العروس السماوية الحاملة سمات الربّ يسوع (غل 6: 17).

 

6. أورشليم العليا هي مسكن الله مع الناس (رؤ 21: 3)

إن كان سرّ سعادة السمائيين وفرحهم وشبعهم أنهم ساكنون مع الله في سماواته، فإذ تجسد كلمة الله من القديسة مريم، صارت بتجسده ملتهبة شوقًا أن تلتقي البشرية بالله، فتجد سعادتها في سعادتهم، ومجدها في مجدهم. هكذا كان الرسول بولس يردد: "أود أن أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد" (رو 9: 3).

 

7. سعادة روحية وتعزيات سماوية

"وسيمسح الله كل دمعةٍ من عيونهم، والموت لا يكون في ما بعد، ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع" (رؤ 21: 5). يقول العلامة ترتليان إن الله يمسح كل دمعة، فما كان لها أن تجف ما لم تمسحها الرأفات الإلهية. طوبى لأصحاب العيون الباكية، لأن الله بنفسه يمسحها ويُطَيِّبها! مضى العالم القديم بما يحمله من نقصانٍ وقابليةٍ للفناء، وصار كل ما في الأبدية جديدًا مُفرِحًا للكل.

 

8. "نازلة من عند الله" (رؤ 21: 10)

سرّ قداسة أورشليم العليا إنها مرتفعة في علوِّها، لا يقدر أحد أن يصعد إليها، وبنزولها من السماء إعلان أن الله يُصعِدنا إليه. يقول القديس أغسطينوس إنه لا يستطيع أحد أن يصعد إلى شركة أورشليم السماوية ما لم يؤمن أن صعوده لا يتم بقوته الذاتية بل بعمل الله. وبنزولها أيضًا يعلن لنا أنه يجب علينا أن نختبر الحياة السماوية ونحن هنا على الأرض، قبلما يأتي يوم الرب لنرتفع معه وبه. يقول القديس إكليمنضس الإسكندري إننا نستعيض عن الأرض بالسماء، إذ بالأعمال الصالحة نصير آلهة[6]... وبسلوكنا في السماويات نصير كمن هم في السماء!

 

9. "لها مجد الله شبه أكرم حجر كحجر يشب بلوري" (رؤ 21: 11)

مجدها ليس من ذاتها، بل مجد الله المُشرِق عليها. وهي كالبلُّور تستقبل الأمجاد الإلهيّة. فكما أنه هو "في المنظر شبه حجر يشب" (رؤ 4: 3)، هكذا باتِّحادنا به وتَقَبُّلنا إشعاعات مجده، نصير كحجر يشب بلوري. هو شمس البرّ يتلألأ جمالًا، ونحن كالبلور الذي يحيط به من كل جانب حتى تختفي فينا ملامح البلّور ولا يظهر إلا الإشراقات القوية من شمس البرّ علينا. كل واحدٍ منا كالبلّور يرى في أخيه مجد الله، كما يرى أخوه فيه مجد الله. هكذا يصير الله الكل في الكل (1 كو 15: 28).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[5] راجع ميمر 196 عن العذراء الطوباوية والدة الإله مريم.

[6] أي ترتسم فينا صورة الله... لا أن نصير موضوع عبادة، بل يعكس الله إشراقاته علينا فنستنير بنوره.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-4-heart/feast.html

تقصير الرابط:
tak.la/bxq6zy6