أ. مفهوم الطقس الكنسي
أولًا: الطقس الكنسي دخول في الحياة
السماوية
ثانيًا: الطقس كعمل روحي تقوي
الحواشي والمراجع
الطقس الكنسي يحترم الجسد وأحاسيسه، لكنه لا يحبس النفس في حدود الجسد والمحسوسات، بل يعرف كيف ينطلق الروح القدس بالمؤمن نحو الأمور السماوية خلال الزمنيات، فلا يعود المؤمن يرى في الكنيسة معابد وكهنة وحركات جسدية في العبارة بل يمارس شركة مع السمائيين ودخول إلى أمجاد أبدية وتمتع بحضن الآب.
"لنتقدم بقلب صادق(2) إلى الأمور المقدسة، إلى الإيمان، إلى الخدمة الروحية... فلا نرى منظورات: كاهنًا أو ذبيحة أو مذبحًا... إنما يدخل الكاهن إلى قدس الأقداس، لندخل نحن أيضًا معه(3)".
"هنا كل شيء يخص السماء والسماويات، أمور تخص نفوسنا وحياتنا(4)".
"الملائكة حاضرون في كل موضع، خاصة في بيت الله، إذ يقفون بجوار الملك.
الكنيسة مملوءة كلها بالقوات غير المتجسدين(5)".
"إن كانت (طقوسنا) تتم على الأرض لكنها متأهلة للسموات، إذ يكون ربنا يسوع المسيح نفسه الذبيح مضطجعًا، والروح مرافقًا لنا، والجالس عن يمين الآب حاضرًا هنا".
"خلال الغسل (المعمودية) يوجد الأبناء، الذين يقتفون أثر السمائيين، حاسبين أن لهم وطنًا سماويًا. هؤلاء إذ يتعذبوا عن الأمور الزمنية يمارسوا الأعمال السماوية".
ماذا...؟ أليست تسابيحنا سماوية؟!
ألسنا نحن الذين نعيش على الأرض ننطق في انسجام مع ترنيمات الطغمات الإلهية التي للقوات غير المتجسدين؟
أليس المذبح سمائيًا...؟ إذ لا يحمل أمورًا جسدانية، بل تقدمة روحية. فالذبيحة لا تتحول إلى تراب ورماد بل هي بهية وسامية.
ما هي سمة طقوسنا إلا أنها سماوية، فقد قيل(6): من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم
خطاياه أمسكت. فمن كان له مفاتيح السماء كيف لا تكون بقية أموره سماوية؟!...
الكنيسة سماوية، بل هي السماء...
لقد قادنا مرتفعًا بنا إلى السماء، وأظهر لنا أنه قد صارت لنا السماء عوض الهيكل(القديم)(7).
حذر القديس من ممارسة الطقس في شكليات بلا روح، قائلًا: "إن كان بولس يخاف لئلا بعدما كرز للآخرين يصير هو نفسه مرفوضًا(8)... فأي عذر لنا إن كنا في غير خوف نمارس مسيحيتنا كعادة في شكليات؟!(9)".
يرى أن الشكليين في ممارستهم للطقس بلا روح يشبهون هيرودس الذي طلب السجود لمولود بيت لحم وهو يحمل في داخله شوقًا لقتله... "لنخف نحن أيضًا لئلاَّ ونحن نحمل مظهر العابدين له والمتضرعين إليه ننطق في داخلنا بنقيض ذلك(10)".
لقد أعطى اهتمامًا بالطقس الخارجي للصلاة مثل الوقوف برهبة والسجود وبسط اليدين إلخ... لكنه في نفس الوقت ركز على العمق الداخلي، إذ يقول:
"الصلاة هي أعماق أكثر منها كلمات،
هي نفس متأملة أكثر منها أيد مرتفعة،
هي تأمل أكثر منها حركات خارجية،
إنها تتطلب قلبًا حارًا وفكرًا متضعًا.
كان بولس في سجنه يصلي وهو ملقى على ظهره، حزقيال على فراش مرضه، واللص معلقًا على الصليب، ويونان في بطن الحوت".
"عندما تقف أمام جمهور الملائكة لتصلي، فلتكن أكثر اهتمامًا من عازف القيثارة وهو يستعد لدخول المسرح خشية أن يخطئ العزف.
ليعبر لساننا بعذوبة ما يحمله من مكتومات".
مرة أخرى يوبخ الذين يتممون الطقس في حرفيته بغير روح قائلًا:
"عندما نتقدم للحديث مع أناس أعظم منا نستعد لذلك بضبط تصرفاتنا وطريقة مشينا ولبسنا، لكننا إذ نتقدم أمام الله نتثاءب (ونهرش) ونحرك رؤوسنا هنا وهناك ويشت فكرنا حتى أننا ونحن ساجدون على الأرض يجول عقلنا في الأسواق العامة".
رأينا اتجاهه العملي في الربط بين الطقس والحياة التقوية خلال ربطه التناول من الأسرار المقدسة وخدمة الفقراء والمحتاجين... فكما نكرم الذبيحة "جسد المسيح" يلزمنا أن نكرم جموع الفقراء "جسد المسيح المتألم(11)".
ثالثًا: كشف لنا القديس عن دور الشعب في الطقس الكنسي والعبادة الليتورجية... فمن كلماته: "لماذا تتعجبون من اشتراك الشعب مع الكاهن في كل موضع، فإن الجميع يشتركون بحق مع الشاروبيم أنفسهم والقوات السمائية، مقدمين التسابيح المقدسة في شركة معًا(12)".
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(2) (عب 10: 22).
(3) In Hebr، hom 10: 2.
(4) Conc، Statues، hom 10: 2.
(5) In Hebr، hom 15: 8.
(6) (يو 20: 23).
(7) In Hebr، hom 14: 3.
(8) (1 كو 9: 27).
(9) In Hebr، hom 10: 2.
(10) In Mat، hom 50.
(11) راجع أيضًا عظة 27 على (1 كو)، عظة 82: 6 على (إنجيل متى).
(12) In 2 Cor، hom 18: 3.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrysostom/ritual.html
تقصير الرابط:
tak.la/d3b8rng