الأعياد والأصوام
مفهوم العيد
مفهوم الصوم
الصوم وسيلة لا غاية
الصوم مع التوبة
الصوم والصلاة
الصوم والصدقة
الصوم والشركة في اجتماعات
الكنيسة
الحواشي والمراجع
تكشف لنا أعمال القديس عن بعض الطقوس والتقاليد الخاصة بالأعياد كما عاشتها الكنيسة في أنطاكية والقسطنطينية في ذلك الحين، كما نكشف عن بعض العادات الخاطئة التي حاول القديس معالجتها:
1. كانت تقام عظات يومية في كنيسة أنطاكية أثناء الصوم الكبير(32).
2. كثيرون كانوا يجدون في فترة الصوم الكبير والأعياد فرصة للتمتع بالتناول من الأسرار المقدسة، لكن القديس كان يوجههم للاهتمام بالتوبة والحياة الفاضلة كأساس للتمتع بهذه الشركة، وليس مجرد حلول هذه الأيام(33).
3. كان بعض الأباطرة المسيحيين يبعثون برسائل خاصة بالنصح فيها يعلنون إطلاقهم ما أمكن من المسجونين، وذلك كما حررنا الرب من أسر خطايانا. وقد جاءت رسالة ثيؤدوسيوس عام 387 م. يقول فيها: "آه لو أمكنني أن أقيم حتى الموتى(34)".
4. من العادات التي مدحها القديس اجتماع العائلات الفقيرة معًا في جماعات لتقيم ولائم مشتركة على العيد، حيث يعجز الفرد أو الأسرة الواحدة عن إقامتها(35).
5. كان البعض يشترون بعض الملابس الجديدة على العيد، فكان يطالبهم أن يقتنوا فضائل جديدة تذكارًا للعيد، ويخلعوا رذائلهم.
"كل الأيام التي نعيشها هي عيد... كل الزمان هو عيد للمسيحيين، وذلك من أجل سمو البركات التي ننالها(36)".
الحياة المسيحية عند القديس هي عيد ممتد، خلالها ينعم المؤمن بفيض بركات عمل الله الخلاصي في حياته، متهللًا بالله مخلصه... هذا المفهوم العام تسنده الأعياد السيدية السنوية حيث تذكرنا بجانب من جوانب أعماله الخلاصية كميلاد السيد (تجسده) وقيامته إلخ... فلا نحتفل بالعيد كفرصة لتنعم الجسد بل لفرح النفس ونموها الروحي.
"العيد هو عرض لأعمال صالحة،
هو تكريم للنفس:
هو تدقيق في السلوك(37)".
هكذا يحمل العيد معنى عملي لممارسة حياة الشركة مع الله، والسلوك كما يليق كأولاد لله، لا أن ننغمس في الأكل والشرب والشهوات:
"ليس من يفسد العيد مثل من يحفظه وهو لا يزال في شره ودعواته، بل بالأحرى أقول لكم أن مثل هذا الشخص لا يقدر أن يحفظ العيد حتى وإن بقي عشرة أيام متتالية بلا طعام، لأنه حيث يوجد الصراع والعداوة لا يوجد صوم أو عيد(38)".
"قد وضعت الأعياد لا لنسلك بغير لياقة، ولا لكي نحشد الخطايا وإنما لمغفرة خطايانا القائمة(39).
ولا يفوته أن يعلن مدى حزنه على تجمهر الشعب في الكنيسة أيام الأعياد وانصرافهم عنها بعد ذلك. "أنتم اليوم مسرورون وأنا وحدي حزين لأنني حينما أنظر إلى هذا البحر الروحي المائج بكم وأرى غنى الكنيسة غير المحصور أفكر أن هذا الجمع الغفير بانقضاء العيد يبتعد عني ويتفرق، لذلك تحزن نفسي وينكسر قلبي لأن الكنيسة التي ولدت أولادًا كثيرين لا تتعزى بهم في كل اجتماع بل في الأعياد فقط(40)".
الصوم عند القديس ليس عملًا جسدانيًا، بل هو تحرير للنفس خلال جهاد الجسد مع الروح للدخول في حياة الشركة مع الله.
"ليس الصوم رياضة جسدية بل روحية(41)".
"الصوم غذاء الروح، يجعلها أكثر صلابة، ويهبها أجنحة خفيفة بهما تنطلق إلى الأعالي(42)".
"لتقف بجوار إنسان صوَّام، فإنك تشتم في الحال رائحته الذكية، لأن الصلاة رائحة روحية، يعلن صلاح النفس خلال العين واللسان وكل عضو... لست أقول هذا لكي أدين الذين يأكلون، وإنما لأُظهر فائدة الصوم(43)".
"من يصم يصبح خفيفًا كما لو كان له أجنحة فيُصلي بنشاط كلي ويخمد الشهوات الشريرة ويستعطف الله ويجعل نفسه المتعجرفة متضعة، لذلك صام الرسل أكثر الأوقات، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ومن يصلي صائمًا يملك جناحين أخف من النسيم، فلا يهذي ولا يتثاءب ولا تنحط قواه في وقت الصلاة كما يحدث مع الكثيرين. فهو أسرع من لهيب النار وأرفع من الأرض فقط، وهكذا يظهر عدوًا ومحاربًا للشيطان. لأنه لا أحد أقوى من المصلي بحرارة، فإذا كانت تلك المرأة قدرت أن تستعطف القائد القاسي الذي لم يخف ولا يخجل من البشر، فكم بالحري يستعطف الله من يقف أمامه رافضًا الملذات العالمية وتاركًا أنواع المآكل الشهية(44)...".
كثيرًا ما تحدث عن الصوم كاستعداد روحي للعيد يلزم أن ترافقه التوبة عن الخطايا مع الصلاة والتأمل والشركة في الأسرار المقدسة وممارسة الفضائل. كما تحدث عنه أيضًا كاستعداد روحي يهيئ الإنسان للتمتع بالشركة في الأسرار(45). فالصوم "هو معاون عظيم جدًا وحليف لنفعنا(46)".
"جرت العادة في الصوم الأربعيني أن يسأل كل الآخر عن عدد الأسابيع التي صامها. من المحتمل أن نسمع واحدًا صام اثنين أو ثلاثة، وآخر صام الصوم كله. فما الفائدة إذا اجتزنا الصوم من دون أعمال صالحة؟ فإذا سمعت أحدًا يقول أنه صام الصوم الأربعيني كله، فقل له: كان لك عدو فسالمته، وكنت معتادًا على النميمة فتركت هذه العادة، وكنت تهزأ بالآخرين، فأهملت هذه العادة الذميمة أيضًا. فليست الفائدة للملاحين في اجتيازهم المسافات الكبيرة في البحار فقط، بل في اجتيازهم إياها مع الأحمال الثقيلة والبضائع الكثيرة. كذلك نحن لا فائدة لنا من الصيام إن اجتزناه سُدى بدون تأمل(47)".
"صوم فمك عن الأحاديث الشريرة والتعنيف، لأنه ماذا ينفع إن صمنا عن الطيور والأسماك(48)، ونحن نأكل إخوتنا وننهشهم؟
من يتكلم بالشر على أخيه إنما يأكل لحمه وينهش جسد قريبه. لذلك نطق بولس بقول مرعب(49): فإذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضًا، فانظروا لئلاَّ تفنوا بعضكم بعضًا(50)".
"إننا لا ننتفع شيئًا من هذه الأتعاب المضاعفة والجهادات الخاصة بالصوم إن كنا غير قادرين على التمتع بالمائدة المقدسة بضمير صالح...
ليتأمل كل منا في نهاية الصوم أي أخطاء قد أصلحها؟ أي خطايا تخلص منها؟ أي وصمات تطهر منها؟ وليعرف إلى أي حال أفضل قد بلغ؟
بهذا يكتشف (المؤمن) خلال سيرته الصالحة ما انتفع به من الصوم مدركًا في داخله أنه قد اعتنى بجراحاته. بهذا يقترب إلى هنا.
ليته لا يعتمد الإنسان على الصوم وهو لا يزال بعد لم يصلح أفعاله الشريرة(51)".
"إني أتحدث عن الصوم الحقيقي ليس امتناعًا عن الطعام فحسب، بل وكف عن الخطايا أيضًا... فقد صام الفريسي وخرج صفر اليدين، معدمًا من ثمر الصوم... أما أهل نينوى فصاموا وربحوا مراحم الله(52)"...
صام اليهود ولم ينتفعوا شيئًا بل امتلأوا لومًا(53).
فالخطر عظيم بالنسبة للذين لا يعرفون كيف يصوموا.
لنتعلم قوانين هذا التدريب حتى لا نسعى باطلًا، ولا نضرب الهواء، ولا نحارب الظل.
الصوم دواء، لكن الدواء يصير غير نافع بل ضارًا للذين يستعملونه بغير مهارة(54)...".
"كرامة الصوم لا في الامتناع عن الطعام بل في الانسحاب من الأعمال الشريرة...
لا تصوم فمك وحده، بل صوم أيضًا عينيك وأذنيك وقدميك ويديك وكل أعضاء جسدك.
صوِّم يديك بالنقاوة من الاغتصاب والطمع.
صوِّم عينيك بتعليمها إلا يرتكزا في التطلع على ملامح البعض وينشغلا بالجمال الغريب...
أما صوم الأذنين فيكون بعدم قبول الكلام الشرير(55)".
"صام الرسل أكثر الأوقات.
ومن يصلي صائمًا يملك جناحين أخف من النسيم(56)".
"صوم بدون صدقة لا يحسب صومًا. من يفعل هذا يكون أشر من الإنسان النهم والسكير لأن القسوة أخطر من الترف(57)".
"من يأكل ويشترك في الجماعة المقدسة بغيرة لائقة، أفضل بكثير من الذي لا يأكل ويغيب(58)".
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(32) Conc. Statues، hom 5: 20.
(33) In Hebr، hom 17: 8.
(34) Conc. Statues، hom 6: 6.
(35) Con. Statues، hom 11: 15 ; In Rom، hom 24.
(36) In 1 Cor، hom 27.
(37) In 1 Cor، hom 18.
(38) Cone، Statues، hom 20: 19.
(39) In 1 Cor، hom 27.
(40) المطران أبيفإنيوس: الآمالي الذهبية، ص 35.
(41) In 1 Tim، hom 12.
(42) Cone. Statues، hom 3: 12.
(43)Con. Statues، hom 20: 19.
(44) المطران أبيفانيوس: الأمالي الذهبية، ص 120.
(45)In 1 cor، hom 27.
(46) Conc. Statues، hom 3: 12.
(47) المطران أبيفإنيوس، الآمالي الذهبية، ص 59.
(48) ألقيت أثناء الصوم الكبير عام 387 حيث يصام عن الأسماك.
(49) (غلا 5: 15)
(50) Conc. Statues، hom 5: 19.
(51) Conc. Statues، hom 20. 1.
(52) (يونان 3: 10)
(53) (إش 58: 3، 7، كو 9: 26)
(54)Conc. Statues، hom 3: 8.
(55) Conc. Statues، hom 3: 10.
(56) In Mat، hom 57: 5.
(57) In Mat، hom 77: 6.
(58) Conc، Statues، hom 10:1.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrysostom/fasting.html
تقصير الرابط:
tak.la/fk9kkvz