رسم علامة الصليب
رشم الصليب بفهم
الحواشي والمراجع
"أأنت أحد المؤمنين، ارسم علامة الصليب.
قل: هذا هو سلاحي الوحيد، هذا هو دوائي، لا أعرف شيئًا سواه(59)".
هذه الممارسة تتحول في حياة المؤمن إلى عادة روحية لها فاعليتها في طرد الأفكار الشريرة، إذ يقول: "كثيرون لهم عادة رشم الصليب باستمرار. هؤلاء لا يحتاجون إلى من يذكرهم بها، فغالبًا ما تمارس يدهم هذه العادة لا إراديًا عندما يجول الفكر إلى أمور أخرى، وكأنها صارت بالنسبة لهم معلمًا حيًا يشير إليهم بالرشم(60)".
تتحول رشم الصليب إلى عادة يلزم إلا يفقدنا فهمنا لقوة الصليب الخلاصية وإدراكنا أنها علامة لقبول حب الله اللانهائي لنا وتجاوب لعمل المصلوب، وشوق لحمل لصليب مع الرب المصلوب...
في هذا يقول: "لا يخجل أحد من علامة مخلصنا المكرمة.
هي رأس كل الأعمال الصالحة،
بل ونحمل صليب المسيح بكونه إكليلًا.
عندما يولد أحد ميلادًا جديدًا يكون الصليب حاضرًا.
وعندما ننتعش بالطعام السري أو يسام أحد (للكهنوت) أو يفعل أمر ما، تكون علامة النصرة موجودة.
لننقشه بكل حرص على البيت والحوائط والنوافذ وفوق جباهنا وعلى ذهبنا.
هي علامة الخلاص المقدم لنا، وعلامة حريتنا وصلاح ربنا لأنه كشاة سيق إلى الذبح(61).
عندما ترشم ذاتك بعلامة الصليب اِشغل ذهنك في غاية الصليب مُطفئًا الغضب وكل الشهوات الأخرى.
عندما ترشم ذاتك بعلامة الصليب املأ جبهتك بالشجاعة، ولتكن نفسك حرة، لكي تعرف بكل تأكيد من أين تنال الحرية؟ فعندما قادنا بولس إلى هناك، أقصد إلى حيث الحرية اللائقة بنا، إنما قادنا إلى صليب ربنا ودمه، مذكرًا إيانا بهذا، قائلًا: لقد اُشتُريتم بثمن. لا تكونوا عبيدًا للناس(62)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. كأنه يقول: تأملوا الثمن الذي دُفع لأجلكم فلا تكونوا عبيدًا لإنسان، قاصدًا بالثمن "الصليب".
لذلك فإنه يليق بنا إلا نكتفي برشمه بالأصابع فقط بل يجب أن ننقشه أولًا باستعداد القلب مع الإيمان العظيم. فإن رشمت الصليب على وجهك بالصورة المذكورة لا يجسر روح شرير أن يدنو منك، إذ يرى السيف الذي قُهر به، وجُرح به جرحًا مميتًا. إن المرء يرتعش عند رؤية المقصلة المعدة لإعدام المجرمين، فكم يكون خوف الشياطين عندما يرون ذلك السلاح الذي حَطم به المسيح قُواهم وقطع رأس الحيّة؟
لهذا لا تخجل من عظمة هذه النعمة كي لا يخجل منك المسيح عند مجيئه في مجده، إذ تظهر هذه العلامة أمامه مضيئة أشد لمعانًا من الشمس، فظهور علامة الصليب بأسره وشهادة عن تتميم ما ينبغي عمله لأجل المسيح.
هذه العلامة كما اختبرها آباؤنا فيما مضى ونحن في وقتنا الحاضر تفتح الأبواب الموصدة وتلاشي قوة الأعمال المضرَّة وتحول تأثير السُم وتُبري الجراح المميتة الحاصلة من أنياب الوحوش الكاسرة. فكما إنها حطمت أبواب الجحيم وفتحت أبواب السموات وقدمت مدخلًا جديدًا للفردوس وهدمت حصون الشياطين، فلا عجب أن تغلَّبت أيضًا على المواد السامة والوحوش الكاسرة وما شابهها...
إذن، فلتُنقش هذه العلامة على ذهنك... لأن الصليب جدد العالم وهداه، وطرد الضلال وأعاد الحق، جعل الأرض سماءًا والبشر ملائكة.
به لم تعد الشياطين مرعبة، بل تافهة ومزدرى بها.
به لم يعد الموت موتًا بل رقادًا، فقد انطرح الذي يحاربنا تحت أقدامنا.
إن قال لك أحد: أتعبُد المصلوب؟ قل بصوت مملوء فرحًا وملامح مبتهجة: نعم أعبده. وإن ضحك فاِبْك عليه(63)".
"ليست علامة عظيمة عن محبة الله للبشرية: لا السماء ولا البحر ولا الأرض ولا خلقة كل شيء من العدم، ولا هذا كله معًا مثل الصليب.
لهذا فهو فخر بولس القائل(64): حاشا لي أن اَفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح(65)".
"لنعلق الصليب فوق أسرَّتنا عوض السيف،
ولننقشه على أبوابنا بدل المزلاج،
وليكن حول بيوتنا موضع السور(66)".
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(59) In Colos، hom 8.
(60) In Tim، hom 6.
(61) (إش 53: 7).
(62) (2 كو 7: 23).
(63) In Mat، hom 54: 7.
(64) (غلا 6: 14).
(65) In 2 Tim، hom 2.
(66) الآب حنانيا كساب: مجموعة الشرع الكنسي، بيروت 75، ص 594.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrysostom/cross.html
تقصير الرابط:
tak.la/tr6r4av