من
العوامل المعينة للزوجين على حياة القداسة التزامهما بما توصي به الشريعة من
احتراس نحو المقدسات والحدود المشروعة للعلاقات الجسدية والقناعة في الإشباع
الجسدى.
فإن كانت العلاقة الجسدية لا تنجس الإنسان لكنها تتضمن إشباعًا لحاجة جسدية لذلك تعتبر فطرًا مثلما أن الطعام يشبع حاجة جسدية ومن يأكل يعتبر مفطرًا. والقانون الروحي الذي نسير عليه أننا نتعامل مع كل مقدساتنا ونحن صائمين غير مفطرين. أي صائمين عن الطعام وعن العلاقة الجسدية ليس باعتبارها نجاسة ولكن باعتبارها فطرًا وتضعف من الاستعداد الروحي لتقبل ومعايشة الأمور الروحية السماوية وكذلك بالاغتسال ليس فقط لنظافة الجسد عند اقترابنا لمقدسات الله ولسلامة صحتنا الجسدية بل لانتقالنا أيضًا فكريًا وشعوريًا من مستوى الجسد إلى مستوى المسئوليات الأدبية والروحية نحو هذه المقدسات.
كذلك الأعياد السيدية الكبرى وعيدا الصليب يجب حفظ قدسيتهم والاحتفال بهم في طهارة ونقاوة بعيدًا عن العلاقات الجسدية لأن فرحنا في أعيادنا هو فرح روحي حيث يحمل كل عيد بركة روحية لنا تخص مصيرنا الأبدي وحياتنا في السماء. وأصوامنا السابقة عليها هي موت عن أجسادنا بالتحرر من سلطانها لإعدادنا للفرح الروحي بالحياة السماوية. لذلك يخطئ من يحتفلون بها احتفالًا جسديًا بإشباع شهوة الجسد.
كذلك إن كان جسد الإنسان مصابًا بنزيف ينز من أي جزء منه دمًا أو صديدًا فلا يصح له التقدم للتناول. ومن يريد أن تسحب منه عينة دم لتحليل سكر أو خلافه فيكون ذلك قبل التقدم للتناول وليس بعده. والعلاقة الجسدية لا تمنع من الوقوف أمام الله للصلاة في المنزل أو القراءة في الكتاب المقدس ولكن بطبيعة الحال بعد الاغتسال بماء.
هناك حدود للسلطة على الجسد حتى لا يظن كل من الزوج والزوجة أنه طالما له الحق في جسد الزوج الآخر فيحق له أن يتصرف بحريته في جسد هذا الآخر غير عالم أن هناك حدودًا لهذا الحق وينبغي أن لا يخرج عن حدود اللياقة في علاقته به بحيث لا تتعدى العلاقة الطبيعية حسب نظام وظائف الأعضاء الذي خلقهما الله عليه. ويحذر معلمنا بولس من الشذوذ الجنسي ومن العلاقات الجنسية الخاطئة لكل من الرجل والمرأة، ويعلن غضب الله على الذين يفعلونها (رو1: 18-32). كذلك تكون العلاقة مراعية لأوامر الشريعة والمحرمات التي فصلناها في الباب الأول، وتكون في حدود القناعة والعفة بحيث لا تكون بشراهة زائدة مع مراعاة مشاعر وظروف وطاقة الطرف الآخر، وتكون مصحوبة بشعور قلبي داخلي بمحبة الطرف الآخر لشخصه أكثر مما لجسده بحيث تسمو العلاقة الجسدية بمشاعر الزوجين إلى أنها تعبير عن المحبة الحقيقية بينهما أكثر منها أمرًا جسديًا بحتًا.
ومن خلال مفهوم الحرية يظن البعض أن له الحق في أن يقدم جسد زوجه هدية لجسدٍ آخر وهو فكر منحرف خاطئ لأنه يخرج عن حدود تشريع ملكية الله للاثنين وتقنين وحدتهما الجسدية. فقد تسلمت الزوجة رجلها من الرب كما تسلم الرجل امرأته من الرب ليعيش الاثنان جسدًا واحدًا في الرب ولا يدخل جسد آخر بينهما ولا يحق لأحدهما تسليم الآخر لجسد آخر لأنه زنى.
هي الفضيلة الوسط بين الشراهة وبين حرمان النفس والتقتير عليها. والمقصود بها هنا هو العفة في إشباع احتياجات الجسد وذلك بالاكتفاء بالقدر المعتدل دون ما إفراط (أي بزيادة) ولا تفريط (أي بتقصير).
لأن الإسراف في جانب مع إهمال الجوانب الأخرى يُخِلُّ بتكامل الشخصية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بل وتكون أقرب في صفاتها وأحاسيسها نحو ذلك الجانب. فإسراف الشخص في شهوات الجسد يؤثر كثيرًا على مستواه الروحي وبعض سلوكياته.
والإنسان الذي يطلق العنان لنفسه للانغماس في شهوات الجسد دون تعقل يسئ إلى أقوى دعامة لجهاز المناعة في جسمه لدوام صحته ومقاومته للأمراض وللشيخوخة المبكرة. وقوة الصحة ودوامها تمنح القدرة على العمل والإنتاج ومقاومة ظواهر الطبيعة القاسية وساندة للقوة الغضبية العامل المساعد للدفاع عن النفس ضد الأخطار المفاجئة.
هذا من جانب الإنسان فيما يخصه هو في شخصه. أما من جانب زوجه فإن العفة في أمور الجسد بالذات عامل هام في ارتياح زوجه لأن كثيرين من الأزواج والزوجات يضيقون بشراهة الطرف الآخر في أمور الجسد وينفرون منه ويبحثون عن وسائل مختلفة للهروب منه وذلك بالتظاهر بالانشغال في داخل البيت أو باللجوء للخروج من البيت. وقد يلجأون للشكوى للآخرين إذا لم يجدوا حدًا تقف عنده شراهة الطرف الآخر.
كما أن للشراهة آثارها السلبية على نفسية كلا الزوجين. لأنه كما يقولون "ما زاد عن حده انقلب إلى ضده". فمن الملاحظ أن كل لذة زائدة يصحبها ألم. فإن ضَحِك الناس كثيرًا بزيادة يضطربون من توقعهم ألمًا آتيًا. لذلك يختمون ضحكهم بتوجههم إلى الله بقولهم "اللهم اجعله خيرًا" تحسبًا لأي شر يقع. إنه كلام عادي ولكنه قانون إلهي "ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون. طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون" (لو6: 25،21). كذلك انشغال الزوجين الزائد بالشهوات يتعبهما من جهة أنه يسبب لهما:
1 - التوتر المستمر بسبب التعطش المتواصل لإشباع هذه الشهوات التي قال عنها الحكيم "كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن" (جا1: 7) ويشبهها الآباء بالنار كلما ألقيت لها حطبًا كلما زادت اشتعالًا وطلبت المزيد من الحطب.
2 - إهمال الجوانب الروحية. بل قد يصل الأمر إلى احتقارها كما احتقر عيسو البكورية من أجل أكلة عدس.
3 - فقدان التلذذ بأي عمل روحي لأنه عبثًا يستطيع الإنسان أن يجمع بين التلذذ بشهوات الجسد ومتعة الروح. فالعداوة قائمة بينهما لأن كلا منهما يشتهي ضد الآخر ويقاومه ولا يمكن أن يجتمعا معًا.
4 - القلق المستمر من جهة المصير الأبدي والخشية من الموت بسبب الخوف من مقابلة الله واقشعرار البدن عند السماع عن الدينونة وعن النار الأبدية بسبب طغيان الجسد الفاني على اهتمامات الروح الخالدة.
إذًا ليتنبه الزوجان لتجنب الانغماس الزائد في شهوات الجسد، وليسعيا لاقتناء العفة لأن فيها الراحة والسلام والصحة لهما والطمأنينة من جهة مصيرهما الأبدي.
1 - تنظيم العلاقات الجسدية وعدم التفكير فيها إلا في حدود ما تم تنظيمه والاتفاق عليه ثم الإقلال منها بالتدريج مع مرور الوقت.
2 - تجنب كل ما يثير شهوة الجسد من أطعمة وأشربة وعقاقير وملابس ومناظر وصور وقصص وفكاهات وأحاديث.
3 - الاهتمام بالحياة الروحية من أجل تنمية الزهد في أمور الجسد، وتقديمه ذبيحة حب لله أكثر من استغلاله في الشهوات.
4 - تغيير نظرة كل من الزوجين إلى جسد الآخر من أنه مِلكٌ وحلال لإشباع رغبة إلى أنه جسد يستحق الخدمة والتكريم وتخفيف أعباء الحياة عنه.
5 - عدم رفع الكلفة في التعامل مع الناس مهما كانت صداقتهم أو درجة قرابتهم.
6 - شغل أوقات الفراغ بزيارات عائلية أو أعمال منزلية أو جلسات عائلية أو أنشطة علمية أو فنية أو خدمات اجتماعية.
7 - الحضور الدائم لله في فكر الإنسان وفي مشاعره بالتدرب على الصلاة القصيرة الدائمة. ومن أجل العفة يمكن ترديد "قلبًا نقيًا اخلق فيَّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي" (مز50: 10) وعبارة التسبحة "اجعل لك فينا هيكلًا لروحك القدوس يعطيك تمجيدًا".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/sanctity-married/factors-helping.html
تقصير الرابط:
tak.la/n55g4hr