فجأة وبدون سابق إنذار وجدت ابني يتلوي من الألم
سألته: ما بك؟ قال: مغص شديد
وانتهى الأمر بنا إلى ضرورة الذهاب به إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية له لاستئصال الزائدة الدودية الملتهبة... فمن أين لنا بالمال اللازم؟
فالعملية والإقامة والأدوية سيكلفوننا الكثير فمن أين لنا بالمال والآن؟
إنها الطوارئ والتي اعني بها الأمور المفاجئة التي قد تحدث لنا ونحتاج المال للتعامل معها.
وهذه الأمور كثيرة جدا ومتكررة فمثلا تلف احد الأجهزة الكهربائية الهامة كالغسالة أو الثلاجة أو البوتاجاز، كذلك الحالات المرضية المفاجئة والتي قد تحتاج إلى دواء أو إشاعات أو عملية جراحية.
أيضًا هناك أمور قد لا تكون طارئة ولكنها موسمية وهامة وتحتاج منا إلى مال كثير مثل مصاريف المدارس والأعياد والمصايف وتكاليف الخطوبة والزواج لأحد الأبناء وغيرها الكثير والكثير. وقد تعودنا على بنود محددة في الصرف مثل الطعام والملابس والإيجار والاتصالات والمواصلات ولكن ليس لدينا بند اسمه "الطوارئ" أو "الأمور الطارئة" رغم أهمية هذا البند وخطورته.
انصح بوضع هذا البند في الحسبان لأهميته، ولأننا عند حدوثه نفقد بعض قدرتنا في حسن التصرف فنلجأ للاقتراض بالربا أو من أناس ليسوا علي درجة كافية من الثقة أو نلجأ لبيع أشياء هامة نمتلكها أو لرهنها كما سبق الحديث عن هذه الأمور.
وقد يقول قائل: "سيبها علي الله".
أو من يقول المثل الشائع: "وقت الله يعين الله".
ولدينا من الأمثال الشعبية ما يكفي لنعيش بلا تخطيط وبلا رؤية وكأننا نخطئ لو فكرننا أو خططنا للمستقبل، والأخطر من ذلك من يستعين بآية من الكتاب المقدس في غير معناها أو في غير موضعها فمثلا من هو ضد التخطيط للمستقبل يستند على الآية:
"فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره" (مت 6: 34).
بينما سيدنا المسيح له المجد إنما قال هذا القول ليرد علي القلقين بشأن المستقبل وليطمئنهم، وهو ذاته من علمنا بضرورة حساب النفقة عندما قال بفمه الطاهر:
"ومن منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله" (لو 14: 28).
والآية واضحة ولا تحتاج لشرح كثير، فَمَنْ يريد بناء برج لا بُد له أولًا من أن يجلس ليحسب كم من المال معه؟ وهل ما معه يكفي للبناء؟
فالتخطيط هام لحياة مستقرة وآمنة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وبلا تخطيط ندفع بأنفسنا لأزمات لا داعي لها، والتخطيط يستلزم وجود مبلغ من المال نضعه على حده لأي أمر طارئ.
أيضًا يقول يشوع ابن سيراخ في سفره:
"إن لم تدخر في شبابك فكيف تجد في شيخوختك" (سيراخ 25: 5).
فهل الادخار ضد الإيمان بتدبير الله لحياتنا؟
يستعين سليمان الحكيم بمثال من عالم الحيوان عن التخطيط للمستقبل، فيحدث الكسلان عن النمل الذي يتحرك بنشاط ليجمع غذاءه في الصيف وفي الحصاد لأن النمل يقوم بعملية بيولوجية تسمى"البيات الشتوي"حيث لا يعمل شيئًا في الشتاء، أنظر لما يقوله سليمان الحكيم:
"اذهب إلى النملة أيها الكسلان تأمل طرقها وكن حكيما. التي ليس لها قائد أو عريف أو متسلط.وتعد في الصيف طعامها وتجمع في الحصاد أكلها" (أم6: 6-8).
فالادخار لا يكون فقط للطوارئ وللازمات ولكنه أيضًا للشيخوخة وللعجز أحيانًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-raphael-nasr/family-economics/be-cautious.html
تقصير الرابط:
tak.la/b5n7x2a