الفصل الثاني والعشرون: 1 | 2 | 3 | 4
والتمثال لا يمكن أن يُمثل صورة الله الحقيقية، وإلا كان الله قابلًا للفساد.
1- وان كان سبب تصويرها بهذا الشكل هو أن للاهوت صورة بشرية فلماذا يعطونها أيضًا صورة المخلوقات غير العاقلة؟ أو أن كانت صورته هي صورة الأخيرة فلماذا يصورونه أيضًا على مثال المخلوقات العاقلة؟ أو أن كانت صورة الاثنين معًا في وقت واحد، ويظنون أن الله على صورة الاثنين مجتمعين، أي انه على صورة المخلوقات العاقلة وغير العاقلة، فلماذا يفرقون ما اجتمع، ويفصلون تماثيل البهائم عن تماثيل الناس، بدلًا من تصويرها دائمًا من كلا النوعين، كالصور الخيالية في الأساطير الخرافية، مثل سكيلا(63) كربديس(64) والقنطروس(65) وأنوبيس(66) المصريين الذي له رأس كلب؟ لأنه كان يجب إما أن يمثلوها فقط من طبيعتين بهذه الكيفية، أو أن كانت لها صورة واحدة فكيف ينبغي أن لا يمثلوها في الصورة الأخرى في نفس الوقت.
2- وأيضًا أن كانت لها صورة الذكور فلماذا يصورونها في صورة الإناث كذلك؟ أو أن كانت لها الصورة الأخيرة فلماذا يصورونها تصويرًا كاذبًا كأنها ذكور؟ أو كان مزيجًا من الاثنين فكان يجب عدم تفرقتهما، بل اتحادهما معًا، مقتفين آثار ما يسمونه خنثوي(67)، حتى تقدم خرافاتهم للناظرين لا منظرًا مليئًا بالخلاعة والفجور فحسب بل أيضًا سخيفًا ومضحكًا.
3- وبصفة عامة أن كانوا يظنون أن للاهوت جسدًا، ولذلك فإنهم يجتهدون بأن يصوروا له البطن واليدين والقدمين والعنق أيضًا والثدي وسائر الأعضاء التي يتكون منها الإنسان، فانظر لأي حد من الوقاحة والفجور تسفل عقلهم، حتى تكون لهم مثل هذه الآراء عن اللاهوت. لأنه ينتج من هذا أنها لا بُد أن تكون عرضة لكل الأعراض الجسدية الأخرى، والقطع والفصل، بل للفناء كلية. ولكن هذه وأمثالها ليست من خاصيات الله، بل بالحري من خاصيات الأجساد الأرضية.
4- لأنه في الوقت الذي نرى فيه الله غير جسدي (أو هيولي) وغير قابل للفساد أو الفناء، ولا يحتاج لأي شيء لأي غرض، نرى هذه قابلة للفساد كما تراها صورًا لأجساد، وتحتاج للخدمات الجسدية كما قلنا سابقًا(68). لأننا كثيرًا ما رأينا تماثيل عتقت فجددت، وتلك التي عبثت بها يد الزمن أو الأمطار، أو بعض حيوانات الأرض، أو غيرها قد أعيدت إليها صورتها. لهذا السبب لا يسع المرء إلا أن يحكم بحماقتهم لأنهم ينادون بهذه الأشياء -التي يصنعونها هم أنفسهم- آلهة، ولأنهم هم أنفسهم يطلبون الخلاص من تلك الأشياء التي يخلعون عليها فنونهم لحفظها من الفساد، ولأنهم يتوسلون أن تقضي حاجاتهم من كائنات يعلمون هم أنفسهم علم اليقين أنها في حاجة لرعايتهم، ولأنهم لا يخجلون أن يدعوا تلك الكائنات التي يغلقون عليها غرفًا صغيرة أرباب السماء وكل الأرض.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(63) Scylla حيوان له خمس رؤوس.
(64) Charybdis حيوان له خمس رؤوس.
(65) Hippocentaur حيوان خرافي له جسم حصان ورأس إنسان.
(66) Anubis إله من آلهة المصريين له رأس كلب وكانوا يزعمون انه حارس القبور ومرشد الموتى.
(67) Hermaphrodites أي ذكر وأنثى في واحد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/true-image-of-god.html
تقصير الرابط:
tak.la/xt5nv9v