الفصل الثالث عشر: 1 | 2 | 3 | 4
حماقة عبادة التماثيل وتحقيرها من شأن الفن.
1- ثم أنهم بعبادتهم أشياء من خشب وحجر لا يرون أنهم بينما يطأون بأقدامهم ويحرقون ما لا يختلف عنها بأي حال من الأحوال يدعون أجزاء من هذه المواد آلهة. وما كانوا يستعملونه في خدمتهم منذ وقت وجيز ينقشونه ويعبدونه بحماقتهم، دون أن يروا أو يفكروا مطلقًا أنهم لا يعبدون آلهة بل صنعة الخراط.
2- لأنه طالما كان الحجر غير منحوت والخشب غير مشغول فإنهم يطأون الواحد ويستخدمون الآخر لأغراضهم المختلفة، حتى في الأغراض الوضيعة. ولكن حينما يصورها الصانع حسبما يتفق مع مهارته، ويصوغ المادة في شكل رجل أو امرأة، فأنهم إذ يشكرون الصانع يشرعون في عبادتها كآلهة بعد أن كانوا قد اشتروها من الخراط بثمن. وفضلًا عن هذا فإن صانع التماثيل كثيرًا ما يصلي لمصنوعاته، كأنه قد نسى العمل الذي أتمه هو نفسه، ويدعو تلك التي كان يقضبها وينحتها ويخرطها قبل ذلك مباشرة آلهة.
3- ولكن كان الأولى -إذا لزم الأمر للإعجاب بهذه الأشياء- الإعجاب بمهارة الصانع الماهر لا تفضيل المصنوعات على الصانع. لأنه ليست المادة هي التي جملت الفن بل أن الفن هو الذي جمل واله المادة. إذن فكان أكثر عدلًا أن يعبدوا الصانع لا صناعته، أولًا لأن وجوده سابق للآلهة التي برزت بصنعته، وثانيًا برزت إلى الوجود في الصورة التي أرادها. أما والحال كما هو، وقد دعوا العدل جانبًا، وحقروا المهارة والفن، فأنهم يعبدون منتجات المهارة والفن، وحينما يموت الشخص الذي صنعها، فأنهم يكرمون مصنوعاته كأنها غير فانية مع أنها لو لم تنل منهم عناية يومية لقضى عليها حتمًا قضاء طبيعية مع مرور الوقت.
4- أو كيف لا يرثي لهم المرء من هذه الناحية أيضًا إذ يراهم يعبدون ما تعجز عن أن ترى، ويسمعهم يصلون لما تعجز عن أن تسمع ويشهد أناسًا مثلهم ولدوا ولهم حياة وعقل ولكنهم يدعون آلهة تلك الأشياء التي لا حركة لها على الإطلاق، بل ليست لها الحياة نفسها؟ والأغرب من الكل أن التي يحفظونها تحت سلطانهم يخدمونها كأسياد. ولا تتوهم أن هذه مجرد حقائق من عندياتي، أو إنني أفتري عليهم. لأن تحقيق كل هذا واقع تحت البصر، وهذه الأمور ترى عيانًا لمن أراد.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5nwd6jc