الفصل الثاني والثلاثون: 1 | 2 | 3
(3) والجسد لا يمكنه أن يُبدع مثل هذه الظواهر. والواقع أن عمل النفس العاقلة يرى من تحكمها في غرائز أعضاء الجسد.
1- والآن نضيف نقطة أخرى لتكملة بحثنا لفائدة أولئك(84) الذين -بلا خجل- يلتجئون إلى إنكار العقل. كيف يمكن -والجسد فان بالطبيعة- أن يفكر الإنسان فيما يتعلق بالخلود، وكثيرًا ما رحب بالموت إذا تطلبت الفضيلة ذلك؟ وطالما كان الجسد لا يبقى إلا لوقت محدود فكيف يفكر الإنسان في الأمور الأبدية، حتى يحتقر ما هو أمامه، ويرغب فيما وراءه؟ والجسد لا يستطيع من تلقاء ذاته أن يفكر هذه الأفكار عن نفسه، فهو فان ولا يدوم إلا لوقت محدود. ويتبع هذا أن من يفكر فيما هو ضد الجسد وضد طبيعته يجب أن يكون متميزًا في نوعه إذًا فهل يمكن أن يكون هذا إلا النفس العاقلة الخالدة؟ لأنها تنقل صدى الأمور الأعلى، لا خارج الجسد بل داخله، كما يفعل الموسيقي بقيثارته.
2- وأيضًا كيف يمكن للعين وقد خُلقت بطبيعتها لكي ترى، والأذن لتسمع، كيف يمكن أن تتحولا من بعض الأشياء لتختار غيرها؟ لأنه ما الذي يصد العين عن النظر؟ أو ما الذي يغلق الأذن عن السمع الذي هو وظيفتها الطبيعية؟ أو ما الذي كثيرًا ما يمنع الحلق -الذي من طبيعته أن يذوق الأشياء- عن وظيفته الطبيعية؟ أو ما الذي يعوق اليد عن حركتها الطبيعية وهي لمس الأشياء؟ أو يحول حاسة الشم عن وظيفتها العادية؟ ما الذي يعمل هكذا ضد غرائز الجسد الطبيعية؟ أو كيف يمكن للجسد، وقد تحول عن طريقه الطبيعي أن يخضع لمشورة غيره، ويسمح لنفسه أن يكون رهن إشارته؟ هذه تبرهن بكل بساطة أن النفس العاقلة تسود على الجسد.
3- لأن الجسد لم يتكون ليقود نفسه بنفسه، بل هو يتحرك كإرادة غيره، كما أن الحصان لا يضع النير على عنقه بنفسه، بل يقوده سيده. من هنا كانت النواميس للكائنات البشرية لتعمل الخير وتمتنع عن الشر، بينما لا تفكر البهائم في الشر ولا تدركه، لأنها(85) خارجة عن دائرة المعقولية والفهم. إذًا فأظن أن وجود النفس العاقلة في الإنسان قد تبرهن مما قدمناه.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(85) أي البهائم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/human-body.html
تقصير الرابط:
tak.la/92qnymh