الفصل الثالث والثلاثون: 1 | 2 | 3 | 4
النفس خالدة، البرهان على ذلك:
من أنها متميزة عن الجسد،
أنها مصدر الحركة،
قدرتها على أن تسبح فيما هو خارج عن الجسد بالتأمل والتفكير.
1- أما أن النفس جعلت خالدة فهذا موضوع آخر في تعليم الكنيسة يجب أن تعرفه لكي تتبين كيف يجب تحطيم الأوثان. على أننا سوف نصل -بدرجة أقرب- إلى معرفة هذا مما نعرفه عن الجسد، ومن اختلاف النفس عن الجسد، لأنه إن كانت براهيننا قد أثبتت أن النفس متميزة عن الجسد، وإن كان الجسد بالطبيعة فانيًا، فيتبع هذا أن النفس خالدة لأنها لا تماثل الجسد.
2- وأيضًا لأنه أن كانت النفس -كما بيننا- تحرك الجسد، الذي لا يتحرك بغيرها، فيتبع هذا أن حركة النفس اختيارية ذاتية، وهذه الحركة الذاتية تستمر بعد دفن الجسد في التراب. إذًا فإن كانت النفس يحركها الجسد لترتب على هذا أن انفصال محركها عنها ينشىء موتها. ولكن أن كانت النفس تحرك الجسد أيضًا لترتب على هذا أنها تحرك نفسها بالأحرى. وان كانت تحرك نفسها ترتب على هذا أنها تحيا بعد الجسد.
3- لأن حركة النفس هي بعينها حياتها، كما نقول تمامًا بطبيعة الحال أن الجسد حي أن كان يتحرك، وانه مات أن بطلت حركته. ولكن هذا يمكن تبيانه بأكثر وضوح -بصفة قاطعة- من فعل النفس في الجسد. لأنها حتى أن كانت وهي متحدة بالجسد ومجتمعة به ليست محبوسة أو محدودة بحدود الجسد الضيقة، بل حينما يكون الجسد مضطجعًا في الفراش عديم الحركة مستغرقًا في نوم يشبه الموت، كثيرًا ما ظلت النفس مستيقظة بفضل قوتها، وفاقت قوة الجسد الطبيعية، وراحت تتخيل وتنظر أشياء أسمَى من الأرض كأنها تتجول خارج الجسد مع أنها باقية فيه، وكثيرًا ما اتصلت بالقديسين والملائكة الذين هم أسمَى من دائرة الوجود الأرضي والجسدي. واقتربت منهم بفضل طهارة قوتها العقلية، ألا يحصل بالأولى. حينما تنفصل عن الجسد في الوقت المحدد من الله الذي جمعهما معًا أن تزداد معرفتها عن الخلود بأكثر إيضاح؟ لأنها أن كانت وهي مجتمعة بالجسد كانت تحيا حياة خارج الجسد، فبالأولى تستمر حياتها بعد موت الجسد، وتحيا بلا انقضاء بفضل الله الذي خلقها هكذا بكلمته ربنا يسوع المسيح.
4- لأن السبب في أن النفس تفكر وتذكر ما يتعلق بالخلود والأبدية هو أنها هي نفسها خالدة. وكما أن الجسد أن كان فانيًا فإن حواسه أيضًا تتصل بما هو فان، كذلك طالما كانت النفس تنظر وتتأمل فيما هو خالد فيترتب على هذا أنها خالدة وتحيا للأبد. لأن الآراء والأفكار عن الخلود لا تفارق النفس أبدًا، بل تلازمها وتلبث فيها كأنها الوقود لها، مما يؤكد خلودها. إذًا فهذا هو السبب في أن للنفس قدرة على رؤية الله، وهذا هو طريقها إليه، مستمدة معرفتها وإدراكها عن كلمة الله لا من الخارج بل من ذاتها.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/body-movement-thinking.html
تقصير الرابط:
tak.la/8h9tcxx