1 – التاريخ
القسم الأول
القسم الثاني
المصادر التي اعتمد عليها
يوسابيوس
2- التاريخ الكنسي
3 – شهداء فلسطين
من بين أعماله الأولى، عمله الذي يُسمى دومًا (التاريخ) وقد كتب حوالي 303 م. ويتكون من قسمين:
وهو في الواقع مقدمة يسرد فيها أهم الأحداث التاريخية في كل أمة:
تاريخ الكلدانيين اعتمادًا على مقتطفات واستشهادات من الكسندر بوليهستور Alexander Polyhistor ويوسيفوس Josephus وابيدينوس Abydenos.
تاريخ الآشوريين اعتمادًا على كاستور Castor وأبيدينوس وديودورس Diodorus وسيفاليون Cephalion.
تاريخ العبرانيين اعتمادًا على العهد القديم ويوسيفوس وكلمنضس السكندري.
تاريخ المصريين اعتمادًا على ديودورس ومانثو Mantho وبورفيرى Porphyry.
تاريخ اليونانيين اعتمادًا على كاستور وبورفيرى وديودورس.
تاريخ الرومان اعتمادًا على ديودورس وكاستور وديونيسيوس Dionysius of Halicarnassus
عبارة عن جداول تاريخية (1) Χρονικοί Κανονεσ مرتبة وفقًا لتوافق الأحداث وتزامنها معًا Synchronisation ومعها ملاحظات عن أهم أحداث تاريخ العالم بصفة عامة والتاريخ المقدس بصفة خاصة، واتخذ يوسابيوس من تاريخ ميلاد إبراهيم أبو الآباء (سنة 2016-2015 ق.م.) نقطة بدايته، ثم قسم التاريخ إلى خمس حقب:
1 – من إبراهيم إلى اخذ Troy.
2 – من اخذ Troy إلى الاوليمبياد Olympiad الأول.
3 – من الاوليمبياد الأول إلى العام الثاني من حكم داريوس.
4- من العام الثاني لحكم داريوس إلى موت المسيح.
5- من موت المسيح حتى عام 303 م.
أي أنه يتتبع تواريخ الكتاب المقدس إلى صلب المسيح حتى سنة 303 م، بالمقارنة مع تواريخ العالم السياسية.
وكان هدف يوسابيوس من عمله هذا أن يثبت أن الديانة اليهودية، والتي تعتبر المسيحية الامتداد الشرعي لها، هي أقدم من أية ديانة أخرى، بيد أن هذه الفكرة لم تكن جديدة، ففي القرن الثاني، حاول الكثير من المدافعين المسيحيين أن يظهروا قدم موسى وشريعته، ثم في أوائل القرن الثالث كتب يوليوس أفريقانوسJulius Africanus (2) كتابة "التواريخ Chronicles" الذي قسمه أيضًا إلى خمسة حقب زمنية، وكان عمله هذا أول تاريخ يُكتب بحسب توافق وتزامن الأحداث Synchronistic history، ولا شك أن يوسابيوس يُعد أفضل بكثير من عمل يوليوس أفريقانوس، ليس فقط لأنه يستعين بكُتاب أفضل وأقدم تقريبًا في كل أجزاء عمله، بل وأيضًا بسبب رؤيته النقدية التي تميز بها.
وبتحديده تواريخ الأحداث الكتابية، سعى العلامة القيصري ليثبت أن نظام افريقانوس كان خاطئًا وغير علمي، وقد رفض يوسابيوس أن يبدأ عمله منذ آدم والسقوط، إذ أنه لا أحد يعرف مدى الفترة التي عاشها آدم في الفردوس، وأيضًا لا يستطيع أن يتتبع تواريخ الكتاب المقدس إلا منذ إبراهيم، وهنا يمكننا أن نرى مدى براعة يوسابيوس في نقد النص.
1 – المكتبة العامة بروما
يتكلم يوسابيوس عن المكتبة العامة في روما حيث يمكن لأي رائد للمكتبة أن يجد كتاب فيلو عن الفضائل (3) وكتابات يوسابيوس المؤرخ اليهودي. (4)
2- مكتبة كنيسة أورشليم
وقد أسس هذه المكتبة الكسندر أسقف أورشليم (212-250) تلميذ بنتينوس وكلمنضس السكندري، وصديق أوريجين.
وقد استخدم يوسابيوس هذه المكتبة بنفسه واثبت بعض الكتابات المسيحية التي وجدها فيها وهى: كتاب بيريللوس أسقف بوسطرة ببلاد العرب، وهيبوليتس ونمايس أسقف روما.(5)
3- مكتبة قيصرية
وهى مدينته إلى ولُد فيها وأقيم أسقفًا عليها (6)، وكان يقوم بتشغيل كتبة لينسخوا مستخرجات من هذه المكتبة التي أسسها أوريجين وبامفيليوس، وكانت تحوى مجموعة كبيرة من كتابات العصور المسيحية المبكرة بقدر الإمكان.
وقد جمع يوسابيوس أكثر من مئة رسالة لأوريجانوس (7)، وقام بتجميع مجموعة من الكتابات الخاصة بقصص استشهاد الشهداء الأول (8) بالإضافة إلى مجموعات ومجلدات أخرى، وكانت معرفته بفيلو مستمدة في الغالب من هذه المكتبة.
وقد فقد النص اليوناني الأصلي لهذا العمل "التاريخ" عدا بعض الشذرات والمقتطفات، لكنه حُفظ كله في ترجمة أرمنية من القرن السادس، وهناك ترجمة لاتينية للقسم الثاني قام بها جيروم سنة 380 في القسطنطينية، وقد أضاف جيروم لهذا العمل عددًا كبيرًا من الفصول عن التاريخ الروماني خاصة، وأضاف أيضًا تاريخ للفترة ما بين كتابة العمل وحتى أيامه هو أي ما بين عاما 325 م. و378 م. أي تاريخ وفاة فالنس Valens وفي هذا الشكل الذي قدمه جيروم، وصل كتاب "التاريخ" الغرب وكان له تأثيره على مؤرخي القرن الوسطى، فهو أحد المصادر الأساسية التي يعتمد عليها أي باحث في تاريخ البشرية.
إن العمل الذي أعطى ليوسابيوس شهرته الخالدة هو (التاريخ الكنسي Εκκλησιαστικη Ιστοία) والذي يتكون من عشرة كتب تغطى الفترة من تأسيس الكنيسة وحتى هزيمة ليسينيوس سنة 324 وإنفراد قسطنطين بالحكم، ولم يقصد يوسابيوس بهذا الكتاب أن يسجل تاريخ الكنيسة منذ تأسيسها وحتى يومه، ولا يسعى ليقدم وصفًا كاملًا لانتشار المسيحية ونموها، بل يقد مجموعة غنية جدًا من الحقائق والوثائق التاريخية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ومن مقتطفات من عدد كبير من الكتابات التي تعود إلى السنوات الأولى للمسيحية، فعمل يوسابيوس هو تاريخ الكتابات المسيحية المبكرة أكثر من كونه تاريخيًا للأعمال والأفكار المسيحية الأولى، ونجد فيه مراجع لكتابات حوالي 35 مؤلفًا مسيحيًا بالإضافة إلى قوائم بكتابات فيلو (8:2) ويوسيفوس (9:3).
وقد استخدم يوسابيوس ما اعتبره معتمداُ من وثائق الكنيسة الأولى مثل بعض كتابات الآباء الرسوليين: رسالة كلمنضس الأولى، سبع رسائل للقديس اغناطيوس، رسالة للقديس بوليكاربوس، الراعي لهرماس، تفسير المقولات الإلهية لبابياس، ولكنه لم يكن على دراية بكتاب الديداخية أو برسالة برنابا، كما كان على علم برسالة بيلاطس (2:2) ورسائل بلينى وتراجان، والكتاب الثالث فقط من دفاع ترتليان.
كذلك اعتمد يوسابيوس على مجلد كامل كان في مكتبة قيصرية يحوى سير الشهداء: بوليكاربوس، بيونيوس، كاربوس، بابيليوس، واغاثونيس، وقد أضاف يوسابيوس لهذا المجلد سيرة شهداء الغال.
كما استعان أبو التاريخ الكنسي بمجموعات كبيرة كانت موجودة فعلًا في عصره، وكانت هذه المجموعات تضم كتابات يوستينوس المدافع الشهيد (18:4) وديونيسيوس الكورنثي (23:4) وثيؤفيلس الإنطاكي (24:4) وميليتو أسقف وتاتيان المدافع (29:4) وبارديسان (30:4) ويسجل يوسابيوس اعمال كل هؤلاء ويؤكد على كتابات يوستينوس بالذات لكي (يحث العلماء على الانتباه الجاد لهذه الكتابات) (4: 8، 10).
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك منذ نهاية القرن الثانى وبداية القرن الثالث، دوسيهات تحوى الكتابات الجدلية ضد المونتانين (5: 16-19) وأعمال ايريناؤس ابو التقليد الكنسي، (5: 20-26) والجدال حول ميعاد تعييد الفصح (23:5) وبعض وثائق متفرقة (5: 27-28) وأعمال سرابيون الأنطاكي (12:6).
وقد شرح يوسابيوس في المقدمة المنهج الذي أتبعه في تقديم مادته:
1 – قوائم بالتسلسل الرسولي للأساقفة.
2 – الأحداث الهامة وقادة الكنيسة في ذلك الوقت.
3 –المعلمون والكتاب المسيحيون المشهورون.
4 – الهرطقة.
5 – الكوارث التي حلت بالأمة اليهودية بعد صلب المسيح.
6- الاضطهادات التي شنها الوثنيون ضد كلمة الله وضد الشهداء الأماجد.
7 – سير هؤلاء الشهداء وعلى الأخص الذين في عصره.
وهكذا يتضح لنا الهدف الدفاعي للعمل كله: أن يقدم الدليل على أن الله هو الذي أسس وارشد وقاد الكنيسة إلى هذا الانتصار النهائي الأخير على قوة الدولة الوثنية.
وعندما يصل يوسابيوس في تأريخه إلى معلمي مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، نجده يقدم معلومات وافية عنهم، ولا عجب فقد أتى بنفسه إلى مصر ومكث فيها فترة، كما كان مؤتمنًا على مكتبة أوريجانوس في قيصرية، وهو يعدد أعمال كلمينضس السكندري (13:6) وأوريجانوس (6: 24-25، 32،36) ولديه معرفة بكتابات ديونيسيوس السكندري إذ يقتبس بعضًا من كتاباته في الكتابين السادس والسابع.
وبعد كنيسة الإسكندرية، يعدد ثلاث رسائل للأسقف الكسندروس الأورشليمي (6: 11، 14) وبعض أعمال هيبوليتس (22:6) ويوليوس افريقانوس (31:6).
ولأن حياة يوسابيوس نفسها كانت مليئة بالأحداث التاريخية ولأن حياة يوسابيوس نفسها كانت مليئة بالأحداث التاريخية الجليلة الأهمية، لذا اضطر أن يدخل الكثير من الإضافات على عمله الأصلي عدة مرات، كي يظل عمله العظيم هذا شاملًا حتى أيامه هو، وهكذا ظهر كتاب "التاريخ الكنسي" في أربع طبعات بحسب ما اثبت علماء الآباء.
وقد حقق كتاب "التاريخ الكنسي" نجاحًا عالميًا وأعيد طبعه مرات عديدة حتى أن النص الحالي يعتمد على سبع مخطوطات يونانية يعود تاريخها إلى الفترة ما بين القرن التاسع والقرن الحادي عشر:
- ثلاثة منها في مكتبة البلدية في باريس Bibliotheque Natinale (9)
- اثنان في مكتبة Laurentian في فلورينس. (10)
- واحدة في مكتبة القديس مرقس في فينيسيا. (11)
- واحدة في موسكو. (12)
بالإضافة إلى ذلك، وصلتنا ثلاثة ترجمات، أقدمهم وهي الترجمة السريانية يرجع تاريخها إلى القرن الرابع، وكانت أساس روفينوس اللاتينية التي قام بها سنة 403 م. والتي انتشر من خلالها كتاب التاريخ الكنسي في الغرب كله.
لا بد أن يوسابيوس اصدر مجموعة من أعمال الشهداء القديمة قبل أن يكتب تاريخه الكنسي، لأنه في الكتاب الرابع والخامس منه يشير عدة مرات إلى هذه المجموعة، بيد أن هذا العمل الثمين قد فُقد، وفي حديثه عن شهداء فلسطين في تاريخه الكنسي (13) يقول يوسابيوس:
(ليس عملنا هنا أن نكتب عن جهادات هؤلاء الذين جاهدوا في العالم كله من أجل محبة الله وتقواه، ولا أن نسجل بالتفصيل كل أعمالهم، لان هذا العمل خاص بالذين شهدوا الأحداث بأنفسهم، إلا أني سوف أُقَدِّم -في عمل آخر- هؤلاء الذين تحدثت معهم أنا شخصيًا).
وقد أوفى يوسابيوس بوعده هذا وقدم في كتابه "شهداء فلسطين Martyrs of Palestine" وصفًا لمن رآهم بنفسه من هؤلاء الشهداء، وقد وصلنا في نسختين، النسخة الأقصر فقط هي الموجودة باليونانية، محفوظة في أربع مخطوطات من "التاريخ الكنسي" (14) كملحق بالكتاب الثامن، وقد كتبها يوسابيوس في الأغلب قبل الإصدار الأول من "التاريخ الكنسي"، والنص الكامل للنسخة الأطول موجود فقط في نسخة سريانية قديمة، إذ لم يتبق من أصله اليوناني إلا بضعة شذرات.
واتبع أسقف قيصرية ترتيبًا تاريخيًا يغطى الفترة الكاملة للاضطهاد من سنة 303 إلى سنة 311، وعلى أساس هذا العمل، نستطيع أن نتعرف على الاضطهادات التي وقعت في فلسطين وعلى شهدائها، معرفة أفضل من معرفتنا عن أي منطقة أخرى في الشرق في هذا المنحى، وبهذا العمل نستطيع أن نفصل بين ضحايا دقلديانوس وضحايا جاليريوس ومكسيميان، وهذا أمر مستحيل في المناطق الأخرى، ويروى سابيوس انه في أثناء حكم دقلديانوس، نالت مجموعة من 12 مسيحي أكاليل الاستشهاد في قيصرية، وعندما خلف مكسيميان دقلديانوس في الحكم، ازدادت نيران الاضطهاد التهابًا، إذ انه اصدر أمرًا عامًا بأن كل المواطنين يجب أن يذبحوا للآلهة الوثنية ويأكلوا من هذه الذبائح، وذكر يوسابيوس أن عدد الذين استشهدوا في هذه البقعة الصغيرة من الإمبراطورية أثناء الاضطهاد من سنة 303 إلى سنة 311 هو 83 شهيدًا وشهيدة، وأشهرهم هو الكاهن بامفيليوس أستاذه وصديقه، أما عدد المعترفين فكان ضخمًا جدًا لا يُحصى. (15)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/yousabios/chronicle.html
تقصير الرابط:
tak.la/wqk3266