محتويات |
* وُلد هذا القديس في سوزوبوليس بآسيا الصغرى، وكان أبواه يُعدَّان من الأكابر والأعيان، وكانا يمتازان بثروتهما وسلطتهما، وكانا من سلالة ساويرس الذي كان أسقفًا على هذه المدينة وكان من جملة المائتي أسقف الذين قطعوا مع القديس كيرلس الكبير (بطريرك الإسكندرية الـ24) يَحرم نسطور الشرير. وسُمَىَ ساويرس صاحب السيرة على اسمه.
* بعد وفاة والده الذي كان في مجلس شيوخ المدينة، أرسلته والدته مع أخويه اللذيّن يكبرانه إلى الإسكندرية لكي يدرس الفلسفة والبيان واليونانية واللاتينية.
* بعد أن أكمل ساويرس دراسته الفلسفية بالإسكندرية، انطلق إلى بيروت ليدرس القانون.
* رتَب الله له صديقًا اسمه أفاجريوس كان يؤنبه بشدة ويقول له: "لماذا تتأخر عن أن تعتمد بعد ما حصلت عليه من علم؟"، وذكّره بأنه إذا كان يهتم بخلاص نفسه فلابد له من أن يعتمد فورًا. فتأثر القديس ومضى واعتمد في كنيسة الشهيد لاونديوس في طرابلس بالشام. وحدث أثناء دهنه بالميرون المقدس أن ظهرت يدّ فوق المعمودية نازلة على رأس ساويرس وسمع الجميع صوتًا يقول: "مستحق مستحق مستحق" فتعجب الجميع وقالوا: ما رأينا قط لمن تعمد مثل هذه الآيات.
* بعد أن نال ساويرس نعمة العماد تقدم في الروحيات، فكان يصوم كل يوم، ويقضى في الكنيسة معظم الليل حتى ضعف جسده وفي نفس الوقت كان يتعمق في دراسة القانون.
* بينما كان القديس يقرأ في الفلسفة ظهر له الشهيد لاونديوس وقال له: "كفاك هذه القراءة، هلمَّ اتبعني لكي تتعمق في دراسة قوانين الله التي كان يقرأها الآباء حتى أيام نياحتهم، أنهض يا ساويرس أعدد نفسك للعمل الجدي في الكنيسة، واسلك في الرهبنة لتعرف الجهاد بقوة، واحمل تُرس الإيمان الذي به تقدر أن تُطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذ خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله (أفسس 16:6-17). وعند ذلك تطفئ نار الهراطقة، وإنك سوف تمضى إلى أنطاكية وتصرخ كأس زائر وتهرب من أمام وجهك الجموع المقاومة للإيمان. وعليك بدراسة كتابات القديسين باسيليوس وغريغوريوس ويوليانوس وأغناطيوس وأثناسيوس الرسولي.
* أتخذ طريقه إلى دير الشهيد لاونديوس بفلسطين سنة 488 م.
* بعد أن مكث زمانًا في دير الشهيد لاونديوس التهبت روحه واشتاقت نفسه للتوغل في حياة البر والقداسة، فاختار طريق التوحد في الصحراء. وكان القديس يُتعب جسده بالصوم والسهر ودراسة الكتب المقدسة وبالعمل حتى مرض.
* مضى إلى دير رومانوس. وهناك أخبر بواب الدير الآباء وقال لهم: بالباب فيلسوف يُدعى ساويرس يريد أن يقيم معكم فلما سمع رومانوس اسم ساويرس حتى قام مسرعًا وكل من معه وخرجوا للقائه وما أن وقع بصره عليه حتى ابتدره قائلًا: "أفرح يا راعى الأنفس ومدبر الأجساد أنت دعامة الحق. تقوّ يا ساويرس، الرب معك. لقد أظهر ليَ الرب عملك وعلمك في هذه الليلة ومقدار كرامتك".
* عندما أقتسم إخوته ثروة والديهم الكبيرة، أعطوا جزءًا منها للقديس، فوزع جزءًا منها على الفقراء، وشيدّ بما تبقى ديرًا بالقرب من غزه، وكان كثيرون يأتون إليه للاستفادة من تعاليمه ومن كلمات النعمة التي كان موهوبًا بها.
* بعد أن تعبد القديسة سنين طويلة في الأديرة وفي الصحارى، ورأى ما حدث من الانشقاقات والمحاربات الكثيرة للكنيسة من الهراطقة صمَّم أن يخرج من عزلته وينطلق من وحدته ليدافع عن الإيمان المستقيم كما فعل القديس أنطونيوس.
* فابتدأ يقاوم الهرطقات بشدة ويرد على كل منهم مقنعًا ومهددًا ومبينًا لهم عاقبة أفعالهم الرديئة. فكتب رسائل كثيرة للرد على المبتدعين.. ولما وصلت رسائله إلى الملك أحس الجميع أنه الشخص الوحيد الذي يستطيع الوقوف أمام هؤلاء المعاندون فأرسلوا إليه أن يحضر على الفور إلى القسطنطينية ليحاجج ولاسيما مقدونيوس أسقف القسطنطينية - الذي كان ينادى بأن الذي صُلب هو المسيح الإنسان (وهو غير مقدونيوس بطريرك القسطنطينية الذي انعقد بسببه مجمع القسطنطينية سنة 381 م. وكان قد جدف على الروح القدس).
* ولما علِم المقاومون بقدوم ساويرس انطلقوا من أماكنهم وهربوا منها. ولما حضر اضطرب مقدنيوس جدًا، وتوقُع أنه سوف يحاججه ويظهر هرطقته وإنكاره الإيمان الصحيح ولم ينطق مقدنيوس ببنت شفة، وكان يخشى صياح الجماهير التي كانت تصرخ وتحيي ساويرس البطل. أما ساويرس فلم ينظر إليه بالمرة لأنه كان حزينًا جدًا بسبب إنكاره الإيمان الصحيح ودارت المناقشات بينهما وحاول ساويرس إقناعه بالإيمان المستقيم، ولما رفض، انعقد مجمع بالقسطنطينية سنة 511 م. من الأساقفة في حضور القديس ساويرس، وقرروا قطع مقدنيوس ونفيه. ففرح الشعب، وكان يصيح: حسنًا هو قدومك يا ساويرس يا نور المسكونة الملح الذي لا يفسد.
* بعد أن جاهد القديس تمت رسامته بطريركًا لأنطاكية سنة 512 م.، وامتلأت المدينة في ذلك اليوم برائحة الطيب الذكية.
* وفي سنة 513 م. دعا إلى مجمع في أنطاكية أدان فيه مجمع خلقيدونية ورسالة لاون.
* تبادل الرسائل بشأن الإيمان المستقيم مع آباء كرسي الإسكندرية: البابا يوحنا الثاني والبابا ديسقورس الثاني.
* شدّد الإمبراطور الاضطهاد على القديس، وناله ضيق شديد كان من أثره أن جاء إلى مصر وعاش بمصر حوالي عشرين سنة (518-538)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وفي خلالها لم يُهمل كنيسته في أنطاكية. فكان يزودها بنوُابه ورسائله، وكتاباته في الدفاع عن الإيمان. رجع إلى القسطنطينية في الفترة من (534-536 م.)، ثم عاد إلى مصر ثانية.
* حدثت بعض الكوارث بعد أن ترك القديس مدينه أنطاكية، كان أشدها حدوث زلزال سنة 526 م.، دمر المدينة وقتل خمسين ألف من سكانها.
* بعد موت يوستينوس سنة 527 م.، خلفه يوستنيانوس الأول (527-565 م.)، وفي خلال هذه الفترة، أمر -في سلسلة اضطهاداته- أن يُعقد مجمع بالقسطنطينية سنة 536 م. لإجبار الأرثوذكس على اعتناق المذهب الخلقيدوني. ووجه الدعوة بالذات إلى الأنبا تيموثاوس بطريرك الإسكندرية الذي رفض الحضور، وإلى الأنبا ساويرس الذي قٌبل الدعوة. وظهر له ملاك الرب وشجَّعه بالذهاب والاعتراف بالإيمان السليم، فتوجُه القديس إلى الملك ووبخُه بشدة، فردُ الملك: هل أنت ساويرس الذي تحتقر كنائس الله. فقال القديس: "لا، بل أنت الذي تركت الإيمان الحقيقي". فلاطفه الملك وذكَّره بأسلافه الذين تعرضوا للنفي والتشريد، ولكنه رفض بشدة بعد محاولات كثيرة أدت إلى احتدام غضب الملك الذي أمر بالقبض عليه وبقطع لسانه وأشار أيضًا أحد الضباط إلى الملك بأن يأمر بقطع رقبته، ليحل السلام في الكنيسة.
* لما علمت الملكة ثيؤدوره المُحبة للمسيح بذلك، أوعزت إلى القديس بالهرب، فلم يقبل أولًا وقال: "إني مستعد أن أموت وأن أقدّم ذاتي فدية عن الإيمان الصحيح" لكن الملكة تحدثت إليه قائلة: "كيف تطلب خلاص نفسك وحدك وتترك كنائس الأرثوذكسيين. إذا مات الراعي ألا يُبدّد الذئب الخراف ويأخذها بعيدًا عن المراعى فتكون عرضة للموت وتهلك خراف المسيح؟ إنك ستنطلق سعيدًا.... لكنك ستترك الوحوش الضارية تفتك بالرعية". وبعد إلحاح وجهد كبير نزل عن رغبته طاعة لأحبائه وأبنائه وهرب إلى مصر سنة 536 م. (المرة الثانية).
* أما الإمبراطور فلما طلبه ولم يجده أرسل رجالًا في طلبه ولكن أسدل الله حجابًا على أبصارهم فلم يروه مع أنه كان قريبًا منهم.
* وظل في ديار مصر حتى نهاية حياته. وكان لشدة اتضاعه يجول متنكرًا من مكان لآخر في شكل راهب بسيط.
* بعد طرد القديس ساويرس شغل منصبه ثلاثة أساقفة خلقيدونيين على التوالي (519-546 م).
* حدث أن بعض الأشرار وشوا به إلى الملك يوستينوس وقالوا له: إن ساويرس هو المقاوم الكبير لمجمع خلقيدونية. فاغتاظ الملك وأرسل ضابطًا من قبله ويُدعى روفس ومعه ستون جنديًا، وكان يُريد أن يأخذ البطريرك بالخداع، لكن الرب أظهر له هذا الأمر. فلما دخل روفس المدينة خرج القديس من ناحية أخرى، فجد الضابط في البحث عنه حتى لقيه فكلمه الضابط مستهزأً: "يا تلميذ الرب المجاهد"، وكان يُحرك رأسه بسخرية وتعاظم. وعند ذلك هبت ريح عاصف وشب حريق كبير أحرق روفس ومن معه ولم ينج سوى أربعة هربوا إلى القديس وصاحوا يا رجل الله نجنا، وصاروا رهبانًا. ولما علم الملك بما حدث، كف عن طلبه.
* مضى الأنبا ساويرس إلى دير القديس مكاريوس في زى راهب بسيط. وكان بالدير بئّر ماؤه مالح وكان الرهبان يتعبون من شرب هذا الماء فتقدّم راهب قديس اسمه مكاريوس إلى البطريرك بكل إكرام يليق به إذ عرفه بالروح، وأخبره بأمر البشر. فقال البطريرك للراهب: إن صلاتك يا أبى قادرة أن تجعل هذا الماء عذبًا. فقال له الراهب: صلواتك أنت يا سيدي المقبولة أمام الله، قادرة أن تجعل الماء حلوًا، فأمره القديس ساويرس أن يلقى بالماء الذي يتبقى في الصينية بعد غسلها في نهاية القداس في البئر، فيصير الماء حلوًا، فأطاع الأمر، وهكذا صار الماء حلوًا (ذكر أيفيلين هوايت أن هذا البئر هو الذي يسمى ببئر مكاريوس).
* دخول القديس إحدى الكنائس في برية شيهيت ليصلى في زى راهب بسيط، وعندما رفع القس القربان ووضعه على المذبح، وبعد قراءة الرسائل والإنجيل، صعد القس إلى الهيكل ورفع الابروسفارين procverin ليُقدس القربان فلم يجده، فبكى وألتفت إلى الحاضرين قائلًا لهم: أيها الأخوة أنني لم أجد القربان ولست أعلم إن كان من أجل خطيتي أم خطيتكم؟ فبكى الحاضرون أيضًا وللوقت ظهر ملاك الرب وأعلمه أن هذا ليس من أجل خطيته، إنما كان لرفعه القربان على المذبح والأب البطريرك حاضر، وأشار الملاك إليه وكان في إحدى زوايا الكنيسة. ولما أتى إليه القس أمره الأب البطريرك أن يُكمل القداس، بعد أن أدخلوه إلى الهيكل بكرامة عظيمة. فصعد القس إلى الهيكل فوجد القربان، فمجدوا الله جميعًا.
_____
(*) المراجع:
القديس الأنبا ساويرس بطريرك أنطاكية إصدار دير مارمينا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/patrology/saveeres.html
تقصير الرابط:
tak.la/75ksb3g