St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   john-chrysostom-paul-praise
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تقريظ ومدح للقديس بولس الرسول: عن عظات للقديس يوحنا ذهبي الفم - القمص أنجيلوس المقاري

7- العظة الثانية: القديس بولس الرسول نموذج فائق للفضيلة

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

محبته من جهة المسيح - الفضيلة البارزة عند بولس
فضيلة خالية من الغرض
حبه المتألق جدًا للمسيح
في التجارب والبلايا
نفس بولس
النعم الروحية التي نالها - تفوقه على الملائكة
الأعاجيب التي أتمها بولس
حث نهائي

محبته من جهة المسيح - الفضيلة البارزة عند بولس

1- ما هو الإنسان؟ وإلى أين يذهب نبل طبيعتنا؟(119) وأية فضيلة عظيمة أظهرها -أكثر من الكل- بولس ذلك الكائن الحي؟ منذ ظهوره وإلى يومنا هذا وهو يقف (هناك) مدافعًا عن سيده بصوته المدّوي مقابل أولئك الذين يوجهون له اللوم لخلقته لنا على النحو الذي نحن عليه، ناصحًا بالفضيلة، مُسكتًا فم المجدفين الوقحين، ومبيّنًا لهم أنه لا يوجد فرق عظيم بين البشر والملائكة، لو أردنا أن نكون ساهرين على أنفسنا. القديس بولس لم تكن له طبيعة أخرى غير طبيعتنا، ولم تكن نفسه مختلفة عن التي لنا، ولم يسكن عالمًا آخر غير عالمنا. لكنه تربى في نفس الأرض ونفس الوطن (الإمبراطورية الرومانية) وبنفس القوانين ونفس العادات، ولكنه فاق كل الناس منذ أن وجد بشر على الأرض.

أين هم الذين يقولون إن الفضيلة صعبة والرذيلة سهلة؟ إن بولس يفحمهم بقوله: "لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجدًا أبديًا" (2كو 4: 17). فإن كان قد تكلم عن المحن على أنها خفيفة، فبالأحرى جدًا تكون الملذات التي نختبرها أكثر خفة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فضيلة خالية من الغرض

2- وما يثير الإعجاب في شخص بولس، ليس فقط عدم مبالاته بالأتعاب التي يجوزها للوصول إلى الفضيلة لفرط غيرته، بل أيضًا عدم سعيه إليها من أجل المكافأة. أما نحن فرغم أن المجازاة قائمة أمام أعيننا، فنحن لا نحتمل الأتعاب لاقتنائها. القديس بولس على العكس من ذلك كان يلتصق بالفضيلة ويحبها دون أن يفكر في المجازاة أو العوائق التي تعترض طريق الفضيلة. لأنه بقفزة واحدة كان يتخطاها بمنتهى السهولة. إنه لم يتعلل لا بالضعف الجسدي ولا بكثرة المشغوليات أو بطغيان الطبيعة (البشرية) أو بأي شيء آخر. لاشك أنه كان مثقلًا باهتمامات كثيرة تفوق كل اهتمامات القادة العسكريين وجميع ملوك العالم، ومع ذلك كان يتربع على قمة القداسة كل الأيام. وعندما ازدادت المخاطر حوله كان يتقدم إليها بحرارة وغيرة زائدة، وقد عبّر عن هذا عندما قال: "أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام" (في 3: 13). وكان يشتاق إلى الموت ولذا كان يدعو للمشاركة في هذه الفرحة بقوله: "كونوا أنتم مسرورين أيضًا وافرحوا معي" (في 2: 18)، وعندما كانت تضّيق عليه المخاطر أو الإهانات وكل أنواع المحقرات، كان يتهلل من جديد وكتب لأهل كورنثوس قائلًا: "لذلك أُسرّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات" (2كو 12: 10).

 

St-Takla.org Image: Paul’s story of his life: "In Damascus the governor, under Aretas the king, was guarding the city of the Damascenes with a garrison, desiring to arrest me; but I was let down in a basket through a window in the wall, and escaped from his hands." (2 Corinthians 11:32-33) - "“My grace is sufficient for you, for My strength is made perfect in weakness.” Therefore most gladly I will rather boast in my infirmities, that the power of Christ may rest upon me." (2 Corinthians 12:9) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations. صورة في موقع الأنبا تكلا: رواية بولس لقصة حياته: "في دمشق، والي الحارث الملك كان يحرس مدينة الدمشقيين، يريد أن يمسكني، فتدليت من طاقة في زنبيل من السور، ونجوت من يديه." (كورنثوس الثانية 11: 32-33) - "«تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل». فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحل علي قوة المسيح" (كورنثوس الثانية 12: 9). - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

St-Takla.org Image: Paul’s story of his life: "In Damascus the governor, under Aretas the king, was guarding the city of the Damascenes with a garrison, desiring to arrest me; but I was let down in a basket through a window in the wall, and escaped from his hands." (2 Corinthians 11:32-33) - "“My grace is sufficient for you, for My strength is made perfect in weakness.” Therefore most gladly I will rather boast in my infirmities, that the power of Christ may rest upon me." (2 Corinthians 12:9) - from Providence Lithograph Company Bible Illustrations.

صورة في موقع الأنبا تكلا: رواية بولس لقصة حياته: "في دمشق، والي الحارث الملك كان يحرس مدينة الدمشقيين، يريد أن يمسكني، فتدليت من طاقة في زنبيل من السور، ونجوت من يديه." (كورنثوس الثانية 11: 32-33) - "«تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل». فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحل علي قوة المسيح" (كورنثوس الثانية 12: 9). - من صور الإنجيل من شركة بروفيدينس المطبوعة حجريًا.

3- دعا القديس بولس التجارب بأسلحة البّر (2كو 6: 7) مُظهرًا كيف أستطاع أن يجمع بها ثمارًا كثيرة الأهمية، وهكذا لم يستطع أعداؤه أن يتغلبوا عليه بأية طريقة. فكان في كل موضع يُضرب ويُهان ويُساء إليه مع أنه كان يتقدم بمهابة كما في موكب انتصاري وينصب على الأرض أقواس انتصارات متوالية، فيمجد الله قائلًا: "شكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته" (2كو 2: 14).

إنه سعى إلى الخزي والمهانة بسبب الكرازة بالإنجيل أكثر من سعينا نحن للكرامات، واشتاق للموت أكثر من اشتياقنا للغنى، وطلب الأتعاب أكثر من طلب الآخرين للراحة. وليس هذا فقط بل أكثر جدًا من هذا، إذ سعى أيضًا للضيق أكثر من سعي الآخرين للفرح، وقام بالصلاة لأجل أعدائه بدلًا من لعن الآخرين لهم.

إنه بذلك قلب كل الأشياء رأسًا على عقب، أو بالأحرى نحن الذين قلبناها، بينما الترتيب الذي أقامه الله حفظه بولس كما هو. وعلى عكس مواقفنا، فإن كل المواقف التي له كانت هي المواقف التي توافق الطبيعة. ولكن كيف يمكن التأكد من هذا؟ بالرغم من أن القديس بولس كان مجرد إنسان إلا أنه كان يجري ويركض نحو الضيقات أكثر جدًا من سعيه نحو المسرات.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حبه المتألق جدًا للمسيح

4- الشيء الوحيد الذي كان يخافه ويهرب منه القديس بولس هو أن يُحزن الله، وعلى عكس ذلك كان لا شيء آخر يبدو مستحبًا له مثل إرضاء الله، وعندما أقول لا شيء لست أقصد فقط خيرات هذا العالم الحاضر بل خيرات العالم الآتي أيضًا.

لست أتكلم عن مدن وشعوب وملوك وكتائب جيش وعن الغنى وكرامات الولاة أو الحكام، لأن كل هذه الكنوز لا تساوي في عينيه شيئًا. لكنه وضع أمامه -على العكس- الخيرات السماوية نفسها وسترى حرارة حبه للمسيح. فمن جهة هذا الحب لم يكن هذا الإنسان ليقنع بكرامة الملائكة أو رؤساء الملائكة أو أي شيء آخر من هذا القبيل؛ لأن الكنز الذي يملكه في قلبه هو أكثر غنىٍ من كل شيء، أعني كنز محبته للمسيح، فبهذا الحب اعتبر نفسه أسعد كل الناس، وبدون هذا الحب لم يرغب في أن يكون له موضعًا: لا بين القوات (السماوية) ولا بين السلاطين والرؤساء (الأرضيين) لقد فضل بهذا الحب أن يوجد بالأحرى آخر الكل، بين صفوف المجهولين والذين يتألمون (انظر 2كو 6: 9) على أن يُحرم من هذا الحب ويكون بين العظماء وأصحاب الكرامات.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

5- الأمر الوحيد الذي كان يخشاه هو فقدان هذا الحب. كان يُسرّ جدًا بالنار والعذابات والتجارب التي لا تُعد، لأنها كانت الطريق للحصول على هذا الحب، الذي هو في نظره أغلى من الحياة، بل وأثمن من الكون كله، وأعظم من كل طغمات الملائكة والأشياء الحاضرة، بل أجِّل من كل الخيرات الأبدية. وبالنسبة للأمور التي تمنعه عن الوصول إلى هذا الغرض (وهو محبته للمسيح)، لا شيء (في الأرض) يبدو له مكدرًا أو محبوبًا، فقد احتقرها كلها: الخيرات المادية أصبحت عنده كعشب ذابل، وصار كل الطغاة والأشرار أمامه كالبعوض، وصار الموت والعذابات وكل العقبات التي يمكن أن تصادفه مثل دمى الأطفال، لأنه قد احتملها جميعًا لأجل المسيح، لأنه أحب كل هذه التجارب وكانت القيود التي تكبل يديه أكثر جمالًا عنده من التاج الذي يزين رأس نيرون. وهو عاش في السجن تمامًا كما لو كان في السماء، وقَبِلَ الجروح وجلدات السياط بمسرة أكثر ممن يفوزون بجائزة المباراة. وقد أحب التعب بقدر أكبر من المكافأة، ومن منطلق هذا الفكر استعذب الأتعاب فكانت بالنسبة له مجازاة، ولهذا السبب دعاها أيضًا هبة (انظر في 1: 29).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في التجارب والبلايا

6- لنتأمل جيدًا في هذه الأشياء عن قرب.

لقد كانت مكافأة له أن ينطلق من هذا العالم لكي يبقى مع المسيح، أما البقاء في الجسد (في 1: 23-24) فكان هو الجهاد بعينه، ومع أنه فضّل الواقع الثاني على الأول، لكنه أكدّ أنه أكثر إلحاحًا بالنسبة له. لكن أن يكون محرومًا وينفصل عن المسيح، فهذا كان بمثابة الشقاء نفسه والقلق عينه (بالنسبة له)، بينما أن يكون مع المسيح فهذه كانت المكافأة، ومع هذا فقد فضّل الاختيار الأول (أي حرمانه من المسيح) على الثاني لأجل المسيح (انظر رو 9: 3). لكن يمكن القول إن هذا أيضًا كان مستحبًا له لأجل المسيح. حسنًا، وأنا أيضًا أعلن أن الأمور التي نعتبرها دافعًا لنا لليأس، كانت هي نفسها سبب مسرة عظيمة له.

لكن لماذا التحدث عن الأخطار والبلايا الأخرى؟ إن بولس كان في قلق وهذا نستنتجه من هذه الكلمات: "من يضعف وأنا لا أضعف. من يعثر وأنا لا ألتهب؟" (2كو 11: 29). وكثير من الناس الذين فقدوا أولادهم لو أمكنهم أن يبكوا كيفما شاءوا فسوف يجدون في ذلك تعزية لهم، لكن على العكس لو تم منعهم عن البكاء فهو يتألمون أكثر. كذلك بولس بالحق كان يجد تعزيته في بكائه الليل والنهار (انظر أع 20: 31) لأنه لا يوجد من حزن (وبكى) على بلاياه الشخصية أكثر من حزن (وبكاء) بولس على الآخرين. ألم تروا مدى الحزن الذي يعتصر قلبه عندما يتفكر في هلاك اليهود، ذاك الذي من أجل خلاصهم تمنى أن يُحرم من المجد السماوي؟ (انظر رو 9: 3). بكل تأكيد كان مجرد تخيل هلاكهم يسبب له تعبًا كثيرًا. ولو لم يؤرقه هذا المصير ما كان نطق بهذا التمني، فمثل هذا الاختيار- إن جاز القول - كان أخف ثقلًا عليه وأكثر عزاءً بالنسبة له، لأن هذه الرغبة التي صرّح بها لم تكن مجرد طريقة عادية للكلام، بل إنه ذهب حتى إلى التصريح بقوله: "إن لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع" (رو 9: 2).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نفس بولس

7- بأي شيء يمكننا أن نقارن ذاك الذي كان يتألم كل الأيام لأجل كل المسكونة بدون تمييز، لأجل شعوب ومدن، بل ولأجل كل إنسان بلا استثناء. أنقارنه بالحديد أم بالماس؟ أية كلمات يمكنها أن تصف مثل هذه النفس؟ هل هي نفسٌ من ذهب أم بالأولى هي نفسٌ من الماس؟ إن نفسه التي كانت أكثر صلابة من الماس، كانت في نفس الوقت أثمن جدًا من الذهب ومن الأحجار الكريمة، فإن شبّهناها بالماس كانت نفس بولس تفوقه صلابةً، وإن شبّهناها بالذهب كانت نفسه تفوقه في الثمن العظيم. فبأي شيء يمكن أن نقارن نفسه؟ لا شيء من الموجودات يمكننا أن نقارنه به. لو أمكن للذهب أن يكون ماسًا وللماس أن يكون ذهبًا لوجد -بطريقة ما- فيهما في تلك اللحظة الأساس لمقارنة عادلة. لكن ما المنفعة لو وضعناه في المقارنة مع الذهب والماس؟

ضع العالم كله في كفة ميزان وفي الكفة الأخرى نفس بولس وسترى أن نفسه أثقل وزنًا. فإن كان (بولس) قد عبّر بهذه الكلمات في حديثه عن الذين طافوا في جلود معزي وغنم عائشين في براري ومغائر: "بأن العالم لم يكن مستحقًا لهم" (عب 11: 37-38)، وهؤلاء كانوا في جزء صغير من الكون، فيمكننا أن نقول هذا بالأولى جدًا من جهته، إذ أن قيمته تعادل كل البشر مجتمعين معًا. إن كان العالم لم يكن مستحقًا له فمن الذي يستحقه؟ هل السماء؟ لكن هذه أيضًا لا تكفي وإن كان بولس فضّل محبة سيده على السماء وكل خيرات السماء، فكم بالأولى يكون هذا السيد الذي صلاحه يفوق صلاح بولس بقدر تفوق الصلاح على الشر أنه يفضّله على السموات بكثرتها. الله لا يحبنا كما نحبه (بحبنا الهزيل) بل هو يحبنا بدرجة لا تستطيع الكلمات أن تجيد التعبير عنه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

النعم الروحية التي نالها - تفوقه على الملائكة

8- لنفحص على سبيل المثال تلك النعم التي اُعتبر بولس جديرًا بها حتى قبل القيامة العتيدة. لقد اُختطف إلى الفردوس ورُفع إلى السماء الثالثة، وشارك في أسرار لا يُنطق بها بما لم يُسمح لمن شاركه في الطبيعة البشرية أن يتكلم عنها (2كو 12: 2-4). وفي حياته الأرضية كان يسلك كما لو كان يطوف في صحبة الملائكة، ومع أنه كان مربوطًا بجسد مائت، إلا أنه أظهر نقاوة تعادل نقاوتهم. ومع أنه كان خاضعًا لمثل هذه التجارب العظيمة، لكن كان له قلب لا يقل أبدًا عن قلب هذه القوات السماوية. وبالحق فهو طاف كل أرجاء الأرض كما لو كان له أجنحة، وازدرى بكل الأتعاب والمخاطر كما لو كان كائنًا بلا جسد، واحتقر كل الخيرات الأرضية كما لو كان قد ورث بالفعل السماء (وخيراتها)، وكان على الدوام في حالة يقظة كما لو كان عائشًا أيضًا في وسط هذه القوات غير الجسدانية.

إن الملائكة بالتأكيد كثيرًا ما يأخذون على عاتقهم مسئولية أمم مختلفة، لكن ليس أحد من بينهم ساس الذي له مثلما فعل بولس للعالم كله، ولا تقل لي إن بولس لم يكن يقود الشعب بالفعل (كالإمبراطور مثلًا) لأنني أنا أرى ذلك أيضًا. ومع أنه لم يكمل هذا العمل إلى تمامه، إلا أنه بالرغم من هذه الظروف كان أهلًا للمدح اللائق الموّجه له، لأنه استحق أن يُعطى هذه النعمة العظيمة.

إن كان ميخائيل قد أخذ هذه المهمة عن اليهود (دا 10: 13، 21؛ 12: 1) فبولس أخذها عن الأرض كلها والبحر والعالم المأهول وغير المأهول.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأعاجيب التي أتمها بولس

9- إن كنت أتكلم هكذا عن بولس ليس لأقلل من شأن الملائكة - حاشا لله! لكن لإظهار كيف يمكن لمن هو مجرد إنسان أن يعيش في صحبتهم ويشابههم. ولكن لماذا اضطلع بولس بهذه المهمة بدلًا من الملائكة؟

لكي لا يكون لك أي عذر في أن تكون متوانيًا ولكي لا تبقى في نومك متعللًا بضعف الطبيعة، بالإضافة إلى ذلك كيف تكون حياته العجيبة بمثل هذه العظمة.

ألم يكن أمرًا عجيبًا وغير عادي أن كلمة ينطقها لسان بشري تطرد الموت (أع 20: 9-12)، وتكسر ربط الخطية، وتشفي رجلًا عاجز الرجلين (أع 14: 8-10) وتحيل الأرض إلى سماء؟ لهذا السبب فأنا متعجب من قوة الله، ولهذا السبب أيضًا أنا أندهش لغيرة بولس، لأنه من ناحية نال مثل هذه النعمة، ومن ناحية أخرى أعدّ نفسه جيدًا لنوالها.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حث نهائي

10- وأنا أحثكم ألا تكتفوا بالإعجاب، بل أيضًا أن تقتدوا بهذا النموذج الأصيل للفضيلة، وبهذه القدوة يمكننا أن نشارك في نفس الأكاليل مثله. وإن كنت تندهش عندما تسمعني أقول إن كل من كانت له حياته كاملة له أيضًا نفس المكافأة، فاسمع بولس وهو يعبّر عن هذا فيقول: "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان. وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا" (2تي 4: 7-8).

انظر معي، فهو يدعو الجميع لنوال نفس الإكليل. وحيث إن نفس المجازاة متاحة للكل، فلنجتهد كلنا لنصير مستحقين للخيرات العتيدة التي يعدنا الرب بها. ولنجتهد أيضًا ألا ننظر فقط لأهمية وعظم الفضائل بل أيضًا ننظر لحرارة الغيرة التي قادت بولس لنوال هذه النعمة. وفي الواقع إن نفس القديس بولس تتشابه معنا وهو قد شاركنا تمامًا ظروف حياتنا. وهكذا تصبح الفضائل التي قد يصعب جدًا اقتناؤها، سهلة وهينة، ثم بعد عناء يسير في هذه الحياة نُكلل بذلك الإكليل الخالد والذي لا يفنى بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(119) المقصود من هذه العبارة: أي إلى أي مدى يمكن أن يمضي أقصى ما في طبيعتنا البشرية من نبل؟


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-paul-praise/model-of-virtue.html

تقصير الرابط:
tak.la/7vdb7p2