 |
7- ولدينا مثال للموعوظ وهو بولس معلم الكنيسة الجامعة. لقد اضطهد في البدء الكنيسة الجامعة وكان يذهب إلى كل موضع يجر الرجال والنساء إلى المحاكمة ويصنع قلاقل ومتاعب هائجًا مثل إنسان مجنون، وبعد أن ذاق محبة الرب واستنار بنور الروح تخلى عن الظلمة التي كان يتخبط فيها وانقاد إلى الحق ولم يتوان بل اعتمد في الحال واغتسل من كل خطاياه السابقة، وذاك الذي كان من قبل مقدام اليهود في كل الأمور واضطهد الكنيسة، أربك فيما بعد اليهود الساكنين آنذاك في دمشق بتبشيره بأن المصلوب هو ابن الله ذاته.
8- هل ترون إخلاص قلب بولس؟ هل ترونه يبرهن لنا بهذه الأحداث أن أعماله السابقة قد صُنعت عن جهل؟ هل ترون كيف -بذات خبرته في تلك الأمور- علّمنا أنه اُعتبر جديرًا بالعطف السماوي وبأن يُقاد إلى طريق الحق؟ عندما يرى الله في صلاحه نفسًا مهيأة حسنًا قد ضلت الطريق عن جهل، فإنه لا يحتقر هذه النفس أو يتركها لطياشتها العظيمة، بل يريها كل الأشياء الحسنة التي تأتي من فوق ولا يمنع عنها شيئًا يؤول إلى خلاصها إن جعلنا أنفسنا جديرين بأن نجني ثمار النعمة السماوية كما فعل الرسول الطوباوي.
9- بالتأكيد إن ما عمله في السابق عن جهل اعتقاده أن غيرته كانت مطابقة لنقمة الناموس، قد سبب بذلك الاضطراب والارتباك للكل. لكن عندما علم من معطي الناموس نفسه أنه سائر على الطريق الخاطئ وأنه كان يتعدى على الوصية عن غير قصد، فإنه لم يتأخر أو يتوانى، بل في الحال استنار بنور الروح وتخلى عن ضلاله وصار مبشرًا بالحق (بالإنجيل)، وأول من أراد أن يقودهم إلى طريق التقوى أولئك الذين كان حاملًا رسائل لهم من قبل رئيس الكهنة؛ لأنه قال في خطاب وجهه إلى اليهود "كما يشهد لي أيضًا رئيس الكهنة وجميع المشيخة الذين أخذت منهم رسائل للإخوة إلى دمشق ذهبت لآتي بالذين هناك إلى أورشليم مقيدين لكي يُعاقبوا" (أع 22: 5).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
10- هل رأيتموه هائجًا مثل أسد ومندفعًا في كل اتجاه؟ أنظروه الآن قد تغير فجأة إلى حمل وديع. الإنسان الذي كان في السابق يربط ويلقي في السجن ويتعقب كل المؤمنين بالمسيح، الآن فجأة من أجل المسيح يتدلى في سل من السور لكي يهرب من مكائد اليهود، (بل) وأنظروه مرة أخرى لما أحدره الأخوة ليلًا إلى قيصرية ومن هناك أرسلوه إلى طرسوس (أع 9: 3) لكي لا يفتك به اليهود الهائجون. هل رأيتم أيها الأحباء مدى التغيير العظيم الحادث هناك؟ هل ترون كيف جنى ثمار سخاء الله وساهم فيه بنصيبه بوفرة؛ إنني أقصد غيرته وحميته وإيمانه وشجاعته وصبره وذهنه السامي وإرادته الشجاعة؟ لهذا السبب استحق قدرًا عظيمًا من المعونة من فوق ولهذا السبب يكتب لأهل كورنثوس ويقول "أنا تعبت أكثر من جميعهم ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1كو 15: 10).
11- إنني أحثكم أن تقتدوا به. لقد استحققتم الآن أن تنضووا تحت لواء نير المسيح وتستمتعوا بالتبني، فاظهروا من الآن مثل هذه الغيرة والإيمان في المسيح لكي تجتذبوا لأنفسكم نعمًا أكثر غنى من فوق وتجعلوا الرداء المعطي لكم يلمع ببهاء أكثر وتستمتعوا بالنعمة الوافرة للرب. حتى لو لم يكن لديكم شيء حسن، حتى لو كان حمل خطاياكم ثقيل عليكم، فإن الله بدافع من صلاحه يعتبركم جديرين بهذه العطايا العظيمة، لأنه لم يخلصكم من خطاياكم وأعطاكم التبرير بنعمته فحسب، بل أظهركم كمقدسين وجعلكم أبناء بالتبني. فإن كان قد سبق وأعطاكم مثل هذه العطايا، وإن كنتم متشوقين بعد نوالكم الكثير منها أن تساهموا بنصيبكم، فكيف لا يمكنه أن يعتبركم جديرين أيضًا لمزيد من سخاء عطايا أعظم إن أظهرتم الحرص في حفظ واستثمار العطايا التي قد نلتموها؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-baptismal-instructions/paul.html
تقصير الرابط:
tak.la/cyf85hj
