St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   bible-history-edersheim-2
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تاريخ العهد القديم للعلامة ألفريد إدرشيم: الجزء الثاني: الخروج والتيه في البرية - القمص أنجيلوس المقاري

13- الفصل الثالث عشر: موسى مرة ثانية على الجبل - عند عودته كان وجهه يلمع - إقامة خيمة الاجتماع وتكريسها بحضور مرئي للرب (خر34-40)

 

الفصل الثالث عشر

موسى مرة ثانية على الجبل - عند عودته كان وجهه يلمع - إقامة خيمة الاجتماع وتكريسها بحضور مرئي للرب (خر34-40)

 

علاقة العهد بين الله وإسرائيل تم لحسن الحظ استردادها، وتم توصية موسى بأن يحضر إلى الجبل لوحين آخرين -هذه المرة من إعداده- بدلًا من اللتين كُسرتا، لكي يكتب الله عليهما مرة أخرى "الكلمات العشر" (خر 34: 1-4). مرة ثانية هو أمضى أربعين نهارًا وأربعين ليلة على جبل سيناء بدون أكل أو شرب (خر 34: 28).

الأحاديث التي تلقاها سبقتها تلك الرؤية المجيدة لبهاء الرب التي وعده الرب بها. ما رآه لم يتم إخبارنا به في أي موضع بل فقط ما سمعه هو، عندما نادى أمامه بما يمكن تسميته "عظة عن اسم الله". فهي تكشف عن كيانه الداخلي بكونه محبة لا يُنطق بها، وتراكم التسميات مقصود منه أن يقدم المحبة في كل أوجهها.

وبكلمات كاتب ألماني: "مثلما أعلن الرب عن نفسه هنا، هو أيضًا أظهره بين شعب إسرائيل في كل الأوقات، من جبل سيناء إلى أن أدخلهم أرض كنعان، ومن هناك إلى أن طردهم بين الأمم. بل حتى الآن في نفيهم وتشتتهم هو لا يزال "حافظ الإحسان إلى ألوف، ممن يرجعون إلى الفادي الذي خرج من صهيون". 

St-Takla.org Image: The Radiant Face of Moses: Moses returns with a radiant face after receiving the second set of tablets with the Ten Commandments: (Exodus 34) - from the book: Biblia Ectypa (Pictorial Bible), by Johann Christoph Weigel, 1695. صورة في موقع الأنبا تكلا: وجه موسى المتألق: يعود موسى بوجه لامع بعد استلام المجموعة الثانية من الألواح التي تحتوي على الوصايا العشر: (الخروج 34) - من كتاب: الكتاب المقدس المصور، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

St-Takla.org Image: The Radiant Face of Moses: Moses returns with a radiant face after receiving the second set of tablets with the Ten Commandments: (Exodus 34) - from the book: Biblia Ectypa (Pictorial Bible), by Johann Christoph Weigel, 1695.

صورة في موقع الأنبا تكلا: وجه موسى المتألق: يعود موسى بوجه لامع بعد استلام المجموعة الثانية من الألواح التي تحتوي على الوصايا العشر: (الخروج 34) - من كتاب: الكتاب المقدس المصور، يوهان كريستوف فيجيل، 1965 م.

عندما فهم موسى هكذا شخصية الرب أمكنه أن يتشفع مرة أخرى لإسرائيل، فتحول الآن إلى حجة للغفران حتى لأجل السبب الذي بدا أنه يجعل حضور الرب بين الإسرائيليين خطر، ألا وهو كونهم شعب صلب الرقبة (ع9). بنفس الطريقة الرب عند تكلمه مع نوح جعل خطية الإنسان التي من قبل أثارته للحكم عليه، مبرر وسبب لمزيد من طول الأناة والصبر عليه (تك 6: 5-6؛ 8: 21).

والآن تكرم الرب بتثبيت عهده مرة أخرى مع إسرائيل. وفي عمل هذا هو ذكّرهم بشرطيه، الواحد سلبي والآخر إيجابي، لكن كليهما يرتبطان ببعضهما بشدة وكليهما ينطبق على الوقت الذي يكون فيه موسى قد مات وإسرائيل قد امتلكت أرض الموعد. هذان الشرطان كان مطلوب حفظهما على الدوام لو كان للعهد أن يدون ويستمر. الأول كان تحاشي كل احتكاك بالكنعانيين وأوثانهم (ع11-16)، والثاني حفظ خدمة الرب بالطريقة التي وصفها (ع17-26).

تأكيد آخر للرسالة الإلهية التي حملها موسى من على الجبل، ظهر عند رجوعه بين بني إسرائيل. ودون أن يدري هو بالمرة، انعكاس المجد الإلهي انطبع عليه وجلد وجهه كان يلمع (يطلق أشعة) بسبب أن الله كان يتكلم معه. ولأن هارون وبني إسرائيل كانوا خائفين من هذا الانعكاس للمجد الإلهي، كان لموسى أن يلبس برقع على وجهه بينما يتكلم معهم، ولا يزيله سوى عندما يتحادث مع الرب.

وإلى هذا أشار الرسول (2كو 3: 7) عندما قارن مجد العهد القديم على وجه موسى، والذي كان له أن يزول على كل حال عند موت موسى - وكل ما كان مرتبط به على كل حال كان "خدمة موت" مقارنة بخدمة الروح بكل مجدها الفائق والدائم. علاوة على ذلك فإن البرقع الذي كان لموسى أن يغطي وجهه به كان رمزًا للبرقع المغطي للعهد القديم الذي كان له أن يبطل ويزول في المسيح فقط (2كو 3: 13-14).

كل شيء كان مُعدًا الآن لتشييد الخيمة وكل ما هو مطلوب لخدماتها. يمكننا أن ندرك كيف -خصوصًا في ضوء العمل الذي أمامهم- أنه ينبغي الآن التوصية مرة ثانية براحة السبت (خر 35: 2-3).

آنذاك عُمل إعلان للمساهمة الطوعية لكل ما كان مطلوبًا، وقد تجاوب الشعب بسخاء (خر 35: 29)، حتى أنه تم الإعلان سريعًا عنه أنه ليس فقط لديهم كفاية بل لديهم ما يزيد عن حاجة العمل (خر 36: 5-7). وكمية الذهب والفضة التي تم استخدامها تم ذكرها بالتحديد في (خر 38: 24-26). وينبغي أن نضع في اعتبارنا أن هذا المذكور لا يشير إلى كل الكمية التي قدمها بني إسرائيل، بل فقط ما تم استخدامه. ومن جهة الفضة فإنه إما كمية أقل قد عُرضت أو لم يتم الاحتياج إليها على الإطلاق، لأن كمية الفضة التي تم استخدامها تمثل بالضبط فضة الفدية (خر 30: 12) والتي كان لكل إسرائيلي أن يدفعها عند أول تعداد له (خر 38: 26).

لم تكن فقط الفضة والذهب والمواد الأخرى هي التي جلبها الشعب. "كل حكيم القلب" من الرجال والنساء، "كل من أنهضه قلبه" (خر 35: 10، 21) تعني أن كل من يفهم في مثل هذه الأعمال ومن غيرته اشتعلت بمحبة مسكن الله، ينهمكون في العمل فيه بحسب قدرتهم تحت إشراف بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي بْنَ حُورَ وَأُهُولِيآبُ بْنَ أَخِيسَامَاك مِنْ سِبْطِ دَان.

لكن ما أثر فينا بشدة في الرواية المقدسة هو البرهان على التقوى الروحية والتي ظهرت على السواء في العطايا والمواهب وفي اجتهاد الناس وتعبهم. "فَنَظَرَ مُوسَى جَمِيعَ الْعَمَلِ وَإِذَا هُمْ قَدْ صَنَعُوهُ. كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ هَكَذَا صَنَعُوا. فَبَارَكَهُمْ مُوسَى" (خر 39: 43).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

إن العمل كله قد تم في فترة زمنية قصيرة جدًا بدرجة لا تُصدق نتيجة جهد هذه الأيدي العاملة برغبة وشوق. فعند مقارنة (خر 19: 1) الذي يحدد ميعاد وصول بني إسرائيل إلى جبل سيناء في الشهر الثالث (من السنة الأولى)، مع (خر 40: 2) الذي يخبرنا أن الخيمة كانت مُعدة للنصب "في أول يوم من الشهر الأول (للسنة الثانية)"، نجد أنه قد مرت فترة تسعة أشهر.

لكن من هذه الفترة يلزم أن نخصم مرتين الأربعين يومًا التي أمضاها موسى على الجبل، مُضافًا إليها الأيام التي فيها تم إعداد بني إسرائيل للعهد وتلك التي فيها تم المصادقة عليه وتلك التي تم فيها إعطاء الناموس وأيضًا الفترة بين أول وثاني فترة لموسى على الجبل. بهذا يكون كل العمل المتُقن المرتبط بالمسكن وخدماته يلزم أنه عُمل في خلال ستة أشهر.

والآن إذ أُقيم المسكن، وضع موسى أولًا داخل قدس الأقداس التابوت الحاوي للشهادة وغطاه بكرسي الرحمة، هو رتب في القدس إلى الشمال مائدة خبز الوجوه، وَرَتَّبَ عَلَيْهَا تَرْتِيبَ الْخُبْزِ أَمَامَ الرَّب، ثم إلى الجنوب المنارة وَأَصْعَدَ السُّرُجَ أَمَامَ الرَّب، وأخيرًا وَضَعَ مَذْبَحَ الذَّهَبِ فِي خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ قُدَّامَ الْحِجَابِ، وَبَخَّرَ عَلَيْهِ بِبَخُورٍ عَطِر، وإذ عُمل كل هذا وَضَعَ سَجْفَ الْبَابِ لِلْمَسْكَن (خر 40: 23-28)، وَوَضَعَ مَذْبَحَ الْمُحْرَقَةِ عِنْدَ بَابِ مَسْكَنِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ، وَوَضَعَ الْمِرْحَضَةَ بَيْنَ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَح، مع أنه من المحتمل ألا يكون الثلاثة على خط مستقيم، بل إلى حد ما إلى جانب مذبح المحرقة.

وعلى المذبح صعد دخان المحرقة والتقدمة والمرحضة كانت مملوءة بماء فيه غسل موسى وهارون وأبنيه أيديهم وأرجلهم (ع29-31). والآن وقد صار كل شيء معد تمامًا، الوسائل والفرائض والقنوات المعدة للبركة وكل شيء بات في حالة انتظار. كان هناك شيء وحيد مطلوب، لكن عليه يعتمد معنى وكفاءة كل شيء آخر.

لكن الله كان أمينًا لوعده. كما في توقع يتسم بالإيمان تطلع إسرائيل فإذا بمنظر هائل يعاينوه: "غَطَّتِ السَّحَابَةُ خَيْمَةَ الاِجْتِمَاعِ وَمَلأَ بَهَاءُ الرَّبِّ الْمَسْكَن". من الخارج وبطريقة مرئية للكل، السحابة حلّت على المسكن، أي السحابة والعمود الذي كان الرب يقودهم به إلى ذلك الوقت سوف يستمر هكذا في عمله. لأنه عندما تظل السحابة نهارًا والنار ليلًا على المسكن يبقى بني إسرائيل في خيامهم ولا يرتحلون. لكن عِنْدَ ارْتِفَاعِ السَّحَابَةِ عَنِ الْمَسْكَنِ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ فِي جَمِيعِ رِحْلاَتِهِمْ ويسيرون تحت قيادة قائدهم الإلهي (عد 9: 15-23).

كان هذا الحضور المرئي والدائم والمرشد للرب بين شعبه المؤمن به يحل على الخيمة الخارجية التي تغطي المسكن، لكن من داخل خيمة الاجتماع ذاتها كان يوجد حضور آخر لا يمكن الاقتراب منه. لأنه إذ "مَلأَ بَهَاءُ الرَّبِّ الْمَسْكَنَ. فَلَمْ يَقْدِرْ مُوسَى أَنْ يَدْخُلَ خَيْمَةَ الاِجْتِمَاعِ لأَنَّ السَّحَابَةَ حَلَّتْ عَلَيْهَا وَبَهَاءُ الرَّبِّ مَلأَ الْمَسْكَنَ" (خر 40: 34-35).

وفي الحال انسحب إلى داخل قدس الأقداس، الموضع الذي لا يمكن لأحد أن يدخله سوى رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة، وذلك في يوم الكفارة وبقصد صنع الكفارة، حيث استقر الحضور بين كروبي المجد وفوق كرسي الرحمة الذي غطى التابوت مع الشهادة. لأن: "طَرِيقَ الأَقْدَاسِ لَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ، مَا دَامَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ لَهُ إِقَامَةٌ"، "وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْخَلِيقَةِ.وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا" (عب 9: 8، 11-12).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/bible-history-edersheim-2/moses-face.html

تقصير الرابط:
tak.la/wy37t3f