ظهرت المسيحية على مسرح الحياة ديانة فائقة، تدعو لحياة جديدة روحية متميزة عن الحياة الفكرية والأدبية، بِكَونها حياة القداسة والسلام، وحياة الشركة مع الله والاتحاد به... إنَّها حياة خالدة، تبدأ بتجديد القلب، وتصل إلى ذروتها في القيامة... هذه الحياة تمسك بزمام أعماق الإنسان، وتعتقه من سلطان الخطية، وتُحضره في وحدة حية مع الله في المسيح... ومن هذه الأعماق هي تعمل كقوة مُطهِّرة مُجدِّدة، ومُنظِّمة لكل قدرات الإنسان وعواطفه وإرادته وأفكاره، بل وحتى الجسد تُحوله إلى هيكل للروح القدس...
والمسيحية تسمو فوق جميع الأديان في نظرية الفضيلة والتقوى وممارستها، وتُقدم أرفع مستوى لمحبة الله والإنسان. وليست هذه عقيدة مجردة، أو شيئًا صعب المنال نترجاه فقط، لكنَّها حقيقة حية في الرب يسوع المسيح، الذي لِحَياته ومثاله وخلاصه، قوة وسلطان أكثر من كل قوانين ونواميس الحكماء والمشرِّعين... فالأعمال تُعلن عن ذاتها دومًا بصورة أقوى من مجرد الكلمات... إنَّ شخصية السيد المسيح من المذود إلى الصليب هي بلا لوم... إنَّه فوق مستوى الخطية والشر "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟".. هذا ما اعترف به الأصدقاء والأعداء، إنَّه أطهر وأحكم إنسان ظهر على الأرض... قد تهبط الكنيسة المسيحية -كجماعة مؤمنين فقط- في مستواها الروحي على أيدي بعض القادة الأشرار، لكن تبقى تعاليم وحياة مؤسسها قائمة دائمًا، كمصدر للكمال، وينبوع للتطهير...
لم تستطيع أعظم أساليب الفكر والفلسفة أن تُجدّد العالم وتغلبه. لكن هذا ما فعله إنجيل المسيح، وما زال يعمله حتى الآن. لقد أجاز حكماء اليونان والرومان ألوانًا من الشرور، وناقضوا مبادءهم بسلوكهم... واليهود -على الرغم من أنَهم كانوا في مستوى أرفع من مستوى الوثنيين من جهة الفضيلة- لكن أحدًا من بطاركتهم أو أنبيائهم لم يصل إلى الكمال. ويروى الكتاب المقدس في أمانة أخطاء هؤلاء جميعًا إلى جانب فضائلهم... أمَّا المسيحية، فَبِلِسان رسولها العظيم بولس تُنادي مُنذرة كل إنسان، وتُعلِّم كل إنسان بكل حكمة، لكي تُحضر كل إنسان كاملًا في المسيح يسوع (كو 28:1).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الحياة المسيحية هي اقتداء بحياة المسيح... ومن كلمته وروحه الذي يعمل في أسرار الكنيسة المقدسة، يتدفق سيل لم يتوقف من القوة المقدسة على الأفراد والأسرات والشعوب لِنَحو عشرين قرنًا من الزمان... وسيظل الأمر على هذا النحو حتى يصبح الله الكل في الكل... فكم من أشرار بلغوا عمق الرذيلة، رفعتهم المسيحية إلى علوّ الفضيلة. وكم من قتلة ولصوص وزناة وأشرار، تبدَّلت حياتهم بقوة المسيحية ونعمتها، وصاروا قديسين... لقد استطاعت المسيحية بقوتها وفعالية نعمتها أن تُحوِّل الذئاب المفترسة إلى حِمْلان وديعة.
والآن نعرض لبعض مظاهر قوة المسيحية الروحية:
117 | |
118 | |
119 | |
120 | |
121 | |
122 | |
123 | |
124 | |
125 | |
126 | |
127 | |
128 | |
129 | |
130 | |
131 | |
132 | |
133 | |
134 | |
135 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/christianity-power.html
تقصير الرابط:
tak.la/x2zba58