إنَّ خطة المسيحية في الإصلاح تبدأ دائمًا من الداخل. والثورة الروحية والأدبية والفكرية الكبيرة التي أحدثتها في العالم، كانت بدايتها في النفس البشرية. فهدف المسيحية الأول أن يتغير الفرد، وعن طريقه تقوم بعملها في تحويل الأسرة ثم المجتمع الكبير... لقد نظرت المسيحية إلى الفرد على أنَّه نواة الأسرة ونواة المجتمع المحلي، بل ونواة العالم الكبير. ومن ثَمَّ اهتمَّت بحياته وتجديدها، وجعلت منه الرافعة التي رفعت بها العالم القديم إلى سمو الفضيلة(1)...
هكذا ظهرت فعَّالية المسيحية الروحية المُجدِّدة، أول ما ظهرت في حياة الأفراد. وقد ارتفع الرسل والمسيحيون الأوائل إلى درجة من القداسة والفضيلة، أعلى بكثير ممَّا أحرزه أبطال الفضيلة في أيَّة ديانة أخرى، بما في ذلك اليهودية. كانت حياتهم اليومية شركة حيَّة مع المسيح. وقدموا بسيرتهم نماذج من فضائل لم تكن معروفة في كمالها قبل المسيحية، كالاتضاع ومحبة القريب، ومحبة الأعداء... لقد عاشوا حياة الكمال، وكانوا نورًا للعالم وملحًا للأرض. وكانوا أمناء في حفظ وصية سيدهم المبارك، وأظهروه نورًا للعالم، استضاء به كل الجالسين في ظلمات الخطية والجهل... وقدموه بحياتهم صورة حيَّة، فيما اصطلح العلماء على تسميته (الإنجيل غير المكتوب)(2).
_____
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/christianity-man.html
تقصير الرابط:
tak.la/659m8sd