أعمال المسيح الخلاصية
أوجه ما عمله المسيح معنا وفينا:
يشرح آباؤنا القديسون تدبير خلاص إلهنا الصالح أنه متعدد الاتجاهات.
يقول القديس أثناسيوس الرسولي:
"وهكذا إذ اتخذ جسدًا مماثلًا لطبيعة أجسادنا، وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقد بذل جسده للموت عوضًا عن الجميع، وقدّمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر. لكي إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد اسْتُنْفِذ في جسد الرب، فلا يعود للموت سلطان على أجساد البشر (المماثلة لجسد الرب).
وأيضًا فإن البشر الذين رجعوا إلى الفساد بالمعصية يعيدهم إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بالجسد الذي جعله جسده الخاص، وبنعمة القيامة يبيد الموت منهم كما تُبيد النار القش".[341]
"فلقد أدرك الكلمة جيدًا أنه لم يكن ممكنًا أن يُقْضَى على فساد البشرية بأي طريقة أخرى سوى الموت نيابة عن الجميع. ومن غير الممكن أن يموت الكلمة لأنه غير مائِت بسبب أنه هو ابن الآب غير المائت. ولهذا اتخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت حتى إنه عندما يتحد هذا الجسد بالكلمة الذي هو فوق الجميع، يصبح جديرًا ليس فقط أن يموت نيابة عن الجميع، بل ويبقى في عدم فساد بسبب اتحاد الكلمة به. ومن ذلك الحين فصاعدًا يُمنع الفساد من أن يسري في جميع البشر بنعمة القيامة من الأموات. لذلك قَدّم للموت ذلك الجسد الذي اتخذه لنفسه كتقدمة مقدسة وذبيحة خالية من كل عيب. وببذله لهذا الجسد كتقدمة مناسبة، فإنه رفع الموت فورًا عن جميع نُظَرَائهُ البشر. ولأن كلمة الله هو فوق الجميع، فقد كان لائقًا أن يقدم هيكله الخاص وأداته البشرية فدية عن حياة الجميع موفيًا دين الجميع بموته".[342]
واضح من تعليم القديس أثناسيوس الرسولي، معلم الكنيسة، أنه لم يكتف بشرح واحد، أو بجانب واحد، في تفسير ما عمله السيد المسيح من أجلنا، بل كان له نظرة شمولية، متعددة الجوانب.
فالخطأ في الفكر اللاهوتي يبدأ حينما يركز المرء على جانب واحد، ويتجاهل الجوانب الأخرى، كَمَنْ يقول أن الصليب هو حب فقط، متجاهلًا باقي الأبعاد الخلاصية. مع ملاحظة أن كلمة هرطوقي في أصلها اليوناني معناها الانتقاء،[343] أي انتقاء جانب واحد والتركيز عليه، وتضخيمه؛ فيصير هرطقة، حتى لو كان صحيحًا في وسط سياقه، ومع الجوانب الأخرى.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
فما عمله الرب يسوع معنا، ولأجل خلاصنا، هو عمل ضخم متعدد الجوانب ومتعدد النتائج.
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
[341] القديس أثناسيوس الرسولي. "تجسد الكلمة" (8/ 4) مرجع سابق، ص23.
[342] القديس أثناسيوس الرسولي. "تجسد الكلمة" (9/ 1-2) مرجع سابق، ص23.
[343] الهرطقات جمع هرطقة، وهي كلمة دخيلة على اللغة العربية من الكلمة اليونانية αίρεσις وصفتها αἱρετκός والكلمة تعني في أصلها اللغوي "انتقاء" أو "انتخاب" أو "اختيار" لرأي ما مع تفضيله عن غيره من الآراء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/christ-salvation.html
تقصير الرابط:
tak.la/mrm57yp