في نهاية الصلاة الربانية، وردت هذه العبارة "لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين" (مت6: 13).
عندما رفض شعب إسرائيل أن يملك الله عليهم، تضايق صموئيل النبي لأنهم طلبوا ملكًا يملك عليهم مثل باقي الشعوب. وصلّى صموئيل إلى الرب "فقال الرب لصموئيل: اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك. لأنهم لم يرفضوك أنت، بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم" (1صم8: 7).
عبارة "لأن لك المُلك" التي نقولها للرب في الصلاة الربانية؛ نعترف بمُلكه الحقيقي، وبأننا في ملكيته؛ لأنه هو خالق كل الأشياء وحافظها بقدرته الإلهية، كما أنه قد خلّصنا من خطايانا ومن الهلاك الأبدي بذبيحة ابنه الوحيد يسوع المسيح الذي اشترانا لأبيه.
عبارة "لك المُلك"فيها اعتراف بالحقيقة التي كثيرًا ما يتجاهلها البشر. ولذلك قال صموئيل النبي لكل إسرائيل بعد أن أقام عليهم شاول بن قيس ملكًا: "هأنذا قد سمعت لصوتكم في كل ما قلتم لي وملّكت عليكم ملكًا.. أما هو حصاد الحنطة اليوم؟ فإني أدعو الرب فيعطي رعودًا ومطرًا فتعلمون وترون أنه عظيم شرّكم الذي عملتموه في عيني الرب بطلبكم لأنفسكم ملكًا. فدعا صموئيل الرب فأعطى رعودًا ومطرًا في ذلك اليوم. وخاف جميع الشعب الرب وصموئيل جدًا. وقال جميع الشعب لصموئيل: صلّ عن عبيدك إلى الرب إلهك حتى لا نموت. لأننا قد أضفنا إلى جميع خطايانا شرًا بطلبنا لأنفسنا ملكًا. فقال صموئيل للشعب: لا تخافوا.. لا يترك الرب شعبه من أجل اسمه العظيم.. وإن فعلتم شرًا فإنكم تهلكون أنتم وملككم جميعًا" (1صم12: 1، 17-20، 22، 25).
ثم بعد أن بدأ شاول الملك بداية حسنة، استكبر قلبه وتعالى على الرب، فرفضه وأقام داود الملك عوضًا عنه.. ومن نسل داود حسب الجسد جاء السيد المسيح ابن الله الوحيد لخلاص العالم.
وقال الملاك جبرائيل للعذراء مريم عن ابنها الرب يسوع المسيح: "ابن العلي يُدعى. ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 32، 33).
ها قد طلب الشعب ملكًا أرضيًا، رافضين أن يملك الله عليهم، وقد أخطأوا في ذلك. ولكن الرب حوَّل مسار المُلك الأرضي مرةً أخرى إلى المُلك السمائي؛ فاستبدل شاول بداود، ثم جاء المسيح ليجلس على عرش داود وهو في نفس الوقت الرب المالك في السماء. وقال السيد المسيح: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36).
أما العرش المقصود الذي ملك عليه فكان هو خشبة الصليب؛ لأنه قال قبل صلبه: "وأنا إن ارتفعت عن الأرض، أجذب إليَّ الجميع. قال هذا مشيرًا إلى أية ميتةٍ كان مزمعًا أن يموت" (يو12: 32، 33)؛ أي مشيرًا إلى ارتفاعه عن الأرض بتسمير جسده المحيي على خشبة الصليب المقدسة.
وقال أيضًا لليهود: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذٍ تفهمون أني أنا هو" (يو8: 28). أي أن العالم سوف يكتشف أن المصلوب هو يهوه المخلص.. هو ملك اليهود.. هو ملك إسرائيل.. هو الملك المرفوض من الأشرار، ولكنه هو الملك الحقيقي الذي يملك على قلوب الأبرار.
حقًا إن الرب قد ملك على خشبة وكان عنوان علته مكتوبًا فوق رأسه باللغات العبرانية واليونانية واللاتينية "يسوع الناصري ملك اليهود" (انظر مت27: 37، مر15: 26، لو23: 38، يو19:19).
إن السيد المسيح ليس هو فقط ملك اليهود بل إن "له على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب" (رؤ19: 16)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. تمامًا مثل أبيه الصالح "المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب، الذي وحده له عدم الموت، ساكنًا في نور لا يُدنى منه. الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه. الذي له الكرامة والقدرة الأبدية آمين" (1تى6: 15، 16).
إن مُلك الآب هو مُلكٌ للابن، وملكوت الآب هو ملكوت الابن ولهذا دُعي ملكوت الله "ملكوت ابن محبته" (كو1: 13).
كذلك فإن مجد الآب هو مجد الابن، لأن الابن هو "بهاء مجده" (عب1: 3)، وجوهر الآب غير المنقسم هو نفسه جوهر الابن، ولا يوجد اختلاف في صفات الجوهر الإلهي بين الآب والابن والروح القدس، بل هم متساوون في المجد والربوبية والكرامة، مع كون الآب والد وباثق، والابن مولود من الآب، والروح القدس منبثق من الآب.
ولسبب أن مجد الآب هو نفسه مجد الابن، لهذا قال السيد المسيح: "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته" (مت16: 27). وقال أيضًا عن مجيئه الثاني: "متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذٍ يجلس على كرسي مجده" (مت25: 31). ولا فرق أن يقول "في مجده"أو "في مجد أبيه"لأن المجد الإلهي مجد واحد..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/kingdom.html
تقصير الرابط:
tak.la/sv5j5wd