محتويات:
(إظهار/إخفاء) "ب" طفل الحضانة: تعتبر فترة الحضانة مرحلة انتقال ما بين
فترة المهد والطفولة بمعناها الحقيقي وكل مراحل الانتقال لها أزماتها أو
متاعبها. وتنمو الحواس عند طفل الحضانة نموًا
سريعًا، وتصبح لها أهمية كبيرة في حياته. فهو يردد الأصوات، ويقلد الحركات، ويبهر
بالنظر إلى الصورة الكبيرة والواضحة ويلمس النماذج والأشياء التي تستخدم كوسائل
إيضاحية، وكألعاب تربوية تهدف إلى تنمية معارفه ومعلوماته. على أنه في هذه المرحلة لا يستطيع أن
يقدر البعد المكاني ولا البُعد الزماني فالأمور لا تختلف كثيرًا عنده، فالبعيدة
كالبعيدة جدًا، وما حدث من زمن طويل كما حدث بالأمس القريب. وهو لا يعي المدركات المجردة فالكلمات
مثل الحق والنعمة والإيمان والعدالة لا مدلول لها في تفكيره. ولكنه يعي أن فلان
لطيف وطيب، وآخر قاس ومكروه وهكذا.
النمو الانفعالي
النمو الاجتماعي
النمو الأخلاقي
النمو الديني
تطبيقات تربوية
طفل الحضانة يمر في أزمة انفعالية، تختلف حدتها باختلاف الأشخاص والبيئات وأنماط التربية. ولكنه بصفة عامة يعاني من فترة الانفعال هذه فبعد أن كان جالسًا على العرش، كثيرًا ما يأتي الرضيع الآخر الذي ينتزعه ويخلعه، ليصبح المولود الجديد موضع الاهتمام والرعاية، بينما يبقى هو في المركز الثاني، الأمر الذي يتقبله في ضيق شديد.
وعندما كان في المهد كان يأكل بطريقة سهلة، ولكنه الآن ملتزم بنظام معين للأكل على المائدة الصغيرة الخاصة به، وهو يلتزم أيضًا بمواعيد الإخراج والاستحمام والنوم.
هذه الواجبات والالتزامات، لم تكن موجودة عندما كان في المهد رضيعًا ومما يزيد في حدة الانفعال، سوء المعاملة، والتمييز بين الذكر والأنثى، وتفضيل الجميل عن العادي، والظريف عن الهادي والحركي عن الخامل.
وتلعب بطفل الحضانة المخاوف والخيالات لعدم إدراكه البعد الزمني والمكاني.
ويميل الطفل في هذه المرحلة إلى نزعة التقليد.
فهو يقلد الكبار في كل تصرفاتهم، وفي لعبة الإبهامي، يمثل أدوار الكبار، ويتقن تمثيلها، ويفضل أن يلعب مع دميته دون أن يشاركه آخرون، إذ تطغي عليه الفردية.
ويميل أيضًا إلى التملك..
فهو يحب أن يحتفظ بكل شيء، ويجمع في دولابه الخاص أشياء كثيرة ما بين الثمين والتافه دون تفرقة، ويغضب كثيرًا إذا اعتدى أحد على ممتلكاته الخاصة، ويقضي طفل الحضانة ساعات طويلة مع ألعابه وهناك ألعاب مخصصة لهذه المرحلة وأهمها العروسة للبت، والدمى والألعاب المتحركة ذات الأصوات العالية للولد.
طفل الحضانة في هذه المرحلة فردي إلى أبعد ما تكون الفردية. فهو لا يعرف أن يلعب مع الآخرين، ولكنه يلعب مع نفسه أمام الآخرين.
وهو كثير الحركة، يسعى إلى اكتشاف عالمه وكثيرًا، ما يكون محزبًا في سعيه نحو اكتشاف ما يحيط به، يتمتع باستخدام الألوان والصلصال والمكعبات، وجميع أعماله تتسم بالبساطة والقصر، وخالية من الدقة في الأداء، لأن الخبرة بسيطة وسطحية.
وهو يغرم كثيرًا بالألعاب الغنائية (التراتيل).
وكلما كانت الترنيمة بها الحركة والإيقاع، كلما طرب لها، وأعجب بها، ومال إلى تكرارها، مع نفسه وأمام الضيوف وأهل البيت.
وتعتبر هذه المرحلة مرحلة الانتمائية.
فهو يعجب بالوالدين، وهما المثل الأعلى في حياته، ويفرح بالسير معهما، ومصاحبتها في كل ذهابهم وترحالهم، وكذلك يسعد بالانتماء إلى الكنيسة المحلية، وهو يقبل على الكاهن والشماس وجماعة المصلين، وبالأخص إذ شجعوه ولاقى منهم الترحيب والحنان.
لا يزال النمو الخلقي بدائيًا، وهو يتبع مستوى الخطأ والصواب، فهو يعرف أن فلانًا ولد كويس وآخر ولد وحش. ولكنه لا يفهم لماذا يكون الشيء حسنًا في موقف معين، بينما يكون سيئًا في موقف آخر.
انه يجب أن يرضي الكبار، فما يرضي عنه الكبار يكون حسنًا، وما لا يرضى فهو رديء وسيئ حرام.. لهذا يلزم أن تكون المعايير الخلقية عند الكبار سليمة حتى يمتصها الصغار دون بلبلة أو اهتزاز.
ولما كان طفل الحضانة غير قادر على التمييز بين ما هو خيالي وما هو واقعي، فانه كثيرًا ما يُتَهَم بأنه كذوب، والحقيقة أنه خصب الخيال..
لهذا يلزم تقبل أحاديثه، مع توجيهه أن ما يقوله مجرد قصة وليس واقعًا وبهدوء شديد يوجه إلى الحقيقة الواقعة دون توبيخه أو تأنيبه.
وطفل الحضانة يتمثل ويتشبع بالقيم الأخلاقية، من خلال علاقاته مع الآخرين. وهنا تظهر خطورة قدوة الوالدين.
طفل الحضانة الذي ينشأ في بيئة مسيحية، لديه بعض المُدْرَكَات عن الله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهو يعرف أن الله خالق كل شيء، وأنه قوي، وأنه شفوق. ويكاد يتصور الله بأنه رجل أبيض جميل كبير جدًا، له لحية بيضاء جميلة. وجيبه مملوء بالشكولاتة والهدايا واللعب – وهو تصور جسدي سوف يتغير في المرحلة التالية.
وهو يعكس على المدرك الإلهي ما يعرفه عن الوالدين، من سلطة وحب فان طبيعة وشخصية الوالدين لها أكبر التأثير في الشعور الديني، فإذا كان الوالدان يعيشان الحياة الروحية السليمة، فان الطفل يستطيع أن يتعرف على الله والمحبة والفرح والسلام والتعاون والإيثار من خلال ما يراه ويلمسه، في حياة والديه وأقاربه.
طفل الحضانة يعجب بالقصة القصيرة، المليئة بالحركة والحيوية، فيها الترنيمة، وفيها الحركة، وفيها الحياة...
فليكن منهج هذه المرحلة قائمًا على القصص القصيرة البسيطة، التي لها طابع الأوبريت، حتى تدخل بأنغامها وحركاتها وجدان الطفل وشعوره الديني
طفل الحضانة يميل إلى الملاحظة فعندما تحكي له قصة الخليقة، نقدم له نماذج من الزهور والطيور، وصور من الحيوانات، ليعرف ما عمله الله من أجله..
وهو يميل إلى التعرف على الله كأب حنون يعتني به. لهذا تصلح قصص نوح والفلك، موسى في السلة، آدم في الجنة، بطرس في السجن وهو يحب أن يسمع عن الملائكة ولهذا يلزم أن نحكي عن الملاك الحارس وعمل الملائكة في حراسة الأطفال الذين أحبهم المسيح ودعاهم إليه قائلًا "دعوا الأطفال يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" كما قال أن ملائكتهم تعاين وجه الله.
وهو يميل إلى تقليد الكبار.
فلندعه يذهب إلى الكنيسة مع والديه ويقف مع الشمامسة يصيح معهم ويرنم مع الأنغام، حتى لو لم يعرف معنى الكلمات والطقوس والصلوات. لندعه يقبل الصليب والأيقونة ويقترب من سر الشركة المقدسة ثم يأكل القربانة اللذيذة، ويتمتع بابتسامة الكاهن وترحيبه ومداعبته، حتى تصبح الكنيسة مكانًا محببًا له، يفرح للذهاب إليها ويطرب لما يسمعه ويعجب بما يشاهده.
وللطفل في هذه المرحلة خبرات عن عيد الميلاد والكريسماس وعيد القيامة، وعن العماد والزواج والجنازة وصلاة القنديل وإسهامه في هذه المناسبات، بالحضور وسماع الصلوات ومتابعة الطقوس، تضع الأساس الهام للإيمان المسيحي الذي نبني عليه معرفته للكنيسة فيما بعد ولكن الطفل لا يستطيع أن يفهم معنى كلمة السر ولهذا لا يصح شرح الإفخارستيا وإنما يكون التركيز على شرح العشاء السري الذي أقامه الرب يسوع في ليلة آلامه ويحسن تحاشي القصص التي بها أمور مخيفة... مثل ذبح اسحق، وتعذيب الشهداء، أو يكتفي بإبراز الجوانب الإيجابية من حب وإيمان، حتى لا يكره الطفل الدين، ويخاف الله بطريقة سلبية.
متى تهيئ الكنيسة لهذه الحملان حجرات خاصة فيها ألعابهم الدينية وفيها الصلصال والألوان والأوراق للتعبير عن القصص التي سمعوها؟! ومتى يجدون المكان المريح الجميل النظيف الهادئ الذي يستمعون فيه إلى الألحان والترانيم الكنسية المناسبة لمستواهم؟! ومتى يجدون الخدام والخادمات، الذين يرحبون بهم ويعطونهم الاهتمام الكبير، ويصلون من أجلهم لكي الرب الإله يحميهم ويحفظهم وينشئهم النشأة الصالحة.
ومتى تهتم البيوت المسيحية بهؤلاء الملائكة، ويرتب الوالدان لكل طفل حجرته الخاصة، ودولابه الخاص، وألعابه الخاصة، ويهتمون بتنشئته وتربيته تربية دينية واجتماعية وأخلاقية وصحية، ليكون متكاملًا في شخصيته، ناميًا في كل جوانب حياته، والله الذي أحبنا وصار طفلًا بالجسد لأجلنا يحفظ هؤلاء الحملان الصغار ويباركهم كما بارك أولئك في ذاك الزمان.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/religious-sense/stages-kindergarten.html
تقصير الرابط:
tak.la/ppj3xnk