"ج" طفل المدرسة الابتدائية يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى قسمين من
6-9، ومن 10-13، ولكننا نفضل أن ندمجها معًا، لأن الفوارق بين المرحلتين ليست
كبيرة، كما أن النظام التعليمي في مصر يجمع المرحلتين في مدرسة واحدة. المرحلة الأولى من هذه الفترة هي امتداد
للمرحلة السابقة، فيها يستمر النمو الجسمي حتى إذا وصل الطفل الثامنة من عمره،
يبدأ مرحلة استقرار وبطء في النمو، لكي تصبح صحته الجسمية طيبة. ويزداد ميله إلى النشاط والحركة، الأمر
الذي يلزم المربين بضرورة استخدام هذه الطاقة في العمليات التربوية، وإلا
استخدمها في اللعب (بالكرة الشراب) في أغلب الشوارع والحارات.
تعتبر هذه المرحلة -وبخاصة القسم الثاني منها- مرحلة الواقعية والموضوعية، فالطفل لا يقبل القصص الخيالية وإنما يعجب بالبطولات الواقعية. كما انه يسر كثيرًا ببرامج التليفزيون التي تشرح له غوامض الطبيعة، وتكشف له أسرار الكون من إنسان وحيوان وطبيعة وأفلاك.. الخ.
وتأخذ قواه العقلية في النضج، كالتركيز والتفكير والتصور كما تتقدم وتنمو القدرة على الانتباه، مما يجعل الحصص والدروس في هذه المرحلة أكثر طولًا وعمقًا من المرحلة السابقة ولكنه يحتاج أحيانًا إلى وسائل الإيضاح لكي تشرح له المعاني الغامضة والكلمات غير الواضحة.
ويتمتع طفل المدرسة الابتدائية بذاكرة قوية قادرة على الاستيعاب ولذلك فإنه يستطيع أن يحفظ وبخاصة في أواخر هذه المرحلة – الأدوار التمثيلية والألحان الكنسية والمزامير وقطع الصلوات، التي يطلب منه تأديتها، بخاصة أمام الكبار.
وقد أفادت الكنيسة قديمًا من هذه المرحلة عن طريق مرتلي الكنائس في الكتاتيب، إذ قاموا بتحفيظ التراث الكنسي لأطفال هذه المرحلة، وبالأخص في الفترة ما بين الثامنة والثالثة عشر..
يبدأ طفل هذه المرحلة في الانسلاخ من مركزية الذات، إلى الولاء الاجتماعي، فيكون له شلة صغيرة يلعب معها، ويتنافس بها مع الشلل الأخرى، وكثيرًا ما تقوم المنازعات والمنافسات العدوانية بين هذه الشلل في الشوارع وأفنية المدارس.. لهذا سُمِيّت هذه المرحلة مرحلة العصابات (لا يقصد بها العصابات الإجرامية).
لهذا تنجح الجماعات الكشفية، والفرق الرياضية، ونظام الأسر المدرسية، وبصفة عامة يميل الطفل فيها إلى التجول، المغامرات والكشف، ويسر بالرحلات والمعسكرات وأفلام المخاطرين والعلماء المكتشفين.
والولد هنا لا يميل إلى البنت، بل يظهر التنافر بين الجنسين: لهذا تفضل البنات اللعب معًا، كما يرفض البنين الاشتراك معهن في نشاط واحد. ولعل هذا التنافر كفترة كمون يسبق العواصف الجنسية التي تتسم بها مرحلة المراهقة في أواخر المدرسة الإعدادية وطيلة المرحلة الثانوية..
لذا تستطيع الكنيسة أن تقيم ألوان نشاط تتفق مع البنات على حدة، وجماعات نشاط أخرى للبنين ولهذا لا يصح أيضًا جمع تلاميذ الفرقتين الخامسة والسادسة الابتدائية من الجنسين في فصل واحد في مدارس الأحد.
يتقدم الضمير الخلقي لهذه المرحلة، في التعرف على الحرام والحلال، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويفهم الطفل أن هناك ما يوافق عليه الله، وأشياء أخرى لا يوافق عليها وتتبع هذه المرحلة المستوى الناموسي.
فالطفل يحرص على أداء ما يطلب منه دينيًا، ويحظر كسر الناموس. خوفًا من العقوبة، ويركز في علاقته الدينية مع الله والناس على الحياة الخارجية، وإن كانت حياته الروحية الداخلية تبدأ في الظهور عندما يعتاد الصلاة الفردية، وقراءة الإنجيل، والذهاب لأب الاعتراف ليمارس سر التوبة استعدادًا للتناول وخاصة في نهاية هذه المرحلة.
ويسر طفل هذه المرحلة بالإسهام العملي في حياة الكنيسة المحلية وخدماتها.
ولهذا تحرص الكنائس النشطة على إقامة الخورس الأول (الصغير) من طلبة هذه المرحلة، ويرسمون بدرجة أبصاليتس ويشاركون مع الكبار في مردات القداس، والخدمات الكنسية المختلفة من جنازات وأفراح وعماد وتماجيد... إلخ.
ولما كان طفل هذه المرحلة – وبخاصة في فترتها الأخيرة – يعرف الخير والشر، والحرام والحلال، فهو يهتم أن يذهب إلى أب الاعتراف ليقدم توبته عن الخطأ والشر والحرام الذي ارتكبه سواء في حق الله، أو حق نفسه، أو حق الآخرين، وهنا يلزم على الآباء الكهنة احترام هذا التقدم، وتشجيعه، وعدم الاستخفاف باعترافاته، وتقديم النصائح العملية التي تشجع الطفل على التقدم الخلقي والروحي والاجتماعي.
وللطفل في هذه المرحلة أسئلة كثيرة، حول الإيمان والعقائد، وكثيرًا ما تكون أسئلته محرجة للغاية، ولكنه لا يطلب ولا يقصد عمقًا. وإنما يكتفي بالإجابات المختصرة والمُرضية والمعقولة، التي تريح تفكيره البسيط، وترضي شغفه الشديد للمعرفة.
لهذا يلزم أن يكون مدرس هذه المرحلة قادرًا على الإجابة على الأسئلة اللاهوتية (مثل التثليث والتوحيد، التجسد، الفداء، والاختلافات العقائدية بين الطوائف) بمستوى يتفق وقدرات هذه المرحلة العقلية.
إن تعويد الطفل في هذه المرحلة على الصلاة الفردية والجماعية وتشجيعه على قراءة الكتاب المقدس واحترام الضمير في السلوك اليومي، لخطوة كبيرة في النمو الديني، وتمهيد لازم للمرحلة القادمة.
ينبغي أن ننمي في الطفل إعجابه بالبطولات الإيمانية. ونقدم له النماذج العملية، ممثلة في قدوة الوالدين وخدام الكنيسة، وكذا من واقع سير الآباء القديسين وأبطال الكتاب المقدس.
ولنحترم تفكير الطفل في هذه المرحلة، ونجيب على أسئلته في موضوعية ومنطقية، ولتكن دروسه قوية ومحضرة تحضيرًا حسنًا، وفيها الجديد حتى لا يحتقرها، ويتصور أن المعرفة الدينية ضيقة ومحدودة، بينما المعارف العالمية والاجتماعية واسعة للغاية.
لتقدم له المجلات المصورة المليئة بالقصص والبطولات والمسابقات والألغاز، ولنشجعه على الإسهام في هذه المسابقات ونقدم له مكتبة خاصة به يتمتع من خلالها بالمعرفة الدينية والخلقية.
ولنعمل له برامج اجتماعية دينية واسعة: نرتب له الرحلات والمعسكرات، ليزور الكنائس القديمة والأديرة، ويتعرف على خبرات أوسع من بيئته المحلية. ويتدرب فيها على حسن المعاملة وآداب الحديث والتضحية وخدمة الآخرين.
ولنُنْشئ له الأندية التي يشبع فيها ميله نحو المنافسة، وتحول المنافسة في هدوء إلى تعاون وخدمة للجماعة.
لنوجه شعوره الديني إلى عناية الله به، وإرساله ملاك السلامة لحمايته ونشرح له مواعيد الله الأمينة، وكيف أستند إليها آباؤنا القديسون في العهدين القديم والجديد، حتى تترسب في أعماقه هذه العناية الإلهية وتصبح له درعًا وعونًا وسندًا.
لنشجعه على أن يكون في خورس الشمامسة الصغار.. ولنعطه فرصًا أن يؤدي دوره في المردات والألحان والتسابيح، ولنفرح به وهو يشدوا تسبيحًا، وينطق فرحًا وتهليلًا، لأن الله قد دعا هؤلاء الحملان، وسر بتسبيحهم عند استقباله في أورشليم، يوم ظفره ودخوله الهيكل في أحد الشعانين.
لنراقبه في حكمة حتى نطمئن على خلوه من أمراض هذه المرحلة، مثل السرقة والكذب والشتيمة والعصيان والغضب والتدمير وإن اكتشفنا خطأ من هذه الأخطاء، نعالجه في صبر وروحانية وهدوء، وندرس أسبابه ومداخله ومخارجه، ونتعاون مع من يخدمه في كافة أوجه حياته، لنعبر به هذه المرحلة خاليًا من العيوب والنقائص التي قد تؤثر في حياته المستقبلة تأثيرًا سلبيًا سيئًا.
إن هذه المرحلة هي مرحلة الولاء للأسرة والكنيسة، فهل يعمل الوالدان على اصطحاب أولادهم للعبادة أو للنزهة لتدعيم أواصل الحب والثقة؟ وهل تعمل الكنيسة على بدء تكوين العلاقات الشخصية بين هذا الطفل وخادمه، لتصبح الكنيسة مكانًا محببًا عنده لا يفارقه صيفًا مرتبطًا بناديها وأنشطتها وألحانها وخدماتها، ويكثر التردد عليها شتاءًا مصليًا طالبًا معونة الله ورعايته لأسرته ولحياته وشلته.
لتكن هذه المرحلة مرحلة تثبيت الإيمان، وتدعيم الثقة وعلاقات الحب، لمواجهة عواصف المراهقة القادمة وشكوكها العنيفة.
* أن يكون المنهج مَرِنًا ولا يشترط وضع قصة معينة للمدرس المعين.
* أن يكون المدرس مقتنعًا بأهمية عمل الله في القلب.
* أن يكون المدرس أمينًا في شرح القصة كما جاءت في الكتاب المقدس ويترك الكلمة تتفاعل مع نفسية الطفل، ثم يدع للأطفال فرصة أن يعبروا عما حدث في نفوسهم فيبرزوا عواطفهم وخيالهم الواسع في تقدير ما سمعوه.
* توجيه المنهج للتلميذ على أن كل عمل صالح هو ثمرة وجود الله فينا، وكل عمل شرير ثمرة ابتعادنا عنه.
* الجو العام والنشاط العملي يجب أن يدور حول هذا الهدف وهو تلامس قلب الطفل مع الحب الإلهي.
(1) بالنسبة لله: الإحساس بمحبة الله وتقديرها – الثقة في قدرة الله وقوته – تقدير عناية الله – الحرص على عدم إغضاب الله بعمل الشر – الإحساس ببركات إرضاء الله.
(2) بالنسبة للكنيسة: الشعور بحضور الله في الكنيسة وحب العبادة فيها- تقدير فائدة بيت الله لحياته الخاصة – الإخلاص لها وخدمتها واحترام الكهنة.
(3) بالنسبة للأسرة: اختبار محبة الله في محبة الوالدين وأعضاء الأسرة.
(4) بالنسبة للمجتمع: النظرة إلى الأسرة ككنيسة صغيرة وحب أفراد المجتمع على أساس أنهم خليقة الله وأن الله يحبهم.
(1) بالنسبة لله: الصلاة الفردية – تمجيد اسم الله وذكر اسمه بمخافة (له المجد – تبارك اسمه) وهذا علاج للحلف – الشكر في كل حين.
(2) بالنسبة للكنيسة: تقديس يوم الرب – العطاء في الكنيسة – السجود أمام الهيكل – حفظ الألحان والمردات المناسبة – الانتظام في مدارس التربية الكنسية الأرثوذكسية.
(3) ألفاظ التوقير والخضوع للوالدين والكبار كدلالة خضوع وحب للرب – احترام نظام البيت – وهذه التداريب لم يفرد لها دروس كثيرة وإنما يفضل أن تكون ممارسات عملية في جو البيت والكنيسة تحت إشراف وتوجيه الوالدين والكنيسة.
وحدة بنوتنا لله – وحدة محبة الله لنا – وحدة محبتنا لله – وحدة قدرة الله وقوته – وحدة مخافة الله وإرضائه – وحدة محبة الله في كنيسته- وحدة محبة الله في الأسرة – وحدة محبة الله بين الناس.
* شرح قصص من الكتاب المقدس تخدم هذه الوحدات.
* تهيئة فرص لهم للتعبير عن هذه القصص بالكلام والرسم والصور التي يكملونها ويلونونها.
* الأناشيد والتراتيل والأوبريتات الدينية المفرحة.
* الصلاة من أجل المرضى والمحتاجين وزيارتهم وتقديم المساعدة لهم.
* الرحلة إلى الخلاء للتأمل في جمال الطبيعة وتسبيح الله.
* الحفلات بمناسبة الأعياد السيدية وأعياد القديسين.
الشعور الديني ومراحل النمو.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/religious-sense/stages-primary.html
تقصير الرابط:
tak.la/nz2j8ya